590 من حديث: (سأل موسى صلى الله عليه وسلم ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة؟..)

 
4/1883- وَعَن المُغِيرَةِ بْن شُعْبَة عنْ رسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: سأَل مُوسَى ﷺ ربَّهُ، ما أَدْنَى أَهْلِ الْجنَّةِ مَنْزلَةً؟ قَالَ: هُو رَجُلٌ يجِيءُ بعْدَ مَا أُدْخِل أَهْلُ الْجنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخِلِ الْجنَّة. فَيقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ وقَدْ نَزَل النَّاسُ منَازِلَهُمْ، وأَخَذُوا أَخَذاتِهِم؟ فَيُقَالُ لهُ: أَتَرضي أَنْ يكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيا؟ فَيقُولُ: رضِيتُ ربِّ، فَيقُولُ: لَكَ ذَلِكَ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ، فَيقُولُ في الْخَامِسَةِ: رضِيتُ ربِّ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وعشَرةُ أَمْثَالِهِ، ولَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، ولَذَّتْ عَيْنُكَ. فَيَقُولُ: رضِيتُ ربِّ، قَالَ: ربِّ فَأَعْلاَهُمْ منْزِلَةً؟ قالَ: أُولَئِك الَّذِينَ أَردْتُ، غَرسْتُ كَرامتَهُمْ بِيدِي وخَتَمْتُ علَيْهَا، فَلَمْ تَر عيْنُ، ولَمْ تَسْمعْ أُذُنٌ، ولَمْ يخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بشَرٍ رواهُ مُسْلم.
5/1884- وعن ابْنِ مسْعُودٍ قَالَ: قَال رسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْل النَّار خُرُوجًا مِنهَا، وَآخِرَ أَهْل الْجنَّةِ دُخُولًا الْجنَّة. رجُلٌ يخْرُجُ مِنَ النَّارِ حبْوًا، فَيقُولُ اللَّه لَهُ: اذْهَبْ فَادخُلِ الْجنَّةَ، فَيأْتِيهَا، فيُخيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا ملأ، فيَرْجِعُ، فَيقُولُ: يا ربِّ وجدْتُهَا ملأ، فيَقُولُ اللَّه لهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجنَّةَ، فيأْتِيها، فَيُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهَا ملأ، فَيرْجِعُ. فيَقُولُ: يا ربِّ وجدْتُهَا ملأ،، فَيقُولُ اللَّه لهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ. فإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيا وعشَرةَ أَمْثَالِها، أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْل عَشرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيا، فَيقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي، أَوَ أَتَضحكُ بِي وأَنْتَ الملِكُ قَال: فَلَقَدْ رأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجذُهُ فَكَانَ يقُولُ: ذَلِكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ منْزِلَةً متفقٌ عليه.
6/1885- وَعَنْ أَبي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ للْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمةً مِنْ لُؤْلُؤةٍ وَاحِدةٍ مُجوَّفَةٍ طُولُهَا في السَّماءِ سِتُّونَ مِيلًا. للْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ فَلاَ يَرى بعْضُهُمْ بَعْضًا متَّفقٌ علَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
ففي هذه الأحاديث الثلاثة بيان حال أهل الجنة وما أعطاهم الله من النعيم، وبيان أدناهم منزلة رجل يخرج من النار من آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة؛ لأن العصاة بعضهم يعذب في النار وبعضهم يعفى عنه بتوبته أو بأعمال صالحة، كما قال تعالى لما ذكر الشرك قال: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] كثير من العصاة يدخلون النار بمعاصيهم من الزنا، من شرب المسكر، من الربا، من غير ذلك، ثم بعدما يطهرون في النار على قدر معاصيهم، يخرجهم الله من النار بشفاعة الشفعاء، وبمجرد رحمته وعفوه فيكون آخرهم من يخرج من النار حبوًا فيأمره الله أن يدخل الجنة، فيخيل إليه أنها ملأ، فيقول: يا ربي إني وجدتها ملأ، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فيخيل إليه أنها ملأ، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فيدخلها ويعطى عشرة أمثال ملك الدنيا، وفي رواية أترضى أن يكون لك مثل ملك ملوك الدنيا! فيقول: نعم يا رب: فيقول: لك ذلك، ومثله، ومثله، ومثله، ومثله، ومثله، وفي اللفظ الآخر: وعشرة أمثاله هذا أدناهم منزلة، أعلاهم منزلة مثل ما قال جل وعلا: «أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلم تسمع أذن ولم تر عين، ثم قرأ قوله جل وعلا قرأ أبو هريرة فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]» فالله جل وعلا وعد أهل الجنة من الكرامة ما لا يعلمه إلا هو من أنواع النعيم والخير، وهم طبقات على حسب أعمالهم في الدنيا، على حسب أعمالهم الصالحة، فكل من كانت تقواه لله أكمل صارت منزلته أرفع ونعيمه أكثر، وجميع أهل الجنة كلهم في نعيم، كل واحد يرى أنه لم يعط أحد مثل مما هو فيه من النعيم، لا حزن فيها ولا تباغض، كله في نعمة دائمة وخير دائم وسعادة دائمة لما أعطاه الله من أنواع النعيم والخير الكثير، وهذا من جوده وكرمه .
