471 من حديث: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل: يقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي)

4/1499- وَعَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: يُسْتجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ: يقُولُ قَد دَعوتُ رَبِّي، فَلم يسْتَجبْ لِي. متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ .
5/1500- وَعَنْ أَبي أُمامَةَ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمعُ؟ قَالَ:"جوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ المكْتُوباتِ "رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.
6/1501- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَا عَلى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّه تَعالى بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّه إِيَّاهَا، أَوْ صَرَف عنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَم يدْعُ بإِثْم، أَوْ قَطِيعَةِ رحِمٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللَّه أَكْثَرُ.
رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسنٌ صَحِيحٌ، وَرَواهُ الحاكِمُ مِنْ رِوايةِ أَبي سعيِدٍ وَزَاد فِيهِ: أَوْ يَدَّخر لهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَها.
7/1502- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما أَنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ كَان يقُولُ عِنْد الكرْبِ: لا إِلَه إِلاَّ اللَّه العظِيمُ الحلِيمُ، لا إِله إِلاَّ اللَّه رَبُّ العَرْشِ العظِيمِ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه رَبُّ السمَواتِ، وربُّ الأَرْض، ورَبُّ العرشِ الكريمِ متفقٌ عَلَيْهِ.


الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها مع الآيات الكريمات كلها تدل على شرعية الإكثار من الدعاء والاستمرار في الدعاء ولو لم ير الاستجابة، فإن الله سبحانه له الحكمة البالغة فقد يؤجل الدعوة إلى أمد ليجتهد العبد في الدعاء ويلح في الدعاء ويستقيم على الحق ويحاسب نفسه ويجاهدها لله، فتكون هذه الحاجة من أسباب صلاحه ومن أسباب توفيق الله له، فينبغي له أن يلح في الدعاء ويجتهد ويحاسب نفسه، قد تكون الدعوة أجلت لأنه مقيم على معصية ما تاب منها، أجلت لمصلحة له في الدنيا، لمصلحة له في الآخرة، فربك أعلم وأحكم، ولهذا قال ﷺ: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيستحسر، ويقول: دعوت ودعوت فلم أراه يستجاب لي، وفي اللفظ الآخر: يستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم وما لم يستحسر قالوا: يا رسول الله كيف يستحسر؟ قال: يقول دعوت ودعوت فلم أره يستجاب لي فيستحسر عند هذا ويدع الدعاء، وفي اللفظ الآخر: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم وإن الله جل وعلا يعطي العبد بدعوته إحدى ثلاث: أما أن تعجل له دعوته في الدنيا: وإما أن تدخر له في الآخرة: وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك، قالوا: يا رسول الله إذًا نكثر، قال: الله أكثر.

فأنت يا عبد الله لا تيأس ولا تقنط ولا تمل من الدعاء، اجتهد في الدعاء وانتظر الإجابة واعلم أن ربك حكيم عليم، قد يؤجلها سنة سنتين ثلاث أكثر لحكمة بالغة، هو أعلم بمصالحك وأعلم بأسباب هدايتك وأعلم بما يصلحك وينفعك وينفع غيرك، قد تكون عندك ذنوب وسيئات لم تتب منها فأجلت الدعوة لأجل هذا، قد تكون الدعوة فيها إثم، فيها قطيعة رحم فصارت سببًا لعدم إجابتها، قد يكون هناك مطعم حرام من الربا أو السرقة أو الانتهاب أو الخيانة، أو هناك قطيعة رحم أو هناك عقوق والدين أو هناك أشياء أخرى، فتش حاسب نفسك لا تتهم ربك، فربك حكيم عليم يقول سبحانه: إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام:83]، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:11] عليم بأحوال عباده حكيم فيما يعمل كيف يصنع؟ كيف يعمل؟ كيف يجيب الدعوة؟ ماذا يترتب عليها؟ هو حكيم جل وعلا في منعك، وفي إجابتك، وفي تأخير الإجابة، لا تسء الظن بربك ولكن أسء الظن بنفسك وحاسبها وجاهدها، فالمجاهد من جاهد نفسه، فظن بربك الخير وظن بنفسك الشر ثم استقم على جهادها حتى تنجح، حتى تربح، حتى تجاب دعوتك، يقول سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186].

