486 من: ( باب تحريم الكذب)

 باب تحريم الكذب
قَالَ الله تَعَالَى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]، وقال تَعَالَى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18].
1/1542- وعنْ ابنِ مسعود قال: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: إنَّ الصِّدْقَ يهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإنَّ البرِّ يهْدِي إِلَى الجنَّةِ، وإنَّ الرَّجُل ليَصْدُقُ حتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدّيقًا، وإنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ وإنَّ الفُجُورَ يهْدِي إِلَى النارِ، وَإِنَّ الرجلَ ليكذبَ حَتى يُكْتبَ عنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1543- وعن عبدِاللَّهِ بنِ عَمْرو بنِ العاص رضي اللَّه عنْهُما، أنَّ النَّبيّ ﷺ قَالَ: أَرْبعٌ منْ كُنَّ فِيهِ، كَانَ مُنافِقًا خالِصًا، ومنْ كَانتْ فيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ، كَانتْ فِيهِ خَصْلةٌ مِنْ نِفاقٍ حتَّى يَدعَهَا: إِذَا اؤتُمِنَ خَانَ، وَإذا حدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصمَ فجَرَ متفقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ سبقَ بيانه مَعَ حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ بنحوهِ في باب الوفاءِ بالعهدِ.
3/1544- وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنْهُما عن النَّبي ﷺ، قالَ: مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لمْ يرَهُ، كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بيْن شَعِيرتينِ، ولَنْ يفْعَلَ، ومِنِ اسْتَمَع إِلَى حديثِ قَوْم وهُمْ لهُ كارِهُونَ، صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيامَةِ، ومَنْ صوَّر صُورةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أنْ ينفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَليْس بِنافخٍ رواه البخاري.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها مع الآيتين الكريمتين كلها تدل على وجوب حفظ اللسان وصيانته عن الكذب، وأن يتحرى في كلامه حتى لا يتكلم إلا عن بصيرة، يقول جل وعلا: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] فإذا كانت كلماتك وألفاظك مراقبة فالواجب عليك أن تعتني بها وأن تتحفظ وأن تحرص أن لا تقول إلا شيئا ينفعك لا يضرك، فإن الملائكة تكتب وأنت على خطر، فالواجب عليك أن تتحرى في كلماتك حتى لا يكون فيها ما يضرك وهكذا، قال جل وعلا: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36] يعني لا تتكلم ولا تفعل ما ليس لك به علم، تقف تتبعه بقول أو فعل إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36] فالواجب أن يحذر الإنسان أن يقول شيئا يضره أو يفعل شيئا يضره، وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119] أمر عباده أن يتقوه وأن يكونوا مع الصادقين في أقوالهم وأعمالهم، قال جل وعلا: قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة:119] فالصدق يكون في القول ويكون في العمل، صدق في العمل وصدق في القول، والصدق في العمل أداء الفرائض عن بصيرة وعن عناية، ترك المحارم عن بصيرة وعن عناية وإخلاص، والوقوف عند الحدود عن عناية وبصيرة وإخلاص، والصدق في القول، تحري الصواب في القول، يقول النبي ﷺ في حديث ابن مسعود: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا فهذا فيه الحذر من الكذب وتحريه والتساهل به، والإنسان يتحرى الصدق ويتحدث بالصدق إلا فيما رخص الله فيه من الكذب، ما رخص الله فيه فلا بأس، الكذب في الإصلاح بين الناس وفي الحرب وفي حديث الرجل امرأته والمرأة زوجها لا بأس لما فيه من المصلحة.
وحديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول النبي ﷺ: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر والشاهد قوله: إذا حدث كذب وأن الكذب خصال المنافقين، من خصالهم الذميمة الكذب وعدم مبالاتهم، وإذا اؤتمن خان سواء كانت الأمانة دينية أو مالية، وإذا خاصم فجر يعني كذب في خصومته وفجر، وإذا عاهد غدر، وهكذا حديث أبي هريرة في الصحيحين أيضًا يقول ﷺ: آية المنافق ثلاث يعني علامته إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذر خصال أهل النفاق وأن يبتعد عنها.
وهكذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما يقول النبي ﷺ: من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل من يستطيع أن يعقد بين شعيرتين! الشعيرة حبة يابسة ما تنعقد مع أختها، يعني كلف بشيء يضره ولا يستطيعه من باب التعذيب، من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين يعني تعذيبا له في هذا الحلم الذي كذبه وافتراه، ومن صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ ويعذب بها يوم القيامة فالواجب الحذر أيضا من التصوير وأن الصور محرمة وأهلها يعذبون بها، وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون، وفي الحديث الآخر: «لعن رسول الله ﷺ آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور»، والشاهد قوله من تحلم بحلم لم يره كلف ... وأن الكذب في الرؤيا يعتبر جريمة ليس له أن يكذب يقول رأيت وهو يكذب، بل يجب أن يحذر ذلك ولا يقول رأيت إلا وهو صادق، وفق الله الجميع.
س: ...؟
الشيخ: إن كان صادقا ما هو بكذب، يعني يتكلم وهو ما هو موجود.
س: هو يتأخر عن المكتب عشان ذاك يقول ما هو موجود؟
الشيخ: هذا من باب التورية مثل ما يروى عن أحمد لما سئل عن المروذي قال: المروذي ليس هاهنا، المروذي ما هو في راحته المروذي.
س: يعني ما في شيء؟
الشيخ: التأويل إذا دعت الحاجة إليه ما في شيء أو قال في البيت ليس هنا، يعني ليس في المجلس اللي هو فيه، أو ليس في مكان... عند الحاجة وإلا لا ينبغي.
س: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا؟
الشيخ: النفاق العملي هذا الذي يسمونه النفاق العملي وقد يجره إلى النفاق الاعتقادي، نسأل الله السلامة قد يجره لكن ما يصير كافرا به إلا إذا جره إلى النفاق الاعتقاد أو استحل هذا الخصال.
س: ما يفعله بعض الكتاب من كتابة القصص يجعل في بدايتها رأيت في المنام كأن كذا وكذا ويبدأ في كتابة القصة؟
الشيخ: الذي يظهر لي أنه ما يجوز من الكذب المحرم .. من الثلاثة.
س: يدخل في حديث أبي العباس؟
الشيخ: نعم.