07 من قوله: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ..) (1)

طريق أخرى: رواها الحافظ أبو بكر بن مردويه، من حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن داود بن صالح، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه أن أبا بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب، وأناسا من أصحاب رسول الله ﷺ أجمعين، جلسوا بعد وفاة رسول الله ﷺ فذكروا أعظم الكبائر، فلم يكن عندهم ما ينتهون إليه، فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أسأله عن ذلك، فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر، فأتيتهم فأخبرتهم، فأنكروا ذلك، فوثبوا إليه حتى أتوه في داره، فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله ﷺ أن ملكًا من بني إسرائيل أخذ رجلًا فخيره بين أن يشرب خمرًا، أو يقتل نفسًا، أو يزني، أو يأكل لحم خنزير، أو يقتله، فاختار شرب الخمر، وإنه لما شربها لم يمتنع من شيء أراده منه، وإن رسول الله ﷺ قال لنا مجيبًا: ما من أحد يشرب خمرًا إلا لم تقبل له صلاته أربعين ليلة، ولا يموت أحد وفي مثانته منها شيء إلا حرم الله عليه الجنة، فإن مات في أربعين ليلة مات ميتة جاهلية هذا حديث غريب من هذا الوجه جدًا، وداود بن صالح هذا هو التمار المدني مولى الأنصار، قال الإمام أحمد: لا أرى به بأسًا. وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أر أحدًا جرحه.الشيخ: وهذا من باب الوعيد لخبثها وشرها؛ لأن الكبائر لها شأن خطير في منافاة الإيمان، وفي إضعاف الإيمان، ومن إيقاعه في الفواحش الأخرى، فالخمر من جملة الكبائر التي توقع في شر كبير، ولهذا في هذا الأثر أن ملكاً من بني إسرائيل لما خير بين أن يزني، أو يقتل نفساً، أو يأكل لحم الخنزير، أو يشرب الخمر كأنه تساهل بشرب الخمر، فلم يمتنع من شيء بعد ذلك، لا من القتل، ولا من الزنا، ولا من أكل لحم الخنزير؛ لأنه ذهب عقله.
فالمقصود أن الخمر تغتال العقول، وإذا ذهب عقله قد يفعل أي شيء، قد يطأ أمه، أو أخته، أو بنته، ونحو ذلك، نسأل الله العافية.
حديث آخر: عن عبد الله بن عمرو، وفيه ذكر اليمين الغموس. قال الإمام أحمد:   حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن فراس، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ أنه قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، أو قتل النفس- شعبة الشاك-، واليمين الغموس، ورواه البخاري، والترمذي، والنسائي من حديث شعبة، وزاد البخاري، وشيبان كلاهما عن فراس به.
حديث آخر في اليمين الغموس: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثنا الليث بن سعد، حدثنا هشام بن سعيد.
الشيخ: كذا عندكم بن سعيد؟ المعروف ابن سعد. حط نسخة لسعد. التقريب حاضر شف هشام بن سعيد.
حدثنا هشام بن سعد عن محمد بن يزيد بن مهاجر بن قنفذ التيمي، عن أبي أمامة الأنصاري، عن عبد الله بن أنيس الجهني، عن رسول الله ﷺ قال: أكبر الكبائر الشرك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس، وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح البعوضة إلا كانت وكتة في قلبه إلى يوم القيامة، وهكذا رواه أحمد في مسنده، وعبد بن حميد في تفسيره، كلاهما عن يونس بن محمد المؤدب عن الليث بن سعد به، وأخرجه الترمذي عن عبد بن حميد به، وقال: حسن غريب، وأبو أمامة الأنصاري هذا هو ابن ثعلبة، ولا يعرف اسمه، وقد روى عن أصحاب النبي ﷺ أحاديث. قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: وقد رواه عبد الرحمن بن إسحاق المدني عن محمد بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه، عن عبد الله بن أنيس، فزاد عبد الله بن أبي أمامة.
