10/630- وعن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ حديثٌ صحيحٌ، رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.
11/631- وعن جابرٍ : أَن رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُم إِليَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجلسًا يَومَ القِيَامَةِ: أَحَاسِنَكُم أَخلاقًا، وإِنَّ أَبْغَضَكُم إِليَّ وَأَبْعَدَكُم مِنِّي يومَ الْقِيامةِ: الثَّرْثَارُونَ، والمُتَشَدِّقُونَ، وَالمُتَفَيْهِقُونَ، قالوا: يَا رسول اللَّه، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ، وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: المُتَكَبِّرونَ رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
11/631- وعن جابرٍ : أَن رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُم إِليَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجلسًا يَومَ القِيَامَةِ: أَحَاسِنَكُم أَخلاقًا، وإِنَّ أَبْغَضَكُم إِليَّ وَأَبْعَدَكُم مِنِّي يومَ الْقِيامةِ: الثَّرْثَارُونَ، والمُتَشَدِّقُونَ، وَالمُتَفَيْهِقُونَ، قالوا: يَا رسول اللَّه، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ، وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: المُتَكَبِّرونَ رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان تابعان للأحاديث السَّابقة، وكلها تدل على فضل حُسن الخلق، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ومنها ما جاء في القرآن الكريم: في قوله جلَّ وعلا: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، ومنها قوله جلَّ وعلا: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134]، ومنها قوله جلَّ وعلا: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]، وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237].
فحُسن الخلق وبشاشة الوجه والانبساط مع الإخوان كلّ هذا من مقتضيات الإيمان والمحبة في الله، ومن مقتضى قوله جلَّ وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71].
ويقول ﷺ: أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان مُحقًّا، وأنا زعيمٌ ببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذبَ وإن كان مازحًا، وأنا زعيمٌ ببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حَسُن خلقه، فمعناه أنه ينبغي له أن يترك الكذب ولو كان في المزح، ويبتعد عن الكذب حتى ولو كان في المزح، فالمؤمن لا يكذب: لا مازحًا، ولا جادًّا.
فهذا فيه الحثّ على حُسن الخلق، وأنه ينبغي للمؤمن أن يُجاهد نفسه في ذلك، ويحرص على طيب الخلق، يقول ﷺ: إنَّكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه، وحُسن الخلق، ولا سيَّما مع الأهل والأولاد والإخوان والجيران والجُلساء، وأمَّا مَن ظهر منه ما يُوجب الغلظة عليه فهذا شيءٌ آخر، قال تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، فمَن ظلم واستحقَّ أن يُغلظ عليه فذاك له شأنٌ آخر.
وهكذا يقول الرسولُ ﷺ: إنَّ أحبَّكم إليَّ، وفي لفظٍ: إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقًا، وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة: الثَّرثارون، والمتشَدِّقون، والمتفيهقون يعني: المتكبرون، فهذا فيه الحثّ على حُسن الخلق، وأنَّ حُسن الخلق من أسباب القرب من الرسول ﷺ، ومحبة الرسول ﷺ أيضًا.
فأنت يا عبدالله بتحسين الخُلُق تكون قريبًا من رسولك عليه الصلاة والسلام، وتكون من أحبِّ الناس إليه، وتكون من أحبِّ الناس إلى الله ، ويكون لك في هذا الأجر والمثوبة من الله، يقول ﷺ: البِرُّ: حُسن الخُلُق.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ما صحَّة حديث أبي أمامة: أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة؟
ج: الزعيم يعني: الضَّامن.
س: ما صحَّة الحديث؟
ج: لا بأس به، جيد.
س: قوله ﷺ: أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة هل هذا في الجنة؟
ج: يحتمل هذا، ويحتمل أنه في الموقف، والأقرب أنه في الموقف يوم القيامة.
س: النّهي عن الكذب في المِزاح للكراهة أم للتَّحريم؟
ج: يقول النبيُّ ﷺ: ويلٌ للذي يُحدِّث ويكذب ليُضحك به القوم، ويلٌ له، ثم ويلٌ له.
س: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة:1].
ج: الويل: شدّة العذاب، كناية عن شدَّة العذاب: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1]، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [المطففين:10]، الويل: إشارة إلى شدّة العذاب، يعني: لهم عذاب شديد، والهمَّاز اللَّمَّاز: الذي يهمز الناسَ ويلمزهم ويستهزئ بهم: تارةً بالكلام، وتارةً بالإشارة.
س: يدخل فيه الذي يستهزئ بالدّين؟
ج: الذي يستهزئ بالدين أعظم.
س: ما صحة حديث جابر: إنَّ من أحبِّكم إليَّ؟
ج: صحيح، نعم صحيح.
س: أحد الإخوان يُهدَى إليه كثيرًا ويردّ الهدايا، لا هو في مركزٍ، وليس له سبب ...........؟
ج: السنة قبول الهدية، والإثابة عليها، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: تهادوا تحابّوا، وكان يقبل الهديةَ، ويُثِيب عليها، ولا يردّها إلا لعِلَّةٍ.
س: وقوله: لا تُهدي لي فتُكلّفني فوق طاقتي؟
ج: إذا كان يُهدي له أموالًا يردّها عليه، لا بأس، إذا كان يريد العِوض من هديته.
س: لا، ما يُريد العِوض، لكنه يردّها كثيرًا، هكذا حتى ضاق صدرُ أخيه؟
ج: يمكن أنه يتَّهمه بأنه يُريد العِوض.
س: ما يتّهمه أبدًا.
ج: السنة قبول الهدية إلا إذا كان من علَّةٍ.
س: مَن أخذ الهديةَ وبعد ذلك أهداها، هل هناك شيء في هذا؟
ج: لا بأس، فهذا ملكه يتصرّف فيه كيف يشاء.
س: الرجال في الحج هل يجوز لهم أن يُغيّروا النيةَ بعد الدخول في نُسُكٍ معينٍ إلى نية نُسُكٍ آخر؟
ج: حسب الشرع إذا دخل في حجٍّ أو حجٍّ وعمرةٍ فله أن يجعلهما عمرةً، وهو السنة، فيفسخهما عمرةً، أمَّا إذا أحرم بعمرةٍ فليس له أن ينتقل عنها، لكن له أن يُدْخِل عليها الحجّ فيكون قارنًا.
س: مَن حجَّ متمتّعًا هل له أن يجعل العمرةَ لشخصٍ والحجَّ لشخصٍ؟
ج: نعم لا بأس، يُهلّ بالعمرة لنفسه، وبعد التحلل يُلبي بالحج عن أبيه، أو عن أمه، أو عن زوجته.
س: كيف يكون الفسخُ من حجٍّ إلى عمرةٍ؟
ج: بالنية.
س: والإحرام؟
ج: لبَّى بالحجِّ من الميقات، أو بالحجِّ والعمرة جميعًا، ثم لما وصل مكةَ جعلها عمرةً؛ فطاف وسعى وقصَّر أو حلق، مثلما أمرهم النبيُّ ﷺ إذا لم يكن معه هدي.