668- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ.
669- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
670- وَلِلْحَاكِمِ: مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ. وَهُوَ صَحِيحٌ.
671- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَأَعَلَّهُ أَحْمَدُ، وَقَوَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
672- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، قَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ.
وَفِي لَفْظٍ: فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الشيخ: قال المؤلفُ رحمه الله: حديث عائشة: أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام اكتحل في رمضان وهو صائم. رواه ابن ماجه بإسنادٍ ضعيفٍ. وقال الترمذي: لا يصح فيه شيء.
الحديث هذا -مثلما قال الترمذي رحمه الله- ضعيف، ولا يصح في هذا الباب شيء عن النبي ﷺ: أنه اكتحل، أو أنه نهى عن الكحل للصائم.
وفي بعض الروايات: أنه ﷺ أمر بالإثمد المروح عند النوم، وأمر أن يتَّقيه الصَّائم.
وكلها ضعيفة عند أهل العلم، لا يثبت منها شيء، وبذلك يُعرف أنَّ الكحل من الأمور المسكوت عنها، فلا بأس بفعلها، ولا بأس بتركها.
وقال بعضُ أهل العلم: يُكره للصائم؛ لأنَّ العين منفذ ضعيف، فقد ينفذ منها إلى الحلق، وإن كانت ليست منفذًا معتادًا، لكنه قد ينفذ منها ..... العين إلى الحلق، وهذا شيء معروف ومحسوس، فتركه أولى وأحوط في حقِّ الصائم، يكون كحله ليلًا، لا نهارًا، ولا سيما إذا كان في شيءٍ من الخلط الحاد، فإنه يُؤثر في إيصال الكحل إلى الحلق؛ ولهذا ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه إذا وجد طعمه في حلقه أفطر، وإلا فلا.
وبهذا يُعلم أنَّ الكحل لا يُفطر الصائم، وليس من المفطرات، ولكن تركه أولى، فإن وجد طعمه في النَّهار؛ وجد طعمه في حلقه، أو لونه في حلقه، فقد اختلف أهلُ العلم: هل يُفطر بذلك؛ لأنها منفذ، أو لا يُفطر بذلك؛ لأنها غير منفذٍ، ليست من جنس الأنف، وليست من جنس الفم؟
على قولين لأهل العلم، والمعروف عند الحنابلة أنه يُفطر بذلك.
فالأولى للمؤمن إذا وجد مثل هذا أن يحتاط ويقضي ذلك اليوم الذي وجد طعمَ ما وضع في عينيه في حلقه، أو وجد لونه في حلقه عند بصاقٍ ونحوه، والأولى بكل حالٍ اجتناب ذلك للصائم؛ حتى لا يقع في شيءٍ من الخلاف، فإن فعل ذلك لم يُفطر بذلك، وصومه صحيح مطلقًا، لكن إن وجد طعمه في حلقه فهذا من باب الاحتياط، من باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك إذا قضى فهو حسن، وإلا فليست منفذًا مُعتادًا.
ومن جنس ذلك: ضرب الإبرة في العضل وفي العروق؛ لأنَّ هذه ليست منافذ معتادة للأكل والشرب، وإنما يلجأ إليها عند الحاجة، يضطر إليها عند الحاجة، فلا تكون مفطرةً للصائم، ولكن اجتنابها في النهار أولى، اجتناب الإبر -ولا سيما إبر العرق- في النهار يكون أولى وأحوط؛ خروجًا من خلاف مَن قال بالعين أنها تُفطر، فالعرق أشد من العين؛ لاتِّصاله ببقية العروق، أما العضل فهي أسهل وأولى وأقلّ اتِّصالًا من العرق.
وهي في الحقيقة كلها لا تُفطر الصائم على الصحيح؛ لأنها ليست منافذ معتادة، وقد أشار الشيخُ تقي الدين إلى هذا المعنى وقال: إنَّ الكحل مطلقًا لا يُفطر الصائم. وهو قول الجم الغفير من أهل العلم؛ لعدم دليل واضحٍ على تفطير ما يقع من العين.
والحديث الثاني حديث أبي هريرة في النِّسيان: مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليُتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه.
وفي رواية الحاكم في لفظٍ أعمّ: مَن أفطر في رمضان وهو ناسٍ فلا قضاءَ عليه ولا كفَّارة.
هذا يعمّ الأكل والشرب، ويعمّ غيرهما مما يُفطر الصائم: كالجماع والحجامة ونحو ذلك، وما دلَّ عليه الحديث هو الحقّ، وأنَّ الصائم إذا أكل أو شرب أو احتجم أو جامع ناسيًا فلا قضاءَ عليه لعموم الحديث، وإذا جاء في الأكل والشرب صريحًا في "الصحيحين"، فغيرهما من جنسهما من المفطرات.