(قلت) هكذا وقع في تفسير ابن مردويه، وصحيح ابن حبان من طريق عبد الرحمن بن إسحاق كما ذكره شيخنا فسح الله في أجله.

الطالب: في هشام بن سعيد، يقول: هشام بن سعيد الطالقاني أبو أحمد البزاز نزيل بغداد صدوق من صغار التاسعة.
الشيخ: يعني هذا نزيل بغداد، هل غيره أحد؟
الطالب: لا.
الشيخ: هشام بن سعد اثنين، أليس كذلك؟
الطالب: ليس ابن سعد إلا واحد.
الشيخ: وهذا واحد.
حديث آخر: عن عبد الله بن عمرو في التسبب إلى شتم الوالدين، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، حدثنا وكيع عن مسعر، وسفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، رفعه سفيان إلى النبي ﷺ، ووقفه مسعر على عبد الله بن عمرو، قال: من الكبائر أن يشتم الرجل والديه، قالوا: وكيف يشتم الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه أخرجه البخاري عن أحمد بن يونس، عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عمه حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ﷺ: من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قالوا: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه.
الشيخ: وهذا فيه الحذر من التعرض لشتم الوالدين، وأن الذي يسب والديه قد أتى منكرًا عظيمًا، وكبيرة عظيمة؛ لأن هذا من أقبح من العقوق، وهكذا إذا تسبب في ذلك، فإنه يعتبر لاعنًا لوالديه، والتسبب كونه يشتم آباء الناس، ويشتم أمهات الناس سباب، فإذا سب الناس سبوه، وإذا سب آباء الناس سبوه أباه، وإذا سب أمهات الناس سبوا أمه، فصار متعرضًا لذلك، وكان كالساب لهما؛ لأنه تعرض لسبهما بأسباب جرأته على الناس، وسبه للناس. فالواجب حفظ اللسان، وألا تكون سبابًا فإن المؤمن ليس باللعان، ولا بالطعان، ولا الفاحش، ولا البذيء فلا يجوز لك أن تكون لعانًا، بل يجب حفظ اللسان، قال عليه الصلاة والسلام: لعن المؤمن كقتله، وقال عليه الصلاة والسلام أيضًا: إن اللاعنين لا يكونون شهداء، ولا شفعاء يوم القيامة، نسأل الله السلامة.
س: من سب أبويه الكافرين؟
الشيخ: ولو كانا كافرين لا يجوز سبهما، يدعو لهما بالهداية، وينصحهما، ويرفق بهما، ويحسن إليهما.
وهكذا رواه مسلم من حديث سفيان، وشعبة، ويزيد بن الهاد، ثلاثتهم عن سعد بن إبراهيم بن مرفوعًا بنحوه، وقال الترمذي: صحيح، وثبت في الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن فراس، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ أنه قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، أو قتل النفس- شعبة الشاك-، واليمين الغموس، ورواه البخاري، والترمذي، والنسائي من حديث شعبة، وزاد البخاري، وشيبان كلاهما عن فراس به.
حديث آخر في اليمين الغموس: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثنا الليث بن سعد، حدثنا هشام بن سعيد، عن محمد بن زيد بن مهاجر بن قنفذ التيمي، عن أبي أمامة الأنصاري، عن عبد الله بن أنيس الجهني، عن رسول الله ﷺ قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس، وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح البعوضة إلا كانت وكتة في قلبه إلى يوم القيامة، وهكذا رواه أحمد في مسنده، وعبد بن حميد في تفسيره، كلاهما عن يونس بن محمد المؤدب عن الليث بن سعد به، وأخرجه الترمذي عن عبد بن حميد به، وقال: حسن غريب، وأبو أمامة الأنصاري هذا هو ابن ثعلبة، ولا يعرف اسمه، وقد روى عن أصحاب النبي ﷺ أحاديث. قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: وقد رواه عبد الرحمن بن إسحاق المدني عن محمد بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه، عن عبد الله بن أنيس، فزاد عبد الله بن أبي أمامة. (قلت) هكذا وقع في تفسير ابن مردويه، وصحيح ابن حبان من طريق عبد الرحمن بن إسحاق كما ذكره شيخنا فسح الله في أجله.

