438 من حديث: (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة..)

 
13/1388- وَعَنْ أَبي الدَّرْداءِ، ، قَال: سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ، يقولُ: منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ. رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ.
14/1389- وعنِ ابن مسْعُودٍ،، قالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: نَضَّرَ اللَّه امْرءًا سمِع مِنا شَيْئًا، فبَلَّغَهُ كَمَا سَمعَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعى مِنْ سَامِع. رواهُ الترمذيُّ وقال: حديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.
15/1390- وعن أَبي هُريرةَ، ، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: منْ سُئِل عنْ عِلمٍ فَكَتَمَهُ، أُلجِم يَومَ القِيامةِ بِلِجامٍ مِنْ نَارٍ. رواهُ أَبو داود والترمذي، وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.
16/1391- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: منْ تَعلَّمَ عِلمًا مِما يُبتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لا يَتَعلَّمُهُ إِلاَّ ليصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيا لَمْ يجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يوْم القِيامةِ يَعْنِي: رِيحَهَا، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
17/1392- وعنْ عبدِاللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عَنهُما قَالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقول: إنَّ اللَّه لاَ يقْبِض العِلْم انْتِزَاعًا ينْتزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، ولكِنْ يقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَماءِ حتَّى إِذَا لمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا فَسئِلُوا، فأفْتَوْا بغَيْرِ علمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الخمسة فيما يتعلق بفضل العلم والترغيب فيه وشدة حاجة الناس إليه، وما يقع من الخطر عند فقد العلماء، ووجوب الإخلاص في طلب العلم والتوجه إلى الله في ذلك وعدم إرادة عرض الدنيا، تقدم حديث أبي هريرة فيما رواه مسلم في الصحيح: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة، وهكذا حديث أبي الدرداء المذكور من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة فهذا يبين أن طلب العلم من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، وفي اللفظ الآخر: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق على صحته، وفي الحديث: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب» وتقدم: «كفضلي على أدناكم المقصود أن هذه الأحاديث تدل على فضل العلم والعمل به، وما للعلماء العاملين من الخير الكثير، و العلماء هم ورثة الأنبياء كما قال النبي ﷺ، والأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر، فالواجب على أهل العلم أن يبثوه في الناس وأن ينشروه في الناس وأن يعلموا الناس وأن يجتهدوا في ذلك، وأن يكونوا في ذلك مخلصين لله وحده ويحذروا من الرياء والسمعة، لحديث: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا للدنيا لم يجد عرف الجنة يعني ريحها، وهذا وعيد عظيم كذلك إذا كتم العلم يقول ﷺ: من سئل عن علم فكتمه يعني علم يعلمه فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ففي هذا الحث على بذل العمل والدعوة إلى الله وإرشاد الناس الخير، وتعليمهم وتوجيههم وألا يبخل بالعلم، وأن يكون بذلك مخلصا لله يريد وجه الله والدار الآخرة، فالمؤمن من شأنه الحرص على بذل العلم وتوجيه الناس إلى الخير والحرص على بيان ما يحتاجون إليه، والعلم إنما يقبض بموت العلماء، فإذا مات العلماء قبض العلم، فالمصحف وكتب الحديث لا تعلم الناس إلا بواسطة العلم، واسطة العلماء، فإذا فقد من يأخذ العلم من القرآن والسنة ويبلغه الناس ذهب العلم، ولهذا قال ﷺ: إن الله ليقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالم وفي اللفظ الآخر حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسؤلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا وهذا يوجب لطالب العلم ولكل مؤمن الحرص على طلب العلم ما دام أهله موجودين، لو بالسفر من بلاد إلى بلاد، من إقليم إلى إقليم لطلب العلم كما سافر العلماء والأخيار من عهد الصحابة إلى يومنا، فطالب العلم لا يتقيد بقرية أو بلد بل يطلب العلم ولو في بلدان أخرى، والحديث المشهور: اطلبوا العلم ولو في الصين هو حديث لا يصح بل هو موضوع، لكن المقصود أن الإنسان يطلب العلم أين وجده، وأين ذكر له، لا يكون كسولًا، ولكن يطلب العلم ويجتهد في تحصيله في أي جهة يجده فيها، العلم النافع العلم الشرعي، أما علم الدنيا فهذا شيء آخر لأهله الخيار فيه، علم الطب، علم النجارة، علم الحدادة، علم الزراعة، هذه أمور على حسب رغبة أهلها، من شاء تعلمها ومن شاء تركها، وهي فرض كفاية على المسلمين، لكنها بالنسبة لكل فرد إن شاء فعل وإن شاء ترك، لكن علم الشريعة، علم أحكام الله كيف تصلي كيف تصوم كيف تعبد ربك، تعرف الفرائض التي عليك، المحارم التي حرمها، هذه لا بدّ منها، هذا العلم الواجب لا بدّ أن يتعلمه المؤمن، العامي يسأل أهل العلم، طالب العلم يبذله في الناس ويرشدهم ويعلمهم بالمكاتبة، بالخطابة، بالهاتف، بكل طريق يستطيع إيصال العلم حتى ينتشر العلم وحتى تقام الحجة وتنقطع المعذرة.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:
س: وإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم على ظاهره؟
الشيخ: الله أعلم.
س: استغفار الحيتان للعالم من سائر الحيوانات؟
الشيخ: حتى، يعني حتى الحيتان وكل شيء حتى، لأن فتواه وتعليمه ينشر الحق والخير، يوجد المطر ويوجد النبات وينتفع البادي والحاضر والدواب وغير الدواب.
س: ترك طالب العلم الجواب تورعا مع علمه بأنه لا يتوقف ...؟
الشيخ: ما يجوز له إلا إذا كان أحاله إلى غيره، إذا رأى الإحالة إلى غيره لتورع أو لأن غيره أعلم منه فلا بأس، كان الصحابة يحيلون في بعضهم على بعض، أما كونه يترك الناس جهالًا ويقول: هذا تورع، هذا ما هو تورع، إذا كان ما في إلا هو يجتهد.
س:إذا كان يعلم أنه ليس الموقف توقف عليه؟
الشيخ: إن كان عنده شك لا يفتي بغير علم، ومن كان قصده الورع ويوجد من هو أعلم منه يحيل إليه، يقول: روحوا اسألوا فلان ما يخالف.
س: حديث أبي هريرة: من سئل عن علم صحيح؟
الشيخ: نعم.
س: هل يدخل في حديث أبي هريرة ألجم بلجام من نار إذا سئل رجل عن جماعة فسكت، هل طريقها صحيح إلى طريق النبي ﷺ؟
الشيخ: نعم يدخل في هذا.