وفي رواية الحاكم صريحًا: مَن أفطر في رمضان ناسيًا، وهذا يعمّ جميع المفطرات، وهذا من رحمة الله، ومن عظيم إحسانه ؛ فإنَّ الإنسان موضع الغضب، موضع النسيان، فإذا نسي صومه فأكل أو شرب أو جامع أو احتجم أو ما أشبه ذلك فالحرج مرفوع: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، قال الله: قد فعلتُ.
الحديث الثالث حديث القيء: مَن ذرعه القيء فلا قضاءَ عليه، ومَن استقاء فعليه القضاء.
س: الجاهل يلحق بالنَّاسي؟
ج: محل نظرٍ؛ لأنَّ الجاهل عنده تفريط، وقد استقرت الشريعة، فالأحوط في مثل هذا القضاء؛ لأنه جاء من تقصيره وعدم مُبالاته، أما من حيث القواعد فالأظهر أنَّ الجاهل من جنس الناسي، لو وجد في جهةٍ بعيدةٍ عن بلاد المسلمين ..... أحكام الشرع ففعل شيئًا خفي عليه من حجامةٍ أو شبهها مما قد يخفى، فالقول أنه مثل النَّاسي ليس بالبعيد، على القواعد المعروفة، لكن قضاءه في هذه الحال أولى وأحوط؛ سدًّا لباب التَّساهل، وحسمًا لمادة التعللات التي قد تكون مُفتعلةً.
ثم أيضًا هو منسوب إلى التَّفريط، ومنسوب إلى التَّساهل، خلاف الناسي؛ فإنه لا يملك هذا، مغلوب.
س: المكره؟
ج: المكره لا يُفطر، إذا أُكره على أكلٍ أو شربٍ لا يُفطر، مرفوع عنه القلم بالكفر، فكيف بالصوم؟! إذا كان الإكراه الحقيقي: بأن صبَّ الماء في فمه، أو هدد بما يظنّ أنه واقع: من قتلٍ أو ضربٍ إن لم يفعل؛ فإنه لا يُفطر بذلك، قال الله سبحانه: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل:106]، فإذا فعل ذلك دفعًا للإكراه، لا موافقةً على الإفطار؛ فإنَّ صومه صحيح.
والحديث الثالث حديث أبي هريرة : مَن ذرعه القيء فلا قضاءَ عليه، ومَن استقاء فعليه القضاء أخرجه الخمسة، وقوَّاه الدَّارقطني، وأعلَّه أحمد.
الحديث صحيح، وقد تأملتُه كثيرًا وراجعتُه كثيرًا، فالصواب ما قاله الدَّارقطني في هذا، والتعليل الذي قاله أحمد رحمه الله، ومروي عن البخاري أيضًا، لم يظهر لي وجهه، فالصواب أنه جيد، وأنه حجة.
ثم لو ضعف الحديث فالأصل هو هذا: أنَّ مَن غلبه القيء فهو غير مختارٍ، فهو كالناسي، فلا شيء عليه إذا غلبه القيء، وهو مما يخرج من الجوف من طريق الفم، يُقال له: قيء، فإذا غلبه القيء فإنَّ صومه صحيح، حتى ولو سلمنا أنه معلول، فالأصل هو هذا، الأصل أنَّ ما غلب الإنسان ولم يكن باختياره ولا طوقه فإنه معذور، كما قلنا في الإكراه، كما قلنا في الناسي، هذا مثله، مَن ذرعه القيء بأن خرج منه بغير اختياره، فإنَّ صومه صحيح، ولا يضرّه ذلك، صحَّ الحديث أو لم يصحّ، لكنه بحمد الله صحيح مؤيد للأصول.
أما مَن اختار القيء لعلةٍ: بأن تأثرت معدته، ورأى أنه لا صبرَ له، فهو من جنس المريض، فيقيء وعليه القضاء، إذا استقاء من أجل مضرةٍ يخشاها، أو أمرٍ يعرف أنه يضره لو منع القيء؛ فإنه يكون حكمه حكم المريض، أما إذا استطاع أن يمنع ذلك، وألا يخرج القيء باختياره، فهذا هو الواجب عليه بدون ضررٍ.
أما ما يقع من الشيء الذي، الطرعة التي قد تخرج فلا تُسمَّى: قيئًا، القيء ما يتكرر، أما ما لا يتكرر -وهو يُسمَّى: الطرعة، ويُسمَّى: القلس- فهذا لا يفسد الصوم، وليس بقيءٍ؛ لأنَّ هذا قد يقع عندما يُصيب الإنسان من جشاءٍ قد يخرج بعض الشيء، فهذا يُعفا عنه، وعليه أن يُلقيه، يلفظه، ولا يتعلق به إفطار؛ لأنه لا يُسمَّى: قيئًا، وإنما هو شيء يدفع الجشاء، بعض الأحيان قد يكثر، وقد يقل، فيُعفا عنه، لكنه لا يُعيده إلى الجوف والفم، يُلقيه.
والحديث الرابع: حديث جابرٍ في سبب ..... عام الفتح، وأنه صام حتى بلغ كراع الغميم. وفي حديث ابن عباسٍ: حتى بلغ الكديد. ثم قيل له: إنَّ الناس قد شقَّ عليهم الصيام. فأفطر عليه الصلاة والسلام، رفع القدح حتى رآه الناس وأفطر.
