30/486- وعن عبدِاللَّه بنِ مَسْعُودٍ قَالَ: نَامَ رسولُ اللَّه ﷺ عَلَى حَصيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، لوِ اتَّخَذْنَا لكَ وِطَاءً، فقال: مَا لي وَللدُّنْيَا؟ مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
31/487- وعن أَبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: يَدْخُلُ الفُقَراءُ الجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمئَةِ عَامٍ رواه الترمذي وقال: حديثٌ صحيحٌ.
32/488- وعن ابن عَبَّاسٍ وعِمْرَانَ بن الحُصَيْن ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهلِهَا الفُقَراءَ، وَاطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّساءَ متفقٌ عَلَيْهِ من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيْضًا من روايةِ عِمْرَان بنِ الحُصَينِ.
33/489- وعن أُسامةَ بنِ زيدٍ رضيَ اللَّه عنهما، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: قُمْتُ عَلى بَاب الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّة مَنْ دَخَلَهَا المَساكين، وأَصحَابُ الجَدِّ محبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصحَابَ النَّار قَد أُمِرَ بِهمْ إِلَى النَّارِ متفقٌ عَلَيْهِ.
34/490- وعن أَبي هريرة ، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلا كُلُّ شيْءٍ مَا خَلا اللهَ بَاطِلٌ متفقٌ عليه.
31/487- وعن أَبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: يَدْخُلُ الفُقَراءُ الجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمئَةِ عَامٍ رواه الترمذي وقال: حديثٌ صحيحٌ.
32/488- وعن ابن عَبَّاسٍ وعِمْرَانَ بن الحُصَيْن ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهلِهَا الفُقَراءَ، وَاطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّساءَ متفقٌ عَلَيْهِ من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيْضًا من روايةِ عِمْرَان بنِ الحُصَينِ.
33/489- وعن أُسامةَ بنِ زيدٍ رضيَ اللَّه عنهما، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: قُمْتُ عَلى بَاب الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّة مَنْ دَخَلَهَا المَساكين، وأَصحَابُ الجَدِّ محبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصحَابَ النَّار قَد أُمِرَ بِهمْ إِلَى النَّارِ متفقٌ عَلَيْهِ.
34/490- وعن أَبي هريرة ، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلا كُلُّ شيْءٍ مَا خَلا اللهَ بَاطِلٌ متفقٌ عليه.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الخمسة كالتي قبلها في الحثِّ على الترغيب في الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة وإيثارها والإعداد لها، وأنَّه لا ينبغي للمؤمن أن يُشغل بمتاع الدنيا وتجارتها وزينتها عن الآخرة، بل يجب أن يكون أكبر همّه الإعداد للآخرة، والجدّ في طلب الآخرة.
ولما رأى الصَّحابةُ أنه ﷺ اضطجع على حصيرٍ قد أثَّر في جنبه قالوا: ألا نتخذ لك وِطاءً؟ قال: ما لي وللدنيا؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كراكبٍ قَالَ في ظِلِّ دَوْحَةٍ ثم ذهب وتركها.
ولما دخل عليه عمرُ في المَشْرُبَة التي كان فيها حين هجر نساءَه وجده قد أثَّر الحصيرُ في جنبه عليه الصلاة والسلام، فقال: يا رسول الله، أنت في كذا وكذا وفارس والروم في كذا وكذا؟! قال: أفي شكٍّ أنت يا ابن الخطاب؟! أولئك قومٌ عُجِّلَتْ لهم طيِّباتُهم في حياتهم الدنيا.
فالمؤمن لا يُشغل بالدنيا، ولكن يأخذ منها ما تيسر، فهو يعمل ويتسبَّب ويطلب الرزقَ حتى يستغني عمَّا في أيدي الناس، وكما تقدَّم في قوله ﷺ: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولما سُئِلَ: أيُّ الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور.
فالمؤمن يكتسب الحلالَ، ويتصدق، ويُنفق، ويُحْسِن، ولكن لا تشغله الدنيا عن الآخرة.
ويقول ﷺ أنه اطَّلع في الجنة فرأى عامَّة أهلها الفقراء، وفي اللفظ الآخر أنهم يدخلون الجنةَ قبل الأغنياء بنصف يومٍ -خمسمئة عام- وذلك -والله أعلم- لأنَّهم لا حسابَ عليهم، فليس هناك أمورٌ يُحاسَبون عليها من جهة الدنيا، وأصحاب الجَدِّ –وهم أهل الغنى وأهل السعة- محبوسون، يعني: موقوفون لمناقشة الحساب ومُجازاتهم على ما عملوا في الدنيا.
والمقصود من هذا كله أنَّ الواجب العناية بالآخرة، والإعداد لها، والحذر من الشغل بالدنيا التي قد تصدّه عن الآخرة.
وهكذا قول الشاعر: "ألا كلّ شيءٍ ما خلا الله باطلٌ"، يعني : زائل، وأمَّا ما كان لله فهو الذي يبقى وينفع أهله، وما سوى ذلك فهو باطل، يعني: زائل ومُنتهٍ.
وتقدم قوله ﷺ: الدنيا ملعونة، ملعونٌ ما فيها، إلَّا ذكر الله وما والاه، وعالمًا ومُتعلِّمًا.
