586 من: ( باب الاستغفار)

 
19 - كتَاب الاستغفار
371 - باب الأمر بالاستغفار وفضله

قال الله تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19]. وقال تعالى: وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:106]. وقَالَ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:3]. وقال تعالى: للَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إلَى قَولِهِ : وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [آل عمران:15-17]. وقال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:110]. وقال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال:33]. وقال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] والآيات في الباب كثيرة معلومة.
1/1869- وَعن الأَغَرِّ المُزَنيِّ أَنَّ رسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبي، وَإِني لأَسْتغْفِرُ اللَّه في الْيوْمِ مِائَةَ مرَّةٍ رواهُ مُسلِم.
2/1870- وعنْ أَبي هُريْرة قَال: سمِعْتُ رسُول اللَّهِ ﷺ يقُولُ: واللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّه وأَتُوبُ إِلَيْهِ في الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سبْعِينَ مَرَّةً رواه البخاري.
3/1871- وعنْهُ قَال: قَال رسُولُ اللَّهِ ﷺ: والَّذي نَفْسِي بِيدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَب اللَّه تَعَالى بِكُمْ، ولجاءَ بقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّه تَعالى فَيغْفِرُ لهمْ رواه مسلم.
4/1872- وعَنِ ابْنِ عُمر رضِي اللَّه عَنْهُما قَال: كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ في المجلِس الْواحِدِ مائَةَ مرَّةٍ: ربِّ اغْفِرْ لِي، وتُبْ عليَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث صحيح.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات الكثيرة والأحاديث النبوية كلها تدل على وجوب التوبة إلى الله والاستغفار من الذنوب، وأن الواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن يلجأ إلى الله ويستغفره ويتوب إليه وينيب إليه؛ لأن ابن آدم خطاء كما قال النبي ﷺ: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون فالإنسان محل الذنوب ومحل التقصير، فالواجب عليه أن يلزم التوبة دائمًا، وأن يكثر من استغفار الله كما قال سبحانه: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:199]، وقال جل وعلا: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:110]، وقال جل وعلا: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ [آل عمران:17]، وقال سبحانه: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال:33]، وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ  الآية [آل عمران:135] فالواجب الإكثار من الاستغفار والتوبة كما قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحً} [التحريم:8] فأنت محل الذنوب ليلًا ونهارًا، فالواجب البدار بالتوبة ولزومها وكثرة الاستغفار لعلك تنجو، لعل الله يتوب عليك وقد وعدك ذلك وهو الصادق في وعده، ويقول النبي ﷺ: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة، وفي اللفظ الآخر: لأتوب إلى الله في اليوم مائة مرة، وفي اللفظ الآخر: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، وهو الأسوة عليه الصلاة والسلام لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] فكما كان يكثر من الاستغفار والتوبة -وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- فكيف بحالنا ونحن على خطر؟ فالواجب الإكثار من الاستغفار ولزوم التوبة دائمًا ومحاسبة النفس وجهادها حتى لا تقع في الخطيئة، ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة يعني يصيبه بعض الشيء الغطاء الخفيف غير الران، الغين غير الران، الران شدة الحجاب نسأل الله العافية لكثرة الذنوب كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14] أما الغين فهو شيء خفيف يعتري القلب ويجلوه الله بالاستغفار والتوبة، فالمؤمن هكذا يجتهد في التوبة إلى الله والاستغفار والحذر من شر الذنوب وعدم الإصرار عليها لعله ينجو، لعله يسلم، كذلك كانوا يعدوا للنبي ﷺ في اليوم في المجلس الواحد مائة مرة يقول: اللهم اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم، وهو رسول الله مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، في المجلس الواحد يعدون له يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، يقول: اللهم اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور، في اليوم مائة مرة، وهذا يدل على عظم عنايته بهذا الأمر العظيم، وتواضعه وحرصه على أسباب المغفرة -وهو سيد ولد آدم المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- فنحن أولى بأن نحرص لكثرة ذنوبنا وتقصيرنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كذلك حديث: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرونه فيغفر لهم فيه الدلالة على أنه كتب على الناس الذنوب حتى يلجؤوا إلى الله، حتى يتواضعوا وحتى يقروا بالتقصير بأنه محل الخطأ محل العقوبة، إلا أن يتوب الله عليهم، فمن زعم أنه سليم لا يذنب فهو جاهل مركب، فكل إنسان عرضة للذنوب، كل بني آدم خطاء، فالواجب البدار بالتوبة والاستغفار والحرص على ذلك رجاء أن يعفو الله عنك ويغفر لك، والله سبحانه يحب من عباده أن يلجؤوا إليه وأن يستغفروه وأن يتوبوا إليه، وأن يعترفوا بذنوبهم، كما أخبر النبي ﷺ: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر الله لهم يعني ينكسرون إلى الله وبين يديه ويضرعون إليه ويظهرون فاقتهم وضعفهم حتى يتوب عليهم سبحانه وتعالى، رزق الله الجميع التوبة والاستغفار.

