371 من: (باب استحباب سجُود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة أو اندفاع بلية ظاهرة)

 
211 - باب استحباب سجُود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة أو اندفاع بلية ظاهرة
1/1159- عَنْ سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِن مَكَّةَ نُرِيدُ المَدِينَةَ، فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِن عَزْوَراءَ نَزَلَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فدعَا اللَّه سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ، ساعَةً، ثُمَّ خَرَّ ساجِدًا فَعَلَهُ ثَلاثًا وَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي، وَشَفَعْتُ لأُمَّتِي، فَأَعْطَاني ثُلُثَ أُمَّتي، فَخَررتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكرًا، ثُمَّ رَفعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتي، فَأَعْطَانِي ثُلثَ أُمَّتي، فَخررْتُ سَاجِدًا لربِّي شُكرًا، ثمَّ رَفعْت رَأسِي فَسَألتُ رَبِّي لأُمَّتي، فَأعطاني الثُّلُثَ الآخَرَ، فَخَرَرتُ ساجِدا لِرَبِّي رواه أَبُو داود.

212 - باب فضل قيام الليل
قَالَ الله تَعَالَى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، وقال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ [السجدة:16]، وقال تَعَالَى: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17] .
1/1160- وَعَن عائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْها، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتى تَتَفطَّر قَدَمَاه، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رسُول اللَّهِ وَقد غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا.
متفقٌ عَلَيْهِ. وعَنِ المغيرةِ بنِ شعبةَ نحوهُ، متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1161- وَعَنْ عليٍّ ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ طَرقَهُ وَفاطِمَةَ لَيْلًا، فَقَالَ: أَلا تُصلِّيَانِ؟ متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأول منها يتعلق بسجود الشكر، والثانية تتعلق بالتهجد بالليل، يستحب لمن أعطاه الله نعمة جديدة أو صرف الله عنه نقمة أن يسجد لله شكرًا، هكذا المسلمون إذا نصرهم الله على عدوهم شرع لهم سجود الشكر، ولهذا كان ﷺ إذا جاءه أمر يسره سجد لله شكرًا، وقد شفع لأمته الذين أجابوه وأطاعوه شفع لهم وأجاب الله شفاعته فخر ساجدًا لله ، وهم أمة محمد المجيبة التي قال فيها سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] فالله وعده فيهم أن يشفعه فيهم في دخولهم الجنة، فهو أول من يستفتح باب الجنة عليه الصلاة والسلام، وأول أمة تدخل الجنة من الأمم أمته المجيبة التي أطاعته وتابعت شريعته، ويحبس ناس منهم لمعاصيهم فيشفع فيهم شفاعات متعددة عليه الصلاة والسلام، فيدخلهم الله الجنة وتبقى بقية في النار يخرجهم الله برحمته جل وعلا، يفعل ما يوجب الخلود إذا ماتوا على توحيد فلهذا أخرجهم الله من النار، فلا يخلد في النار إلا من مات على الشرك بالله والكفر بالله ، أما الموحدون فإن دخلوا فإنهم لا يخلدون فيها بل يعذبون على قدر المعاصي التي ماتوا عليها -لم يتوبوا منها- ثم يخرجون منها كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] ما دون الشرك يغفره الله لمن يشاء، بعض الناس يغفر له لأعمال صالحة فعلها وأعمال طيبة أسلفها، وبعضهم يعفى عنه بشفاعة الشفعاء من النبي ﷺ والملائكة والمؤمنين والأفراط، وبعضهم يدخل النار بمعاصيه من زنا أو شرب مسكر أو أكل ربا أو عقوق أو غير هذا، فإذا طهر في النار ومحص أخرجه الله من النار إلى الجنة فيلقون في نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة، ولما جاء الخبر بقتل مسيلمة الكذاب في عهد الصديق سجد لله شكرًا، الصديق كان الصحابة توجهوا إلى اليمامة هنا من أجل قتال مسيلمة الكذاب ومن معه الذي ادعى النبوة فقتلوه وقتلوا جماعة من أصحابه وأسلم الباقون منهم، فلما جاء خبره إلى الصديق أنه قتل خر لله ساجدًا، فالسنة لمن جاء أمر يسره أن يسجد لله، إذا سمع خبرًا أن الله نصر المؤمنين وأيدهم على عدوهم وسجد لله شكرًا فهذا مستحب، أو ولد له ولد فسجد لله شكرًا أو دفعت نقمته عنه فسجد لله أو صلى كل هذا مما يحبه الله جل وعلا، ومما شرع الله التهجد في الليل، التعبد في الليل ما يسر الله للعبد، يصلي ثلاث، يصلي خمس، يصلي سبع، يصلي تسع، يصلي إحدى عشر، ما يسر الله له يسلم من كل ثنتين يقول الله جل وعلا في عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64] فعباد الرحمن المؤمنون من صفاتهم التعبد بالليل والتهجد بالليل قال تعالى في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا  [المزمل:1-4]، ويقول جل وعلا: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، ويقول جل وعلا في صفة المتقين كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17، 18]، ويقول سبحانه تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۝ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16، 17] قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي يقوم من الليل عليه الصلاة والسلام يتهجد ويطول حتى تتفطر قدماه، حتى ترم قدماه من طول القيام، يقوم طويلًا يقرأ ويركع طويلا ويسجد طويلًا عليه الصلاة والسلام، ويصلي إحدى عشر ركعة يسلم من كل ثنتين، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة يسلم من كل ثنتين، وربما صلى أقل من ذلك تسعا أو سبعًا يطيل في القراءة ويطيل في الركوع والسجود عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله كيف تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: إني أحب أن أكون عبدًا شكورًا فالسنة للمؤمن أن يجتهد في قيام الليل بما يسر الله له، في أول الليل، في وسط الليل، في آخر الليل حسب التيسير، وأقل ذلك ركعة واحدة يوتر بها، أقل ذلك ركعة واحدة يوتر بها بعد سنة العشاء، وإذا أوتر بثلاث أو بخمس أو بأكثر فكل ما زاد فهو خير له، وأفضل الوتر وأكمله إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين كفعل النبي عليه الصلاة والسلام.
وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: هل كان النبي ﷺ في صلاة لما شفع لأمته؟
الشيخ: في غير الصلاة، سجود الشكر يسجد الإنسان حتى ولو ما هو على وضوء على الصحيح، سجود الشكر، سجود التلاوة مستحب ولو كانت على غير طهارة.
س: يرفع بعد السجود كالتكبيرة في الصلاة؟
الشيخ: ما لزوم تكبير، إن كبر عند السجود فحسن إن شاء الله عند السجود.
س: حديث سعد بن أبي وقاص صحيح؟
الشيخ: ما تعرض له المؤلف، سكت عنه المؤلف، لكن السجود ثابت عن النبي ﷺ الشكر.
س: في نسخة تحقيق الشيخ ناصر الدين الألباني يقول حديث السجود يقول ضعيف سندًا ومتنًا؟
الشيخ: يحتاج تأمل لأنه قد يغلط غفر الله لنا وله، قد يغلط.
س: الحديث صحيح؟
الشيخ: لكن له شواهد في حديث آخر: إذا جاء أمر يسره سجد لله عليه الصلاة والسلام.
س: له صيغة؟
الشيخ: مثل سجود الصلاة، سجود التلاوة وسجود الشكر مثل سجود الصلاة.
س: يستقبل القبلة؟
الشيخ: أفضل، السنة استقبال القبلة إذا تيسر ذلك.
س: إذا جاءه ما يسره من أمور الدنيا والآخرة وإلا من أمور الآخرة فقط؟
الشيخ: من الأمور التي تنفع المسلمين، تسر المسلمين تنفعهم.
س: إذا جاءه ولده؟
الشيخ: هذا ينفع هذا مما يسره.
س: ...؟
الشيخ: لا، يكبر وهو جالس ويسجد، يكفي الحمد لله.
س: يكبر؟
الشيخ: أفضل عند السجود بس عند الهوي.
س: ولو كان على غير طهارة؟
الشيخ: الصحيح ولو كان على غير طهارة.
س: هل له دعاء معين؟
الشيخ: مثل سجود الصلاة، ويحمد ربه ويثني عليه ويدعو جل وعلا، ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى.
س: مرة واحدة؟
الشيخ: على حسب ما تيسر مرة أو أكثر، كلما جاءه أمر يسره الحمد لله.
س: ...؟
الشيخ: أفضل تصافحهم، أفضل تصافح الذي عن يمينك وعن شمالك.
س: ما فيها محذور؟
الشيخ: لا، سنة.
س: بعضهم ينكر يقول ما دام أنه يقرأ قرآن دعه لا تسلم عليه؟
الشيخ: لا، غلط، السنة إذا لقي المسلم إخوانه ولو في الصف يسلم عليهم ويصافحهم.
س: أحد الدعاة قال: لا، ما تسلم عليهم؟
الشيخ: غلطن هذا غلط، هذا جهل.
الطالب: يقول في الحاشية عن حديث سعد بن أبي وقاص: أخرجه أبو داود وأخرجه البيهقي، وفي سنده موسى بن يعقوب السمعي وهو سيئ الحفظ، وشيخه يحيى بن الحسن بن عثمان مجهول، لكن في الباب عند أبي داود والترمذي من حديث أبي بكرة «أن النبي ﷺ كان إذا جاءه أمر يسر به خر ساجدًا شاكرًا لله تعالى» وسنده حسن، وسجد كعب بن مالك في عهد النبي ﷺ لما بشر بتوبة الله عليه.
الشيخ: هذا صحيح، لما جاءه خبر التوبة سجد لله كعب .