473 من حديث: (لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر)

 
2/1504- وعنْ أبي هُرَيْرَة قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَقَدْ كَان فِيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُممِ نَاسٌ محدَّثونَ، فَإنْ يَكُ في أُمَّتي أَحَدٌ، فإنَّهُ عُمَرُ رواه البخاري، ورواه مسلم من روايةِ عائشةَ، وفي رِوايتِهما قالَ ابنُ وَهْبٍ: محدَّثُونَ أَي: مُلهَمُون.
3/1505- وعنْ جَابِر بنِ سمُرَةَ، رضي اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: شَكَا أهْلُ الكُوفَةِ سَعْدًا، يَعْنِي: ابْنِ أَبي وَقَّاصٍ، ، إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، ، فَعزَلَه وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذكَرُوا أَنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأْرسَلَ إلَيْهِ، فَقَالَ: يا أَبا إسْحاقَ، إنَّ هؤُلاءِ يزْعُمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي. فَقَالَ: أمَّا أَنَا واللَّهِ فَإنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّه ﷺ لا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلاةَ العِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيَنِ، وَأُخِفُّ في الأُخْرَييْنِ، قَالَ: ذَلِكَ الظَنُّ بكَ يَا أبَا إسْحاقَ، وأَرسلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رجَالًا إلَى الكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْهُ أَهْلَ الكُوفَةِ، فَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إلاَّ سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَني عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ أُسامةُ بنُ قَتَادَةَ، يُكَنَّى أَبَا سَعْدَةَ، فَقَالَ: أَمَا إذْ نَشَدْتَنَا فَإنَّ سَعْدًا كانَ لا يسِيرُ بِالسَّرِيّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّويَّةِ، وَلا يعْدِلُ في القَضِيَّةِ، قَالَ سعْدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لأدْعُوَنَّ بِثَلاثٍ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ عبْدكَ هَذَا كَاذِبًا، قَام رِيَآءً، وسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ للفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدَ ذلكَ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُون، أصَابتْني دَعْوةُ سعْدٍ.
قَالَ عَبْدُالملِكِ بنُ عُميْرٍ الرَّاوِي عنْ جَابرِ بنِ سَمُرَةَ فَأَنا رَأَيْتُهُ بَعْد قَدْ سَقَط حَاجِبَاهُ عَلى عيْنيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وَإنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ للجوارِي فِي الطُّرقِ فَيغْمِزُهُنَّ. متفقٌ عليهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث تتعلق بكرامات الأولياء، وتقدم أن الكرامات هي الخوارق -خوارق العادة- والعادة تخرق للرسل، وهي المعجزات كما جرى لنبينا ﷺ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر:1] ونبع الماء من بين أصابعه، وكثّر الله الطعام بسبب دعائه، وجرى على يديه أشياء كثيرة من خوارق العادات عليه الصلاة والسلام لبيان صدقه، وأنه رسول الله حقا، وهكذا تخرق العادة لأولياء الله وهم أهل الإيمان والتقوى عند الحاجة -عند حاجتهم- إلى ذلك أو عند إقامة الحجة على من كفر بالله تخرق لهم العادة لإيمانهم وتقواهم وتأييدهم في إظهار الحق وسد حاجتهم، فإن لم يكونوا مستقيمين فهي من خوارق السحرة والشياطين، من خرافات السحرة والشياطين تلبيسهم، فإن شرط الكرامة أن يكون صاحبها مستقيما على المنهج القويم، فإن كان منحرفا فليست كرامة ولكنها من خوارق السحرة والشياطين، ومن الخرافات التي يضل بها الشيطان من شاء، نسأل الله العافية.
ومن جملة الكرامات ما وقع لكثير من الصحابة وأرضاهم، ومن ذلك قوله ﷺ: كان فيما قبلكم محدثون يعني ملهمون للصواب فإن كان في أمتي منهم أحد فعمر بن الخطاب ، وكان ملهما موفقا للصواب في أقضيته وأحكامه ، ومن ذلك أنه وافق ربه في آيات عدة، ولهذا قيل له الفارق لما فرق الله به بين الحق والباطل وأيد به الحق لما أسلم، ومن ذلك ما جرى في قصة سعد بن أبي وقاص فإن سعدا كان أميرا على العراق على الكوفة في عهد عمر فاشتكاه أهل الكوفة -اشتكاه بعضهم- فأرسل عمر من يسأل، فسأل أهل الكوفة فأثنوا عليه خيرا، وسأله عمر أن ماذا يفعل في صلاته لما قالوا: لا يحسن يصلي، قال: أما أنا فلا أخرم عن صلاة رسول الله ﷺ، أمد في الأوليين وأحذف في الأخريين، يعني يمد في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب ويخرم في الثالثة والرابعة يعني يخفف فيها قليلا تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، فسأل أهل الكوفة فأثنوا خيرا كلهم أثنوا خيرا إلا شخص يقال له أبو سعدة قام وقال: أما إن سألتنا فإن سعدا لا يعدل بالسوية، ولا يسير في السرية، ولا يعدل في القضية، كذب وافترى نسأل الله العافية، وتعاطى السجع -سجع الكهان-: لا يسير بالسرية، ولا يعدل في القضية، فقال سعد : اللهم إن كان عبدك هذا قام رياء وسمعة -يعني وكذبا- فأطل أعمره، وأعم بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، فأطال عمره وأطال فقره وعرضه للفتن، قال الراوي: فلقد رأيته شيخا كبيرا قد سقطت حاجباه لكبر السن وهو يتعرض للنساء في الأسواق أصابته الدعوة نسأل الله العافية، فدعوة أولياء الله ولاسيما إذا ظلموا مستجابة وإن كانت دعوة المظلوم مستجابة ودعوة كل مؤمن يرجى إجابتها لكن هذا مظلوم فدعا دعوته المشهورة فأجاب الله دعوته وأظهرها للناس لكذب هذا الرجل نسأل الله العافية.