الشيخ: وهذا يبين لنا عظم خطر اليمين الغموس، وهي الكاذبة، وأنها خطرها عظيم، وهي أن يحلف على شيء هو فيه كاذب، يقتطع به حق أخيه من غير حق، يقول ﷺ: من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب، لقي الله وهو عليه غضبان، وفي لفظ آخر: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة قالوا: وإن كان شيئًا يسيرًا ؟ قال: وإن قضيبًا من أراك فهذا يوجب الحذر من الأيمان الكاذبة، وكذلك الحذر من العقوق، وقتل النفوس بغير حق، كلها من الكبائر العظيمة، والخطر الكبير على العبد، وأعظم ذلك وأكبره الإشراك بالله هو أكبر الكبائر، كما في الحديث السابق: أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور فهذه الثلاث هي أكبر الكبائر، الشرك أعظم الذنوب، وهو أن يعبد مع الله غيره، يعني يصرف بعض العبادة لغير الله؛ كدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، أو يستغيث بالأصنام، أو بالكواكب، أو بالأنبياء، أو بالجن، أو ما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر -نعوذ بالله- كما قال جل وعلا: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ولَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ۝ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65، 66]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، والعبادة هي طاعة الله، ورسوله بفعل ما أمر، وترك ما نهى، فمن صرفها لغير الله، سواء عبادة قولية؛ كالدعاء، أو الاستغاثة، أو عبادة فعلية؛ كالصلاة، والذبح، من استغاث بغير الله -كأن استغاث بالأولياء بالأموات بالجن بالأنبياء بالكواكب بالملائكة بالأصنام- أو صلى لذلك، أو صام لذلك، أو ما أشبه ذلك من العبادة التي تصرف لغيره فهذا هو الشرك الأكبر.
وهكذا من جحد ما أوجبه الله من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة كمن جحد وجوب الصلاة، ووجوب الزكاة، ووجوب الصوم، ولو صام، وصلى، من جحد وجوب ذلك كفر إجماعًا، وصار من جملة المشركين، نعوذ بالله.
وهكذا من جحد ما حرمه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة بالأدلة الظاهرة القطعية كتحريم الزنا، أو تحريم الخمر، أو تحريم العقوق، يكون كافرًا بالإجماع، نسأل الله العافية.
وهكذا المستهزئ بدين الله الذي يسخر بالدين، أو بالأنبياء، أو بشيء مما شرعه الله يكون كافرًا من الكفار الذين توعدهم الله بالخلود في النار، كما قال سبحانه: قُلْ أَبِاللَّهِ وآيَاتِهِ ورَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66]، نسأل الله العافية.
حديث آخر: عن عبد الله بن عمرو في التسبب إلى شتم الوالدين، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، حدثنا وكيع، عن مسعر، وسفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، رفعه سفيان إلى النبي ﷺ، ووقفه مسعر على عبد الله بن عمرو، قال: من الكبائر أن يشتم الرجل والديه، قالوا: وكيف يشتم الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه أخرجه البخاري عن أحمد بن يونس، عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عمه حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ﷺ: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قالوا: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل؛ فيسب أباه، ويسب أمه؛ فيسب أمه.
وهكذا رواه مسلم من حديث سفيان، وشعبة، ويزيد بن الهاد، ثلاثتهم عن سعد بن إبراهيم به مرفوعًا بنحوه، وقال الترمذي: صحيح، وثبت في الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.
