31/1315- وعنْ أنَسٍ ، قالَ انْطَلقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المشْركِينَ إِلَى بَدرٍ، وَجَاءَ المُشرِكونَ، فقالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: لاَ يَقْدمنَّ أحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شيءٍ حَتَّى أكُونَ أنَا دُونَهُ فَدَنَا المُشرِكونَ، فقَال رسُول اللَّه ﷺ: قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمواتُ وَالأَرْضُ قَالَ: يَقولُ عُمَيْرُ بنُ الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ : يَا رسولَ اللَّه جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمواتُ والأرضُ؟ قالَ :نَعم قالَ: بَخٍ بَخٍ، فقالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَولِكَ بَخٍ بخٍ؟ قالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رسُول اللَّه إلاَّ رَجاءَ أَنْ أكُونَ مِنْ أهْلِها، قَالَ: فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا فَأخْرج تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَل يَأْكُلُ منْهُنَّ، ثُمَّ قَال لَئِنْ أنَا حَييتُ حَتَّى آكُل تَمَراتي هذِهِ إنَّهَا لحَيَاةٌ طَويلَةٌ، فَرَمَى بمَا كَانَ مَعَهُ مَنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رواهُ مسلمٌ.
32/1316- وعنه قَالَ: جاءَ ناسٌ إِلَى النَّبيِّ ﷺ أنِ ابْعث معنَا رِجَالاً يُعَلِّمونَا القُرآنَ والسُّنَّةَ، فَبعثَ إلَيْهِم سبعِينَ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ يُقَالُ لهُمُ: القُرَّاءُ، فيهِم خَالي حرَامٌ، يقرؤُون القُرآنَ، ويتَدَارسُونَهُ باللَّيْلِ يتعلَّمُونَ، وكانُوا بالنَّهار يجيئُونَ بالماءِ، فَيَضعونهُ في المسجِدِ، ويحْتَطِبُون فَيبيعُونه، ويَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعام لأهلِ الصُّفَّةِ ولِلفُقراءِ، فبعثَهم النَّبيُّ ﷺ، فَعَرَضُوا لَهُمْ فقتلُوهُم قَبْلَ أنْ يبلُغُوا المكانَ، فقَالُوا: اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبيَّنَا أَنَّا قَد لَقِينَاكَ فَرضِينَا عنْكَ وَرَضِيتَ عَنا، وأَتى رجُلٌ حَراماً خالَ أنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطعنَهُ بِرُمحٍ حَتَّى أنْفَذهُ، فَقَال حرامٌ: فُزْتُ وربِّ الكَعْبةِ، فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إنَّ إخْوانَكم قَد قُتِلُوا، وَإنَّهُمْ قالُوا: اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَد لَقِيناكَ فَرضِينَا عنكَ ورضِيتَ عَنَّا متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.
33/1317- وعنهُ قَالَ: غَاب عَمِّي أنسُ بنُ النضْر عنِ قِتَالِ بدرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّه غِبتُ عَنْ أوَّلِ قِتالٍ قاتَلتَ المُشرِكينَ، لئِنِ اللَّه أشْهَدني قِتالَ المُشرِكِينَ ليَرينَّ اللَّه مَا أَصنع. فلمَّا كانَ يومُ أحُدٍ انكشفَ المُسلِمُونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعتَذِرُ إلَيك مِمَّا صنع هَؤُلاءِ يعْني أصْحابهُ، وأَبْرأُ إليكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ يَعني المُشركينَ، ثُمَّ تقدَّم فاستَقبلهُ سعدُ بنُ مُعاذٍ فَقَالَ: يَا سعدُ بنَ مُعاذٍ الجنَّةُ وربِّ النَّضْرِ، إنِّي أجِدُ رِيحَهَا مِن دونِ أُحدٍ، قَالَ سعدٌ: فَمَا استَطعتُ يَا رسولَ اللَّهِ مَا صنَع، قَالَ أنسٌ: فَوجدْنَا بِهِ بِضعاً وثَمانِينَ ضَربَةً بالسَّيفِ، أوْ طَعنةَ برُمْحٍ أوْ رَمْيَةً بِسهمٍ، ووجدناهُ قَدْ قُتِلَ ومثَّلَ بِهِ المُشرِكونَ، فَما عرفَهُ أحدٌ إلاَّ أُختُهُ بِبنانِهِ. قَالَ أنسٌ: كُنَّا نَرى أوْ نَظُنُّ أَنَّ هذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ فِيهِ وفي أَشبَاهِهِ: مِنَ المُؤْمِنينَ رِجَالٌ صدقُوا مَا عَاهَدوا اللَّه عليْهِ فَمِنْهُمْ منْ قَضَى نَحْبَهُ إلى آخرهَا [الأحزاب:23] . متفقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ سبَقَ في باب المُجاهدة.
