239 من: (باب إكرام الضَّيف)

 
94- باب إكرام الضَّيف
قَالَ الله تَعَالَى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ۝ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ۝ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ۝ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ [الذاريات:24- 27].
وقال تَعَالَى: وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ [هود:78].
1/706- وعن أَبي هريرة : أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ كانَ يُؤمنُ بِاللَّه واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّه واليَوم الآخِرِ فليَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّه وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ متفقٌ عليه.
2/707- وعن أَبي شُرَيْحٍ خُوَيلِدِ بن عمرٍو الخُزَاعِيِّ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقول: مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ، قالوا: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رسول اللَّه؟ قَالَ: يَومُه وَلَيْلَتُهُ، والضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذلكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لِمسلمٍ: لا يَحِلُّ لِمُسْلمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ، قالوا: يَا رسول اللَّه، وكَيْف يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلا شَيءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهاتان الآيتان مع الحديثين الكريمين كلها تتعلق بإكرام الضَّيف، وإكرام الضيف سنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، بل واجبةٌ؛ لأنَّ الله أثنى على خليله إبراهيم بإكرام الضَّيف، وعلى نبيه لوط بإكرام الضَّيف، وقال عليه الصلاة والسلام: مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليُكْرِم ضيفَه، فدلَّ ذلك على أنَّ إكرام الضيف واجبٌ.
والضَّيف: هو مَن ينزل بك من القُرى والأمصار، ويجب عليك أن تُكرمه.
وقال في حديث أبي شُريح: جائزته، وجائزته هي يومه وليلته، يعني: غداءه وعشاءه، والضِّيافة الكاملة ثلاثة أيام.
ولا يحلّ له أن يُقيم عند أخيه حتى يُؤْثِمه: حتى يُحرجه، قالوا: كيف يُؤثمه؟ قال: يُقيم عنده وليس عنده ما يقريه به، يعني: ينبغي للضيف ألا يُحْرِج أخاه فوق ثلاثة أيام.
ويقول ﷺ: مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَصِلْ رَحِمَه، ومَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليُكْرِم جارَه، ومَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليَقُلْ خيرًا أو ليَصْمُتْ، كل هذه الأمور من الآداب الشَّرعية.
فيجب على المؤمن إكرام الضيف، وإكرام الجار، وصلة الرحم، وأن يحفظ لسانَه؛ إمَّا الخير، وإمَّا الصَّمت، هذا هو الأدب الشرعي، وهذا هو الواجب على كل مؤمنٍ في حياته؛ أن يتحرَّى إكرام ضيفه إذا نزل به، وإكرام جاره، وعدم إيذاء الجار، مع صلة الرحم -وهم الأقارب- ومع حفظ لسانه مما لا ينبغي، إمَّا أن يقول خيرًا، وإما أن يسكت، كما قال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [النساء:114]، فالمؤمن يتحرَّى في أقواله وأعماله ما يُوافق الشرعَ، ويحذر ما يُخالف ذلك.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: ما الدليل على ستر يدي المرأة وقدميها في الصلاة؟
ج: ليس هناك إلا حديث: المرأة عورة، إطلاق الحديث، وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53]، وأقرب ما احتُجَّ به في هذا هو إطلاق: المرأة عورة، والصواب كشف الوجه فقط، أمَّا اليدان فإن كشفتهما فلا بأس، وإن سترتهما فهو أفضل، وحديث أم سلمة في غطاء القدمين.
س: قوله: يُؤْثِمه معناه: يُحْرِجه، أم: يُدخله في الإثم؟
ج: يعني: يُوقعه في الإثم.
س: رجل بنى له بيتًا يريد أن يسكنه، ثم رأى أن يبيعه، والبيت ما اكتمل بناؤه، يقول: والآن حال عليه الحولُ، فكيف تكون زكاته؟
ج: إذا جزم البيعَ وتمَّت السنةُ يُقَوَّم، وإن لم يجزم البيعَ فلا شيء عليه.
س: ما تمَّ تشطيبه حتى الآن، لكن يقول: مرت سنةٌ من جزمي؟
ج: إذا كان قد جزم أنه سيبيعه بعدما يُكْمِلُه فلا شيءَ عليه حتى يُكْمِلَه، فالأعمال بالنيات.
س: وإذا شطَّبه تبدأ السنةُ بعد التَّشطيب؟
ج: تبدأ السنة، نعم، إذا عزم على البيع.
س: ويُزَكَّى بعد سنةٍ من تشطيبه؟
ج: نعم، بعدما جزم البيع، وتهيأ البيتُ للبيع.
س: مَن قال أن ستر أحد العاتقين في الصلاة سنة وليس بواجبٍ؟
ج: ما هو بواجبٍ؛ لقول النبي ﷺ: ليس على عاتقه، وفي بعض الروايات: عاتقيه، فإذا ستر أحد العاتقين حصل المطلوبُ، لكن سترهما أفضل وأحوط.
س: يقول: مضى على جزم البيع سنة؟
ج: لكن البيع بعدما يُجهّزه، فليس يبيعه وهو يعمل فيه.
س: رجل طلب الضِّيافة من أكثر من واحدٍ من أهل بلدٍ، واعتذروا ولم يُضَيِّفوه، فهل يأثمون؟
ج: إذا نزل بهم واعتذروا كلهم يأثمون.
س: وإذا ضيَّفوه ولم يُعطوه القِرَى، هل يجوز له أن يأخذ بغير إذنهم؟
ج: جاء في الحديث أنَّه إن لم يأمروا له بما يجب جاز له أن يأخذ، لكن إذا كان يخشى الفتنةَ فلا، وعليه أن يُعاملَهم بالتي هي أحسن حتى لا تقع فتنةٌ.
س: طيب، وإذا كان الطعامُ مالًا عامًّا، كأن يكون مثلًا في حائطٍ به زروع، وهم لم يُضيِّفوه، هل يأخذ من هذا الحائط؟
ج: نعم، يأخذ قِراه.
س: مَن أخَّر الصلاةَ بدون عذرٍ حتى خرج وقتُها، هل تصح صلاتُه؟
ج: على خلافٍ: الجمهور تصحّ عندهم الصلاة، ومَن قال أنه كفر فعليه التوبة فقط، وإذا قضى احتياطًا فحسنٌ.
س: سائلةٌ تقول أنها تريد أن تُسَلِّف مكياجًا إلى صديقتها؟
ج: لا بأس، المكياج إذا كان ما يضرُّ الوجهَ لا بأس.
س: تريد أن تُسَلِّف مكياجًا لصديقتها، علمًا بأن هذه البنت مُتبرّجة؟
ج: إذا كانت تُعينُها على المنكر فما يجوز، والله يقول: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
س: فتاويكم في اللَّجنة الدائمة في أن مياه المجاري -أكرمك الله- البالوعات والبيّارات؟
ج: إذا زال منها الريحُ والطعمُ واللونُ صارت طاهرةً.