الشيخ: وهذا يبين لنا عظم خطر سب الوالدين، وأن سب الوالدين من أقبح الكبائر، وقد جاء في حديث علي يقول ﷺ: لعن الله من لعن والديه، وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول ﷺ: من الكبائر، وفي اللفظ الآخر: من أكبر الكبائر: شتم الرجل والديه قالوا: ويسب الرجل والديه؟ يعني هذا أمر مستنكر في الفطر، والعقول، والشرع، كيف يسب الرجل والديه، قال ﷺ: يسب أبا الرجل؛ فيسب أباه، ويسب أمه؛ فيسب أمه. يعني أن التسبب في سب والديك سب لوالديك، فالذي يشتم الناس، ويشتم آباءهم، وأمهاتهم من عادة الناس أنهم يسبون أباه، وأمه أيضاً، كما سب آباءهم، وأمهاتهم فيكون بهذا قد تعرض وتسبب لشتم والديه، فيكون سابًا بهذا، ولهذا سماه الرسول ﷺ سابًا، المتسبب سماه الرسول سابًا لوالديه.
ولما سئل قيل: وهل يسب الرجل والديه؟ قال ﷺ: نعم، يسب أبا الرجل؛ فيسب أباه، ويسب أمه؛ فيسب أمه فالسباب يسب، ويسب أباه وأمه، فيجب الحذر من سب الناس، والتعرض لهم بالسوء، حتى لا يسبوا والديه مع سبهم له.
حديث آخر في ذلك: قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم.الشيخ: دحيم هذا لقب، عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، يلقب دحيم.
حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا زهير بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: من أكبر الكبائر عرض الرجل المسلم، والسبتان بالسبة هكذا روي هذا الحديث، وقد أخرجه أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن جعفر بن مسافر، عن عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد بن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: من أكبر الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السبتان بالسبة.الشيخ: يعني ما يكفيه الواحدة، قال واحد لزيد: أخزاك الله، قال: أنت أخزاك الله، ولعنك الله، زاده، هذا ظالم بالزيادة هذه، لو قال: أخزاك الله فقط مثل ما قال سبة بسبة قصاص، لكن إذا زاد، وقال: أخزاك الله، وأخزاك الله، وكررها يكون ربا محرم؛ لأنه زاد ما اكتفى بالقصاص.
س: يجوز القصاص بالشتيمة؟
الشيخ: يجوز القصاص نعم، يقول: لعنك الله، فقال: بل لعنك الله أنت فهذا قصاص، لكن لا يزيد، إذا زاد فهو ظالم.
 وكذا رواه ابن مردويه من طريق عبد الله بن العلاء بن زيد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ فذكر مثله.
حديث آخر فيه ذكر الجمع بين الصلاتين من غير عذر: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال: من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر، وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف، عن المعتمر بن سليمان به، ثم قال: حنش هو أبو علي الرحبي، وهو حسين بن قيس، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد، وغيره. وروى ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد الصباح، حدثنا إسماعيل بن علية عن خالد الحذاء، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة العدوي، قال: قرئ علينا كتاب عمر: من الكبائر جمع بين الصلاتين- يعني بغير عذر-، والفرار من الزحف، والنهبة، وهذا إسناد صحيحٌ: والغرض أنّه إذا كان الوعيد فيمن جمع بين الصّلاتين كالظّهر، والعصر تقديمًا، أو تأخيرًا، وكذا المغرب، والعشاء كالجمع بسبب شرعي فمن تعاطاه بغير شيءٍ من تلك الأسباب.
الشيخ: كذا عندكم؟ ما في نسخة أخرى؟
الطالب: كالمغرب، والعشاء، وما من شأنه أن يجمع بسبب من الأسباب الشرعية، فإذا تعاطاه أحد بغير شيء من تلك الأسباب يكون مرتكبًا كبيرة.
الشيخ: والغرض نعم.
