194 من حديث: ( بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له..)

 
3/566- وعن أَبي سعيدٍ الخُدريِّ قَالَ: بينَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِذ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَال رسولُ اللَّه ﷺ: مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَن لا زَادَ لَهُ، فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لا حَقَّ لأحدٍ مِنَّا في فَضْلٍ. رواه مسلم.
4/567- وعن سَهلِ بنِ سعدٍ : أَنَّ امرَأَةً جَاءَت إِلى رسول اللَّه ﷺ بِبُردةٍ مَنسُوجَةٍ، فَقَالَتْ: نَسَجْتُها بِيَديَّ لأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحتَاجًا إِلَيهَا، فَخَرَجَ إِلَينا وَإِنَّهَا لإِزَارُهُ، فَقَالَ فُلانٌ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَها! فَقَالَ: نَعَمْ، فَجلَس النَّبِيُّ ﷺ في المجلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَواهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيها، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمتَ أَنَّهُ لا يَرُدُّ سَائِلًا؟! فَقَالَ: إنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَها، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي.
قَالَ سَهْلٌ: فَكانت كَفَنَهُ. رواه البخاري.
5/568- وعن أَبي موسى قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِنَّ الأَشْعَرِيين إِذَا أَرْمَلُوا في الْغَزْوِ أَو قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِم بالمَدِينَةِ؛ جَمَعُوا مَا كَانَ عِندَهُم في ثَوبٍ وَاحدٍ، ثُمَّ اقتَسَمُوهُ بَيْنَهُم في إِنَاءٍ وَاحِدٍ بالسَّويَّةِ، فَهُم مِنِّي وَأَنَا مِنهُم متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحثِّ على الجود والفضل والإحسان، وأن المؤمن أخو المؤمن، ينبغي له أن يجود ويُحْسِن إلى إخوانه المحاويج، وألا يبخل، كما قال الله جلَّ وعلا: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، وقال سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، وقال جلَّ وعلا: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد:7]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فينبغي للمؤمن أن تكون له همَّةٌ عاليةٌ في الإحسان إلى المحاويج، والصدقة على الفقراء، ومساعدة الأقارب، وصلة الرحم، والبذل في كل معروفٍ.
وفي هذا الحديث أنه ﷺ لما رأى الأعرابيَّ الذي ظاهره الحاجة حثَّهم على الجود من فضل أموالهم فقال: مَن كان له فضلُ ظَهْرٍ فليَجُدْ به على مَن لا ظهرَ له، يعني: الذي له فضل ركوبٍ يجود به على مَن يمشي ولا يجد ما يركبه، سواء كان رديفًا أو مطيَّةً أخرى فارغة، ومَن كان عنده فضلُ مالٍ فليجد به على مَن لا فضلَ له، وفضلُ زادٍ على مَن لا فضلَ له، وهكذا، حتى قال الصحابة: حتى ظننا أنه ليس لأحدٍ منا حقٌّ في فضلٍ.
المقصود أن الإنسان يجود من فضل ماله، أما ما يحتاجه هو وأولاده وعائلته فهم أحقُّ به، لكن يجود بالفضل، ولهذا قال في الحديث الصَّحيح: ابدأ بمَن تعول، وقال لزوجة ابن مسعود: زوجك وولدك أحقّ مَن تصدَّقْتِ عليهم، فالإنسان يتصدَّق ويُحْسِن على الأولى فالأولى، والأقرب فالأقرب، والأحوج فالأحوج، وهكذا، يرجو ما عند الله من المثوبة، ومَن أحسن أحسن الله إليه: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195].
وفي الحديث الثاني: أنَّ امرأةً نسجت بُرْدَةً وأهدتها للنبيِّ ﷺ، فلبسها واتَّزر بها، ثم إنَّ أحد الصحابة سأله إيَّاها، فأعطاه إيَّاها، فلامه بعضُ الصحابة وقالوا: كيف تسألها وأنت تعلم أنَّ الرسول ﷺ بحاجةٍ إليها؟! فقال: إنما سألتُها لتكون كفني، فلما ذهب النبيُّ ﷺ إلى بيته طواها وأرسل بها إليه، فكان لا يردّ سائلًا عليه الصلاة والسلام؛ إمَّا أن يُعطي، وإما أن يَعِدَ خيرًا عليه الصلاة والسلام، وهذا شأن الأخيار، فشأنهم الجود والكرم، وإذا لم يتيسّر شيءٌ وعد بالخير فقال: إذا تيسر شيءٌ نصلك إن شاء الله، هذا فعل الأجواد، وفعل الأخيار.
كذلك حديث الأشعريين: والأشعريون من أبناء اليمن، منهم أبو موسى الأشعري، كانوا إذا أرملوا في السفر أو قلَّ مالهم في الحضر جمعوا ما عندهم، ثم وزَّعوه بينهم، قال: هم مني، وأنا منهم، يعني: أنهم يُواسون فقيرهم، فإذا أرملوا في السفر أو قلَّ مالهم في الحضر جمعوا ما عندهم وقسموه بينهم، وتواسوا فيما بينهم، وتوسَّعوا فيما بينهم.
