573 من حديث: (يذهب الصالحون الأول فالأول..)

 
21/1828- وعَنْ مِرْداسٍ الأسْلَمِيِّ قالَ قالَ النَّبيُّ ﷺ: يَذْهَبُ الصَّالحُونَ الأوَّلُ فالأولُ، وتَبْقَى حُثَالَةٌ كحُثَالَةِ الشِّعِيرِ أوْ التَّمْرِ، لاَ يُبالِيهمُ اللَّه بالَةً رواه البخاري.
22/1829- وعنْ رِفَاعَةَ بنِ رافعٍ الزُرقيِّ قالَ: جاء جِبْريلُ إلى النبيّ ﷺ قالَ: مَا تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فيكُمْ؟ قالَ: مِنْ أفْضَلِ المُسْلِمِين أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قالَ: وَكَذَلكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلائِكَةِ. رواه البخاري.
23/1830- وعن ابنِ عُمَر رضي اللَّه عنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا أنْزل اللَّه تَعالى بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهمْ. ثُمَّ بُعِثُوا على أعمَالِهمْ متفقٌ عليه.
24/1831- وعَنْ جابرٍ قال: كانَ جِذْعٌ يقُومُ إلَيْهِ النَّبيُّ ﷺ، يعْني فِي الخُطْبَةِ، فَلَما وُضِعَ المِنْبرُ، سَمِعْنَا لِلْجذْعِ مثْل صوْتِ العِشَارِ حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَوضَع يدَه عليْهِ فسَكَنَ.
وَفِي روايةٍ: فَلَمَّا كَانَ يَومُ الجمُعة قَعَدَ النَّبيُّ ﷺ عَلَى المِنْبَرِ، فصاحتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أنْ تَنْشَقَّ.
وفي روايةٍ: فَصَاحَتْ صِيَاحَ الصَّبيِّ. فَنَزَلَ النَّبيُّ ﷺ، حتَّى أخذَهَا فَضَمَّهَا إلَيْهِ، فَجَعلَتْ تَئِنُّ أنِينَ الصَّبيِّ الَّذي يُسكَّتُ حَتَّى اسْتَقرَّتْ، قال: "بَكَتْ عَلى مَا كَانَتْ تسمعُ مِنَ الذِّكْرِ" رواه البخاريُّ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث من العجائب والغرائب التي بينها النبي ﷺ ومما يقع في آخر الزمان ومن معجزاته عليه الصلاة والسلام، فالحديث الأول: يدل على أن الصالحين يذهبون الأول فالأول، وأنها تشتد غربة الإسلام إلى آخر الزمان، ولهذا قال ﷺ: يذهب الصالحون الأول فالأول وتبقى حثالة كحثالة الشعير والتمر لا يباليهم الله بالة، وهذا مثل الحديث الآخر: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء قيل: يا رسول الله من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون عند فساد الناس، وفي اللفظ الآخر: هم النزاع من القبائل، وفي اللفظ الآخر: هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير فهذا يبين لنا أن الغربة تشتد كلما تأخر الزمان، قل الصالحون وكثر غيرهم، فينبغي للمؤمن أن يحاسب نفسه وأن يجاهدها لعله يكون من الصالحين ومن الغرباء.
الحديث الثاني
والحديث الثاني: يقول ﷺ: إن جبرائيل سأل النبي ﷺ: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ يعني الذين حضروا بدرًا وقاتلوا المشركين فقال له النبي ﷺ: إنهم من أصلح الناس، ومن أفضل الناس، بل قال فيهم ﷺ أن الله قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، هم من خيار الناس، فقال جبرائيل: وهكذا من حضر من الملائكة هم من خيار الملائكة، يعني من حضر بدرًا وساعد في بدر من الملائكة هم من خيار الملائكة، ومن فضائلهم عليهم الصلاة والسلام.
