375 من حديث: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء..)

 
15/1174- وعَن ابنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: صلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيُلَةً، فَلَمْ يَزلْ قائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرٍ سُوءٍ. قَيل: مَا هَممْت؟ قَالَ: هَممْتُ أَنْ أَجْلِس وَأَدعهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
16/1175- وعَنْ حذيفة ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيَّ ﷺ، ذاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَح البقَرَةَ، فقلتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فقلتُ: يُصَلَّي بِهَا في ركْعَةٍ، فمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَح النِّسَاءَ فَقَرأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَها، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذا مَرَّ بِآيَةِ فِيها تَسْبيحٌ سَبَّحَ، وَإِذا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعوَّذ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فجعَل يَقُولُ: سُبْحَانَ ربِّي العظيمِ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: سمِع اللَّه لمَنْ حَمِدَه، رَبَّنَا لَكَ الحْمدُ ثُمَّ قامَ طَويلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجد فَقَالَ: سُبْحانَ رَبِّيَ الأَعْلى فَكَانَ سَجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم.
17/1176- وَعَنْ جابرٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الصَّلاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: طُولُ القُنُوتِ. رواه مسلم.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بقيام الليل، وتقدم في ذلك آيات وأحاديث كلها دالة على فضل قيام الليل، فقيام الليل سنة مؤكدة، وهو من فعل عباد الله الصالحين، ومن أخلاق عباد الرحمن، وهو خلق النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، سيد ولد آدم وأفضل الخلق كان يقوم الليل ويتهجد عملا بقوله سبحانه: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، وعملا بقوله سبحانه يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل:1-4] وكان من صفة عباد الرحمن التهجد بالليل قال تعالى: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64]، ومن صفاتهم الخضوع لله والعناية بالعمل الصالح، ولهذا ذكر الله عنهم صفات كثيرة، ومن صفات المتقين قوله سبحانه كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17، 18]، وكان ﷺ يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة في الغالب، وربما صلى ثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين، ويطيل القراءة والركوع والسجود، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان سجوده قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية».
وفي حديث ابن مسعود أنه قام معه ذات ليلة، فأطال القيام حتى هم ابن مسعود أن يجلس من طول القيام، وذكر حذيفة أنه قام في ليلة فقرأ في ركعة بالبقرة والنساء وآل عمران، يقف عند كل آية فيها تسبيح يسبح، وكل آية فيها دعاء يدعو، وكل آية فيها تعوذ يتعوذ، هذا هو السنة الإطالة حسب التيسير، إذا تيسر للإنسان وعنده قدرة يتهجد ويطيل في قيامه وركوعه وسجوده، والمشروع أن يكون ركوعه وسجوده وجلوسه بين السجدتين وارتفاعه بعد الركوع متقاربة، تكون الصلاة معتدلة متقاربة. قال البراء بن عازب : «رمقت الصلاة مع محمد ﷺ فرأيت قيامه فركعته فاعتداله بعد الركوع فسجدته فجلسته بين السجدتين قريبا من السواء» ومعناه أنه إذا أطال القراءة طول الركوع والسجود، وإذا خفف القراءة خفف الركوع والسجود، فصلاته متقاربة معتدلة، والإنسان يعمل ما يستطيع لا يشق على نفسه، المهم أنه يصلي من الليل ما تيسر، ويطيل حسب طاقته وحسب راحته في قراءته وركوعه وسجوده.
وحديث جابر يقول النبي ﷺ: أفضل القيام القنوت يعني طول القيام، فأفضل الصلاة طول القيام، يعني كونه يطيل قيامه وقراءته وتدبره، والمقصود من القراءة التدبر والتعقل والفهم والعمل، ولهذا قال جل وعلا: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]، ويقول جل وعلا: هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [إبراهيم:52] فهو أنزل للذكرى وللبلاغ والبيان والحث والتحريض والترغيب والترهيب لا لمجرد القراءة، ومع ذلك فالقراءة فيها فضل عظيم، كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، لكن إذا كان مع ذلك يعتني بالعمل كان خيرا إلى خير وفضل إلى فضل، وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: ...؟
الشيخ: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا منك الجد، يكرر الحمد والثناء، وبين السجدتين يقول: رب اغفر، رب اغفر، يكرر: اللهم اغفر، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني، اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر لي ولوالدي يكرر الدعاء.
س: السؤال والتعوذ في الفريضة أو في النافلة؟
الشيخ: المحفوظ عنه في تهجده في الليل، أما في الفريضة ما كان يقف في الفريضة، كان يستمر في قراءته عليه الصلاة والسلام، لكن في التهجد كان يعمل هذا الشيء، يقف عند كل آية في صلاة الليل في النافلة.
س: من فعله في الفريضة ينكر عليه؟
الشيخ: الأمر واسع، لكن تركه أفضل في الفريضة لئلا يشق على الناس.
س: ترتيب السور في حديث حذيفة أنه قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران؟
الشيخ: كان هذا في أول، ثم قدمت آل عمران على النساء، ولهذا الصحابة قدموها لما جمعوا المصحف.
س: قوله: (هممت بأمر سوء)( هل يؤخذ منه أن الإمام إذا طال الصلاة أن الرجل يتأخر عنه أو يصلي في مسجد آخر؟
الشيخ: يعني، أمر نسبي كونه يجلس والنبي ﷺ واقف وإلا هو جائز، النافلة يجوز أن تصلي قاعدًا، لكن قصده أنه أمر ما هو مناسب أن أجلس والنبي ﷺ قائم وابن مسعود شباب وقوي.
س: ضابط التشبه بالكافرين؟
الشيخ: الزي الخاص بهم لا يفعله المسلمون. أما إذا كان مشترك ما يصير تشبه، مثل ركوب الطائرة ما هو تشبه، ركوب السيارة ما هو تشبه، ركوب القطار ما هو تشبه لأنه مشترك الرمي. بالمدفع أو بغيره من الأشياء التي استجدت حديثة، إذا كان من زيهم الخاص أو في كفرهم نعوذ بالله هذا أشد وأشد.
س: بالنسبة للدعاء في السجود هل الإنسان يشارك والديه وذريته؟
الشيخ: يدعو بما تيسر، يقول النبي ﷺ: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء يدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين ولمشايخه ولزملائه ولمن أحسن إليه.
س: ...؟
الشيخ: إذا كان شغلا مهم، مثل مسألة الصحابي لما صف مع معاذ وطول معاذ انفرد ... وخاف عليهم عذره النبي ﷺ، إذا كان طولا له أهمية يشق على الناس.
س: أحيانا الإمام يطول وفي ناس يجلسون هل ينكر عليهم؟
الشيخ: إذا كان عاجزا ما في بأس، إذا كان يشق عليه ما في بأس، ما ينكر عليه لأن الناس فيهم الشائب وفيهم العاجز، والذي قوي ما يجلس، ما يجوز له يجلس في الفريضة، ما يجلس لكن في قيام رمضان مثل التهجد لا بأس.
س:في بعض البلدان العربية تلبس ملابس تشبه ملابس الكافرين لكنها غير مقصودة، تعارفوا عليها أنها ملابسهم مثل البنطلونات القمصان؟
الشيخ: ما دام يلبسها المسلمون ما يصير تشبه.