485 من: (باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور..)

 
258 - باب النهي عن نَقْل الحديثِ وكلام الناس إِلَى ولاة الأمورِ إِذَا لَمْ تدْعُ إِلَيْهِ حاجةٌ كَخَوفِ مفسدةٍ ونحوها
قَالَ الله تَعَالَى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]. وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.
1/1539- وعن ابن مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا يُبَلِّغْني أحدٌ مِنْ أصْحابي عنْ أحَدٍ شَيْئًا، فَإنِّي أُحِبُّ أنْ أَخْرُجَ إِليْكُمْ وأنَا سليمُ الصَّدْرِ رواه أَبُو داود والترمذي.

259 - باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن
قَالَ الله تَعَالَى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا [النساء:108].
1/1540- وعن أَبي هُريرةَ قالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَجدُونَ النَّاسَ معادِنَ: خِيارُهُم في الجاهِليَّةِ خيارُهُم في الإسْلامِ إِذَا فَقُهُوا، وتجدُونَ خِيارَ النَّاسِ في هذا الشَّأنِ أشدَّهُمْ لهُ كَراهِيةً، وتَجدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوجْهيْنِ، الَّذِي يَأتِي هؤلاءِ بِوجْهِ وَهؤلاءِ بِوَجْهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1541- وعنْ محمدِ بن زَيْدٍ أنَّ نَاسًا قَالُوا لجَدِّهِ عبدِاللَّه بنِ عُمَر رضي اللَّه عنْهما: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاطِيننا فنقولُ لهُمْ بِخلافِ مَا نتكلَّمُ إذَا خَرَجْنَا مِنْ عِندِهِمْ، قَالَ: كُنًا نعُدُّ هَذَا نِفَاقًا عَلى عَهْدِ رسولِ اللَّه ﷺ. رواه البخاري.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث فيما يتعلق بذم النقل إلى ولاة الأمور -الأمراء والملوك- ما يخشى منه الشر والفتنة، أما ما تدعو إليه الحاجة لحفظ الأمن وسلامة المسلمين فلا بأس، وهكذا ذم صاحب الوجهين الذي يأتي الناس بوجه ويأتي الآخرين بوجه لينال حظه العاجل من الدنيا، وتقدم في أحاديث النميمة أن الواجب على المؤمن أن يحذرها، يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: لا يدخل الجنة نمام، وتقدم حديث أصحاب القبرين، وأن أحدهما كان يمشي بالنميمة، وكان يعذب في قبره، فالنمام هو الذي ينقل الكلام السيئ، ينقله للأمير أو للجيران أو لغيرهم حتى تفسد الحال بين المنقول عنه والمنقول إليه، وهذه هي النميمة قال ﷺ: لا يدخل الجنة نمام فالنمامة نقل الكلام الذي يسبب الشحناء والعداوة قال فيك كذا، سمعته يقول فيك كذا، يذمك في كذا، إلى غير ذلك مما يسبب الشحناء، هذا لا يجوز إلا إذا كان لمصلحة، مثل ما قال المؤلف لحاجة، كشيء يضر المسلمين ناس يبيتون مضرة على المسلمين أو مضرة على بعض المسلمين ينقل عنهم حتى يدفع شرهم، أما الشيء العادي الذي يسبب الشحناء وبغض القلوب من دون فائدة، الله جل وعلا يحذر منه، يقول سبحانه: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ويقول سبحانه: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36]، ويقول ﷺ: لا يدخل الجنة نمام فالواجب الحذر إلا ما تدعو له الحاجة، الشيء الذي يضر المسلمين ينقل إلى أمير البلد إلى السلطان إلى الهيئة الشيء الذي يخشى منه الضرر ينقل، أما شيء لا يخشى منه الضرر وإنما يسبب الشحناء والعداوة فهذا من النميمة فلا يجوز، وهكذا ذو الوجهين يجب أن يحذر وهو الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، يأتي هذا يمدحه ثم يذهب إلى الآخر ويذمه عنده، وهكذا له وجوه، كل أناس يأتيهم بوجه حتى يعيش، حتى يدرك مطلوبه فيأتي زيدا ويذم عنده عمرا ويأتي عمرا ويذم عنده زيدا حتى يظن كل واحد أنه صديقه وأنه صاحبه، وهذا يسبب الشحناء والعداوة والبغضاء بين الناس، وهذه هي النميمة وقد تكون كذبا، قد يكذب فيكون مع النميمة كذبا نسأل الله العافية، كذاب نمام نسأل الله العافية، فالواجب الحذر ولهذا يقول ﷺ: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ويقول ﷺ: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع الإنسان ينتقي لا يتكلم إلا بالشيء الطيب، فإذا سمع أنواعا من الكلام انتقى، أخذ الطيب ونقله، الذي ينفع الناس والذي يضر الناس يتركه، وهكذا يقول ﷺ: تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه سماه شر الناس والناس معادن مثل ما قال ﷺ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا .. الجود والكرم والصدق والعفاف ومحبة .. للمسلم .. فإذا أسلموا خيرهم في الجاهلية خيرهم في الإسلام إذا أسلموا وصاروا على طريقتهم السليمة الطيبة من الجود والكرم والإحسان والعون في الخير والكف عن الشر، وتجد شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، وتجدون خير الناس في هذا الأمر أشدهم له كراهة، يعني منصب الإمارة من كان يكرهه ثم بلي به فهو خير الناس بقيامه بخلاف من يطلبه ويحرص عليه، فقد يخذل ولا يوفق، لكن من ألزم به وجاءه وهو له كاره صار أقرب إلى أن ينجح فيه ويتقي الله فيه ويعتني به، ويحذر أن يحيف أو يظلم أحدا، والله المستعان.
كذلك حديث عبدالله بن عمر الذي يأتي السلطان والأمراء بوجه ويأتي الآخرين بوجه يمدحهم في وجوههم، فإذا خرج منهم صار يذمهم، قال ابن عمر: كنا نعد هذا نفاقا.
فالواجب على المؤمن أن يحفظ لسانه سواء عند الملوك أو غير الملوك فلا يقول إلا الشيء الطيب الذي يعتقد أنه يسعه وأنه جائز له، وليحذر الأشياء التي يريد بها حظ نفسه العاجل فيكذب ويظهر محبة وتصديقا وهو كذاب ليحصل من ورائهم شيء من طمع الدنيا، الواجب أن يكون صادقا نصوحا، هكذا المؤمن أينما كان لا تجده إلا ناصحا لله ولعباد الله ليس همه الدنيا وحرصه على تحصيلها بكل وسيلة بل همه وحرصه على ما فيه سعادته ونجاته وصلاح أمر دينه، والله الموفق.

