577 من حديث: (قلت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه غفر اللَّه لك..)

 
36/1843- وعَنْ عاصِم الأحْوَلِ عَنْ عَبْدِاللَّه بنِ سَرْجِسَ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّه ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّه غَفَرَ اللَّه لكَ، قَالَ: وَلَكَ قَالَ عَاصِمٌ: فَقلْتُ لَهُ: اسْتَغْفَرَ لَكَ رَسُولُ اللَّه ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكَ، ثُمَّ تَلاَ هَذه الآيةَ: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19]، رَواهُ مُسلم.
37/1844- وَعَنْ أبي مسْعُودٍ الأنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: إنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنعْ مَا شِئْتَ رواهُ البُخَاريُّ.
38/1845- وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: أوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يوْمَ الْقِيَامةِ في الدِّمَاءِ مُتَّفَقٌ علَيْهِ.
39/1846- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخلِقَ الجَانُّ مِنْ مَارِجٍ منْ نَارً، وخُلِق آدمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ رواهُ مسلم.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة تتعلق بأحكام متعددة مثل ما تقدم قول المؤلف في المنثورات والملح، يعني المنثورات التي في معانٍ كثيرة وأحكام متعددة.
فالأول: عن عبد الله بن سرجس أنه أخبر عاصم الأحول أنه قال: يا رسول الله غفر الله لك، فقال له ﷺ: ولك يعني وغفر الله لك، فقال له عاصم: استغفر لك رسول الله ﷺ؟ فقال: نعم استغفر لي ولك، ثم قرأ قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19] فأنت من المؤمنين والمؤمنات الذين أمر الرسول أن يستغفر لهم، ففي هذا حسن خلقه ﷺ وتواضعه ومحبته لما ينفع أمته، فإن عبدالله لما قال: غفر الله يا رسول الله، قال: ولك يعني وغفر الله لك، ففي هذا حسن الإجابة، وأن من قال لك: جزاك الله خيرًا أو غفر الله لك، تقول: وأنت جزاك الله خيرًا أيضًا، وتقول: غفر الله لك، فــ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن:60]، ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه.

والحديث الثاني: يقول النبي ﷺ: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت هذا فيه وعيد من لا يستحي يصنع ما شاء ولن يفوت الله، بل هو على خطر من تحت قدرة الله جل وعلا، فالواجب الحذر وأن يستحي الإنسان من ربه، فلا يقدم على ما حرم الله ولا يترك ما أوجب الله، المؤمن يستحي من الله حق الحياء، ويقول ﷺ في الحديث الآخر: الحياء من الإيمان، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي سمع شخصًا يعظ أخاه في الحياء فقال له: دعه فإن الحياء من الإيمان يعني يعظ أخاه يقول له: لا تستحي كثيرا، انبسط مع الناس، وكذا وكذا، فقال له النبي ﷺ: دعه فإن الحياء من الإيمان فالذي لا يستحي سوف يقع منه ما لا تحمد عقباه وسوف يندم العاقبة، والصحيح أن هذا للتهديد والتحذير، وفيه الحث على الحياء والبعد عما يستحيا منه.

والحديث الثالث: يقول ﷺ: أول ما يقضى به الناس يوم القيامة في الدماء هذا فيه خطر الدماء وأنها خطيرة، فيجب الحذر من سفك الدماء بغير حق، لا بقتل ولا بجرح يجب الحذر، وأن يصون الإنسان نفسه عن ظلم الناس مطلقًا، ولاسيما ما يقع فيه الدم من الجراحات والقتل، فإنه سوف يقضى بينهم يوم القيامة، وسوف يعطى كل ذي حق حقه، فليحذر المؤمن أن يتعلق به إخوانه فيما ظلمهم فيه، فقد صح عنه عليه السلام أنه قال لأصحابه يومًا ما تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم له ولا متاع، عند العرب يعد مفلس يعني ما عنده شيء، قال النبي ﷺ: لكن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصوم وصدقة، ويأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأخذ مال هذا، فيعطى هذا من حسناته ويعطى هذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته ولم يقض ما عليه حمل عليه من سيئاتهم ثم طرح في النار نسأل الله العافية. هذا المفلس الذي تؤخذ حسناته يوم القيامة فيعطاها غيره لظلمه وعدوانه ثم يحمل من سيئاتهم بسبب إساءته إليهم ثم يطرح في النار بظلمه، فينبغي للمؤمن الحذر من الدماء وعواقبها الوخيمة، فإن عواقبها وخيمة والظلم كله وخيم كما قال ﷺ: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وبالأخص الدماء فإنها أخطر الظلم، نسأل الله العافية.