هذا دليل ظاهر على جواز الإفطار في الصوم في السَّفر، وأنه لا حرجَ في ذلك، ولا سيما عند شدة الحاجة، فإنه يتأكَّد الإفطار، ويُسن الإفطار، ويُكره الصوم في هذه الحالة عند الشدة؛ ولهذا جاء في الحديث: ليس من البر الصومُ في السفر، حمله أهلُ العلم على السفر الشديد؛ لأنه صام عليه الصلاة والسلام في السَّفر، لكن ليس من البرِّ الكامل الصومُ في السَّفر، يعني: عند شدة الحال، أما عند عدم الشدة مثل: سفر الشتاء والأوقات الباردة، فالأمر في هذا أوسع.
وفيه أنه ﷺ كما في رواية أبي سعيد ..... عن جابرٍ .....، فأمرهم أن يُفطروا، وقال لمن صام: أولئك العُصاة، أولئك العصاة.
وفي حديث أبي سعيدٍ أنه قال لهم لما دنوا: أفطروا؛ فإنَّ الفطر أقوى لكم، فلما قربوا من العدو قال: إنَّكم مُصبحو عدوكم فأفطروا، وعزم عليهم بالإفطار.
فهذا كله يدل على أنَّ الإفطار إذا كان فيه قوة على الجهاد فإنه يجب، فيكون حينئذٍ عزمة، أما في غير ذلك فهو مستحبّ وليس بعزمةٍ.
قال أبو سعيدٍ: وقد سافرنا مع النبي بعد ذلك فصمنا. أي: بعد غزوة الفتح، فدلَّ ذلك على أنه إنما أوجبه عليهم وقال: أولئك العُصاة من أجل الحاجة إلى القوة لقتال العدو، فإنهم خافوا أن تُقاتل قريش، وأن يكون القتالُ حين دخول مكة، ولكن الله يسَّر فلم يقع إلا شيء يسير، مناوشات يسيرة، ثم انكفَّ الناسُ، ولكن الحكم باقٍ، فإذا كان في شدةٍ وحاجةٍ إلى الإفطار عند مقابلة الأعداء -عند النزول في مصافاة الأعداء- وجب الإفطارُ؛ ليتقوَّى به المسلمون، وإذا كان في غير ذلك فلا، إنما يُستحب فقط.
وفي رواية ابن عباسٍ: أنه خرج ﷺ من المدينة في العاشر من رمضان، يوم الفتح، في سنة ثمانٍ من الهجرة.
وحديث أبي سعيدٍ رواه مسلم في الصحيح: أن النبي ﷺ قال لهم: إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم، ثم لما كنا مُصبحي العدو أمرنا بالإفطار وعزم علينا في ذلك.
فهذا يدل على معنى قول: أولئك العُصاة، وأنه قال لهم هذا الكلام لما دنوا من العدو وقربوا منه، وكان ذلك أقوى لهم، والوقت حارّ؛ فلهذا عزم عليهم عليه الصلاة والسلام، فليس في هذا حُجَّة لمن قال: إنَّ الصوم مطلقًا حرام في السفر! ليس بجيدٍ هذا، بل هو تجاوز للحدود، وإعراض عن الأحاديث الأخرى، بل الصواب التَّفصيل، فهو مستحب الإفطار، وقد يتأكد جدًّا عند شدة الحرِّ، ولكنه يجب عند الحاجة إليه في قتال الأعداء، وأما ما سوى ذلك فالأمر واسع: صام النبي وأفطر، والصحابة صاموا وأفطروا، كما يأتي في حديث حمزة بن عمرو وما بعده.
س: ما يُستحب الصيام في بعض الأحيان؟
ج: الله أعلم، ما أتذكر، ما أحفظ شيئًا يدل على الاستحباب.
س: ..............؟
ج: ظاهر السنة أن الفطر أفضل مطلقًا، هذا ظاهر السنة.
س: ..............؟
ج: هذا كان في صيام رمضان، وصيام رمضان فرضٌ بإجماع المسلمين.
س: .............؟
ج: الغزو في رمضان.
س: .............؟
ج: معذور، ما عليه شيء، يسقط عنه، إذا كان مات مريضًا أو مات مسافرًا لا يُقضى عنه؛ لأنه معذور.
س: .............؟
ج: لأنه عزم على الإفطار، مَن نوى الإفطار أفطر، ومَن استقاء طلب الإفطار فالغالب يقضي؛ لأنَّه بالاستقاء قد عزم على الإفطار.
س: ..............؟
ج: ما أعلم فيه شيئًا إلا أصله، يعني أصل وجوب .....، هذا الأصل، لكن الأصل يُخصص بالعذر، الأصل وجود الإفطار، فإذا سقط عنه الإثم بالأكل والشرب بسبب النسيان فالجماع مثل ذلك، ما هناك فرق واضح، كلها مفطرات، فالذي أسقط عنه الأكل والشرب والإثم في ذلك، كذلك مسألة الجماع.
