213 من حديث: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم..)

 
4/624- وعن النَّوَّاسِ بنِ سمعانَ قَالَ: سأَلتُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ عنِ البِرِّ والإِثمِ فقالَ: البِرُّ: حُسْنُ الخُلُقِ، والإِثمُ: مَا حاكَ فِي نَفْسِكَ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلعَ عَلَيْهِ النَّاسُ رواهُ مسلم.
5/625- وعن عبداللَّهِ بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قَالَ: لَمْ يَكُنْ رسولُ اللَّه ﷺ فَاحِشًا، وَلا مُتَفَحِّشًا، وكانَ يَقُولُ: إِنَّ مِن خِيارِكُم أَحْسَنَكُم أَخْلاقًا متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان وما سبق قبلهما كلُّ ذلك يدل على فضل حُسن الخلق، وعدم الغلظة، وعدم الاكفهار، وعدم العبس، فيكون الإنسان منبسط الوجه، طيب الخلق، طيب الكلام.
قيل: يا رسول الله، ما البِرّ والإثم؟ قال: البِرُّ: حُسن الخلق، والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهتَ أن يطَّلع عليه الناسُ.
وقال ﷺ: إنَّكم لا تسعون الناسَ بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسطُ الوجه وحُسنُ الخلق، فبسط الوجه والطَّلاقة فيها الخير العظيم.
وقال عليه الصلاة والسلام: إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم مني مجلسًا يوم القيامة: أحاسنُكم أخلاقًا، وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني مجلسًا يوم القيامة: الثّرثارون، المتشدِّقون، المتفيهقون، فهذا يدل على أنَّ حُسن الخلق من أسباب توفيق الله للعبد، وكونه مع رسول الله ﷺ في الجنة، وأن سُوء الخلق من أسباب البُعد عن الله، وعن رسوله، وعن الخير وأهله.
فالواجب على المؤمن أن يُجاهد نفسَه حتى يبتعد عن الغلظة والشدة وسُوء الخلق مع إخوانه المسلمين، وحتى يكون طيب الخلق، حسن الخلق، لين الجانب مع إخوانه المسلمين، يقول ﷺ: ما تواضع عبدٌ لله إلا رفعه، وقال تعالى في وصف المتقين: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:134]، وقال جلَّ وعلا: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
فالمؤمن يُجاهد نفسه في حُسن الخلق مع إخوانه المؤمنين، ومع أهل بيته: زوجته وأولاده، ومع جيرانه، لكن مَن ظهرت منه المعاصي والشّرور، ولم يقبل النصيحة؛ جاز الإغلاظُ عليه، والإنكار عليه، كما قال جلَّ وعلا: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، فإذا أظهر الشّر ولم يقبل النَّصيحة فهو محلّ الإغلاظ والتّشديد عليه أو العقوبة، أمَّا ما دام أنه يُرجا أن يستجيب لحُسن الخلق والكلام الطيب فهو مُقدَّمٌ متى أمكن، يعني: يُعالج الأمور بطيب الخلق، والكلام الطيب، والأسلوب الحسن، فهذا مُقدَّمٌ مطلوبٌ.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:
س: قوله: الإثم: ما حاك في نفسك؟
ج: هذا معناه الذي تشتبه عليه الأمور، والإثم: ما حاك في نفسه، يعني: صدره، فاشتبه عليه أهو حلال أو حرام يتركه؟ حتى يتبين أمره.
س: اللفظة: صدرك أم نفسك؟
ج: المعروف في الحديث: ما حاك في نفسك.
س: مَن طلقت في عدَّتها طلقةً غير الطلقة الأولى كيف تكون عدَّتها؟
ج: من الطّلقة الأولى إذا لم يكن وطئها بعد الطلقة الأولى، فإذا طلَّقها طلقةً ثم بعد يوم أو يومين أو أسبوع أو أسبوعين طلَّقها طلقةً ثانيةً فإنها تعتدُّ ابتدأً من الأولى، إذا كان إنما هو كلام، أما إذا كان راجعها فعليها أن تعتدَّ من الثانية.
س: تارك الصلاة هل يُلعن؟
ج: يُدعا له بالهداية.
س: بسط الوجه حتى مع أهل البدع؟
ج: لا، مع إخوانه المؤمنين، وأما مَن أظهر البدع ولم يقبل النَّصيحة فيُغلظ له ويُغير الوجه معه.
س: مَن ظهرت منه ألفاظ كفرية، مثلًا: في منزلنا شابٌّ تظهر منه ألفاظ كفرية استهزاءً بالدين دائمًا؟
ج: هذا يُؤَدَّب، يُؤدّبه أبوه أو أخوه الكبير أو عمّه.
س: كبير في السن، وتعلّم الشّريعة وكلّ شيءٍ؟
ج: هذا يستحقُّ أن يُؤدَّب.
س: الأب والأم والإخوة والأخوات -حتى المُلتزمين منهم- يتملَّقون له؟
ج: يُرفَع أمره إلى الهيئة، أو إلى المحكمة، ما يُترك.
س: ما سمعتُه، والظاهر أنهم لن يشهدوا معي والله أعلم، وأنا مللتُ منه؟
ج: إذا سمعوه يرفعوا أمره، وإذا كانوا لا يستطيعون رفع أمره إلى الهيئة، أو إلى المحكمة، أو إلى الإمارة؛ فلا يُترك، فسبُّ الدِّين ردَّةٌ عن الإسلام.
س: لن يشهد معي أحد؟
ج: لا، وحدك ما تكفي.