كذلك حديث عائشة رضي الله عنها يقول ﷺ: خلقت الملائكة من النور، وخلق الشيطان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم رواه مسلم. الله جل وعلا خلق الملائكة المكرمين من النور، فدل على طيب عنصرهم وأن عنصرهم النور وكلهم في طاعة ربهم كما قال جل وعلا: لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء:27]، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء:28] عليهم الصلاة والسلام، وخلق الجان من مارج من نار الشيطان كما قال تعالى: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ [الحجر:27]، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ۝ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن:14، 15] وخلق آدم مما وصف لكم من الطين من التراب، هذه أصول الناس الخلائق المكلفة، هذه أصولها: آدم من طين، والشياطين من نار، والملائكة من نور، وهم لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] عليهم الصلاة والسلام، والجان على الصحيح هو أبو الشياطين، وهو قائد العصاة إلى النار، وذريته قسمان: منهم الصالح والطالح كذرية آدم فيهم الصالح والطالح، كما ذكر الله قصتهم في سورة الرحمن خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ۝ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ۝ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ۝ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن:14-17] إلى آخر إلى أن قال: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46] يعني من هؤلاء ومن هؤلاء، فالواجب على الإنس والجن جميعًا أن يتقوا الله وأن يعبدوا الله، وعلى الإنس أن يحذروا الوقوع في الخطيئة التي وقع فيها آدم أبوهم ليحذروا السيئات والمعاصي، فإن ذكر خطيئة أبيهم توجب انتباههم وحذرهم، وعلى أولاد الشيطان أن يحذروا طاعة خبيثهم وأن يسارعوا إلى الخيرات والطاعات، أما الملائكة فهم في طاعة الله كما أخبر عنهم جل وعلا مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء:28]، لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]. وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: من قال أن أول الخصومات يوم القيامة بين علي ومعاوية؟
الشيخ: الله أعلم، هذا.. أنه جاء أول من يقضى له ... في قصة أهل بدر فيما أخبر عن ... أنهم أول من يأتون بين يدي الله يوم القيامة، يعني علي وحمزة وعبيدة بن الحارث مع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة ما هو مع معاوية مع هؤلاء الذين قاتلهم يوم بدر.
س: الجان هو الشيطان؟
الشيخ: هو الشيطان نعم.
س:...؟
الشيخ: الله أعلم.
س: فاعلم أنه لا إله إلا هو ما معناها؟
الشيخ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19] يأمر نبيه أن يعلم أنه لا معبود حق إلا الله، يعني اعلم يا محمد وعلم الناس كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62] المعنى اعلم ذلك يقينًا وعلّم الناس مثل ما قال جل وعلا: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى [الضحى:7] كان على أمر الجاهلية فهداه الله وعلّمه وأوحى إليه حتى صار قائد المؤمنين إلى الجنة ومنذر الكفار من عذاب الله عز وجل، وصار أفضل الناس بهذا الوحي العظيم والعبادة العظيمة.
س: لا حياء في الدين صحيح؟
الشيخ: ما أعرف له أصلا، مأخوذ هذا من كلام أم سليم قالت بمعناه: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، مأخوذ من هذا فقالت: يا رسول الله هل على المرأة من غسل إذا هي احتملت؟ تسأل ما أنا بمستحية، باسأل عن هذا الأمر العظيم، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي ﷺ: نعم إذا رأت الماء، والله يقول: وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53].
س: حكم من قال أنه ﷺ خلق من نور؟
الشيخ: ما له أصل، هذا كلام باطل خلق من ماء عبدالله ومن ماء آمنة أبيه وأمه، هذا جاهل مركب لكن الله أعطاه النور بالوحي يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ۝ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46] بالوحي الذي أنزل عليه لما أوحى الله إليه من القرآن والسنة ما هو بخلقته.
س:...؟
الشيخ: الله أعلم، لأن الله سخر لسليمان الشياطين من الجن والإنس جميعًا، سخرهم له، والظاهر أنه من الجن ما هو من الإنس.
س: امرأة تريد أن تسافر إلى أمريكا مع زوجها من أجل الدراسة، السؤال هو: تقول هي عندما تصل إلى المطار لا بدّ أن يأمروا أي امرأة أن تكشف وجهها وهي ملتزمة ويجبروها لا بدّ أن تفعل هذا الفعل، فماذا تصنع؟
الشيخ: لماذا؟
الطالب: يقول لا بدّ أن يطابقوا الصورة مع الشخص؟
الشيخ: إذا اضطرت ما عليها شيء.
س: وسؤالها الثاني أيضا: تقول عندما يريدون أن يسافروا إلى هناك يودعون أموالهم في البنوك ويعطونهم كرت فيه نوع من الربا فلا بدّ أن يفعلوا هذا، فماذا يصنعوا في مثل هذه الحالة؟
الشيخ: لا، يضعونها بدون ربا يأخذون الوثيقة بدون الربا، يضعونها عندهم كأمانة ويحولون عليها بالتحويلات المعتادة بينهم.
س: على حسب سؤالها تقول لا بدّ يعطوها الكرت هذا الذي فيه ربا؟
الشيخ: يمكن هذه القيمة يقول: سلم قيمة هذا الكرت هذا قيمة الورقة مثل الحوالة التي تحول أنت على زيد أو على عمرو تعطيهم قيمة الحوالة عن تعبهم. أما يكون في جداولهم هذه قيمة السفتجة، أما الربا عن المال ما يصلح.
س: إذا اضطر إلى ذلك يفعل أو لا يفعل؟
الشيخ: هذا للوثيقة قيمة، الوثيقة يعطونه قيمة، الوثيقة التي يحول بها مثل وثيقة السفتجة الحوالة.
س:...؟
الشيخ: يشكلهم الله كما يشاء سبحانه وتعالى.
س: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم مخرجا، ومن كل ضيف فرجًا، هل هذا صحيح؟
الشيخ: لا بأس به، الظاهر أن سنده لا بأس به.
س: الرجل الذي تعمد تأخير الصلاة؟
الشيخ: يحذر ويعلم أن هذا منكر وخطر من الكفر، لأن بعض أهل العلم يراه كافر إذا تعمد حتى خرج وقتها يعتبر كافرًا.