4/1506- وعنْ عُرْوَةَ بن الزُّبيْر أنَّ سعِيدَ بنَ زَيْدِ بْنِ عمْرو بْنِ نُفَيْلِ، خَاصَمتْهُ أرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَم، وَادَّعَتْ أنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أرْضِهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: أنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أرْضِها شَيْئًا بعْدَ الَّذِي سمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّه ﷺ،؟ قَالَ: مَاذا سمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّه ﷺ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقُولُ: مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طُوِّقَهُ إِلَى سبْعِ أرضينَ فَقَالَ لَهُ مرْوَانٌ: لا أسْأَلُكَ بَيِّنَةً بعْد هَذَا، فَقَال سعيدٌ: اللَّهُمَّ إنْ كانَتْ كاذبِةً، فَأَعْمِ بصرهَا، وَاقْتُلْهَا في أرْضِهَا، قَالَ: فَمَا ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، وبيْنَما هِي تمْشي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرةٍ فَمَاتتْ. متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلِمٍ عنْ مُحمَّدِ بن زَيْد بن عبداللَّه بن عُمَر بمَعْنَاهُ وأَنَّهُ رآهَا عَمْياءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تَقُولُ: أصَابَتْني دعْوَةُ سعًيدٍ، وَأَنَّها مرَّتْ عَلى بِئْرٍ في الدَّارِ الَّتي خَاصَمَتْهُ فِيهَا، فَوقَعتْ فِيها، وَكانَتْ قَبْرهَا.
5/1507- وَعَنْ جَابِرِ بنِ عبْدِاللَّهِ رضي اللَّه عَنْهُما قَال: لمَّا حَضَرَتْ أُحُدٌ دَعاني أَبي مِنَ اللَّيْلِ فَقَال: مَا أُرَاني إلاَّ مَقْتُولا في أوَّل مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أصْحابِ النَّبيِّ ﷺ، وَإنِّي لا أَتْرُكُ بعْدِي أعزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرِ نَفْسِ رسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإنَّ علَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ، واسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا: فأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أوَّل قَتِيلٍ، ودَفَنْتُ مَعهُ آخَرَ في قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أنْ أتْرُكهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجته بعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فَإذا هُو كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْر أُذُنِهِ، فَجَعَلتُهُ في قَبْرٍ عَلى حٍدَةٍ. رواه البخاري.
6/1508- وَعَنْ أنَسٍ أنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أصْحابِ النَّبيِّ ﷺ خَرَجا مِنْ عِنْدِ النَّبيِّ ﷺ في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةَ ومَعهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَينِ بيْنَ أيديهِما، فَلَمَّا افتَرَقَا، صارَ مَعَ كلِّ واحِدٍ مِنهما وَاحِدٌ حَتى أتَى أهْلَهُ.
رواهُ البُخاري مِنْ طرُقٍ، وفي بعْضِها أنَّ الرَّجُلَيْنِ أُسيْدُ بنُ حُضيرٍ، وعبَّادُ بنُ بِشْرٍ رضي اللَّه عَنْهُما.
وفي روايةٍ لمسلِمٍ عنْ مُحمَّدِ بن زَيْد بن عبداللَّه بن عُمَر بمَعْنَاهُ وأَنَّهُ رآهَا عَمْياءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تَقُولُ: أصَابَتْني دعْوَةُ سعًيدٍ، وَأَنَّها مرَّتْ عَلى بِئْرٍ في الدَّارِ الَّتي خَاصَمَتْهُ فِيهَا، فَوقَعتْ فِيها، وَكانَتْ قَبْرهَا.
5/1507- وَعَنْ جَابِرِ بنِ عبْدِاللَّهِ رضي اللَّه عَنْهُما قَال: لمَّا حَضَرَتْ أُحُدٌ دَعاني أَبي مِنَ اللَّيْلِ فَقَال: مَا أُرَاني إلاَّ مَقْتُولا في أوَّل مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أصْحابِ النَّبيِّ ﷺ، وَإنِّي لا أَتْرُكُ بعْدِي أعزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرِ نَفْسِ رسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإنَّ علَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ، واسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا: فأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أوَّل قَتِيلٍ، ودَفَنْتُ مَعهُ آخَرَ في قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أنْ أتْرُكهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجته بعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فَإذا هُو كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْر أُذُنِهِ، فَجَعَلتُهُ في قَبْرٍ عَلى حٍدَةٍ. رواه البخاري.