س: ...............؟
ج: هذا هو الأظهر، نعم القاعدة واحدة.
س: ..............؟
ج: نعم، إذا خرجوا يُفطرون، إذا جاز لهم الفطر جاز لهم الإتمام: إن شاءوا صاموا، وإن شاءوا أفطروا، بعض أهل العلم يقول: لا حتى يكمل يومه الذي خرج فيه. ولكن ظاهر السنة من حديث أبي بصرة وحديث أنسٍ وغيرهما يدل على أنه إذا خرج فله الإفطار.
س: .............؟
ج: يُمسك، إذا دخل في النَّهار يمسك؛ لأنه دخل في وقت الصوم اللازم، مثل: مَن دخل صلَّى أربعًا.
س: ..............؟
ج: بعض أهل العلم يقول هذا؛ لأنَّ أوله له الإفطار، فكيف آخره يكون واجبًا؟! لكن هذا ليس بشيءٍ، ما دام جاء إلى بلده فقد جاء إلى وقت الوجوب، إلى محل الوجوب، مثل: مَن أصبح مُفطرًا ثم ثبت الشهر، جاءت البينةُ من الضُّحى؛ فإنه يُمسك، إفطاره الأول بعذرٍ وهو في السفر، والذي في البلد ولم يثبت عنده الشهر بعذرٍ، فلما قامت البينةُ وجب الصوم، هكذا لما دخل صار من أهل الصوم، وهكذا الحائض والنفساء إذا طهرت نهارًا على الصحيح يجب عليهما الإمساك، لكن لا يعتدّ بذلك.
س: .............؟
ج: إلا يستفيد أجرًا عظيمًا في طاعة الله ورسوله، لكن يقضي اليوم؛ لأنه ما كمَّله.
س: .............؟
ج: لا، هذا غلط، احتجاج بأمرٍ عامٍّ على أمرٍ خاصٍّ، الأدلة العامَّة لا يُحتج بها على أمرٍ خاصٍّ.
..............
س: ..............؟
ج: بعدما يخرج، هذا الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه بعد الخروج؛ لأدلةٍ كثيرةٍ.
س: ..............؟
ج: له البقاء على الإفطار حتى يصل بلده.
س: .............؟
ج: يأثم، يأثم، ولا شيء عليه، عليه التوبة.
س: ..............؟
ج: على الخلاف المشهور عند الجمهور، إذا نووا أكثر من أربعة أيام يُمسكون في رمضان، يلزمهم الصوم، وإذا كان أربعة أيام فأقلّ لا يلزمهم الصوم؛ لأنهم مسافرون، سواء في مكة، وإلا في غير مكة.
س: ............؟
ج: عليهم الإمساك، مَن قال بهذا عليهم يلزمهم الإمساك، مثل: ما لو كان في بلده يتحمل المشقة.
س: ............؟
ج: الأظهر الفطر، هذا هو الأظهر؛ أخذًا برخصة الله، ومَن صام فلا حرج.
673- وَعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
674- وَأَصْلُهُ فِي الْمُتَّفَقِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو سَأَلَ.
675- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ أَنْ يُفْطِرَ، وَيُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَاهُ.
676- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِي النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا، فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ. رَوَاهُ السَّبْعَةُ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
677 و678- وَعَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: وَلَا يَقْضِي.
679- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الشيخ: هذه الأحاديث الخمسة كلها متعلقة بالصيام:
الأول حديث عائشة: أنَّ حمزة بن عمرو الأسلمي سأل النبيَّ ﷺ عن الصوم في السَّفر، فقال النبيُّ ﷺ: هي رخصة من الله، فمَن أخذ بها فحسنٌ، ومَن أحبَّ أن يصوم فلا جناحَ عليه رواه مسلم.
المؤلف اختار هذه الرواية في مسلم لما فيها من الفائدة الزائدة، وأصل الحديث في "الصحيحين" من حديث حمزة نفسه: أنه قال: يا رسول الله، إني أجد قوةً على الصيام في السَّفر، فقال: إن شئتَ فصمْ، وإن شئتَ فأفطر، ولم يُرجح أحد الأمرين.
وهنا قال: هي رخصة من الله، فمَن أخذ بها فحسنٌ، ومَن أحبَّ أن يصوم فلا جناحَ عليه، هذا يدل على أن الإفطار أفضل، والله يُحب أن تُؤتى رخصه؛ ولأنَّ الرسول قال: مَن أحبَّ أن يصوم فلا جناحَ عليه، وقال في الفطر: فحسن، فدلَّ ذلك على أنَّ الإفطار أفضل في السَّفر، ومَن صام فلا حرج.
