174 من حديث: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم -أو ليلة- فإذا هو بأبي بكر وعمر..)

 
7/497- وعن أبي هُريرةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّه ﷺ ذاتَ يَوْمٍ -أَوْ لَيْلَةٍ- فَإِذا هُوَ بِأَبي بَكْرٍ وعُمَرَ رضي اللَّه عنهما، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُما هذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالا: الجُوعُ يَا رَسولَ اللَّه، قالَ: وَأَنا، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَخْرَجَني الَّذِي أَخْرَجَكُما، قُوما، فقَاما مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الأَنْصارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ في بيتهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ المَرْأَةُ قالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فقال لَهَا رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَيْنَ فُلانٌ؟ قالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الماءَ، إِذْ جاءَ الأَنْصَاريُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّه ﷺ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قالَ: الحَمْدُ للَّه، مَا أَحَدٌ اليَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيافًا مِنِّي، فانْطَلقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وتَمْرٌ ورُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا، وَأَخَذَ المُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رسُولُ اللَّه ﷺ: إِيَّاكَ وَالحَلُوبَ، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذلكَ العِذْقِ وشَرِبُوا، فلمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَووا قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ لأَبي بكرٍ وعُمَرَ رضي اللَّه عنهما: وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هذَا النَّعيمِ يَوْمَ القِيامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هذا النَّعِيمُ رواه مسلم.
8/498- وعن خالدِ بنِ عُمَرَ العَدَويِّ قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بنُ غَزْوانَ -وكانَ أَمِيرًا عَلى البَصْرَةِ- فَحمِدَ اللَّه وأَثْنى عليْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بصُرْمٍ، ووَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبابةِ الإِناءِ يتصابُّها صاحِبُها، وإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْها إِلَى دارٍ لا زَوالَ لهَا، فانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُم، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنا أَنَّ الحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِير جَهَنَّمَ فَيَهْوي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا لا يُدْرِكُ لَها قَعْرًا، واللَّهِ لَتُمْلأَنَّ، أَفَعَجِبْتُمْ؟ ولَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْراعَيْنِ مِنْ مَصاريعِ الجَنَّةِ مَسيرةَ أَرْبَعِينَ عَامًا، وَلَيَأْتِينَّ عَلَيه يَوْمٌ وهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحامِ، وَلَقَدْ رأَيتُني سابعَ سبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ما لَنا طَعامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَتْ أَشْداقُنا، فالْتَقَطْتُ بُرْدَةً، فشَقَقْتُها بَيْني وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ مالكٍ، فَاتَّزَرْتُ بنِصْفِها، وَاتَّزَر سَعْدٌ بنِصفِها، فَمَا أَصْبَحَ اليَوْم مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا أَصْبَحَ أَمِيرًا عَلى مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ، وإِني أَعُوذُ باللَّهِ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسي عَظِيمًا، وعِنْدَ اللَّهِ صَغِيرًا" رواهُ مسلم.
9/499- وعن أَبي موسى الأَشْعَريِّ قَالَ: أَخْرَجَتْ لَنا عائِشَةُ رضي اللَّهُ عنها كِساءً وَإِزارًا غَلِيظًا، قالَتْ: "قُبِضَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ في هَذَيْنِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاث كالتي قبلها في الحثِّ على الاستعداد للآخرة وعدم التَّشاغل بالدنيا وشهواتها، وأنه يجب على المسلم الحذر من التَّشاغل بالدنيا، فقد زهد فيها الأوَّلون، وزهد فيها الأخيار، وعملوا للآخرة، وأصابهم من الجوع والحاجة ما أصابهم، وصبروا.
فالواجب على المؤمن أن يكون أكبر همه الآخرة، وأن يحرص على الأعمال الصَّالحة التي تُقرّبه من الله، وتُبعده من النار، وألا يكون همه جمع الدنيا وحطامها.
وفي هذا الحديث أن الرسول ﷺ خرج ذات يومٍ من بيته، فإذا هو بالصديق وعمر رضي الله عنهما، فسألهما: ما أخرجكما؟ قالا: الجوع، فقال: والذي نفسي بيده، ما أخرجني إلا الذي أخرجكما، وهو الجوع، فذهبوا إلى بعض الأنصار، فقدَّم لهم عِذْقًا من الرطب والتمر، فأكلوا وشربوا، ثم قال ﷺ: والذي نفسي بيده، لتُسألُنَّ عن هذا النَّعيم يوم القيامة يعني: داخل في قوله: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8]، فالرطب والتمر من أعظم نِعَم الله.
فينبغي للمؤمن أن يكون حريصًا على الإعداد للآخرة، والحذر من التَّشاغل بالدنيا على وجهٍ يشغله عن الآخرة.
