14/535- وعَنْ ثَوْبانَ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: مَنْ تَكَفَّلَ لِي أَن لا يسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا، وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بالجَنَّة؟ فقلتُ: أَنا، فَكَانَ لا يسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا. رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.
15/536- وعن أَبي بِشْرٍ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ قَالَ: تَحمَّلْتُ حمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِينَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لكَ بِها، ثُمَّ قَالَ: يا قَبِيصَةُ، إِنَّ المَسأَلَةَ لا تَحِلُّ إِلا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٌ تَحَمَّلَ حمالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصيبَها، ثُمَّ يُمْسِكُ، ورجُلٌ أَصابَتْهُ جائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مالَهُ، فَحَلَّتْ لهُ المَسأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قَالَ: سِدادًا مِنْ عَيْشٍ، ورَجُلٌ أَصابَتْهُ فاقَةٌ، حَتى يقُولَ ثلاثَةٌ مِنْ ذَوي الحِجَى مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلانًا فَاقَةٌ، فحلَّتْ لَهُ المَسْأَلةُ حتَّى يُصِيبَ قِوامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قالَ: سِدادًا مِنْ عَيْشٍ، فَمَا سِواهُنَّ مِنَ المَسأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ، يَأكُلُها صاحِبُها سُحْتًا رواهُ مسلم.
16/537- وعن أبي هريرة : أَنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يطُوفُ عَلى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتانِ، وَالتَّمْرَةُ والتَّمْرتَانِ، وَلَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لا يجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصدَّقَ عَلَيْهِ، وَلا يَقُومُ فَيَسْأَلَ النَّاسَ متفقٌ عليه.
15/536- وعن أَبي بِشْرٍ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ قَالَ: تَحمَّلْتُ حمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِينَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لكَ بِها، ثُمَّ قَالَ: يا قَبِيصَةُ، إِنَّ المَسأَلَةَ لا تَحِلُّ إِلا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٌ تَحَمَّلَ حمالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصيبَها، ثُمَّ يُمْسِكُ، ورجُلٌ أَصابَتْهُ جائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مالَهُ، فَحَلَّتْ لهُ المَسأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قَالَ: سِدادًا مِنْ عَيْشٍ، ورَجُلٌ أَصابَتْهُ فاقَةٌ، حَتى يقُولَ ثلاثَةٌ مِنْ ذَوي الحِجَى مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلانًا فَاقَةٌ، فحلَّتْ لَهُ المَسْأَلةُ حتَّى يُصِيبَ قِوامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قالَ: سِدادًا مِنْ عَيْشٍ، فَمَا سِواهُنَّ مِنَ المَسأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ، يَأكُلُها صاحِبُها سُحْتًا رواهُ مسلم.
16/537- وعن أبي هريرة : أَنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يطُوفُ عَلى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتانِ، وَالتَّمْرَةُ والتَّمْرتَانِ، وَلَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لا يجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصدَّقَ عَلَيْهِ، وَلا يَقُومُ فَيَسْأَلَ النَّاسَ متفقٌ عليه.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة فيها الحثّ على العفاف والقناعة والحرص على عدم سؤال الناس، وأن الإنسان يجتهد في أن يقوم بنفسه، ويتعاطى بعض الأسباب التي تُغنيه عن الناس، ولهذا يقول ﷺ: مَن يتكفَّل لي ألَّا يسأل الناسَ شيئًا وأتكفَّل له الجنة؟ فقال ثوبان: أنا، وتقدَّم أنه بايع جماعةً من الصحابة على أنهم لا يسألون الناسَ شيئًا، حتى كان بعضُهم يسقط سوطُه فلا يقول لأحدٍ: ناولنيه، بل ينزل عن دابَّته ويأخذ السَّوط، وهذا يُفيدنا قبح المسألة، وأنها لا تليق بالمؤمن، وأن المؤمن ينبغي له أن يبتعد عنها ما أمكن، إلا للضَّرورة.
وهكذا حديث قبيصة لما جاء يسأل في حمالةٍ تحمَّلها، قال: أقم حتى تأتينا الصدقةُ فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة، إنَّ المسألة لا تحلّ إلا لأحد ثلاثةٍ: رجل تحمَّل حمالةً دَيْنًا للإصلاح بين الناس أو لحاجته فحلَّت له المسألةُ حتى يُصيبها، ثم يُمسك، ورجل أصابته جائحةٌ اجتاحت ماله اجتاحت زرعه، أو غِراسه، أو دوابَّه فحلَّت له المسألةُ حتى يُصيب قِوَامًا من عيشٍ -أو قال: سِدَادًا من عيشٍ- ورجل ثالث: أصابته فاقةٌ كان غنيًّا ثم أصابته فاقة، فشهد له ثلاثةٌ من ذوي الحِجَى من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقةٌ، فحلَّت له المسألةُ حتى يُصيب قوامًا من عيشٍ، وما سواهنَّ يا قبيصة سُحْتٌ، يأكله صاحبُه سحتًا.
فهذا فيه حثٌّ على العفاف والقناعة والبُعد عن المسألة، وذلك هو اللائق بالمؤمن، ألا يسأل الناسَ شيئًا، وأن يجتهد في التَّعفف بما يسَّر الله له من الشيء اليسير، كما قال عليه الصلاة والسلام: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزنَّ، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلتُ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإنَّ "لو" تفتح عمل الشيطان أخرجه مسلم في "الصحيح"، وسُئل: أيّ الكسب أطيب؟ فقال عليه الصلاة والسلام: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور أخرجه البزار وغيره بإسنادٍ صحيحٍ عن رفاعة بن رافع.
