326 من حديث: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)

 
9/1017- وعن أَبي مسعودٍ البدْرِيِّ عن النبيِّ ﷺ قَالَ: منْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ متفقٌ عَلَيْهِ.
10/1018- وعن أَبي هريرةَ أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِر، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِن الْبيْتِ الَّذي تُقْرأُ فِيهِ سُورةُ الْبقَرةِ رواه مسلم.
11/1019- وعن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: يَا أَبا المُنذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيةٍ مِن كِتَابِ اللَّهِ معكَ أَعْظَمُ؟ قُلْتُ: اللَّه ورسوله أعلم. قال: يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله أعْظَمُ؟ قُلْتُ: اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُو الحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، فَضَربَ فِي صَدْري وَقَال: لِيهْنكَ الْعِلْمُ أَبَا المُنذِرِ رواه مسلم.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها في الحث على العناية بالقرآن والاستكثار من قراءته، ولاسيما الآيات المخصوصة والسور المخصوصة بشيء من الفضل، فإن كلام الله يتفاضل كما أن الرسل يتفاضلون والأنبياء يتفاضلون، وهكذا كلامه جل وعلا يتفاضل، فسورة الفاتحة أعظم سورة، وآية الكرسي هي أفضل الآيات، ولهذا لما سأل النبي ﷺ أبا المنذر -أبي بن كعب- عن أفضل آية قال: آية الكرسي، فضرب على صدره وقال: ليهنك العلم يا أبا المنذر.
تقدم جملة من الأحاديث في الدلالة على فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وأنها تعدل ثلث القرآن، وهكذا حديث أبي مسعود في الآيتين من آخر سورة البقرة فمن قرأهما في ليلة كفتاه، وهكذا ما جاء من الأحاديث في فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين، والقرآن كله خير وكله فضل، من قرأ حرفا منه فله بالحرف الواحد عشر، الحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها حسنات، والحسنة بعشر أمثالها فهذا فضل عظيم، فينبغي للمؤمن الإكثار من قراءة القرآن احتسابا وطلبا للفضل من الله عز وجل مع التدبر والتعقل والعمل فإنه كتاب فيه الهدى والنور، فيه التوجيه إلى كل خير إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] فجدير بأهل الإيمان أن يعنوا بهذا الكتاب تدبرا وتعقلا وعملا وتذكيرا ودعوة وتبصيرا، يرجو ثواب الله ويخشى عقاب الله، فيتفقه في الدين.
ففي قراءة القرآن وتدبره فوائد عظيمة:
منها: ما وعد الله به القارئ بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.
ومنها: ما في ذلك من التدبر والتعقل والعلم والتفقه في الدين.
ومنها: ما يسبب من خشية القلب وخشوعه وخوفه من الله وبعده عن مساخطه.
وفيه أيضًا: ما يحصل في قراءته من طرد الشياطين، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، والمعنى أن قراءة القرآن من أسباب طرد الشياطين لأنهم أعداؤه، فقراءة القرآن في البيوت من أفضل القرب، ولهذا قال: لا تجعلوها قبورا، اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة فالإكثار من الصلاة والقراءة في البيت من أسباب طرد الشيطان ومن أسباب صلاح القلوب وخشيتها لله وقيامها بحقه، والغفلة عن القرآن والغفلة عن الذكر ضد ذلك من أسباب القسوة وقرب الشياطين واستيلائهم على القلوب إلى غير هذا من أنواع البلاء.
والقرآن أفضل الذكر وأعظم الذكر، ولهذا قال جل وعلا: وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ [الأنبياء:50] فهو ذكر بل هو أعظم الذكر، فلا ينبغي للعاقل، لا ينبغي للمؤمن أن يتساهل في هذا الأمر، بل ينبغي له أن تكون همته عالية حريص على هذا الكتاب العظيم والإكثار من تلاوته بالتدبر والتعقل والعمل.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
وقد صدر أمر ولي الأمر بالاستغاثة يوم الاثنين لأن جملة من مناطق المملكة تحتاج إلى ذلك، والله يحب من عباده أن يتوبوا إليه وأن يضرعوا إليه وأن يسألوه من فضله، فجدير بكل مؤمن وكل مؤمنة العناية بالتوبة ومحاسبة النفس وجهادها لعل الله يمن عليهم بالتوبة وعلى أخيه حتى تكون تلك التوبة من أسباب غيث المسلمين ورحمتهم، فالذنوب ضد الخير، والتوبة والأعمال الصالحة مفاتيح الخير، فينبغي للمؤمنين جهاد النفوس وحساب النفوس والبدار بالتوبة الصادقة والتعاون على البر والتقوى ورحمة الفقراء والإحسان إليهم، فالمسلمون بعضهم أولياء بعض، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض كما قال الرب جل وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ [التوبة:71] فوعد أهل الاستقامة بالرحمة والتواصي بالحق والتراحم والتعاون على البر والتقوى ورحمة الفقير ومواساته والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعناية بما أوجب الله وترك ما حرم الله، كل هذا من أسباب الخير، من أسباب رحمة الله لعباده، وبهذا لما وصف المؤمنين بصفاتهم الحميدة قال أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ [التوبة:71] يعني بهذه الأعمال الطيبة، والمسلمون في حاجة إلى الغيث المبارك، غيث القلوب وغيث الفلاة.
ومن أسباب ذلك التوبة إلى الله والاستقامة والتعاون على الخير والتعاطف والتراحم ومواساة الفقير والمسكين ورحمته، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، ونسأله أن يغيث المسلمين غيثا مباركا، وأن يصلح القلوب والأعمال، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وأصحابه.

الأسئلة:
س: بعض المناطق التي فيها أمطار كثيرة هل يشرع لهم الاستغاثة؟
ج: إذا استغاثوا يستغيثوا لغيرهم يستغيثون للمحتاجين.
س: بعضهم يمتنع عن الصلاة يقول نحن جاءتنا أمطار؟
ج: ولو، يستغيثون لغيرهم، المسلمون شيء واحد جسد واحد وبناء واحد.
س: بعض البيوت تؤذيهم فيها الشياطين إما بحريق بأذية داخل البيت ...؟
ج: لا شك أن من الأسباب التوبة إلى الله والضراعة إليه وسؤاله العافية من شرهم ... يتعوذ بالله من شرهم، ويقول لهم: كفوا شركم عنا، نعوذ بالله منكم بقوة ونشاط وهمة عالية مع التوبة الصادقة والعمل الصالح والضراعة إلى الله بأن يكفيهم شرهم ... شياطين الجن مثل شياطين الإنس إن رأوا قوة ورأوا نشاط وهمة عالية كفوا، وإن رأوا ضعفا وخوفا نشطوا، نسأل الله العافية.
فينبغي لأهل الإيمان النشاط والقوة الضراعة إلى الله والتوبة إليه وقوة الثقة بالله ، والتعوذ بالله من شر هؤلاء، بالصراحة خاصموهم وتكلموا معهم وحذروهم.
س: وضع مسجل لقراءة آية الكرسي يحصل في هذا الأجر؟
ج: يقرأ هو ويتكلم، يتعوذ بالله من شرهم ويسأل الله العافية.
س: سورة البقرة يقرأها كل يوم أم يكفي مرة واحدة؟
ج: كل ما تيسر ...