الأسئلة:
س: كلام السلف في ذم الدخول على السلاطين على ماذا يحمل؟
الشيخ: على الذي يمدحهم ويوافقهم على باطلهم مثل ما قال ﷺ: ... عليكم أمراء ظلمة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه فإذا دخل عليهم بالتوجيه والإرشاد وتخفيف الشر هذا هو المطلوب، أما إذا دخل عليهم ليعينهم على الظلم ويصدقهم بالكذب فهذا هو المذموم، نسأل الله العافية.
س: ...؟
الشيخ: ما في بأس جاهلية جهله هو، أيام جاهليتي وغفلتي ما في بأس إذا كان صادقا.
س: ...؟
الشيخ: جهله هو.
س: ...؟
الشيخ: الجاهلية راحت لكن الجماعة الذي أعرضوا عن الإسلام محلهم الجاهلية . ما دام أعرضوا عن الدين فهم محلهم محل الجاهلية.
س: ...؟
الشيخ: جاهليته هو إذا كان في محل ما هو جاهلية محل إسلام ومحل دعوة ما هو جاهلية لكن جهله هو، أما إذا كان في بلد ظهر فيها الجهل فلا بأس.
س: مهنة المحاماة؟
الشيخ: إذا اتقى الله لا بأس مثل الوكيل، إذا اتقى الله وتحرى الصدق فلا بأس مثل الوكيل، مثل من توكله يخاصم عنك.
س: ولو كانت بالقوانين الوضعية؟
الشيخ: لا ما يجوز بالقوانين الوضعية، ما يجوز، المحاماة في الشيء الشرعي.
س: يدرس فيها القانون الوضعي؟
الشيخ: المقصود إذا كان يحامي في حكم بغير شرع الله ما يجوز.
كذلك في حديث لا يبلغني أحد عن أحد شيئا فهذا الحديث ضعيف فيه جهالة، وهو لو صح محمول على الشيء الذي ما يضر المسلمين، أما شيء يضر المسلمين فالواجب تبليغ ولي الأمر حتى يحتاط المسلمين، والحديث وإن كان ضعيفا لما فيه من الجهالة لكن يلاحظ معناه، المعنى الصحيح فالمسلمون يبلغون ولي الأمر الشيء الذي فيه مصلحة ولا يبلغونه الشيء الذي يضر ولا ينفع، ولهذا لما سمع زيد بن أرقم عبدالله بن أبي يتكلم في بعض الأسفار ليخرجن الأعز منها الأذل بلغ النبي ﷺ ولم ينكر عليه النبي ﷺ، بل أنزل الله تصديقه في القرآن.
س: إذا كان منكرا يمكن تغييره كثير من الناس يترك المنكر يقول: أنا ما أبلغ عن فلان؟
الشيخ: إذا كان يستطيع يجب عليه، إذا كان يستطيع تغيير المنكر يجب عليه لإمرته أو لأنه هيئة أو لأنه صاحب البيت أو ما أشبه ذلك.
س: قوله ﷺ: الناس معادن يخص أنسابهم أم أعمالهم؟
الشيخ: معادن في العمل وفي الأخلاق، وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، معادن: منهم الجبان ومنهم البخيل ومنهم الجواد والكريم ومنهم القوي في أمر الله ومنهم الضعيف فخيارهم في الجاهلية هذا لأهل الجود والكرم ومساعدة المظلوم ومساعدة المنكوب ومساعدة الفقير هؤلاء هم خيار الناس في الجاهلية وهم خيار الناس في الإسلام ولو كان عبدا أسودا.
س: الحديث كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع يدخل فيه من يحدث عن الآخرين يريد أن يتبين فقط؟
الشيخ: المقصود يدخل فيه من يحدث بكل ما هب ودب ما يبالي، المؤمن ينتقي لا يحدث إلا بشيء ينتقيه، ينفع شيء ينتقيه يحفظ الحديث الصحيح من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت هذا الكلام الجامع.
س: سجود السهو يجوز فيه الدعاء؟
الشيخ: نعم مثل سجود الصلاة يقول: سبحان ربي الأعلى، ويدعو فيه طيب.