200 من: (باب كراهية تمني الموت بسبب ضر نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين)

 
67- باب كراهية تمني الموت بسبب ضُرٍّ نزل بِهِ وَلا بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين
1/585- عنْ أَبي هُريرة : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ؛ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.
وفي روايةٍ لمسلم عن أَبي هُريْرةَ ، عَنْ رسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذا ماتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لا يَزيدُ المُؤْمِنَ عُمُرُهُ إِلَّا خَيرًا.
2/586- وعن أنسٍ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كان لا بُدَّ فاعِلًا فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أَحْيِني مَا كانَتِ الحَياةُ خَيْرًا لِي، وتَوَفَّني إِذا كانَتِ الوفاةُ خَيرًا لي متفقٌ عليه.
3/587- وعَنْ قَيسِ بنِ أَبي حازمٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلى خَباب بنِ الأَرَتِّ نَعُودُهُ، وَقَدِ اكْتَوى سَبْعَ كَيَّاتٍ، فَقَالَ: "إِنَّ أَصْحابنا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا ولَم تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا، وإِنَّا أَصَبْنَا مَا لا نجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إِلا الترابَ، ولَوْلا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نهانَا أَنْ نَدْعُوَ بالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ"، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وهُوَ يَبْني حَائِطًا لَهُ، فَقَالَ: "إِنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيءٍ يُنْفِقُهُ، إِلا فِي شَيءٍ يَجْعَلُهُ في هَذَا التّرابِ" متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كلها تدل على النهي عن تمني الموت؛ وأنه لا ينبغي للمؤمن أن يتمنى الموت، لعله محسن فيزداد خيرًا، أو قد فعل ما لا ينبغي فيستعتب ويتوب، فلا ينبغي له تمني الموت.
ولهذا نهى النبيُّ عليه الصلاة والسلام عن هذا وقال: لا يتمنَّى أحدُكم الموتَ، ولا يدعُ به من قبل أن يأتيه؛ فإنه إمَّا أن يكون محسنًا فيزداد خيرًا، وإما أن يكون قد أتى شيئًا فلعله يستعتب يعني: يتوب.
فالمؤمن يتحرَّى الخير، ويسأل ربَّه حُسن الختام، ولا يتمنى الموت، فإن كان لا محالة فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياةُ خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي.
وهكذا في حديث عمار: كان النبي ﷺ يقول: اللهم بعلمك الغيب، وقُدرتك على الخلق، أحيني ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي، فيكون هكذا قد علَّقها بعلم الله .
فالمقصود من هذه الأحاديث كلها أنه لا ينبغي تمني الموت، ولا الدعاء بالموت، فإذا كان داعيًا فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي.
وذكر جماعة من الصحابة أن النبي ﷺ نهى عن هذا، ومنهم: خبّاب بن الأرت، فقد أُصيب بأمراضٍ، واكتوى سبع كيَّات، وقال: لولا أن الرسول نهى عن تمني الموت لتمنيته.
وبيَّن أن الإنسان يُؤجر في نفقاته إلا ما يجعل في التّراب، وهذا يدل على أن النفقات في تعمير البيوت والمساكن ما فيها أجر، قُصارها أنها مباحة، لكن إذا فعلها الإنسانُ لستر عوراته وحفظ أولاده ونحو ذلك بينةٍ صالحةٍ فيُرْجَى له الأجر بإذن الله، بغير إسرافٍ ولا تبذير.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: ما حكم ترجمة المؤلف بكراهة التَّمني أو يقال لظاهر الأحاديث التَّحريم؟
ج: ظاهر الأحاديث التّحريم، نعم.
س: نهيه ﷺ عن كَفْت الثوب والشعر ما معناه؟
ج: هو قال: أُمِرْتُ أن أسجد على سبعةٍ، وألا أكفّ شعرًا ولا ثوبًا، يعني: يصير معه إذا سجد .......... سجدت أو بشته سجد لا يلُفُّه، يتركه يصير معه.
س: والشعر؟
ج: والشعر إذا كانت له عمائل تسجد معه.
س: يعني: سجود ......... أم ربط؟
ج: يعني: تقع على الأرض، ولا يربطها خوفًا من وقوعها على الأرض.
س: قوله ﷺ عند موته: اللهم الرفيق الأعلى هل يُستدل به على جواز تمني الموت أم أنه خاصّ بالنبي؟
ج: هذا إن وجد علاماته يقول: اللهم الرفيق الأعلى يعني: الجنة، أي: اللهم أدخلني الجنة، حتى لو كان حيًّا له أن يقول هذا: اللهم أدخلني الجنة، اللهم اجعلني مع الرفيق الأعلى، ولو كان صحيحًا.
س: هل الدعاء المُستجاب يُغيّر شيئًا؟
ج: لا، ما يُغير شيئًا، فكل شيء على قدره السابق، المنجز منجز، والمعلَّق معلَّق، فهناك قدر معلَّق، وهناك قدر منجز، والإنسان يدعو ربه ويسأله فهو أحكم وأعلم سبحانه وتعالى.
س: رجل ابنه مريض يريد أن يقرأ على ابنه وهو نائم، يقول: هل لي ذلك؟
ج: لا بأس.
س: يقرأ عليه وهو نائم؟!
ج: نائم أو واعٍ، كله واحد.
س: قوله: بعلمك الغيب؟
ج: هذا مُعلَّق، ما هو تمنٍّ مطلق: اللهم بعلمك الغيب، مثلما في الحديث: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي، أما التَّمني فأن يقول: ربي أمتني، ليتني أموت، فيُطْلِق، أمَّا إذا علَّق فليس فيه شيء.
س: في ترجمة النووي أن تمني الموت مخافة الفتنة في الدين لا بأس به؟
ج: ليس عليه دليل واضح، والأحاديث عامَّة، فإذا قال: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي فهذا كافٍ والحمد لله، في الفتن، وفي غير الفتن.
س: لم تُرَغِّب في الزواج من خارج المملكة بالأمس، فما رأيك في الزواج بالمقيمة المتدينة الموجودة في المملكة؟
ج: لا بأس، إذا كانت معروفةً بالخير فالحمد لله: فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك، فهذا طيِّبٌ.