580 من حديث: (ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم..)

 
45/1852- وَعنْ أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: ثَلاثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمْ اللَّه يوْمَ الْقِيَامةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلا ينْظُرُ إلَيْهِمْ، ولَهُمْ عذَابٌ أليمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِل مُسْتَكْبِرٌ رواهُ مسلم.
46/1853- وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: سيْحَانُ وجَيْحَانُ وَالْفُراتُ والنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أنْهَارِ الْجنَّةِ رواهُ مسلم.
47/1854- وَعَنْهُ قَال: أخَذَ رَسُولُ اللَّه ﷺ بِيَدِي فَقَالَ: خَلَقَ اللَّه التُّرْبَةَ يوْمَ السَّبْتِ، وخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الأحَد، وخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأرْبَعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الخَمِيسِ، وخَلَقَ آدَمَ ﷺ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوم الجُمُعَةِ في آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الَّليلِ. رواه مسلم.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة فيها فوائد وأحكام متعددة عن النبي عليه الصلاة والسلام.
في الحديث الأول يقول عليه الصلاة والسلام: سيحون وجيحون والنيل والفرات كل من أنهار الجنة هذه أصلها من أنهار الجنة، وهي في الدنيا لكن الله جل وعلا جعل أصلها في الجنة، ويسر منها هذه النماذج في هذه الدنيا، وهي معروفة: النيل والفرات وسيحون وجيحون، كلها معروفة أنهار عظيمة نفع الله بها العباد.
والحديث الآخر: ثلاث لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر هذا أيضا فيه التحذير من هذه الخصال الشنيعة: الزنا والكذب والتكبر، فالواجب على كل مسلم الحذر من هذه الخصال حتى ولو من الشاب، الزنا محرم وكبيرة من كبائر الذنوب من الشيخ والشاب ولكنه من الشيخ والشيبة يكون أقبح وأشد إثمًا لضعف الدواعي، ويدل على أن هذا سجية له وغريزة، فالزنا من أقبح السيئات ومن أعظم الكبائر من الشيخ والشاب ومن الشيخ أقبح، وهكذا الكذب محرم على الجميع، ولكنه من الملك الذي أعطاه الله من الدنيا ما أعطاه ولم يحوجه إلى الكذب، فإذا تعود الكذب صار ذلك سجية له وضر العباد والبلاد، وهكذا التكبر محرم من الغني والفقير لكنه من الفقير أشد لقلة الدواعي وضعف الدواعي، فيجب الحذر من الكبر والكذب والفاحشة –الزنا- لكونها كلها من الكبائر قال الله جل وعلا: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، وقال جل وعلا: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النحل:105]، وقال في النار: فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر:72]، وقال عليه الصلاة والسلام[1]: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما عذبته فالواجب الحذر من التكبر -وهو ازدراء الناس- قال رجل: يا رسول الله إني أحب أن يكون نعلي حسنة وثوبي حسنًا أفذلك من الكبر؟ فقال ﷺ: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس هذا الكبر بطر الحق وغمط الناس، بطر الحق يعني رد الحق وعدم قبوله اتباعًا للهوى، وغمط الناس يعني احتقار الناس، فالواجب الحذر من هذه الخصال الذميمة وأن يكون المؤمن بعيدًا عن التكبر والفواحش كلها والكذب.
كذلك جاء في حديث أبي هريرة أن الله خلق التربة يوم السبت إلى آخره دل القرآن الكريم على أن الله خلق العالم في ستة أيام أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة كما قال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54] هكذا نص القرآن وجاءت الأحاديث في ذلك.
أما في حديث أبي هريرة هنا ... يوم السبت فهو وهم من بعض الرواة كما قال البخاري وجماعة، إنما الصواب إنه يوم الأحد أول العالم، التربة يوم الأحد وبقية الخلق في الأيام الأخيرة، وآدم في اليوم الأخير في يوم الجمعة خلق الله آدم أبانا في آخر ساعة من يوم الجمعة، ويوم السبت ليس فيه خلق كما قال جل وعلا: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق:38] فأولها يوم الأحد وهو أول الأسبوع وآخرها يوم الجمعة، وأما رواية أن أولها يوم السبت فهو وهم من بعض الرواة وغلط من بعض الرواة كما نبه عليه المحققون كالبخاري وغيره رحمة الله عليهم، وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: من قال أن هذه الأيام السبعة التي وردت في الحديث هي غير الأيام الستة التي القرآن؟
الشيخ: لا، هي هي، هي التي في القرآن وهي التي في السنة.
س: يقول زيادة على ما في القرآن؟
الشيخ: لا ، غلط غلط.
س: كيف نجمع بين حديث الرسول: لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، ولكن برحمة الله، وقوله تعالى: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72]؟
الشيخ: يعني بأسباب أعمالكم، الله جعل دخولهم الجنة بأسباب أعمالهم الصالحة، ودخولهم النار بأسباب أعمالهم الخبيثة، وقوله ﷺ: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله يعني في المعاوضة، باء المعاوضة ليس العمل الموجب وإنما الموجب فضل الله ورحمته وتفضله وجوده وكرمه وأعمالنا أسباب، نحن أعمالنا أسباب ولهذا قال ﷺ: لن يدخل الجنة أحدكم بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل يعني بموجب عمله لكن بفضل الله ورحمته وإحسانه جعل عملنا سببًا فضلا منه فالباء باء السببية، والباء في بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72] هي باء العوض.
س: بعضهم قال أن دخول الجنة بالرحمة والتعاوض في المراتب؟
الشيخ: لا، الكلام ما بينه النبي ﷺ دخول الجنة برحمة الله وجوده وكرمه وأعمالهم هي الأسباب، أعمالهم الصالحة هي الأسباب.
س: ...؟
الشيخ: إذا كان يمكنه يذهب، يذهب يصلي مع الجماعة إذا كان يمكنه ويعرف، أما إذا كان ما يدري أو يشك، يصلي مع من تيسر من الإخوان أو يصلي وحده.
س: ....؟
الشيخ: إذا كان ما تعمد النوم ما عليه كفارة، لكن كونه ينسدح ويتساهل، هذا من علامات التساهل بحصول النوم، اللي يحلف ينبغي له أن يتحرز ويحذر وإلا عليه كفارة يمين للتساهل.
س:...؟
الشيخ: إذا كان مما يلبسه المسلمون ولو مصنوعة في الخارج، إذا كان من ملابس المسلمين ولو هو مصنوع في لندن وفي أمريكا، أما إذا كان فيه تشبه بالكفار لا.
س: بنطلونات وكرفتات؟
الشيخ: المقصود إذا كان من لباس الكفار ما هي من لباس المسلمين، ما يجوز لا يساعدهم على الباطل، الله جل وعلا يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] نسأل الله العافية.
س: إذا كانت مشتركة بين المسلمين والكفار؟
الشيخ: إذا كانت مشتركة فمثل السيارة ما هي من خواص الكفار، والطائرة كذلك المشتركة ما فيها شيء، الطائرات ما هي من خواص الكفار والسيارات ما هي خاصة للكفار.
س: من قال أن الحيوانات خلق قبل الإنسان بمليوني سنة؟
الشيخ: الله أعلم.
س: درسنا هذا في مرحلة دراسية؟
الشيخ: قل الله أعلم أحسن لك، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا [البقرة:32] قول الملائكة.
  1. لعل الشيخ (رحمه الله) قصد: فيما يرويه عن ربه عز وجل، كما هو الظاهر من السياق.