548 من: (باب كراهة قول: ما شاء اللهُ وشاء فلان)

 
333- باب كراهة قول: ما شاء اللهُ وشاء فلان
1/1745- عنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: لا تَقُولوا: ما شاءَ اللَّه وشاءَ فُلانٌ، ولكِنْ قُولوا: مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ شَاءَ فُلانٌ رواه أبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.

334- باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة
والمُرادُ بِهِ الحَديثُ الذي يَكُونُ مُبَاحًا في غَيرِ هذا الوَقْتِ، وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سواءٌ، فَأَمَّا الحَديثُ المُحَرَّمُ أو المَكرُوهُ في غير هذا الوقتِ فَهُوَ في هذا الوقت أشَدُّ تَحريمًا وَكَرَاهَةً، وأَمَّا الحَديثُ في الخَيرِ كَمُذَاكَرَةِ العِلْمِ، وَحِكايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمَكَارِمِ الأخْلاقِ، والحَديث مع الضَّيفِ، ومع طالبِ حَاجَةٍ، ونحو ذلك، فلا كَرَاهَة فيه، بل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وكَذَا الحَديثُ لِعُذْرٍ وعَارِضٍ لا كَراهَةَ فِيه، وقد تظاهَرَتِ الأحَاديثُ الصَّحيحةُ على كُلِّ ما ذَكَرْتُهُ.
1/1746- عَنْ أَبي بَرْزَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَكرَهُ النومَ قَبْلَ العِشَاءِ وَالحَدِيثَ بعْدَهَا. متفقٌ عليه.
2/1747- وعَنِ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى العِشَاءَ في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلمَّا سَلَّم قَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِئَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلى ظَهْرِ الأَرْضِ اليَوْمَ أَحدٌ متفقٌ عليه.
3/1748- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّهم انْتَظَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَجاءَهُمْ قَريبًا مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، فصلَّى بِهِم -يَعْنِي: العِشَاءَ- قَالَ: ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ: أَلا إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلّوا ثُمَّ رَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلاةٍ ما انْتَظَرْتُمُ الصَّلاةَ رواه البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
ففي الحديث الأول الدلالة على أنه لا يجوز أن يقال: "ما شاء الله وشاء فلان"، ولا أن يُقال: "لولا الله وفلان"، أو: "هذا من الله ومن فلانٍ"، ولكن يُقال: "ما شاء الله ثم شاء فلان"، "لولا الله ثم فلان"، "هذا من الله ثم من فلانٍ"، هكذا جاءت السنة، ولهذا قال ﷺ: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان.
وفي حديث الثلاثة: لا بلاغَ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك .. حديث الأبرص والأقرع والأعمى.
فالواجب على المؤمن أن يتأدَّب بالآداب الشرعية؛ لأن الواو تقتضي المعية والتَّسوية، والله جل وعلا لا يُساويه شيء، بل هو القادر على كل شيءٍ، وهو المستقل بكل شيءٍ ، فلهذا لا يجوز أن تقول: "ما شاء الله وشاء فلان"، جعلته شريكًا مساويًا، أو "لولا الله وفلان"، كل هذا لا يصلح، ولكن يُقال: "لولا الله ثم فلان"، و"هذا من الله ثم من فلان"، "ما شاء الله ثم شاء فلان"، هذا هو المشروع.
وكذلك السَّمر بعد العشاء في حديث الدنيا مكروه، كان ﷺ يكره السَّمرَ بعد العشاء، والنومَ قبلها، فالنوم قبلها قد يُفَوِّتها، فإذا نام قبلها قد يُسبب ذلك فوتها في الجماعة، فيُكره النوم قبلها، والحديث بعدها يعني: السَّمر والتَّحدث بعدها في غير مشروعٍ، أما إذا كان لأمرٍ مشروعٍ: مع الضيف، أو مع الأهل، أو في الحديث في طلب العلم والتَّفقه في الدين، أو النَّصيحة؛ فلا بأس.
ولهذا نصحهم النبيُّ ﷺ بعد صلاة العشاء لما تأخَّر في بعض الليالي فقال: إنَّ الناس صلوا وناموا، وأنتم لن تزالوا في صلاةٍ ما انتظرتم الصلاة، فدلَّ على أن العبد ما دام ينتظرها فهو في صلاةٍ، وله أجر المصلين.
وهكذا في آخر حياته بعد صلاة العشاء أخبرهم أنه بعد ليلتهم هذه لا يبقى على ظهر الأرض ممن هو على ظهرها اليوم بعد مئة سنة، يعني: بعد مرور مئة عام يموت جميع مَن كان في وقته ولا يبقى منهم أحد، وهذا وحيٌ من الله جل وعلا، فأخبر عليه الصلاة والسلام أنَّ ذلك العصر ينخرم قبل مئة عام، يعني: لا يبقى منهم أحدٌ بعد مئة عام.
ومن هذا احتجَّ العلماءُ على أنَّ الخضر لو كان موجودًا لكان قد توفي قبل مرور المئة عام، ولكن الصحيح أنه توفي قبل ذلك؛ لأنه نبي، ومحمد هو خاتم الأنبياء، فقد مات قبله عليه الصلاة والسلام، وليس بموجودٍ.
أما ما يقع في بعض الكتب: أنَّ الخضر حيٌّ، وأنه يلقى بعضَ الناس؛ فهذا كله ليس بصحيحٍ، فالخضر قد مات قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام.
والسّمر بعد العشاء في درس القرآن، ودرس العلوم الشرعية، وفي محاضرات وندوات علمية، ومع الضيف، ومع الأهل؛ لا حرج في ذلك، إنما المكروه السَّمر في القيل والقال، وفي شيءٍ لا حاجة إليه.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: قد يقول قائل: "الواو والفاء وثم حروف عطف ينوب بعضُها عن بعض"؟
ج: ثم للتعقيب والتأخير، أما الواو فللجمع، والفاء للترتيب باتِّصال، ما تصلح، وأما ثم فهي للتَّراخي: "جاء فلان ثم فلان"، يعني: بعده بتراخٍ، "هذا من الله ثم من فلان"، يعني: بعده؛ لأنه ما يصلح أن يُساوى بالله جل وعلا.
س: قوله: ألا إنَّ الناس قد رقدوا هل يقصد به أهلَ المدينة أو المسلمين في سائر الأرض؟
ج: المراد الناس كلهم، يعني: المسلمين؛ لأنهم صلّوا في الوقت.
س: هل هناك نهيٌ عن النوم بعد صلاة العصر؟
ج: ما ورد شيء، ما أعلم أنه ورد في هذا شيء، إلا من كلام بعض الشعراء، لكن لا وجهَ له، لا يُعَوَّل عليه.
س: يعني ما فيه شيء؟
ج: لا، ما فيه شيء، فلا بأس به.
س: قول: "ما طاب المريضُ إلا من هذا العلاج"؟
ج: لا، ما يُقال هذا، فهذا العلاج سبب، فيُقال: من أسباب شفاء الله له أنه تعالج بكذا، وسوَّى كذا، واحتمى من كذا، فهذه أسباب لا يُنْسَب الشفاء إليها، يل يُنْسَب إليها أنها سبب.
س: قول المؤلف: "كراهة قول: ما شاء الله وشاء فلان"؟
ج: الكراهة للتحريم، إذا عبَّر بالكراهة فيعني كراهة التَّحريم.
س: النوم بعد صلاة المغرب مكروه؟
ج: نعم مكروه.