فهذا يدل على أنه ينبغي للأقارب أن يُوَزِّعوا المال بينهم، وأن يُحْسِن بعضُهم إلى بعضٍ، وأن يرفق بعضُهم ببعضٍ، وألا يكون هذا عنده المال الكثير وهذا محتاجٌ، لا، صاحب المال يجود على مَن لا مالَ له، والذي عنده ظهرٌ يجود على مَن لا ظهرَ له، ومَن لا منزلَ له يُساعده إخوانه في منزلٍ، ومَن لا خادم عنده يُساعده بخادمه مَن كان عنده خادم، والذي ما عنده طعام يُساعده في الطعام، والذي ما عنده كسوة يُساعده في الكسوة، وهكذا، فالجود مطلوبٌ، والمساعدة لإخوانه وأقاربه وجيرانه مطلوبة.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: بعض الحُجَّاج بعد الانتهاء من الحج يقوم بغسل ملابس الإحرام بزمزم، ويجعلها كفنًا له، فهل في هذا شيء؟
ج: لا حرج؛ لأنَّ ماء زمزم ماءٌ مباركٌ.
س: إذا كثر السَّائلون فهل على الذي يُسْأَل أن يتثبَّت؟
ج: يبدأ بالأهم فالأهم، الأحوج فالأحوج، يتثبت في الأمور؛ لأنَّ بعض الناس يسأل وعنده مال، فبعض الناس عنده حرصٌ على المال، وإن كان مليئًا، فعلى المعطي أن يتثبت إذا سأله إنسان حتى يكون على بصيرةٍ.
س: وإذا ظهر له أنه كاذب أو فعل شيئًا ............. سابق، ماذا عليه أن يفعل؟
ج: لا يعطيه، ويعطي الآخرين، فقد جاءه ﷺ رجلان يسألاه، فرآهما جَلْدَين، فقال: إن شئتُما أعطيتُكما، ولا حظَّ فيها لغنيٍّ ولا لقويٍّ مُكْتَسِب يعني: الزكاة.
س: أمسك أحد الإخوة طفلًا في الحرم المكي يطلب، فكان يضع يده وكأنها مكسورة، فلما أمسكها ظهر أنها غير مكسورة؟
ج: بعضهم يتحايل ويكذب، والإثم عليه.
س: ولكن مَن أمسك هذا الطفل ماذا عليه أن يفعل؟
ج: عليه أن ينصحه ويُعلمه أن هذا ما يجوز.
س: ولو قال: .................؟
ج: ولو، يعلمه، أو يرفع أمره إلى رجال حسبة المسجد.
س: صار لإنسانٍ حادثٌ مروريٌّ وتوفي معه بعض الناس؟
ج: يضمن إذا كان مُتَسَبِّبًا في الحادث، مثل: السرعة، أو النّعاس، أو تفريط في العجلة، وإن لم يكن مُتَسَبِّبًا فلا شيء عليه، وهذا يرجع إلى المرور.
س: مدير إدارة يأتي إليه الموظفون بالحلويات والبسكوت وبعض المأكولات وبعض المشروبات كالشاي والقهوة؟
ج: يهدون إليه من أموالهم أم من الإدارة؟
س: يهدون له من أموالهم.
ج: إذن فلا يأخذ منهم شيئًا، فهو يُشبه الأمير، وقد يُسبب له هذا الأمر مشاكل.
س: .............؟
ج: هذا هو، هذا مال غلول.
س: أريد أن أشتري عقارًا عن طريق إحدى الشركات بالتقسيط، ولكنَّها لا تملكه، وإنما أدلّها أنا عليه، فتمتلكه وأنا أشتريه عن طريقها؟
ج: إذا كان بالتّقسيط فلا بأس.
س: الشركة لا تملك هذا العقار، لكني أنا أدلها عليه؟
ج: لا بأس، إذا ............ الدلال.
س: لا، أقصد الشركة مثلًا ما عندها عقار، وأنا عندي أرض أدلُّ الشركة عليها لتشتريها؟
ج: تبيع عليها أرضك؟
س: لا، أنا أريد أن أشتريها (كاش) لكن ما عندي قدرة، فلذلك أشتريها عن طريق إحدى شركات التقسيط؟
ج: إذا عمَّروها وباعوها عليك اشتريها، فلا تشتريها إلا بعدما يُعَمِّروها.
س: أنا أريد أن أشتريها أرضًا؟
ج: اشترِ أرضًا منها أو من غيرها.
س: لا، من الشركة نفسها.
ج: اشترِ الأرض من مالِكَ، من شركةٍ أو من غير شركة، بالنقد أو بالأقساط المعلومة، لا بأس.