6/1508- وَعَنْ أنَسٍ أنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أصْحابِ النَّبيِّ ﷺ خَرَجا مِنْ عِنْدِ النَّبيِّ ﷺ في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةَ ومَعهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَينِ بيْنَ أيديهِما، فَلَمَّا افتَرَقَا، صارَ مَعَ كلِّ واحِدٍ مِنهما وَاحِدٌ حَتى أتَى أهْلَهُ.
رواهُ البُخاري مِنْ طرُقٍ، وفي بعْضِها أنَّ الرَّجُلَيْنِ أُسيْدُ بنُ حُضيرٍ، وعبَّادُ بنُ بِشْرٍ رضي اللَّه عَنْهُما.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة تتعلق بكرامات الأولياء، وتقدم من ذلك ما تقدم، وأهل السنة والجماعة رحمة الله عليهم يثبتون كرامات الأولياء بشرط أن يكون صاحبها من أهل السنة، من أهل الاستقامة وأن يوزن بالميزان الشرعي، فإذا علم أنه مستقيم فالخوارق له كرامة وإلا فهو من أتباع الشياطين الإنس والجن من السحرة، فالسحرة والشياطين وعباد القبور لهم خوارق وخرافات تجري على أيديهم من طريق الشياطين من طريق السحرة كما جرى لسحرة فرعون حتى لبسوا على الناس أن حبالهم وعصيهم حيات تمشي، فالمقصود أن من الكرامات شرطها أن يكون صاحبها مستقيما على الشريعة، فلو طار في السماء أو غاص في البحر أو فعل أي شيء لا تعد كرامة حتى يوزن بالميزان الشرعي، فإن عرف أنه مستقيم على الشرع فهي من كرامات الله تلك الخارقة، ومن ذلك قصة سعيد بن زيد المذكورة هنا، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ابن عم عمر فإن عمر بن الخطاب هو عمر بن الخطاب بن نفيل، وهذا سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جدهما نفيل جد عمر هو نفيل وهو جد سعيد الجد الثاني، وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم وأرضاهم، ادعت عليه امرأة -وهي أروى بنت أوس- ادعت أنه أخذ من أرضها وظلمها في أرضها، واشتكت إلى مروان أمير المدينة في عهد معاوية فأحضره مروان وسأله، فتبرأ إلى الله من ذلك وقال: أنا آخذ من أرضها وقد سمعت النبي ﷺ يقول كذا وكذا، قال: ماذا سمعت من رسول الله ؟ قال: سمعته يقول: من أخذ شبرا من أرضه طوقه يوم القيامة من سبع أراضين وفي حديث عائشة في الصحيحين: من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين يعني كيف أجترأ أن آخذ منها شيئا وأنا أسمع هذا الحديث! فقال له مروان رحمه الله: لا أسألك شيئا بعد هذا، ثم قال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة في دعواها عليه وظلمها لها فأعم بصرها واقتلها في أرضها، فأجاب الله دعوته، عمي بصرتها وماتت في أرضها، سقطت في حفرة من أرضها وماتت في أرضها، وهذا فيه الشهادة لسعيد بأنه من أولياء الله، وهو من العشرة المشهود بهم بالجنة من قبل أن تأتي هذه الرواية، ولكن هذه شاهد بأن أولياء الله إذا تعدى عليهم أحد ينتقم الله منهم إما بالعاجل وإما في الآجل.
نسأل الله العافية والسلامة.