وجاء في هذا الباب أحاديث كثيرة تدل على أنه ﷺ صام في السَّفر، وصام الصحابة وأفطروا، وصام وأفطر عليه الصلاة والسلام، فالأمر في هذا واسع، وهي أحاديث كثيرة: من حديث أبي الدرداء، وأنس، وأبي سعيد، وجماعة، كلهم أخبروا عن النبي ﷺ أنه صام وأفطر، وقال أنس أنهم كانوا مع النبي ﷺ: فمنا الصَّائم، ومنا المفطر، فلا الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم.
الحاصل أنَّ الإفطار رخصةٌ في السفر، ورخصة للمريض، فمَن أحبَّ أن يصوم فلا جناحَ عليه، فنفي الجناح عن الصائم يدل على أنَّ الأفضل قبول الرخصة.
ويدل على هذا أيضًا حديث في "الصحيحين" عن ابن عمر: إنَّ الله يُحب أن تُؤتى رخصه، كما يكره أن تُؤتى معصيته، فهذا هو الأرجح.
وقال قوم: إنهم على السواء، كما في حديث حمزة: إن شئتَ فصم، وإن شئتَ فأفطر، وأنهم سواء، فمَن أفطر فلا بأس، ومَن صام فلا بأس.
وقال آخرون: الصوم أفضل.
والصواب ما تقدم: أنَّ كلاهما جائز، والإفطار أفضل؛ لما فيه من قبول الرخصة، والله جلَّ وعلا قال: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، فإذا قبل هذه الرخصة وأفطر في مرضه وسفره فقد أخذ بالأفضل، فإن صام مع المرض، وصام مع السفر، وتحمل المشقَّة فلا حرجَ، لكن يتأكد الإفطار في السفر إذا اشتدت الحاجة، كما في القيء؛ لقول النبي ﷺ: ليس من البر الصوم في السفر، لما رأى رجلًا قد ظُلل عليه، قال: ليس من البر الصوم في السفر، فهذا يُؤكد أنَّ الإفطار أفضل عند شدة الحاجة، وأنه يتأكد كثيرًا، وأن الصوم مكروه في هذه الحال، أما إذا كان في ..... من أوقات الفراغ -أوقات السعة- فالأمر واسع في هذا.
وبكل حالٍ، فالفطر أفضل، وهكذا المرض إذا اشتدَّ تأكد الفطر، ولا ينبغي له أن يُعين على مضرة نفسه بالصوم، بل ينبغي قبول الرخصة، والرضا بها، والأخذ بها، أما إذا كان المرضُ لا يترتب على صومه معه مشقَّة كبيرة فهو من جنس السفر، لا حرجَ، ولا كراهة، لكن قبول الرخصة أفضل.
والحديث الثاني: حديث ابن عباسٍ في صوم الشيخ الكبير، يقول رضي الله عنهما: أنها رخصة من الله، فرخَّص للشيخ الفطر وإطعام مسكينًا كل يومٍ، وكان يقول في قوله جلَّ وعلا: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184]، قال: إنها غير منسوخةٍ، بل هي في الشيخ الكبير والعجوز الهرمة، يُفطران ويُطعمان.
وقد صحَّ هذا عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما من طرقٍ، تأوَّل عليه الآية، وربما قرأ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أي: يكلفونه ويشقّ عليهم.
والأصل في الصوم أنَّ الله جلَّ وعلا خيَّر الناس بين الفطر وإطعام المسكين وبين الصيام وهو أفضل، هكذا كان الأمر في أول الصيام: أنَّ على مَن يُطيقه فدية طعام مسكين .....، ثم قال: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184].
فالصوم أفضل، والفطر جائز مع الإطعام: مسكين فأكثر، ثم نسخ الله ذلك وألزم الصوم؛ لقوله جلَّ وعلا: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، فوجب الصوم على مَن كان مُقيمًا صحيحًا، لا مريضًا.
وكانوا إذا غابت الشمسُ فناموا قبل أن يُفطروا لزمهم الصوم والمواصلة إلى اليوم الآخر؛ فشقَّ عليهم ذلك، ووقع لبعض الصحابة شيء في هذا، شقَّ عليهم هذا الأمر، فنسخ الله ذلك، وأباح لهم الفطر مطلقًا ولو .....، فصار الليل محلَّ الإفطار مطلقًا، والنهار محلَّ الصوم مطلقًا، فاستقرت الشريعةُ على هذا .....، فمتى غابت الشمسُ فقد أفطر الصائم، أكل أو لم يأكل، نام أو لم ينم ..... نائمًا، أو جاء إلى بيته بعد الغروب فنام قبل أن يأكل، كل ذلك لا حرج فيه.
وهذه الأطوار الثلاثة ثابتة في صوم رمضان:
الطور الأول: أنه مخيَّر: إن شاء صام، وإن شاء أفطر وأطعم عن كل يومٍ مسكينًا. وهذا هو الطور الأول، والصوم أفضل.
الطور الثاني: لزوم الصوم، ولكن إذا نام قبل أن يُفطر -قبل أن يأكل شيئًا- لزمه المواصلة وعدم الفطر في الليل، ثم نسخ.
وجاء الطور الثالث: أنه يصوم في النهار، ويُفطر في الليل مطلقًا.
