184 من حديث: (لا تُلحفوا في المسألة،..)

 
7/528- وعن أبي سفيانَ صَخْرِ بنِ حَرْبٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تُلْحِفُوا في المسأَلَةِ، فوَاللَّه لا يَسْأَلُني أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأَنا لَهُ كارِهٌ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُهُ رواه مسلم.
8/529- وعن أَبي عبدِالرحمنِ عَوف بن مالِك الأَشْجَعِيِّ قالَ: كُنَّا عِنْدَ رسُولِ اللَّه ﷺ تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً، فَقَال: أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّه ﷺ؟ وكُنَّا حَدِيثي عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، فَقُلْنا: قَدْ بايَعْناكَ يَا رسُولَ اللَّهِ، ثمَّ قالَ: ألا تُبَايِعُونَ رسولَ اللهِ؟ فَبَسَطْنا أَيْدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فَعَلام نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللَّه وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، والصَّلَوَاتِ الخَمْس، وَتُطِيعُوا، وَأَسَرَّ كلمةً خَفِيَّةً: وَلا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا، فَلَقَدْ رَأَيتُ بَعْضَ أُولئكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحدِهِمْ فَما يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ. رواه مسلم.
9/530- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: أَنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ: لا تَزَالُ المَسأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّه تَعَالَى ولَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد سبق ما يدل على المعنى، وهو التَّحذير من المسألة، وأن الواجب على المؤمن ألا يسأل إلا عند الضرورة.
ولهذا يقول ﷺ: لا تُلْحِفُوا في المسألة، الإلحاف: التَّكرار والإلحاح، ألحف يعني: أَلَحَّ، فإنه لا يسأل أحدٌ فتُخرج له مسألتُه شيئًا وأنا له كاره فيُبَارَك له فيه.
كذلك بايع جماعة من الصحابة على ألا يسألوا الناسَ شيئًا، بايعهم على توحيد الله والصلاة، وألا يسألوا الناس شيئًا.
فهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن الحذر من سؤال الناس إلا عند الضَّرورة، فالسؤال فيه شرٌّ عظيمٌ، فينبغي للمؤمن ألا يتعاطى السؤال إلا عند الضَّرورة.
وفي الحديث الثاني: يقول ﷺ: لا تزال المسألةُ بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزْعَةُ لحمٍ متفق عليه.
والمقصود من هذا كله الحثّ على الاقتصاد والعفاف والقناعة وعدم الحاجة إلى السؤال.
وفي حديث قبيصة بن مخارق يقول ﷺ: إنَّ المسألة لا تحلّ إلا لأحد ثلاثةٍ: رجل تحمَّل حمالةً، فحلَّت له المسألة يعني: صلحًا بين الناس أو دَيْنًا، حتى يُصيبها ثم يُمْسِك، ورجل أصابته فاقَةٌ يعني: شدة حاجةٍ، فحلَّتْ له المسألة حتى يُصيب قِوَامًا من عيشٍ يعني: سِدادًا من عيشٍ، ورجل أصابته فاقةٌ، حتى يقول ثلاثةٌ من ذوي الحِجَى من قومه: لقد أصابتْ فلانًا فاقَةٌ، فحلَّت له المسألةُ حتى يُصيب قِوَامًا من عيشٍ، قال: وما سواهُنَّ يا قبيصة من المسألة سُحْتٌ، يأكله صاحبُه سُحْتًا، فهذا فيه الحثّ على العفاف، والحذر من السؤال إلا عند الضَّرورة.
ويقول ﷺ: لأن يأخذ أحدُكم حبلَه فيأتي بحزمةٍ من الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكفّ بها وجهه؛ خيرٌ له من سؤال الناس: أعطوه، أو منعوه.
فالمؤمن يحرص على العفاف والعمل الذي يسدّ حاجته: نجارة، تجارة، حدادة، خرازة، زراعة، الذي يتيسّر، يقول ﷺ: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن، وسُئِل: أيّ الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور، فالإنسان لا يبقى عاطلًا، بل يلتمس بعض الأسباب حتى يستغني بها عن سؤال الناس، فإذا اضطر سأل حتى يُصيب قِوَامًا من عيشٍ، يعني: حتى يحصل ما يسدّ حاجته.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: أبو سفيان ابن الحارث بن عبدالمطلب أخو النبي ﷺ من الرّضاعة، هو صخر بن حرب أو غيره؟
ج: أبو سفيان ابن الحارث غير صخر بن حرب، صخر بن حرب هذا والد أم حبيبة زوجة النبي ﷺ، وهو الذي كان يقود الكفار يوم أحد ويوم الأحزاب، ثم أسلم وهداه الله والحمد لله، وأبو سفيان ابن الحارث ابن عم النبي ﷺ، فالحارث بن عبدالمطلب أخو عبدالله بن عبدالمطلب، وكان كافرًا ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه.
س: يُروى عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّه كان يأخذ من الأوقاف لكي لا يشتغل، ويطلب العلم؟
ج: ما بلغنا هذا، لكن إذا كانت الأوقافُ في أعمال البِرِّ يجوز أن يُعْطَى منها طلبةُ العلم الفقراء وغيرهم.
س: هل صحيح أنَّ الجنَّ يمكن أن يُحرِّكوا بعضَ الأشياء في البيت: كالمُنبّه، وأشباه ذلك؟
ج: قد يعتدون مثل الإنس، فالجن قد يُؤْذُون وقد يَعْتَدُون.
س: إذا كان العبدُ قد اغتسل في هذا اليوم اغتسالًا لأجل التَّطهر لا لأجل الجمعة، ثم صلَّى الجمعة، فهل الصّواب أن الطهارة تعمّ الأمرين؟
ج: لا، الغُسل فقط، فإذا لم يتوضأ ما يصحّ، فلا بد أن يتوضأ الوضوء الشرعي، أما الجنابة –عند جمعٍ من أهل العلم- إذا نواهما جميعًا انتقل إلى الصنف الأكبر، إذا كان جنابةً.
س: يعني: يُعيد الصلاةَ التي صلَّاها بهذا الغُسل؟
ج: نعم، يُعيدها ظهرًا.
س: إذا كان عند شخصٍ مبلغٌ في البيت، ولم يكن عنده أحدٌ في البيت، ونقص شيءٌ من المبلغ، فهل يمكن أن يكون الجنُّ هم مَن أخذوه؟
ج: قد ينساه هو، وإذا سمَّى عليه ما يتعدَّى عليه الجنُّ.
س: هل يُستحب قول سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كنا له مُقرنين .. في السيارة وفي المصعد؟
ج: عند السفر: السيارة، والباخرة، والطائرة.
س: وفي الحضر؟
ج: لا، كان النبيُّ ﷺ يفعله في السفر، فكان إذا ركب الدابةَ في السفر كبَّر ثلاثًا، وحمد الله ثلاثًا، وقال: سبحان الذي سخَّر لنا هذا ...
س: وفي المصعد؟
ج: في السفر فقط، فالمصعد ليس بسفرٍ.
س: والركوب في أي وقتٍ؟
ج: عند السفر.
س: ما معنى "الإلحاف" في اللغة؟
ج: الإلحاح.