وهكذا حديث عتبة بن غزوان: فقد خطب الناس ذات يومٍ فقال: إن الدنيا آذنت بصُرْمٍ، وولَّت حذَّاء، ولقد بلغنا أنَّ الحجر يُلْقَى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عامًا وما وصل قعرها، وأن المصراعين من أبواب الجنة ما بينهما أربعون عامًا، يأتي عليه يومٌ وهو كظيظٌ من الزحام؛ من كثرة الدَّاخلين الجنة، فأمرهم أن يعدّوا للآخرة، وأن يجتهدوا في العمل الصالح، وأن يحذروا التَّشاغل بشهوات الدنيا.
وهكذا في الحديث الآخر: أن عائشة رضي الله عنها أخرجت لهم كساءً ورداءً تُوفي النبيُّ ﷺ فيهما، فهذا يدل على أنَّ الأمر جديرٌ بعدم التَّشاغل بهذه الدنيا، وأن المؤمن يعدّ للآخرة، ويجتهد في أسباب النَّجاة والأعمال الصَّالحة، ويستعين بما رزقه الله من الدنيا، لا يتركها، بل يعمل ويتسبب حتى يكتسب قوامًا من عيشٍ، ويستغني عمَّا في أيدي الناس، لكن لا يجعلها أكبر همِّه، ولا يُقدِّمها على الآخرة، لكن يعمل: يبيع، يشتري، يزرع، يغرس، يعمل أيَّ عملٍ يكسب به الكسب الحلال، ويستغني به عمَّا في أيدي الناس، لكن لا تكون الدنيا أكبر همِّه أو تشغله عن الآخرة، يقول النبي ﷺ: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزنَّ، ويقول ﷺ لما سُئِلَ: أيّ الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور، ويقول ﷺ: لأن يأخذ أحدُكم حبلَه فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكفّ بها وجهه؛ خيرٌ له من سؤال الناس، أعطوه، أو منعوه.
فالمشروع للمؤمن أن يطلب الرزق، وأن يعمل ويجتهد، لكن لا تشغله الدنيا عن الآخرة، ولا يطلب ما في أيدي الناس بسؤالهم، بل يحرص على كسب الحلال الذي يُغنيه عمَّا في أيدي الناس، وتكون الآخرةُ أكبر همِّه.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: ذكر المؤلف أنَّ السؤال عن هذا النَّعيم سؤالُ تعديد النِّعَم، لا سؤال توبيخٍ وتعذيبٍ -والله أعلم؟
ج: الناس في هذا أقسام: فالمؤمن بإظهار فضل الله عليه، والكافر حتى يُعذّب بتفريطه، والعاصي بين ذلك -نسأل الله العافية.
س: وقع لولدٍ لي حادثٌ مع ................... وتُوفي الراكب .............؟
ج: إذا كان بأسبابه يصوم شهرين متتابعين.
س: وإذا كان الخطأ على الاثنين؟
ج: كل واحدٍ منهما عليه شهران.
س: لكن ولدي هذا ............ ما يتحمّل الصيام؟
ج: إذا قدر، يبقى في ذمته حتى يتيسر، فليس هناك إلا العتق، والعتق غير متيسر.
س: قول بعض أهل العلم: قضاء النَّوافل بعد الفرائض طلبُ العلم؟
ج: طلب العلم فريضةٌ وليس نافلةً، حتى يتعلم دينه ويتفقّه فيه، لكن نوافله أفضل العبادات.
س: هل حضور الدروس واجب؟
ج: عليه أن يتعلم، سواء بالحضور أو بالتَّعَلُّم، كله واحد، حتى يتفقّه في دينه.
س: رجل رضع في السنة الأولى مرة، وفي السنة الثانية رضع مرات؟
ج: ما دام في الحولين وتمت خمسًا يكون ولدًا له، ولو متفرقات، ولو كان هذا في شهر، وهذا في شهر، وهذا في شهر، فإذا بلغت خمسًا فأكثر صار ولدًا له.
س: في الحولين؟
ج: نعم، يكون الطفلُ في الحولين.
س: ................؟
ج: نعم، ولو متفرقات.
س: رجل شُكِيَ أمرُه إلى ................ فبعدها أرسل أهله إلى الدَّاعي وقال: إن رفعت الدَّعوى أو الشكوى إلى الهيئة فسترى بماذا يُعاقبه، فهل هذا يُترك لأنَّ المنكر سيَؤُول إلى منكرٍ أم يُستمر في الإنكار عليه؟
ج: لا، يُنصح، عليه النصيحة مع الجماعة جيرانهم، فالجيران .............، فيتعاونون على نصيحته وتوجيهه إلى الخير حتى لا تقع فتنة.
س: ...................؟
ج: على كل حال، إذا كان يخشى أو يظن أنه قد يفعل يسقط عنه الواجب، لكن في مثل هذا يكون من جماعةٍ أحسن، لعله ينتبه، ولعله يستفيد، فإذا كان من جماعة فهو أقرب إلى النّجاح.
س: هل تُجْزِئ سنة الفجر في الضُّحى مع نية ركعتي الضُّحى؟
ج: هو مخير: إن شاء قضاها بعد صلاة الفجر، وإن شاء قضاها بعد ارتفاع الشمس.
س: هل تكون من سنة الضُّحى؟
ج: لا، سنة الضُّحى غير سنة الفجر.