والحمد لله الذي يسَّر ذلك وأنعم به ، لكن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة والمريض الذي لا يُرجى برؤه -كما قال ابن عباسٍ- يُفطرون ولا يُطعمون، أشبه الناس بحالة المسلمين أولًا، في الطور الأول، فجعل الآيةَ غير منسوخةٍ في هذا الجنس؛ لأنهم عاجزون، فحالهم يُشبه الحالة الأولى في الطور الأول، وهو أنه مَن صام كفاه الصوم، ومَن أفطر أطعم عن كل يومٍ مسكينًا.
ولا نعلم لابن عباس مخالفًا في الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ ولهذا كان هذا هو الصواب: أنَّ العاجز عن الصوم لكبر سنِّه أو لمرضٍ لا يُرجى برؤه يُطعم مسكينًا عن كل يومٍ.
ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من النبي ﷺ؛ لأنه قال: "رخّص للشيخ الكبير" يحتمل أنه مرفوع؛ لأنَّ القاعدة: إذا قال الصحابي: "رخّص أو أُمرنا أو نُهينا" فهو في حكم المرفوع.
ويحتمل أنه استنبطه من لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] وأشباهها.
فبكل حالٍ، قوله في هذا هو المعتمد رضي الله عنه وأرضاه.
ورُوي عنه وعن ابن عمر في الحامل والمرضع أنهما تُفطران وتُطعمان ولا تقضيان، فهذا فيه نظر، فالصواب أنهما كالمريض تُفطران وتقضيان، كما في حديث أنسٍ الكعبي: أن النبي ﷺ وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع، ومعلوم أنَّ المسافر يقضي، وهكذا الحبلى والمرضع تقضيان، هذا هو الصواب: أنهما تُفطران إذا شقَّ عليهما الصوم بالحمل أو بالرضاع، ولكنَّهما تقضيان حسب الطاقة.
والحديث الثالث: حديث أبي هريرة في المجامع في رمضان، فيه دلالة على أنَّ الجماع في رمضان هلاك؛ لأنه قال: هلكتُ يا رسول الله. وأقره النبيُّ بقوله: هلكتُ، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعتُ على أهلي في رمضان. ولم يقل له: إنَّ هذا ليس بهلاكٍ، فدلَّ ذلك على أنَّ المعاصي هلاك، نسأل الله السلامة، وخطر عظيم.
ومن المعاصي: الجماع في رمضان للصائم بغير سفرٍ ولا مرضٍ، فإنَّ هذا هلاك والعياذ بالله، وإباق للنفس، وسعي لها لغضب الله وعقابه.
ثم أمره النبيُّ ﷺ بالكفَّارة، فدلَّ ذلك على أنَّ الكفَّارة واجبة مع العمد، وأنها مرتبة: أولًا: العتق مع القُدرة، ثم الصيام مع [العجز عن] العتق، ثم الإطعام مع العجز عن الصوم، وهذا من جنس كفارة الظِّهار، سواء بسواءٍ.
وفيه من الفوائد: أنَّ الواجب على مَن وقع في الحرام ولم يعرف الحكم الشرعي أن يسأل أهل العلم، ويقول: ما حكمي؟ فعلتُ كذا وكذا. ولا حياء في الدِّين، بل يسأل ولو كان عمدًا، ولو كانت معصيةً يسأل عن حكم الله: زنا سأل، كما سأل الصحابةُ، سأل صاحب العسيف، وسأل ماعز، حتى أفتوا وأُقيم عليه الحدّ، وهذا سأل ولم يستحي، ولم يقل: كيف أقول هذا الكلام؟! سأل وبيَّن له النبيُّ ﷺ.
وفي الأدلة الأخرى المعروفة وجوب التوبة مع الكفَّارة؛ لأنَّ الله أوجب التَّوبة على كل عاصٍ: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وعدم ذكرها في هذا الحديث لأنها معلومة، التوبة معلومة من كل معصيةٍ.
وفيه دلالة على أنَّ العاجز عن الإطعام يسقط عنه الإطعام؛ لأنَّ الرسول ما قال له: إذا وجدتَ فكفر. بل قال: أطعمه أهلك، لما أخبره أنه فقير وعاجز قال: أطعمه أهلك، وضحك عليه الصلاة والسلام، وقال: أطعمه أهلك، فدلَّ ذلك على أنَّ مثله لا يلزمه القضاء بعد ذلك؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهذا وقت البيان، ولم يقل له ﷺ: إذا قدرت فأطعم.
هذا قول جمعٍ من أهل العلم، الدليل على أنَّ العاجز في كفارة الوطء يسقط عنه الإطعام، بخلاف الظهار فلا، لا بدَّ أن يبقى في ذمته حتى يوفي.