والحديث الثالث: يقول ﷺ: إن للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة طولها ستون ميلًا في السماء، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم، لا يرى بعضهم بعضًا من عظمها وسعتها فهم منازل في الجنة وأنواع وطبقات ودرجات كثيرة، يتفاوتون فيها على حسب أعمالهم الصالحة في الدنيا، وتقواهم لله في الدنيا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الأسئلة:
س: إذا رأى بعض الناس رجلًا صالحًا وقال: إن شاء الله أنك من أهل الجنة، هل فيها شيء؟
الشيخ: أحسن أن يقول أرجو أن تكون من أهل الجنة، وإلا ما فيها شيء إن شاء الله، لكن أرجو أن تكون من أهل الجنة كلام طيب.
س: أهلون يعني زوجات؟
الشيخ: نعم.
س: هذا الحديث يفسر الآية  وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ [الإنسان:19]؟
الشيخ: نعم، الولدان غير، الولدان معناها الخدم، خدم مخلدون لا يموتون ولا يمرضون في نعيم يطوفون عليهم بأنواع النعيم مما طلبوا.
س: هل يعالج السحر بسحر مثله؟
الشيخ: لا، لا يجوز يعالج بالقرآن والأدوية المباحة والدعاء، وأما السحر فلا، مثل ما قال ﷺ لما سئل عن النشرة قال: هي من عمل الشيطان ..
س: كيف يمكن الجمع بين قوله : إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [التحريم:7]، وحديث النبي ﷺ: لا يدخل الجنة أحدكم بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.
الشيخ: هذه باء العوض، المنفية باء العوض، أما المثبتة فباء السبب، يدخلون الجنة بأسباب أعمالهم، والمعول فيها على عفو الله ورحمته جل وعلا، لا يدخل الجنة أحدكم بعمله -يعني بعوض- لأن عمله كله ما يقابل نعمة من نعم الله عليه سبحانه وتعالى في صحته وعافيته وما رزقه الله في الدنيا، فالأعمال الصالحة أسباب، هو الذي جعلها أسبابًا وأوجب بها الرحمة هو ربنا سبحانه وتعالى فضلًا منه وإحسانًا جل وعلا، ولكن يتغمدهم الله برحمته بأسباب أعمالهم الصالحة.
س: اشتراط الكفاءة في النسب في النكاح عليه دليل؟
الشيخ: لا ما عليه، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] المعول عليه التقوى، فاظفر بذات الدين ترتبت يداك.
س: ...؟
الشيخ: ما في بأس، كله ما في بأس، هذا أعراف بين الناس، فاطمة بنت قيس تزوجت بأسامة بن زيد، وهو عتيق وهي من قريش، وعائشة بنت الحسين بن علي بن طالب تزوجت بمصعب بن الزبير، ومصعب ما هو من بطن بني هاشم وهو من عامة قريش.