32/1316- وعنه قَالَ: جاءَ ناسٌ إِلَى النَّبيِّ ﷺ أنِ ابْعث معنَا رِجَالاً يُعَلِّمونَا القُرآنَ والسُّنَّةَ، فَبعثَ إلَيْهِم سبعِينَ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ يُقَالُ لهُمُ: القُرَّاءُ، فيهِم خَالي حرَامٌ، يقرؤُون القُرآنَ، ويتَدَارسُونَهُ باللَّيْلِ يتعلَّمُونَ، وكانُوا بالنَّهار يجيئُونَ بالماءِ، فَيَضعونهُ في المسجِدِ، ويحْتَطِبُون فَيبيعُونه، ويَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعام لأهلِ الصُّفَّةِ ولِلفُقراءِ، فبعثَهم النَّبيُّ ﷺ، فَعَرَضُوا لَهُمْ فقتلُوهُم قَبْلَ أنْ يبلُغُوا المكانَ، فقَالُوا: اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبيَّنَا أَنَّا قَد لَقِينَاكَ فَرضِينَا عنْكَ وَرَضِيتَ عَنا، وأَتى رجُلٌ حَراماً خالَ أنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطعنَهُ بِرُمحٍ حَتَّى أنْفَذهُ، فَقَال حرامٌ: فُزْتُ وربِّ الكَعْبةِ، فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إنَّ إخْوانَكم قَد قُتِلُوا، وَإنَّهُمْ قالُوا: اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَد لَقِيناكَ فَرضِينَا عنكَ ورضِيتَ عَنَّا متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.
33/1317- وعنهُ قَالَ: غَاب عَمِّي أنسُ بنُ النضْر عنِ قِتَالِ بدرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّه غِبتُ عَنْ أوَّلِ قِتالٍ قاتَلتَ المُشرِكينَ، لئِنِ اللَّه أشْهَدني قِتالَ المُشرِكِينَ ليَرينَّ اللَّه مَا أَصنع. فلمَّا كانَ يومُ أحُدٍ انكشفَ المُسلِمُونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعتَذِرُ إلَيك مِمَّا صنع هَؤُلاءِ يعْني أصْحابهُ، وأَبْرأُ إليكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ يَعني المُشركينَ، ثُمَّ تقدَّم فاستَقبلهُ سعدُ بنُ مُعاذٍ فَقَالَ: يَا سعدُ بنَ مُعاذٍ الجنَّةُ وربِّ النَّضْرِ، إنِّي أجِدُ رِيحَهَا مِن دونِ أُحدٍ، قَالَ سعدٌ: فَمَا استَطعتُ يَا رسولَ اللَّهِ مَا صنَع، قَالَ أنسٌ: فَوجدْنَا بِهِ بِضعاً وثَمانِينَ ضَربَةً بالسَّيفِ، أوْ طَعنةَ برُمْحٍ أوْ رَمْيَةً بِسهمٍ، ووجدناهُ قَدْ قُتِلَ ومثَّلَ بِهِ المُشرِكونَ، فَما عرفَهُ أحدٌ إلاَّ أُختُهُ بِبنانِهِ. قَالَ أنسٌ: كُنَّا نَرى أوْ نَظُنُّ أَنَّ هذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ فِيهِ وفي أَشبَاهِهِ: مِنَ المُؤْمِنينَ رِجَالٌ صدقُوا مَا عَاهَدوا اللَّه عليْهِ فَمِنْهُمْ منْ قَضَى نَحْبَهُ إلى آخرهَا [الأحزاب:23] . متفقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ سبَقَ في باب المُجاهدة.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة في فضل الجهاد كالتي قبلها، وأحاديث الجهاد كثيرة كلها تدل على فضله، وأن الجهاد في سبيل الله عن إخلاص وصدق من أسباب الجنة والنجاة من النار، وأن المجاهدين موعودون بالدرجات العليا في الجنة لجهادهم وصبرهم وإيثارهم طاعة الله على حياتهم ونفوسهم، ولهذا في هذا الحديث أنه قال لأهل بدر: قوموا إلى جنة عرضة السماوات والأرض لما تقدموا للقتال يوم بدر، هذا يدل على أن الجهاد له شأن عظيم، وأن أهله موعودون بالجنة، وأن الصادقين المخلصين على خير عظيم.
