210 من حديث: (احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون..)

 
4/615- وعن أَبي سعيدٍ الخُدريِّ ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ، فقالتِ النَّارُ: فيَّ الجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقالَتِ الجنَّةُ: فيَّ ضُعَفاءُ النَّاسِ ومَسَاكِينُهُمْ، فَقَضَى اللَّه بيْنَهُمَا: إِنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتي، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وإِنَّكِ النَّارُ عذَابي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، ولِكِلَيْكُما عليَّ مِلْؤُها رواهُ مسلم.
5/616- وعن أبي هُريرة : أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: لا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْم القِيامةِ إِلى مَنْ جَرَّ إِزارَه بَطَرًا متفقٌ عَلَيْهِ.
6/617- وعنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: ثَلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وعائلٌ مُسْتَكْبِرٌ رواهُ مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها، فيها الحثّ على التواضع وعدم التّكبر والخيلاء والتّعاظم، وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون لطيفًا، رحيمًا، عطوفًا، لينًا، بعيدًا عن الكبر والتَّعاظم، وبعيدًا عن العجب.
وأخبر ﷺ أنَّ الجنة والنار احتجَّتا، فقالت النار: فيَّ الجبَّارون والمتكبِّرون، وقالت الجنةُ: فيَّ ضُعفاء الناس ومساكينهم، فقال الله جلَّ وعلا للجنة: أنتِ رحمتي، أرحم بكِ مَن أشاء، وللنار: أنتِ عذابي، أُعَذِّب بكِ مَن أشاء، ولكلِّ واحدةٍ منكما مِلْؤُها، وهذا يُفيد الحذر من الجبروت والظّلم والعدوان والتّكبر، وأن أصحاب الظلم والعدوان هم أصحاب النار، قال النبيُّ ﷺ: اتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلم ظُلمات يوم القيامة.
وقال ﷺ: مَن جرَّ ثوبَه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فالواجب على المؤمن الحذر من جميع أنواع الظلم، والحذر من التّكبر والتّعاظم، والحثّ على التّواضع.
كذلك حديث: ثلاثة لا يُكلِّمهم اللهُ يوم القيامة، ولا يُزَكِّيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذابٌ أليم: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كذَّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ نسأل الله العافية، كلّ هذا يجب الحذر منه: الكذب، والتّكبر، والاستكبار، سواء كان غنيًّا أو فقيرًا، يجب الحذر من خصال المجرمين.
نسأل الله العافية والسّلامة.

الأسئلة:
س: حديث أبي هريرة: لا ينظر الله إلى مَن جرَّ إزاره بطرًا ما معنى بطرًا؟
ج: وعيدٌ يُفيد الحذر.
س: معنى بَطَرًا؟
ج: تكبُّرًا.
س: رجلٌ في إحدى العمائر، في إحدى الشقق، سمع صوت تلفازٍ بصوتٍ عالٍ، فدقَّ البابَ، فردت عليه امرأةٌ وقالت: صاحب البيت غير موجودٍ، فأمرها أن تُطفئ التلفاز على أساس أنها من أهل التّوحيد؟
ج: ما يُخالف، طيب، جيد، هذا من إنكار المنكر.
س: لماذا اختصَّ الشيخ في الحديث: شيخٌ زانٍ؟
ج: هذا يُفيد أن الشباب قد يُطغيه شبابه ويغُرّه، لكن إذا اعتاد هذا الشرَّ وهذا الفسادَ شيخٌ شيبةٌ يكون إثمه أكبر -نسأل الله العافية- كذلك العائل المُسْتَكْبِر، فالتّكبر يكون من الغني، لكن كونه يأتي من العائل يجعله أشد إثمًا؛ لعدم وجود ما يدعوه إلى ذلك -نسأل الله العافية.
س: رجل ذهب ليأخذ عمرةً، فأحرم ونوى، ثم وصل إلى مكة وقت صلاة الظهر، ثم صلَّى الظهر في الحرم، وعاد مرةً ثانيةً إلى الشّقة، هل تنقطع التّلبية بمجرد رؤيته للكعبة؟
ج: يُلبي حتى يشرع في الطّواف، فإذا شرع في الطّواف قطع التّلبية.
س: إذا جاء الإنسانُ والصفّ الأول خالٍ، فأيّهما أفضل: أن يكون خلف الإمام مباشرةً، أم يمينًا قليلًا، أم يسارًا؟
ج: إن كان خلفه فهذا أصل الصف، وإذا كان يمينًا فاليمين أفضل، أما خلفه فهو متوسط، فالظاهر أنه أفضل شيء يكون خلف الإمام؛ لأنه حاز قصب السبق، حاز أصل الصفّ.
س: إذا كان أقصى اليمين، وعن يساره رجلٌ كبيرٌ يُصلي وهو جالس، ثم عندما قامت الصلاةُ وُجِدَتْ فرجةٌ بينه وبين باقي الصّفوف، فهل يترك الشيبة ويُتمّ الصف، أم يعمل جماعةً معه؟
ج: الصف الأول أفضل، يمنة كل صفٍّ أفضل.
س: عندما تساوت الصّفوف أصبحت هناك فرجة بينه وبين الرجل؟
ج: يسدّ الفرجة.
س: يترك الرجل يُصلّي وحده؟
ج: يطلب منه أن يدنو حتى يسدّ الفرجة.
س: ما أكبر سببٍ في الحثِّ على الإخلاص لله؟
ج: العمل لا يُقبل إلا إذا كان خالصًا لله، أما إذا كان لغيره فلا يُقبل.
س: قال: ما السّبب؟
ج: لأنَّ العبد يتقرب به إلى الله، فالعبادات قربة إلى الله، ما تنفع ولا تُقبل ولا تصحّ إلا إذا كانت لله، فلا يُقبل منه إذا صلَّى لغير الله، أو صام لغير الله، أو ما صام ولا صلَّى ولا أدَّى العبادة: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ [البينة:5]، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فلا بد أن ينوي بقلبه أنَّ هذه الصلاة لله، أو هذا الصوم لله، أو هذه الصدقة لله، أو التَّسبيح، أو ما أشبه ذلك، يرجو ثواب الله.
س: والتقوى؟
ج: طاعة الله، وترك معصيته، فالمتَّقي هو الذي أطاع الله وترك المعاصي.
س: إذا كان في بيت مسلمين شابٌّ كبيرٌ في السن، وعاقل، وبالغ، وذكي، ومتعلم العلوم الشرعية، ثم يكفر دائمًا، ويُكرر الاستهزاء بالدين والسّخرية؟
ج: مثل غيره، سواء كان شابًّا أو لم يكن شابًّا، مَن استهزأ بالدين كفر: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66]، سواء كان شابًّا أو شيخًا.
س: هل يجب على أهله التّبليغ عنه؟
ج: إذا لم يتب يُبلغون عنه المحكمة أو الهيئة، ولا يتساهلون معه، فهو مجرم.