وفي حديث عباد بن بشر وأسيد بن حضير لما خرجا من عند النبي ﷺ في ليلة مظلمة أضاءت لهما أسواطهما، كانتا سراجين، فلما انصرف كل واحد صار معه سراج سوطه ينير له الطريق، وهذا أيضًا من كرامات الأولياء رحمة الله عليهم، وهكذا عبدالله بن عمرو بن حرام والد جابر قتل يوم أحد رضي الله عنه -وكأنه رأى رؤيا أنه يقتل- قال لابنه ما أراني إلا مقتولا وإن أعز شيء علي أنت بعد رسول الله ﷺ، ثم فأوصيك في أخواتك -كان له بنات- وأوصاه بالدين -قضاء الدين- وكان عبدالله بن عمرو بن حرام والد جابر دفن مع شخص آخر يوم أحد لأن النبي ﷺ كان يدفن الاثنين والثلاثة يوم أحد في قبر واحد، قال جابر: ما طابت نفسي حتى أخرجه واجعله في قبر واحد بعد ستة أشهر فوجده كما كان على حاله لم يتغير في قبره غير شعيرات حول أذنه، فهذا من كرامة الله له، كون الله حفظ جسمه وبقي على حاله لم يتغير شيئا، وكون الله حقق ما رأى من موته شهيدا وقضى الله دينه .. النبي ﷺ لجابر وقال له: اصرم الثمار واجمعها كل نوع على حدة، ثم أحضر الغرماء وكان الغرماء أبوا أن يقبلوا ثمر الحائط يعني يرونه قليلا ما يكفيهم عن دينهم فجاء النبي ﷺ ودعا فيه بالبركة فقضى دينه من بعضه، وبقي لجابر خير كثير من هذا الثمر مما جعل الله من ذلك على يد النبي ﷺ، وأجاب الله دعوته حيث دعا فيه البركة عليه الصلاة والسلام، وكان هذا كثيرا يقع للنبي ﷺ، كثيرا ما يبارك الله في الطعام على يده ﷺ، وفي غزوة تبوك قلت معهم الأزواد وطلبوا أن ينحروا بعض ظهرهم، فأشار عمر وجماعة أن لا ينحر الظهر وأن تجمع الأزواد، فجمعوا ما عندهم، هذا يأتي بقطعة خبرة، وهذا يأتي بحفنة من حنطة، وهذا يأتي بكذا فجمعوا شيئا قليلا فدعا النبي ﷺ فيه بالبركة فصار شيئا عظيما حتى كل ملأ أوعيته من هذا الطعام، وآيات الله كثيرة لنبيه ﷺ، وهكذا نبع الماء من بين أصابعه حتى روي الناس، أخذوا حاجتهم من الماء، كل هذا من المعجزات الدالة على صدقه وأنه رسول الله، فالخوارق في حق الأنبياء معجزات ودلائل على صدقهم، وفي حق الأولياء كرامات تدل على استقامتهم وعلى فضلهم وعلى أنهم صادقون فيما صاروا عليه من الهدى.
وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ما ثبت أن الشهداء لا تأكل الأرض أجسادهم؟
الشيخ: ما أعرف هذا، إنما جاء في الأنبياء أن الله حرم عليها أن تأكل أجساد الأنبياء، لكن قد يقع هذا لبعض الأخيار كرامة من الله سبحانه وتعالى وإذا أخذته الأرض فلا يضر كل الناس مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ [طه:55]، لكن يفنى من ابن آدم كل شيء إلا عجب الذنب عظيمة في المقعدة يبقى يركب منها الخلق يوم القيامة والله أكبر.
س: أتيت بالحديث الذي فيه الأمر بوضع اليد على الأنف عند الحدث في الصلاة.
الشيخ: اقرأه.
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم: قال أبو داود السجستاني في سننه: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْصَرِفْ، ورجاله ثقات إبراهيم بن الحسن المصيصي هو أبو إسحاق ثقة روى له أبو داود والنسائي، وحجاج هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور ثقة ثابت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته من التاسعة روى له الجماعة، وابن جريج هو عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج الأموي ثقة فقيه فاضل وكان يدلس ويرسل روى له الجماعة، وهشام بن عروة هو ابن الزبير.
الشيخ: كله طيب وقد صرح بالسماع ابن جريج، صرح بالسماع يصير لا بأس به، حديث جيد يعني إشارة أنه خرج من أجل الأنف من أجل الرعاف.
الطالب: وأخرجه ابن ماجه في سننه باب ما جاء فيمن أحدث في الصلاة كيف ينصرف فقال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدَةَ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
الشيخ: وهذا جيد أيضا.
الطالب: وأخرجه الدارقطني وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: هو صحيح على شرطهما ولم يخرجاه.
الشيخ: صدق صدق.
الطالب: ووافقه الذهبي في تخليصه.
الشيخ: بارك الله فيك أعطنا نسخها منها.
الطالب: أبشر إن شاء الله.
س: هل يؤخذ من هذا أن خروج الدم ناقض بالدليل؟
الشيخ: .. لو ما كان ناقض إذا خرج الدم نجس الثياب على كل حال هو ناقض إذا كان كثيرا عند جمع من أهل العلم وقد يستأنس به بهذا الحديث.