فاستجب لله وآمن به بالاستقامة بطاعة ربك، بالثبات على الحق، بترك المعاصي، ومن ساعات الإجابة جوف الليل ولاسيما الآخر، السدس الرابع والخامس الذي هو محل صلاة داود عليه الصلاة والسلام، وهكذا السدس الأخير كلها محل إجابة، السدس الرابع والخامس التنزل الإلهي ينزل ربنا حين يبقى ثلث الليل الأخير في السدس الرابع والخامس والسادس، والسدس الرابع في محل قيام داود عليه الصلاة والسلام، أحب الصلاة صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويقول ﷺ: إن في الليل ساعة لا يرد فيها سائل.

فاغتنم التهجد بالليل والدعاء والضراعة إلى الله في ساعة الليل ولاسيما ساعات النصف الأخير لعلك تنجح، ثم على الأقل أنت على أجر في الدعاء، تؤجر تكتب لك حسنات حتى ولو لم يستجب لك، فنفس الدعاء عمل صالح تؤجر عليه ولك فيه ثواب، ثم لك أيضا أمر آخر وهو أن ما من عبد يدعو الله بدعوة لأخيه إلا قال الملك الموكل: آمين ولك مثله، فإذا دعوت لوالديك أو لإخوانك المسلمين أو لشخص معين بالتوفيق والهداية وصلاح الحال، قال الموكل: آمين ولك بمثله، فأنت على خير في دعائك لنفسك ولوالديك ولولاة الأمور بالتوفيق والهداية وللمسلمين جميعا، أنت على خير فادع لوالديك المسلمين وادع لولاة الأمور بالتوفيق والهداية والصلاح وصلاح البطانة في جوف الليل، اجتهد في الدعاء لولاة الأمور أن الله يوفقهم ويصلح لهم البطانة ويعينهم على كل خير ويمنحهم التوفيق لصالح الإسلام والمسلمين، تدعو لوالديك المسلمين لإخوانك المسلمين لأولادك لزوجتك لجيرانك المسلمين لغيرهم، أنت على خير في دعائك تؤجر وتثاب حتى ولو لم يستجب لك، أنت على خير وقد تؤجل الإجابة، ولكن الأجر جار لك الأجر ولك الحسنات في هذا الدعاء والضراعة إلى الله، أنت مأجور حتى لو لم يستجب لك أنت على خير عظيم.
ويقول ﷺ في دعاء الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم الأول الحليم، والثاني العظيم، والثالث الكريم، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم تذكر الله، تدعو مع هذا الذكر، تدعو ربك تسأله خيري الدنيا والآخرة، اللهم يسر لي الذرية الصالحة، اللهم يسر لي زوجة صالحة، اللهم يسر لي رزقا حلالا، اللهم أصلح ولاة أمرنا، اللهم وفقهم لكل خير، اللهم أصلح لهم البطانة، اللهم انصر بهم الحق، اللهم أعذهم من بطانة السوء، اللهم اغفر لوالدي، اللهم اجزهم عني خيرا -إذا كانا مسلمين-، اللهم أصلح إخواني المسلمين، اللهم وفقهم للخير، اللهم أصلح قلوبهم وأعمالهم، وهكذا تختار الدعوات الطيبة لنفسك ولأقاربك ولذريتك ولولاة الأمور -ولاة أمر المسلمين- ولعامة المسلمين مع الصدق، مع الإخلاص، مع الضراعة إلى الله، ويكون القلب حاضرا والرغبة صادقة فيما عند الله ترجو ثوابه وتخشى عقابه وترجو الإجابة وأنت صادق، هذه كلها من أسباب التوفيق ومن أسباب الإجابة ومن أسباب الأجر العظيم حتى ولو تأخرت الإجابة أنت على أجر عظيم، وفي حسنات بهذا الدعاء حسنات تكتب لك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:
س: قول من تعار من الليل وذكر الله ثم دعا يعني الدعاء؟