الأسئلة:
س: ...؟
الشيخ: لا، يكون الله كتب على عباده الذنوب، لو كانوا معصومين جاء بغيرهم حتى يتبين أثر أنه غفور وأنه رحيم وأنه جواد وأنه كريم بسبب وقوع الذنوب فيتوب عليهم ويغفر لهم إذا تابوا إليه وأنابوا إليه، وقد يعفو عنهم لأسباب أخرى.
س: الأحاديث أليس فيها دلالة على الجهر بالاستغفار؟
الشيخ: إن جهر وإن أسر كله طيب وهو دعاء، الدعاء الإسرار به أفضل، وإذا دعت الحاجة إلى إظهاره كالخطيب الذي يعظ الناس في الاستسقاء يجهر، كالقنوت الذي يقنت بالناس، وأما الإنسان بينه وبين ربه السر به أفضل ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55].
س: أي صيغة للاستغفار تصلح؟
الشيخ: أي صيغة، اللهم اغفر لي، أستغفر الله وأتوب إليه، اللهم اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور، أستغفر الله وأتوب إليه، وهكذا: اللهم تب علي، اللهم اغفر لي.
س: ما رأي سماحتكم في قول القائل بأن الإمام إذا سمع في الصلاة صوت الداخل في المسجد أن يطول في القراءة بالتسبيحات ليلتحق الداخل بالجماعة؟
الشيخ: نعم أفضل، شيء لا يشق على الناس، كان النبي ﷺ لا يركع حتى لا يسمع قرع قدم، يعني مراعاة للداخل حتى يلتحق بالركعة من دون إطالة تشق على الناس .
س: رجل يضع جبهته على الأرض دون الأنف في السجود وربما لم يمكن جبهته على الأرض فما حكم صلاته؟
الشيخ: لا بدّ من تمكين الجبهة والأنف، ولا يصح السجود إلا بذلك، فإذا تعمد هذا بطلت صلاته، وإذا كان عن سهو تبطل الركعة التي تركه منها وتقوم الأخرى مقامها، ويأتي بركعة أخرى إذا كان فردًا، وإذا كان مأمومًا إذا سلم إمامه يأتي بركعة لأنه ضيع ركعة.
س: حديث: كل أمر ذي بال لا يبدأ بحمد الله فهو أقطع حديث صحيح؟
الشيخ: كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أقطع، وجاء فهو أجذم، وجاء فهو أبتر قال ابن الصلاح: لا بأس به إسناده حسن لأنه له طرق عديدة.
س: إذا لم يمس أنفه الأرض طوال السجود أما إذا مسه في جزء من أجزاء السجود؟
الشيخ: لا بدّ أنه يسجد على الأنف والجبهة جميعًا، لا بد منهما جميعا، كان النبي ﷺ يسجد على الجبهة والأنف ويقول: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة وأشار إلى أنفه.