وهكذا حديث عمير بن الحمام لما سمع فضل الجهاد وفضل المجاهدين -وكان بيده تمرات- فقال: يا رسول الله بخ بخ، قال: وما بخ بخ؟ قال: ما بي إلا أني أرى أن حياتي طويلة إذا بقيت حتى آكل هذه التمرات، وأن الجهاد فضله عظيم وأني أريد الجنة، فقال: أنت من أهلها فهذا يدل على أن الله جل وعلا أخبره بأنه من أهل الجنة، وأنه يقتل شهيدًا؛ فألقى التمرات التي بيده وجعل يقاتل حتى قتل، وهكذا قصة أنس بن النضر عم أنس بن مالك رضي الله عنهما كان قد غاب عن غزوة بدر، فقال: لئن ألحقني الله غزوة مع رسول الله ليريني الله ما أفعل، فلما جاءت غزوة أحد حضرها وحصل للمسلمين ما حصل من الانكشاف والهزيمة، فقال أنس بن النضر لما رأى إخوانه قد انهزموا: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني المشركين، ثم جعل يقاتل حتى قتل، قال: إني أجد ريح الجنة من وراء أحد، قال سعد بن معاذ لما صادفه قال للنبي ﷺ: ما استطعت أن أفعل ما فعل من التقدم إلى نحور المشركين، ووجدوه قتيلا بها بضعة وثمانون ضربة ما بين ضربة برمح وما بين رمية بسهم رضي الله عنه، وقد مثلوا به ولم يعرفه إلا أخته الربيع ببنانه بأصابعه.
وفي حديث السبعين الذين أرسلهم دعاة إلى بعض القبائل يدعونهم ويعلمونهم، فاعترضهم بعض القبائل وقتلوهم في الطريق، فطلبوا من ربهم أن يبلغ عنهم أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم ورضوا عنه، فأنزل الله فيهم قرآنا أنهم قد لقوا الله فرضي عنهم وأرضاهم حتى تطيب النفوس وتطمئن القلوب بأنهم فازوا بالجنة والكرامة ولقوا ربهم ورضي عنهم ، هذه تدل على أن أهل الإيمان ممتحنون ولهم أعداء وأن صبرهم وجهادهم من أعظم الأسباب في نجاتهم وسعادتهم وفوزهم بالدرجات العالية في دار الإقامة دار النعيم، وهذه الدار دار الامتحان ودار البلايا والمحن، فلا بدّ من الصبر في الجهاد وفي أداء فرائض الله وترك محارم الله، وفي الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير هذا مما يجب على المؤمن، فهذه الدار دار العمل دار الصبر دار الامتحان دار المجاهدة، ومن أخلص لله أفلح، وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: قوله: فقالوا اللهم بلغ عنا نبينا قبل القتل؟
الشيخ: لما تعدوا عليهم هؤلاء عرفوا.
س: متى يسأل الرجل عن راية الجهاد إذا شك في الجيش؟
الشيخ: يجتهد، إذا رأى ظاهرهم الدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله فالحمد لله، ينظر ويسأل عنده عقل وعنده سمع وعنده بصر، إذا كان مع قوم يجاهدون في سبيل الله لإعلاء دينه هذا هو الجهاد في سبيل الله.
س: قول أنس بن النضر: لئن الله أشهدني قتال المشركين نذر؟
الشيخ: قريب من النذر، ولكن ما هو بواضح النذر، ما قال لله عليّ بل إخبار بمعنى الوعد والمعاهدة.
س:ما يكون النذر غير المشروط مباحا؟
الشيخ: محتمل أنه ليرين الله ما أفعل، ما قال علي ما أتى بصيغة الالتزام لكنه وعد، والمؤمن إذا وعد وفى، ولهذا وفى واجتهد يوم أحد.
س: ...؟
الشيخ: يعني أصابه.
س: ...؟
الشيخ: يمكن أنها علامة على ما عرفته أخته، أقول لعل فيه أشياء خاصة عرفتها.
س: يعد عمير بن الحمام ممن يشهد له بالجنة بأعيانهم باسمه؟
الشيخ: نعم داخل فيهم، وكذلك هؤلاء الذين قتلوا.
س: إذا لم يكن النذر مشروطا يكون مباحا؟
الشيخ: إن كان طاعة يلزم، قال لله علي أن أفعل كذا طاعة يلزم من نذر أن يطيع الله فليطعه، وأما إن قال شاء الله أو سأفعل إن شاء الله ما يصير نذر، أو قال إن حضرت فعلت وما التزم ما يصير نذر ... أو أقمت فيهم درس أو إن وجدت فلانا نصحته هذا وعد.
س: في الحديث أن القراء هؤلاء كانوا يضعون الطعام في المسجد؟
الشيخ: كانوا يجتهدون ويكتسبون ويساعدون الفقراء وأهل الصفة.
س: يعني لا بأس أن تصل الطعام إلى المسجد؟
الشيخ: ...
س: ...؟
الشيخ: ظاهر السياق أنه قوم من الأعداء غير الذين طلبوهم.