وفي هذا بيان فضل أولياء الله وأن لهم كرامات وأن دعوتهم تجاب لأنهم أهل عدل، إنما يدعون على من ظلم، وإذا دعت الحاجة إلى شيء يسر الله لهم حاجتهم، وإذا أرادوا إقامة العدل يسر الله لهم هذا، فهم تخرق لهم العادة عند الحاجة وعند الحجة، عند الحاجة كالفقر ونحوه والظمأ والجوع، وعند إقامة الحجة على الأعداء تخرق لهم العادة أيضًا، وتقدم لكم قصة أهل الكهف وقصة عباد بن بشر وأسيد بن حضير لما خرجا من عند النبي ﷺ في ليلة مظلمة أضاءت لهما أسواطهما، وقصة الصديق مع ضيفه لما قدم لهم عشاءهم كلما أخذوا لقمة ربى من تحتها أكثر منها، كما تقدم كل هذا من كرامات أولياء الله للدلائل على صدق ما هم عليه من الحق والهدى، وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: ثبت أيضًا لأبي بكر الصديق الإلهام والتحديث؟
الشيخ: ما أتذكر شيئا الآن، وقد يقال مثل ما قال بعض الصحابة في عهده إلى عمره لا شك أنه من توفيق الله، وفضل عمر معروف وأهليته معروفة.
س: موضوع سعد يبين جواز أن الإنسان يدعو على من ظلمه؟
الشيخ: نعم، مثل ما قال الله جل وعلا: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148] المظلوم له أن يدعو على من ظلمه ولو جهرة.
س: بعض الجماعات تعد كلما يحدث لها من خير كرامة فهل يصح هذا؟
الشيخ: الميزان الحق يا ولدي إذا استقامت على الحق، فما حصل لها من الخير فهو كرامة، وما حصل من شر فهو مصيبة وتأديب مثل ما جرى للمسلمين في يوم بدر وما جرى يوم أحد.
س: سب الصحابة هل هو كفر على الإطلاق أو فيه تفصيل؟
الشيخ: الصواب أنه كفر، من سبهم على العموم أو أبغضهم كفر، لا يبغضهم إلا كافر فهم حملة الشريعة.
س: هل هناك فرق بين كبار الصحابة وبين ...؟
الشيخ: المقصود عموم الصحابة أو جمهورهم، أما بعض الأفراد كمعاوية وغير معاوية هذا فسق، إذا سب واحدا منهم يستحق أن يعزر ويؤدب.
س: لكن لو سب أحد العشرة المبشرين؟
الشيخ: ولو سب يكون فاسقا يستحق أن يؤدب.
س: هذا مشهود له بالجنة؟
الشيخ: السب قد يكون له أسباب، أما سب الجمهور أو سب العموم هذا لشك في دينه وبغض في الدين.
س: خروج الدم هل ثبت فيه دليل أنه ناقض للوضوء؟
الشيخ: ما أعلم فيه شيء واضح إلا إذا كان من الفرج كالمستحاضة، أما إذا كان من غير الفرج فالأحوط فيه الوضوء إذا كثر والقليل يعفى عنه، لكن إذا كثر فالأحوط فيه الوضوء خروجا من الخلاف.
س: قول بعض الفقهاء: إذا خرج من أحد المصلين ريح فإنه يضع يده على أنفه ويوهم أنه خرج منه ...؟
الشيخ: ما أعرف له أصلا.
س: الحديث القدسي: وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه باعا ... إلى آخر الحديث يعتبر من أحاديث الصفات؟
الشيخ: نعم يجرى على ظاهره على الوجه اللائق بالله من أحاديث الصفات، على الوجه اللائق بالله.
س: لا يسير بالسرية، هل من شرط الإمارة أنه يخرج مع السرية؟
الشيخ: على زعمهم أنه جبان هذا هو قاتلهم الله وهو رئيس السرية يوم القادسية وفتح الله على يديه، نسأل الله العافية.
س: لكن ما هو شرط أن الأمير يخرج معهم؟
الشيخ: ما هو بلزوم.