328 من: (باب استحباب الاجتماع عَلَى القراءة)

 
باب استحباب الاجتماع عَلَى القراءة
1/1023- وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ ﷺ: ومَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، ويتَدَارسُونَه بيْنَهُم، إِلاَّ نَزَلتْ علَيهم السَّكِينَة، وغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة، وَحَفَّتْهُم الملائِكَةُ، وذَكَرهُمْ اللَّه فيِمنْ عِنده رواه مسلم.

باب فضل الوضوء
قَالَ الله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ إِلَى قَوْله تَعَالَى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6].
1/1024- وعَنْ أَبي هُريْرَةَ قَالَ: سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقُول: إِنَّ أُمَّتي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيامَةِ غُرًّا محَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوضوءِ، فَمنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيل غُرَّتَه، فَليفعلْ متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1025- وعنه قَالَ: سَمِعْت خَلِيلي ﷺ يقُول: تَبْلُغُ الحِلية مِنَ المؤمِن حَيْث يبْلُغُ الوضوءُ رواه مسلم.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة الأول في فضل قراءة القرآن والاجتماع على ذلك، والثاني والثالث فيما يتعلق بالوضوء، دراسة القرآن وتعاهده من أفضل القربات، والاجتماع على ذلك للمدارسة والمذاكرة في رمضان وفي غيره، وفيه تعاون على الخير، وقد كان النبي ﷺ يدارس جبرائيل القرآن في رمضان كل سنة ختمة، في السنة الأخيرة ختمتين، ويقول ﷺ: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده هذا فضل عظيم، والمساجد بيوت الله محل العبادة، محل القراءة، ومحل حلقات العلم، وهكذا في منزل الإنسان أو في الصحراء أو في أي مكان إذا اجتمعوا فهم على خير عظيم في طلب العلم وحلقات العلم والمذاكرة في العلم، في تعاهد القرآن والمذاكرة فيه وفي تلاوته وفي حفظه كل هذا خير عظيم، فالمشروع لأهل الإيمان أن يعتنوا بهذا الكتاب العظيم دراسة وتلاوة وتدبرا وتعقلا ومذاكرة فيما بينهم حتى يفهموا مراد الله منه لأن الله جعله بلاغ قال: هذا بلاغ للناس [إبراهيم:52]، وقال تعالى: وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [الأنعام:19]، ويقول جل وعلا: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، ويقول النبي ﷺ: القرآن حجة لك أو عليك، ويقول ﷺ: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه يوم القيامة فالقرآن كتاب الله، وهو أعظم كتاب وأصدق كتاب، فيشرع لأهل الإيمان العناية به وعدم .. الغفلة والإعراض، ثم أيضًا للقارئ بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، مع العلم والفضل حسناتز

والحديث الثاني والثالث فيما يتعلق بالوضوء، الوضوء مما شرعه الله وأوجبه للصلاة، فالوضوء شرط الصلاة .. الطهارة من الحدث الأصغر كما انه لا بد من الطهارة من الحدث الأكبر بالغسل، فلا بد من الطهارتين لأداء الصلاة، الغسل من الجنابة والحيض والوضوء من الحدث الأصغر، والله جل وعلا جمعهما في الآية، بل في آيتين من سورة النساء والمائدة، يقول جل وعلا في سورة المائدة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6] فأراد بهذا الوضوء تطهيرنا، وهكذا بالغسل تطهيرنا من الذنوب وتنزيهنا من الأدران، فالجنب يتطهر والمحدث حدثا أصغر يتطهر، فلا بدّ في الصلاة من الطهارتين، وإذا كان ليس على جنابة والمرأة ليست على حيض فالحدث الأصغر لابد من الطهارة منه، وفيه فضل عظيم، فالوضوء الشرعي إذا كمله العبد كما شرعه الله ثم صلى ركعتين -سنة الوضوء- غفر له ما تقدم من ذنبه، ثم الوضوء من أسباب حت الذنوب وسقطوها عن العبد، فالوضوء الشرعي من أسباب غفران الذنوب، وإذا صلى معه ركعتين صار أيضا فضل آخر، فالسنة لمن توضأ أن يصلي ركعتين -سنة الوضوء-، وهذا الوضوء هو مثل ما بينه الله يغسل وجهه ثم يديه ثم يمسح رأسه وأذنيه ثم يغسل رجليه هذا هو الوضوء، يبدأ باليمين باليدين والرجلين، يبدأ باليمين لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم، وقول عائشة رضي الله عنها: كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله، ويستحب له بعد الوضوء أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، وهذا أيضا من أسباب دخوله الجنة إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، يقول ﷺ: ما من عبد يتوضأ فيسبغ الوضوء أو قال يبلغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء خرجه مسلم في صحيحه، زاد الترمذي بإسناد... اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، وفي حديث آخر رواه النسائي وغيره بإسناد جيد يستحب.. أن يقول مثلما يقول عند القيام من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك فهذا من سنة الوضوء .. والأمة يوم القيامة يدعون غرا محجلين من آثار الوضوء، نور في أيديهم، ونور في أيديهم وأرجلهم بسبب الوضوء. والغرة في الوجه والتحجيل في اليدين والرجلين.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء فالمؤمن .. معناه أن الحلية في ذراعيه إلى أوائل عضديه، والمؤمنون يتحلون في الجنة رجالهم ونساءهم كلهم يحلى، فالواجب على المؤمن أن يتعاهد الوضوء، وأن يحافظ عليه، وألا يصلي إلا بطهارة لأن الله أوجب عليه ذلك، ولما له من الفضل العظيم في هذا الخير العظيم، وإذا جدده لهذا الفضل فهو مستحب إن كان على طهارة ثم جدد حين حضرت الصلاة جدد الوضوء لهذا الفضل فهو على خير، أو جدد الوضوء ليطوف أو ما أشبه ذلك كل ذلك خير، لكن لا يلزم إلا في الحدث، إذا جاء حدث لزمه الوضوء وإلا فلا يلزم، وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: حديث أبي هريرة تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء فيه الحث على زيادة غسل العضو؟
الشيخ: لا لا... إلى العضد، يشرع في العضد، كان النبي ﷺ إذا توضأ يشرع في العضد، ويشرع في الساق حتى يدخل المرفقين وحتى يدخل الكعبين، وكان أبو هريرة يتأول يبلغ إلى آباطه وإلى الركبة، يتأول هذا الحديث، ولكن الصواب الذي عليه أهل العلم أن النهاية غسل المرفقين وغسل الكعبين حتى يشرع في العضد وفي الساق، هكذا كان النبي يتوضأ عليه الصلاة والسلام.