419 من حديث: (من سأل اللَّه تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء..)

 
37/1321- وعَنْ سهل بن حُنَيْفٍ أنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ سأَلَ اللَّه تَعَالَى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ اللهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِهِ. رواه مسلم.
38/1322- وعنْ أنسٍ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: منْ طلَب الشَّهَادةَ صادِقًا أُعطيها ولو لَمْ تُصِبْهُ. رواه مسلم.
39/1323- وعَنْ أَبي هُريْرةَ قال: قالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِن مَسِّ القتْلِ إلاَّ كَمَا يجِدُ أحدُكُمْ مِنْ مسِّ القَرْصَةِ. رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
40/1324- وعنْ عبْدِ اللَّهِ بن أَبي أوْفَى رضي اللَّه عنْهُما أنَّ رسُول اللَّهِ ﷺ في بعضَ أيَّامِهِ الَّتي لَقِي فِيهَا العدُوَّ انتَظر حَتَّى مَالتِ الشَّمسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاس فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمنَّوْا لِقَاءَ العدُوِّ، وَسلُوا اللَّه العافِيةَ، فَإِذَا لقِيتُمُوهُم فَاصبِرُوا، واعلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ ومُجرِيَ السَّحابِ، وهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمهُم وانْصُرنَا علَيهِم متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالشهادة في سبيل الله وما ينبغي عند لقاء العدو من الصبر والاحتساب والإخلاص لله، يقول ﷺ: من سأل الله الشهادة صادقا يعني في سبيل الله بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه متى طلب الشهادة في سبيل الله وهو صادق -ولم تتيسر له- بلغه الله منازل الشهداء فضلا منه بسبب نيته الصادقة التي علمها الله منه.
وفي الحديث الثالث الدلالة على أن الشهيد يسهل الله عليه ألم ضربة السيف والرمح ونحو ذلك، وأنه لا يحس بذلك إلا بالشيء اليسير كألم القرصة الذباب أو العقرب أو نحو ذلك أول ما تقرصه، يعني أن الله يسهل عليه فلا يتألم كثيرا من ذلك بل يسهل الله عليه ذلك ويريحه من ألم ذلك في قبضه إليه سبحانه وتعالى، وبكل حال فالله جل وعلا ادخر للشهداء ووعدهم الشيء الكثير من فضله وجوده وكرمه سبحانه وتعالى؛ لما بذلوا في سبيله من مهاج نفوسهم، ولما صبروا في إظهار دينه وإعلانه والقتل في سبيله فبصبرهم على جهاد الأعداء وبذلهم نفوسهم في سبيل الله، عوضهم الله الأجر العظيم لأن أغلى شيء عند الإنسان نفسه، هي أغلى شيء، فإذا بذلها لله فالله جل وعلا يقدر له هذا البذل ويضاعف له المثوبة لأنه يعلم الصادقين ويعلم ما تنطوي عليه القلوب.
وفي حديث عبدالله بن أوفى أنه ﷺ كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال للناس: لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، وكان ينظر إذا لم يقاتل أول النهار أجل حتى تزول الشمس وتهب الرياح ويجيء النصر، فكان قتاله إما في أول النهار وإما في آخر النهار بعد الزوال، وكان يقول ﷺ: لا تتمنوا لقاء العدو يعني خيلاء أو إرهاء وعدم مبالاة، وإلا فقد تقدم من سأل الشهادة وطلب الشهادة في سبيل الله وطلب الجهاد في سبيل الله والرغبة في ذلك أمر مطلوب لكن لا يتمناها الإنسان إرهاء من نفسه، وأنه سوف يفعل وسوف يفعل، بل يسأل الله العافية، ويطلب ربه أن يرزقه الجهاد في سبيله والشهادة في سبيله، لكن إذا لقي العدو يكون عنده الصدق وعنده الضراعة إلى الله وطلب النصر منه لا ... بشجاعته وقوته أو كثرة جيشه بل يكون عنده الانكسار إلى الله والذل إلى الله وعدم العجب بالنفس أو العجب بالجيش أو العجب بالقوة، بل يقابل العدو بالضراعة والانكسار لله والذل له وطلبه النصر والافتقار إليه ويصبر، ولهذا قال ﷺ: فإذا لقيتموهم فاصبروا يعني اصبروا على جلادهم وقراعهم بالسلاح ومصارعتهم والكر والفر لنصر دين الله ، ثم قال ترغيبا في الجهاد: واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف يعني أن حصولها والفوز بها مربوط ومرتهن بالجهاد في سبيل الله بالنسبة إلى هذا الجانب وإن كان لها طرق أخرى، الجنة لها طرق أخرى فالإسلام كله طريق للجنة، وهكذا الأعمال الصالحات كلها من أسباب الجنة، ومن أعظم الأسباب الجهاد في سبيل الله، هكذا المحافظة على الصلاة والصدقات والإكثار من ذكر الله، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، إلى غير هذا من وجوه البر كلها من سبل نيل الكرامة والسعادة ودخول الجنة والجهاد في سبيل الله طريق من هذه الطرق التي جعلها الله سبيلا للجنة وطريقا لجنة لمن صبر واحتسب .
ثم قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك: اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم يعني أن المؤمن مع نشاطه وجده ومع قوته يسأل ربه التوفيق ويسأل ربه النصر لا يعجب كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً [البقرة:249] قد يكون الجيش كثيرا ويهزم لعجبه أو تخاذل أو أسباب أخرى، لكن الجيش يصدق ويخلص لله ولا يعجب ويصبر على قراع الأعداء ويحسن الظن بربه الذي وعدهم النصر، وفق الله الجميع.

س: قول أن نية المؤمن أبلغ من عمله؟
الشيخ: من كلام بعض السلف، مأخوذة من بعض الأحاديث، مستنبطة من حديث الأعمال بالنيات وأن العبد له ما نوى، وأنه إذا نوى العمل الطيب ثم حبسه عذر صار له أجر العاملين كما في الحديث الصحيح: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، وفي الحديث: إن في المدينة أقوام ما سلكتم طريقا ولا قطعتم شعبا إلا وهو معكم حبسهم العذر يعني مع النية الصالحة.
س: صحة حديث أبي هريرة؟
الشيخ: الترمذي قال: حسن صحيح: ولا راجعت إسناده.
س: تنفير السلف من أهل البدع والتحذير منهم وعدم حضور مجالسهم وسماع كلامهم للتنفير منهم أو الخوف من الوقوع فيما وقعوا فيه؟
الشيخ: للتنفير والخوف من الوقوع فيما وقعوا فيه: تنفيرا منهم ليرجعوا ويتوبوا: ولئلا يقع المجالس فيما وقعوا فيه نسأل الله العافية.
س: ...؟
الشيخ: طيب هذا من باب الدعوة إلى الله طيب جيد.
الطالب: حديث أبي هريرة ... رواه الترمذي، وأخرجه النسائي وسنده حسن صححه ابن حبان.
الشيخ: شعيب؟
الطالب نعم.
الشيخ: شعيب جيد.