الحديث الثالث
وفي الحديث الثالث: يقول ﷺ: إن الله إذا أراد بقوم عقوبة عمت الصالح والطالح، ثم يبعثون على نياتهم وأعمالهم، إذا ظهرت المنكرات والشرور عمت العقوبة، ثم يبعث الناس على أعمالهم ونياتهم، الصالح على نيته والطالح على نيته، ففي هذا الحذر من ظهور المنكرات وأن الواجب القضاء عليها، كما جاء في الحديث يقول ﷺ: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه فواجب على أهل الحل والعقد وعلى كل مؤمن أن يجتهد في إزالة المنكرات والقضاء عليها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى رجاء ثواب الله وخشية عقابه سبحانه وتعالى.
الحديث الرابع
وفي الحديث الرابع: أن الجذع الذي كان يخطب عنده النبي ﷺ في المدينة -في مسجده عليه الصلاة والسلام- كان يتكئ على جذع هناك يخطب يوم الجمعة، ثم أمر بصنع المنبر، فلما صنع المنبر وصعد عليه عليه الصلاة والسلام جعل الجذع يحن، يحن لفقده ما كان يسمعه ويتكئ عليه النبي عليه الصلاة والسلام، جذع أنطقه الله آية ومعجزة، فنزل من المنبر وجعل يسكته حتى جعل يئن كأنين الصبي حتى سكت. هذا يدل على أن الجمادات لها شعور بإذن الله، لها شعور بالأعمال الصالحة بتقوى الله، بخشية الله كما قال تعالى في الجبال: وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [البقرة:74] يعني الحجارة، فهكذا النخل وهكذا غيرها من النباتات لها شعور بخالقها يليق بها وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء:44] فهذه الجمادات وهذه الأشجار كلها لها شعور بخالقها يليق بها، سبحان الخلاق العليم، وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: هل شاركت الملائكة في غير بدر من الغزوات؟
الشيخ: جاء في بعض الأحاديث مشاركتها في حرب هوازن ويوم حنين.
س: الجمع بين هذا الحديث إذا أنزل بقوم عذاب وبين أن أمة محمد لا يعذبون عامة؟
الشيخ: إذا أنزل على قوم ما هم كلهم، إذا أنزل على قوم طائفة اجتمعت مثلًا في قرية وأظهروا المنكر وعمت العقوبة تعم الصالح والطالح، مثل الذين يغزون مكة في آخر الزمان، ينزل بهم عقوبة في بيداء من الأرض فيخسف بأولهم وآخرهم، قيل: يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بهم جميعًا ثم يبعثون على نياتهم. الذي نفاه النبي ﷺ العقوبات العامة، يعني تعم أهل الأرض كلهم.
س: إنكار القلب هل يمنع حدوث العقاب العام؟
الشيخ: ما يكفي، لا بدّ من الإنكار بالفعل والقول مع القدرة، أما الذي ما يقدر يكفيه القلب.
س: هذا يمنع العقوبة؟
الشيخ: عنه، هو العقوبة عنه، يعني ما يعاقب يوم القيامة، لكن تعمه العقوبات العامة.
س: هل صحيح قول من يقول أن الحيوانات والجمادات أفضل عند الله من عصاة المسلمين؟
الشيخ: لا هذا ما عليه دليل، كلام ما له أساس، عصاة المسلمين عندهم التوحيد وعندهم الإيمان الأساس الذي يدخلون به الجنة ولو عذبوا، عندهم أصل التوحيد ولكن ظلموا أنفسهم كما قال تعالى: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ [فاطر:32].
س: هل هي أفضل من الكفار؟
الشيخ: لا شك الجمادات أفضل من الكفار.
س: الذي يستطيع يغير بلسانه وغير بقلبه، لو عذب هل يشمله العذاب؟
الشيخ: قد تعمه العقوبات ويبعث على نياتهم وعلى أعمالهم الطيبة.
س: لكن لو كان يستطيع يغير هذا المنكر بلسانه؟
الشيخ: يستحق العقاب إذا لم يفعل يستحق، نسأل الله العافية.
س:... الإنكار العلني؟
الشيخ: نعم.
س: القلب ما يكفي؟
الشيخ: لا، القلب حده بس أنه النجاة إذا كان عاجزا.