فالمؤمن يجتهد في طلب الخير، وفي عمل الخير، والإعداد للآخرة، ولا يُشغل بالدنيا، لكن لا يتركها، بل يعمل: يتَّجر، أو يزرع، مثلما اتَّجر الصحابةُ، وغرس الأنصار وزرعوا، فهو يطلب الأسباب، لكن لا يُشغل بها عن الآخرة، فيفعل الأسباب التي تُعينه على طاعة الله، ويتصدق منها، ويُنفق منها، ويقضي حاجته منها، ولكن لا تشغله عن الآخرة.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: النساء أكثر أهل النار، فهل هُنَّ في الجنة أقلّ أم أكثر أيضًا؟ وكذا أهل الجنة: هل لأجل العدد أم لأجل كثرة بعدهنَّ؟
ج: لما سئل ﷺ قال: لأنَّكُنَّ تكفرن العشير، وتُكْثِرْنَ اللَّعن، ومَن صدق منهن فلها الجنة، مثلما قال جلَّ وعلا: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35]، وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [التوبة:71- 72]، هؤلاء وهؤلاء: فكل مؤمنٍ ومؤمنةٍ موعود بالجنة، والكافر والكافرة موعودون بالنار، لكن لما كان يكثر في أعمال النساء: كفر العشير، والسّب، واللعن، وعدم الاستقامة على الحق؛ صار أكثرهنَّ إلى النار –نسأل الله العافية.
س: لو ماتت امرأةٌ وليس لها زوجٌ، وكانت من أهل الجنة، هل ستتزوج من المؤمنين؟
ج: هذا إلى الله، فكلٌّ يقع مطلوبه في الجنة، لهم فيها ما يدَّعون، النساء والرجال، أي: لهم ما يطلبون، فالرجل يُعْطَى ما يطلب، والمرأة تُعْطَى ما تطلب، كلهم في نعيم.
س: قول الرسول ﷺ: فإنَّ الفقر أسرع إلى مَن يُحبُّني دليلٌ على أنَّ أصحاب النبي ﷺ أكثرهم الفقراء؟
ج: نعم؛ لشُغلهم بعمل الآخرة وطاعة الرسول ﷺ.
س: ومَن تمسَّك بالسنة؟
ج: مَن تمسَّك بالسنة، وجاهد في الله، واتَّقى الله؛ قد يُصاب بالفقر، لكن ليس معناه أن يترك الأسباب، لكن قد يُشغل بالأعمال الصَّالحة وتقوى الله والجهاد في سبيله عن جمع الدنيا، وعن التَّسبب فيها.
س: بعض المشايخ ينكرون أذان الحرم؛ لأن النبي ﷺ يقول: إذا أذَّنْتَ فترسَّل، وإذا أقمت فاحدر، وبعضهم يجعل الأذان كالإقامة، يعني: ما يترسل فيه؟
ج: لا، السنة الترسل في الأذان، والإسراع في الإقامة، هذه هي السنة، والمؤذنون في الحرم يُطيلون ولا يُخففون، فخطرهم على الطول.
س: هناك مَن استدلَّ على لعن الكافر المُعَيَّن بحديث الرجل الذي أُتِيَ به ليُجْلَد في الخمر، فقال أحدُ الصحابة: لعنه الله، فقال النبيُّ ﷺ: لا تُعِنْ الشيطان عليه، فإنَّه يُحبُّ الله ورسوله، فقال: إنَّ الذي لا يُحبَ الله ورسوله يُلْعَن؟
ج: هذا عبدالله الحمار، والرسول ﷺ لعن مَن آذى المسلمين، فلعن أبا جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وأشباههم ممن آذوا المسلمين، أما الكفار الذين ما آذوا فلا يُلْعَنوا، بل يُدْعَا لهم بالهداية، فإنه لما قيل: يا رسول الله، إنَّ دوسًا قد تأخَّر إسلامهم، قال: اللهم اهْدِ دوسًا وائْتِ بهم، فدعا لهم بالهداية، ولما كان اليهودُ يتعاطسون عنده يُريدون أن يقول: يرحمكم الله، قال: يهديكم الله.
س: إذن الصحيح أنَّ الكافر المُعَيَّن لا يُلْعَن؟
ج: لا يُلْعَن، إلا إذا آذى المسلمين.
س: هل يُؤخذ في وقتنا هذا أنَّ النوم على الحصير من السنة؟
ج: لا، ما هو من السنة، إنما يكون حسب الحاجة.
س: ومَن كان مُقتدرًا لكنَّه يجعل له أيامًا ينام فيها على الحصير؟
ج: إذا أراد أن يتَّعِظَ ويُحاسِب نفسه ويُجاهدها لا بأس، من باب محاسبة النفس وتذكيرها بحال الفقراء، وإلا فلو رزقه الله الطيبات فالحمد لله، فالله قال: كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ [المؤمنون:51].
س: في الحديث: اطَّلعتُ في الجنة فرأيتُ أكثر أهلها الفقراء، وذكر ابنُ القيم أنَّ فتنةَ المال أعظمُ من فتنة الضَّراء، يعني: فتنة الفقر؟
ج: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15].
س: هل يُؤخذ من هذا أنَّ الغالب على أهل الطاعة وأهل الصلاح أن يكونوا من الفُقراء ويوجد من الأغنياء؟
ج: هذا الغالب، مثلما كان في الصَّحابة.
س: أفضل الخلق بعد الرسول ﷺ: أبو بكر أم الأنبياء؟
ج: أفضل الناس: الرسل والأنبياء، ثم أبو بكر.