223 من: (باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشَّفقة عليهم..)

 
78- باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشَّفقة عليهم والنَّهي عن غشِّهم والتَّشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم
قَالَ الله تَعَالَى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:215].
وقال تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].
1/653- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قَالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقول: كُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُمْ مسؤولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ: الإمامُ راعٍ ومَسْؤُولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهلِهِ وَمسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرأَةُ راعيةٌ في بيتِ زَوجها وَمسؤولةٌ عَنْ رعِيَّتِها، والخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُم رَاعٍ ومسؤُولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
2/654- وعن أَبي يَعْلَى مَعْقِل بن يَسَارٍ قَالَ: سمعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقول: مَا مِن عبدٍ يسترعِيهِ اللَّهُ رعيَّةً، يَمُوتُ يومَ يَموتُ وهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ؛ إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ علَيهِ الجَنَّةَ متفقٌ عليه.
وفي روايةٍ: فَلَم يَحُطْهَا بِنُصْحهِ لَمْ يجِد رَائِحَةَ الجَنَّة.
وفي روايةٍ لمسلم: مَا مِن أَمِيرٍ يَلِي أُمورَ المُسلِمينَ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُم ويَنْصَحُ لهُم؛ إلَّا لَم يَدخُل مَعَهُمُ الجَنَّةَ.
3/655- وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقُولُ في بيتي هَذَا: اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها مع الآيات كلها تدل على وجوب النَّصيحة للرعية، وأنَّ على السلطان والأمير النّصحَ لرعيته، والرفقَ بهم، وإلزامَهم بأمر الله، وكفَّهم عن محارم الله، فهو مسؤولٌ عنهم، فعليه أن يتَّقي الله فيهم، ويرفق بهم، ويُلزمهم بالحقّ، ويخفض جناحه لهم، ولا يتكبر عليهم، قال الله تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:215]، فالواجب على ولي الأمر أن يخفض جناحه، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91].
فالواجب على ولي الأمر أن يتَّقي الله في رعيته، وأن يجتهد لما فيه صلاحها، وأن يرفق بها، ويرحم ضعيفها، ويُلزمها بالحقِّ، هذا هو الواجب على كلِّ راعٍ، حتى الرجل في أهل بيته، وحتى صاحب الشركة في شركته، وغيرهم، فكل مَن ولي أمرًا عليه أن يرفق، وعليه أن يتحرى الحقَّ في رعيته، ولا يتساهل، بل يتَّقي الله في ذلك، ويحرص على أداء الواجب.
ويقول ﷺ: اللهم مَن وَلِيَ من أمر أُمَّتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومَن وَلِيَ من أمر أمَّتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقُقْ عليه، فالواجب على ولي الأمر أن يرفق بالرعية، وأن يعتني بهم، وأن يجتهد في إصلاح أحوالهم، وأن يحذر من المشقّة عليهم.
ويقول ﷺ: كلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، وهكذا الأمير، وهكذا شيخ القبيلة، وهكذا شيخ القرية، والرجل راعٍ في أهل بيته ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، والخادم سواء كان مملوكًا أو غيره راعٍ في مال سيده ومسؤولٌ عن رعيته، ثم يقول ﷺ: ألا فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته، فلا بدّ من العناية، ولا بدّ من الصبر، ولا بدّ من متابعة أمورهم، فيأمر بالحقِّ، ويزجر عن الباطل، مع الرفق والحكمة في كل الأمور.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها تقول: أنها سمعت النبيَّ ﷺ في بيتها يقول: اللهم مَن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، اللهم مَن ولي من أمر أمَّتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشْقُقْ عليه، فالجزاء من جنس العمل.
فالواجب على ولي الأمر -سواء كان أمر العامَّة، أو أمر الخاصَّة، في قريةٍ، أو هجرةٍ، أو غير ذلك- أن يرفق، وأن يتحرَّى الحقَّ، وأن يأمر به، وأن يحذر الباطل.

الأسئلة:
س: مَن كان سببًا لإدخال الدِّشِّ في بيته أو لعاملٍ كافرٍ هل يُعتبر غاشًّا؟
ج: نعم، الذي يضع الدشَّ بين رعيته وأهل بيته غاشٌّ لهم، والذي يسمح لهم بمثل هذا من الملاهي والمنكرات غاشٌّ لهم، والذي يأمرهم بطاعة الله ويأمرهم بالحقِّ ناصحٌ لهم.
س: ونفس الشيء بالنسبة لاستقدام العامل الكافر؟
ج: كذلك لا يجوز استقدامه للجزيرة العربية.
س: رجل طُلِّقت ابنته من زوجها، وكان زوجها سكِّيرًا، يقول: هل يجوز لي أن أُحذّر الناسَ منه من غير أن يسألوني أم لا بد أن يسألوني؟
ج: إذا استُنْصِحَ ينصح، ومن النَّصيحة أن ينصحه هو، أمَّا إذا كان يُظهر المعاصي فلا غيبةَ له، فإذا كان يشربها في الأسواق أو القهاوي ولا يُبالي فلا غيبةَ له.
س: هو مُتَستِّر؟
ج: فقط ينصحه إذا استُنْصِحَ.
س: إذن لا يجوز له أن يقول فيه شيئًا؟
ج: لا، هذا من الغيبة.
س: قوله: حرم عليه الجنة من باب الوعيد؟
ج: نعم من باب الوعيد.
س: رجل لحق ركعةً مع الإمام من صلاة الجمعة وهو مسافرٌ، فهل يُتم الصلاةَ ظهرًا أم قصرًا؟
ج: يُصلي جمعةً، فيأتي بركعةٍ ثانيةٍ، هو وغيره، فمَن أدرك ركعةً من الجمعة أضاف إليها أخرى، سواء كان مسافرًا أو مُقيمًا، وتُجزؤه.
س: رجلٌ يسأل عن حكم البيع بالتَّصريف؟
ج: هذا الكلام مُجْمَل.
س: صفته أن التاجر يأتي بالبضاعة ويقول: ما أُريد منك مالًا، إذا بعتَ أعطني المال؟
ج: لا، لا بد من بيعها إمَّا لأجل معلومٍ أو حالّ؛ حتى يكون على بصيرةٍ، فإمَّا أن يقول أنه حالّ ومتى شاء طالبه به، وإلا إلى أجلٍ معلومٍ.
س: يقول: الذي ما تبيعه ردّه لي لا بأس؟
ج: لا بدَّ من أجلٍ معلومٍ.
س: إذن يُقال: يُترك احتياطًا أم لا يجوز؟
ج: لا يجوز، لا بد من جزم البيع.
س: وأيش يُسمَّى هذا؟
ج: يُسمّونه: أن يبيع بشرطٍ على خسارته، متى شاء ردّه، وهذا من الشروط الباطلة.
س: المأموم في الركعتين الأخيرتين من صلاة العصر أو العشاء، أو في الركعة الأخيرة من صلاة المغرب، الأفضل له إذا أطال الإمامُ أن يسكت بعد الفاتحة أم يقرأ؟
ج: إن قرأ لا بأس، والأفضل -والله أعلم- هو القراءة، فقد كان الصديقُ يقرأ بعد الثالثة في المغرب: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا [آل عمران:8]، المقصود: أنه إذا سكت إمامُه ولم يُكبِّر يقرأ ما تيسر.
س: لكن الأفضل للإمام أن يُكبّر راكعًا؟
ج: نعم.
س: الذي يُخصص مالًا للزكاة ثم يُسرق؟
ج: إذا سُرِقَ يغرمه، ما يُجزئ حتى يصل إلى مُستحقيه.