وقال آخرون: بل يجب عليه الإطعام إذا قدر، ولو ما ذكره النبيُّ هنا؛ لأنَّ الرسول لم يذكره لأنه أمر معلوم؛ ولهذا سكت عنه في مثل هذا، وقال: أطعمه أهلك؛ لأنه معلوم من قوله الأول: أطعم ستين مسكينًا، ومعلوم من حكم الظِّهار، فقوله: أطعمه أهلك يعني: في الوقت الحاضر، ثم أدِّ بعد ذلك. فكونه سكت عن هذا ولم يقل: أدِّ بعد ذلك؛ لأنه شيء معلوم، كما سكت عن التوبة ولم يقل له: تبْ إلى الله وبادر، وهو محتمل.
والأقرب والله أعلم أنَّ كفَّارة الجماع تسقط بالعجز: إذا عجز عن العتق، وعن الصيام، وعن الإطعام؛ عملًا بظاهر الحديث، وأنَّ هذا فضلٌ من الله ، وعفو منه ، وإن قضى فأيسر أعتق أو صام أو أطعم، فهذا فيه احتياط، فيه بعدٌ عن الشكِّ و..... البراءة للقاعدة المعروفة في هذه المسألة التي فيها بعض الاشتباه، فإذا أطعم بعد القُدرة، أو صام بعد القُدرة، أو أعتق بعد القُدرة، فهذا يكون أفضل وأحوط، وعملًا بالأحاديث كلها، والأدلة كلها.
وفيه أيضًا حُسن خلقه ﷺ: كونه خاطبه بهذه المخاطبة، وتبسم وقال: اذهب فأطعمه أهلك، فيه حُسن خلقه ﷺ، وفيه رحمته وعطفه على الفقير والمسكين، فما شدد عليه؛ فلهذا جاء في بعض الروايات أنه لما رجع إلى قومه قال: وجدتُ عندكم الشدة والعُسر، ووجدتُ عند الرسول ﷺ الرحمة والعفو والفضل. أو كما قال.
ولم يذكر في هذا قضاء اليوم الذي أفطر فيه، وجاء في بعض روايات أبي داود: واقضِ يومًا مكانه، لكن في سنده مقال، والأظهر أنه يقضي، وأن تعمده الإفطار للجماع مثل: لو تعمد الأكل يجب عليه القضاء، وعليها القضاء؛ لأنهما أفطرا بغير عذرٍ شرعيٍّ، فهما من باب أولى أن يقضيا، إذا قضى المريضُ وهو معذور فهما أولى بالقضاء -بوجوب القضاء- لعدم عذرهما، بخلاف النَّاسي، الناسي معذور عذرًا شرعيًّا، ليس باختياره، فسقط عنه القضاء، صار طعمةً من الله ، أما المريض فأفطر متعمدًا لعذرٍ شرعيٍّ فيقضي، والمسافر كذلك، فهذا أفطر بغير عذرٍ شرعيٍّ، ومن باب أولى أن يُؤاخذ عليه، وأن يُلزم بالقضاء لعدم العذر.
والرابع: حديث أم سلمة وعائشة في صوم الجنب، وأن الجنب لا حرج عليه أن يصوم قبل أن يغتسل، فإذا أتى أهله ليلًا ثم اشتغل بالسحور ولم يغتسل إلا بعد الصبح فلا شيء عليه؛ لفعل النبي ﷺ: كان يُصبح جنبًا من جماعٍ ثم يغتسل ويصوم ولا يقضي، كما في رواية أم سلمة، فدلَّ ذلك على أن صوم الجنب صحيح، وليس عليه قضاء إذا كان الجماعُ في الليل، وإنما تأخر فقط الغسل، فلا حرج عليه.
وفي "صحيح مسلم" رحمه الله: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، لسنا مثلك؛ فقد غفر الله لك .....
كما قال الشَّافعي رحمه الله وجماعة من أهل العلم: الصواب أنه يعمّ جميع أنواع الصيام، فمَن مات وعليه صوم نذرٍ، أو صوم كفارةٍ، أو صوم رمضان، ولم يكن له عذر؛ فإنه يُقضى عنه، يقضي عنه أولياؤه، وهم قرابته من أبٍ أو أمٍّ أو أولادٍ أو إخوةٍ.
وفي "مسند أحمد" بإسنادٍ جيدٍ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن امرأةً قالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفأصوم عنها؟ قال: أرأيت لو كان عليها دينٌ، أكنت تقضينه؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحقّ بالقضاء، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وهذا صريح في رمضان، وسنده جيد عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما.
وثبت عنه في عدة أحاديث أنه سُئل، قال له بعضُ السائلين: إنَّ أمي ماتت وعليها صوم شهرٍ؟ وبعضهم قال: أختي. وبعضهم: أبي. وبعضها: شهرين. وكان جوابه يقول: نعم، أرأيت لو كان على أبيك دينٌ؟ وفي لفظٍ: لو كان على أمك دينٌ؟ اقضوا الله، فالله أحقّ بالوفاء، ولم يستفصلهم، ولم يقل لهم: هل هو صوم نذر، أو صوم رمضان، أو صوم كفَّارة؟ بل أطلق وأجابهم على سؤالهم المطلق المبهم، فدلَّ ذلك على أنه يعمّ، إلا أنه يُستثنى من ذلك مَن لم يقدر على القضاء؛ إذا كان مثلًا أفطر في رمضان، وبقي في مرضه ولم يُشفَ، فهذا لا قضاءَ عليه؛ لأنه معذور، فلا قضاء عليه إذا مات في مرضه، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، الذي قرره الجمهور أنه لا قضاءَ عليه؛ لأنه معذور، والله قال: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، وهذا ما بلغها، ما استطاع، فيكون معذورًا، ولا قضاء على مَن خلفه والله أعلم.
