207 من حديث: (إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت)

 
4/605- وعن أنسٍ قَالَ: إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِن إِمَاءِ المَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النبيِّ ﷺ، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيثُ شَاءَتْ. رواه البخاري.
5/606- وعن الأسوَد بنِ يَزيدَ قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ رضيَ اللَّه عنها: مَا كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصنعُ فِي بَيْتِهِ؟ قالت: كَانَ يَكُون في مِهْنَةِ أَهْلِهِ -يَعني: خِدمَةِ أَهلِه- فإِذا حَضَرَتِ الصَّلاة خَرَجَ إِلى الصَّلاةِ. رواه البخاري.
6/607- وعن أَبي رِفَاعَةَ تَميم بن أُسَيدٍ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلى رَسولِ اللَّه ﷺ وَهُوَ يَخْطُبُ، فقلتُ: يَا رسولَ اللَّه، رجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عن دِينِهِ، لا يَدري مَا دِينُهُ؟ فَأَقْبَلَ عَليَّ رسولُ اللَّه ﷺ وتَركَ خُطْبَتهُ حَتَّى انتَهَى إِليَّ، فَأُتِيَ بِكُرسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيهِ، وجَعَلَ يُعَلِّمُني مِمَّا عَلَّمَه اللَّه، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فأَتمَّ آخِرَهَا. رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالتواضع وخفض الجناح للمؤمنين، وأنه ينبغي لولاة الأمور والعلماء وخواصّ الناس أن يلينوا، وأن يتواضعوا، وألا يتكبّروا؛ لأنَّ من خُلُق المؤمن خفض الجناح، كما قال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88]، وقال ﷺ: ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه، ويقول: إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يبغي أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخر أحدٌ على أحدٍ.
ولهذا كان ﷺ يذهب مع المرأة في حاجتها حتى يقضيها إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك، فمن تواضعه أنه يقضي حاجة المرأة والغريب وغيرهما إذا دعت الحاجةُ إلى أن يتولى ذلك بنفسه عليه الصلاة والسلام، وهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، وقد يأمر بعض أصحابه بأن يقضوها.
والحاصل أنه ﷺ كان يتواضع في قضاء حاجات الرعية، ويحتسب الأجر في ذلك؛ ليتأسَّى به أصحابه؛ لأنَّ الرسول ﷺ هو الأسوة، فالله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].
ومن هذا: هذا الجاهل الذي جاء ليسأل، فنزل ﷺ من منبره، وجلس على كرسيٍّ وعلَّمه ما كان يجهل، ثم رجع فأتم خطبته، فهذا كله من التواضع في تعليم الناس وإرشادهم.
ومن ذلك أنه كان في مهنة أهله في بيته، لا يتكبر على أهله، بل يقضي حاجة أهله: فتح باب، إصلاح باب، إصلاح شيء في البيت، كان يفعل عليه الصلاة والسلام ما يحتاجه أهل البيت.
كل هذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، وهوﷺ سيد المتواضعين، والله أمره فقال: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88]، وقال في وصف المؤمنين: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة:54]، ويقول ﷺ: ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله، ويقول ﷺ: إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يبغي أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخر أحدٌ على أحدٍ، ويقول جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:
س: هل يُؤخذ من حديث أبي رفاعة أن الإمام إذا دعت الحاجةُ لا بأس أن يقطع خطبته؟
ج: نعم، يقطعها لحاجةٍ عارضةٍ ويُتمّها، كإرشاد إنسانٍ على خطر، وإنكار منكرٍ، وغير ذلك، مثلما كان يخطب ﷺ فدخل إنسانٌ فجلس، فقال له: قم، فصلِّ ركعتين.
س: المُتكبر كيف يتواضع معه المُتواضع؟
ج: يُجاهد نفسه في التّواضع.
س: أقصد: كيف يتعامل المُتواضع مع المُتكبر؟
ج: ينصحه ويُوجهه إلى الخير.
س: لكن يستمر في تواضعه حتى مع المُتكبر؟
ج: نعم، مع كلِّ أحدٍ، وينصحه.
س: بعض الناس إذا نصحته قال: عليك بنفسك؟
ج: ولو، قل له: عليَّ بنفسي، وعليَّ بك، أنا مأمورٌ بك، فالله جلَّ وعلا يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71]، فأنا مسؤولٌ عنك.
س: لماذا كانت صفة التَّكبر صفةَ كمالٍ في الرب وصفةَ نقصٍ في العبد؟
ج: لأنَّ المُتَكَبّر مُتَنَزّه عن النقائص والعيوب، أما التّكبر في حقِّ العبد فهو: الترفع عن الناس، فيرى الناس دونه، وأنهم حقيرون بالنسبة إليه، وأنه فوقهم.
س: ينبغي على المؤمن التّواضع؟
ج: واجب، نعم.
س: أقل شيء في الرجعة من الزوج لزوجته دون الإشهاد؟
ج: الجماع.
س: طيب، لو حصلت مُباشرة أو تقبيل فقط؟
ج: لا، الجماع فقط، فإمَّا الجماع أو القول بشاهدين، أما القبلة واللمس فلا يكفي.
س: رجلٌ فاتته صلاةُ الظهر وأراد أن يُصلي في البيت، فهل يبدأ بالسنة الراتبة أربع قبل الصلاة أم يقضيها بعدها؟
ج: يُصليها قبلها، فالسنة الراتبة أربع قبل الصلاة، سواء في البيت أو في المسجد.