وفي هذا يقول ﷺ: ليس المسكينُ الذي تردّه اللُّقمة واللُّقمتان، والتَّمرة والتَّمرتان، يعني: يطوف على الناس، فهذا يُعطيه تمرةً، وهذا يُعطيه لقمةً، ولكن المسكين الذي لا يجد غنًى يُغنيه، ولا يقوم فيسأل الناس، هذا هو المسكين، المتعفف الذي لا يسأل الناس، ولا يتعرّض للناس، هو الجدير بأن يُواسَى ويُحْسَن إليه وتُعْرَف حاله، لا يقوم فيسأل الناس، ولا يطوف على الناس، ولا يجد ما يسدّ حاجته، فهو مُتعفّف، يستحي أن يذهب للناس، فمثل هذا جديرٌ بأن يُعْتَنى به، ويُحْسَن إليه من الزكاة وغيرها.
وكل الأحاديث السَّابقة تدور على أن المؤمن يحرص جدًّا على ألا يسأل الناس، إلا إذا اضطُرَّ.
رزق الله الجميع التَّوفيق والهداية.
الأسئلة:
س: هذا المسكين الذي لا يُتفطَّن له لو أنه صبر عند الضَّرورة فإنه يتضرر وقد يهلك؟
ج: لا، يسأل.
س: يجب عليه؟
ج: عليه أن يُنْقِذ نفسه، فإذا دعت الضَّرورة لخوف الهلاك وجب عليه، ويجب على مَن عرف حاله أن يُنْقِذه، وأن يُعطيه.
س: أقصد شيخنا أنه لو قال: يُستحب لي الصبر، هل يكون هذا صحيحًا أو يجب عليه أن يسأل؟
ج: لا، إذا كان عنده شيءٌ يسدّ حاجتَه وإلا يجب عليه أن يسأل؛ لإنقاذ نفسه ومَن تحت يده.
س: هذا رجلٌ له ابنٌ مُتَخَلِّفٌ عقليًّا، وله بنتٌ، ولهم مالٌ يأتي إليهم من الشّؤون، يقول: وقطعوني الآن، وأسكن في بيتٍ وحدي، فهل تجب عليَّ النَّفقة على ابني اللَّذين قطعاني الآن؟
ج: إذا كانت عنده قدرة يُنفق عليهم من ماله، على ولده، وعلى بنته، إذا كانت المساعدةُ الحكوميةُ ما تكفيهم.
س: إذا كانت ما تكفيهم؟
ج: يجب عليه أن يُنفق عليهم، فيجب الإنفاق على: الأب، والأم، والجد، والجدة، والأخ، فالأقارب يجب أن يُنفق بعضُهم على بعضٍ عند الحاجة، وهذا من صلة الرحم.
س: وإذا كانت تكفيهم؟
ج: إذا كانت تكفيهم يُنْفِق على المحتاج منهم، وهو الولد.
س: هما ابناه: ولده وبنته، ويقول: تأتيهما من الشؤون الاجتماعية أموال، وقد قطعاني الآن، فلا يصلاني، ولا يُسلِّمون عليَّ؟
ج: عياله؟
س: نعم.
ج: عاقّون، عليهم إثم العقوق.
س: والنَّفقة؟
ج: وأيش فيها؟
س: يُنفق أو لا يُنفق؟
ج: هم فقراء؟
س: هم يأتيهم شيءٌ من الشّؤون.
ج: إذا كان يكفيهم فلا، أمَّا إذا لم يكن يكفيهم فعليه أن يُنفق عليهم، ولو قطعوه: ليس الواصِلُ بالمُكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمُه وصلَها رواه البخاري في "الصحيح".
س: الرجل الذي عليه دين وتُوفّي، هل يُصلَّى عليه؟
ج: يُصَلَّى عليه ويُوفَى عنه.
س: كان قادرًا لكنه ما استطاع أن ..؟
ج: ولو، يُصلَّى عليه، فالنبي ترك الصلاة أولًا، ثم أمر بالصلاة فقال: صلّوا على صاحبكم.
س: ..................؟
ج: هذا من سؤال السلطان من بيت المال، فالشيء المعتاد لا بأس به، إلا أن يسأل سلطانًا أو في أمرٍ لا بد منه، كما تقدم.
س: بالنسبة للمسألة في الكتب الخاصَّة بالتَّوزيع: هل تُعَدُّ من المسألة المذمومة؟
ج: لا، إذا صارت تُوزّع يطلب نصيبَه منها إن كان طالب علمٍ من الجهة التي تُوزّع الكتب.
س: مدرسةٌ فيها رافضة، والمدير يجمع بعض النقود من المُدرسين، ويجعل ما يأخذه في هذه المدرسة، فهل يجوز أن يأخذ من الرَّافضة؟
ج: ولو من غيرهم من النَّصراني واليهودي، فلا بأس أن يأخذ.
س: هل يُقاس على السلطان الذي عنده مالٌ وائتمنه الأغنياءُ عليه ليُوزِّعه في حاجات الناس؟ فهل تصرفاته في أعمال البر تكون مثل السلطان في هذه المسألة وهو ليس السلطان العام؟
ج: ما هو مثل السلطان، لكن إذا دعت الضَّرورةُ يسأل: له أو لغيره.
س: ليس المالُ مالَ هذا الرجل بل هو مال الناس؟
ج: ولو، لا يسأل إلا عند الحاجة والضَّرورة.
س: الذي يطلب خارج دوامه أو يطلب الانتداب، هل يُعتبر من المسألة؟
ج: لا، ليس من المسألة، هذه أمور عادية ما فيها شيء.