الشيخ: يرجى له، يقول ﷺ: ما من عبد يتعار من الليل -يعني يستيقظ- فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم يقول: اللهم اغفر لي أو يدعو فيستجاب له، فإن قام وصلى قبلت صلاته هذا من أسباب الإجابة إذا أتى بهذا الذكر ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا اللهم أصلحني، اللهم يسر لي زوجة صالحة، اللهم ارزقني ذرية طيبة، إلى غير هذا، هذا من أسباب الإجابة، فإذا قام مع هذا توضأ وصلى قبلت صلاته، هذا في الصحيحين من حديث عبادة حديث عظيم صحيح.
س: الدعاء قبل الصلاة وإلا بعد؟
الشيخ: قبل الصلاة وبعد الصلاة وفي الصلاة كلها.
س: قوله الله أكثر؟
الشيخ: يعني أكثر إجابة وأكثر خيرا منك أيها العبد أكثر إجابة وأكثر خيرا.
س: توضيح مسألة ارتباط القدر بالدعاء؟
الشيخ: لا يرد القدر إلا الدعاء معناه أن الله جل وعلا كتب كل شيء، وقد يعلق بعض الأشياء بأفعال العبد، يكون هذا مقدرا زواجه، مقدر بدعوته زواجه، مقدر بعمله الصالح الفلاني حجه صلاته صدقاته، الأقدار قسمان: قسم مبتوت فيه، ما هو علق بشيء مثل الموت وأشباهه، هذا لا حيلة فيه، وقسم معلق: فلان يطول عمره لأنه سوف يصل رحمه، قد كتب الله هذا فهو يوفق ييسر لما خلق له من صلة الرحم ومن الصدقات التي هي أسباب طول عمره وهدايته كما قال ﷺ: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاء فييسرون لعمل أهل الشقاء أشياء مربوطة بأقدارها.
س: يجوز رفع الكفين أثناء الدعاء؟
الشيخ: سنة من أسباب الإجابة.
س: بعد الفرض وإلا بعد السنة؟
الشيخ: في كل وقت إلا فيما يتعلق بالأوقات التي ما رفع فيها النبي ﷺ مثل بعد الفريضة ما يرفع لأن الرسول ﷺ ما رفع فيها، ومثل خطبة الجمعة وخطبة العيد لا يرفع إلا إذا استسقى كان النبي ﷺ يدعو في الخطبة ولا يرفع يديه خطبة الجمعة والعيد، أما إذا استسقى يرفع يديه في الجمعة أو في الاستسقاء أو في أي مكان إذا دعا للاستسقاء يطلب الغيث من الله يرفع يديه هذه السنة ويرفع الناس أيديهم، وهكذا إذا دعا في غير ذلك دعا في بيته دعا في سيارته دعا في طائرته دعا في مصلاه يرفع يديه من أسباب الإجابة إلا المواضع التي ما رفع فيها النبي ﷺ، إذا سلم من الفريضة لا يرفع، ما كان النبي ﷺ يرفع بعد الفريضة؛ لا ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء ولا فجر، ما كان يرفع في هذا عليه الصلاة والسلام، ولا بين السجدتين ولا في آخر الصلاة ما كان يرفع، يدعو بدون رفع لأن الرسول ﷺ ما كان يرفع.
س: بالنسبة لدعاء اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه؟
الشيخ: هذا ما له أصل، يدعو: اللهم إني أسألك الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله يسأل ربه الخير ويستعيذ بالله من الشر، هذا المشروع.
س: يحرم الدعاء بذلك؟
الشيخ: .. لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه هذا ما له أصل، اللهم إني أسألك الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله.
س: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي يصح إلى النبي ﷺ؟
الشيخ: للنبي ﷺ وغير النبي، لكن يروى عن النبي ﷺ لما انصرف من الطائف لكن في سنده نظر، لكنه يروى عنه لما انصرف من الطائف لما رد عليه أهل الطائف.
س: الدعاء بقنوت النوازل؟
الشيخ: لو دعا به ما في شيء.
س: هل ورد نص في رفع اليدين أثناء القنوت؟
الشيخ: نعم ورد في القنوت أنه رفع يديه في قنوت النوازل، وقنوت الوتر مثله الأصل مثله لأن كله قنوت، كله دعاء جاء النص بقنوت النوازل وقنوت الوتر مثله.