س: .............؟
ج: يُستحب، يُشرع لهم؛ لأنَّ القاعدة: لا يجب على أحدٍ شيء: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]، لكنه مستحب لإطلاق الحديث.
س: .............؟
ج: يُطعم عنه عن كل يومٍ مسكين، كما أفتى بعض الصحابة: أفتت عائشة وابن عباس وجماعة، إذا لم يتيسر الصوم يُطعم عن كل يومٍ مسكين.
س: ............؟
ج: إيه نعم، إذا فرط يعني.
س: ..............؟
ج: ما عليه شيء.
س: ...............؟
ج: يُؤولون بأنَّ هذا حقّ الله، وحقّ الله مبني على المسامحة .....، ويحتجون في بعض الروايات أنه سُئل عن صوم النذر فقال، هذا يُحمل على بقية الروايات؛ أنه صوم النذر، أنه صوم نذرٍ، بعض روايات السَّائلين قالوا: عليها صوم نذرٍ. والجواب أنَّ هذا فرد من أنواع الصيام، ما يكون مقيدًا، التَّقييد من النبي، ما هو من السَّائل.
لو قال النبيُّ ﷺ: مَن مات وعليه صوم نذرٍ ولم .....، فالرواية الأخرى تدل على العموم، نعم، لكن جاء في حديث عائشة -وهو أصحّ- ما جاء بعدم التَّقييد.
س: ..............؟
ج: نعم، في "المسند" عن ابن عباسٍ.
س: .............؟
ج: عددًا لا بدَّ منه، مثل: عشرة في اليمين، لا بدَّ من عددٍ.
س: .............؟
ج: لا، آكد، القصر آكد.
س: ..............؟
ج: الصحيح أنه لا يجب.
س: هل نية الجماع في نهار رمضان تعد إفطارًا؟
ج: المشهور عند الأكثر أنه يُفطر، مَن نوى الإفطار أفطر، وهو قول قوي وجيه، إذا عزم عليه ونواه وجب.
س: ...............؟
ج: ما جاء في الحديث، والقاعدة أنها كالرجل، ويحتمل أنها كانت مكرهةً المرأة .....، المعروف عند العلماء أنها يجب عليها الكفارة إذا كانت مطاوعةً؛ لأنها كالرجل، والأحكام واحدة، فما ثبت في حقِّ الرجل ثبت في حقِّ المرأة، والعكس، هذا على القاعدة الشَّرعية.
س: ..............؟
ج: لعلَّ؛ لأنَّ الحكم واحد، أو أنه علم أنها مكرهة.
س: هل هو الظاهر في الحديث؟
ج: لا، ما هو بظاهرٍ؛ لأنَّ القاعدة: ما ثبت في حقِّ الرجال ثبت في حقِّ النساء، والعكس كذلك.
س: .............؟
ج: ما دام أنه عليه الكفَّارة، وهو مجامع، فهي أيضًا كذلك مجامعة، قد شاركت في الباطل إن كانت ...
س: .............؟
ج: هذا يقضي، إذا ..... يقضي، الله قال: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، إلا إذا تقرر بالتَّجارب أو بقول الأطباء: أنَّ هذا المرض لا يُرجى برؤه، فأطعم، فلا بأس، ثم يجيء الخلافُ لو برئ: هل يُطعم؛ لأنه بان أنه يُرجى برؤه، أو لا يُطعم؟ خلاف بين أهل العلم، أما كونه يُطعم وهو يُرجى برؤه لا يبقى معلَّقًا عليه حتى إذا برئ قضى.
س: ..............؟
ج: قول مشهور عند أهل العلم، لكن الصواب: ما عليهما إلا القضاء، هذا المشهور، المشهور عند العلماء أنَّ فيه تفصيلًا: إن كانتا أفطرتا لحاجتهما فلا إطعامَ، فإن كانتا أفطرتا من أجل الولد؛ خوفًا على الولد، فعليهما القضاء والإطعام جميعًا، والأقرب والأظهر أنه لا إطعامَ عليهما مطلقًا، إنما عليهما القضاء كالمريض؛ لحديث أنس بن مالك الكعبي.
س: .............؟
ج: ولو تأخرت ..... أو خمس أو ستّ، ما دام ثبت الحمل وشقَّ عليها نعم، كالذي ..... عشر سنين ما يفطر؟
س: ..............؟
ج: ما في شيء، ما في شيء.
س: ..............؟
ج: لا بدَّ من ستين مسكينًا.
....