والغرض أنّه إذا كان الوعيد فيمن جمع بين الصّلاتين كالظّهر، والعصر تقديمًا، أو تأخيرًا، وكذا المغرب، والعشاء كالجمع بسبب شرعي فمن تعاطاه بغير شيءٍ من تلك الأسباب يكون مرتكبًا كبيرة، فما ظنك بترك الصلاة بالكلية.الشيخ: يعني أعظم إذا كان الجمع بين الصلاتين بغير عذر يكون كبيرة كما قال عمر كما ذكر في حديث ابن عباس، فكيف الحال إذا تركها، والعياذ بالله؟! يكون أعظم؛ لأن تركها كفر، نسأل الله العافية، كما قال النبي ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر، نسأل الله العافية.
س: لو أنه قال بغير سبب؟
الشيخ: نعم.
الطالب: يكون الأحسن يا شيخ لو كان بغير سبب شرعي، بدلًا عن عبارة كالجمع بسبب شرعي.
الشيخ: العبارة فيها ركاكة، وكأن فيها سقط، والمقصود من هذا كله بيان أن الجمع لا يجوز إلا بعذر شرعي كالسفر، والمرض، فإذا جمع لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من الكبائر؛ لأنه ضيع الوقت بغير عذر شرعي، فإذا كان تضييع الوقت فيه وعيد، وأنه من الكبائر، فترك الصلاة بالكلية وعدم فعلها يكون أشد، وأعظم، وأكبر! نسأل الله العافية!.
ولهذا روى مسلم في صحيحه عن رسول الله ﷺ أنه قال: بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة. وفي السنن مرفوعًا عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، من تركها فقد كفر، وقال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله، وقال: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله، وماله.
حديث آخر: فيه اليأس من روح الله، والأمن من مكر الله. قال ابن أبي حاتم، حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، حدثنا أبي، حدثنا شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ كان متكئا، فدخل عليه رجل، فقال: ما الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وهذا أكبر الكبائر، وقد رواه البزار عن عبد الله بن إسحاق العطار، عن أبي عاصم النبيل، عن شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: الشرك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله ، وفي إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفًا، فقد روي عن ابن مسعود نحو ذلك. وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، أخبرنا مطرف، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن أبي الطفيل قال: قال ابن مسعود: أكبر الكبائر الإشراك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وكذا رواه من حديث الأعمش، وأبي إسحاق، عن وبرة، عن أبي الطفيل، عن عبد الله به، ثم رواه من طرق عدة، عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود، وهو صحيح إليه بلا شك.
الشيخ: نسأل الله العافية!. التقريب حاضر؟ انظر شبيب بن بشر.
ومعنى القنوط، واليأس، والأمن، معناه أن الواجب على المؤمن أن لا يكون قانطاً، ولا آمنًا، بل يعبد الله مع الرجاء والخوف، دائمًا يعبد الله، ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، فلا يقنط، ولا يأمن، فالأمن من مكر الله معناه أنه يأمن من العذاب، يكون مدلاً بعمله، معجبًا بعمله، آمنًا من عذاب الله، والله يقول: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]، نسأل الله العافية، هذا أن يغلب جانب الرجاء حتى يأمن، وهذا غلط عظيم بل يجب أن يخاف، ويكون دائمًا على حذر، وأما القنوط واليأس معناه أن يغلب جانب الخوف يشتد عليه الخوف حتى ييأس من رحمة الله، ويقنط: القنوط أشد اليأس بسبب معصية فعلها، أو معاص فعلها فيقنط، وهذا غلط أيضاً، فلا يقنط بل يبادر بالتوبة، ولا ييأس.
هكذا المؤمن يكون راجياً خائفًا لا قانطاً، ولا آمنًا، بل يرجو الله، ويخاف ذنوبه، ويخاف شرها، وعاقبتها، فهو بين الخوف والرجاء، يخاف الله لشدة عقابه، ولما توعد به أهل المعاصي، ويرجوه لسعة رحمته، ولما وعد به أهل الإيمان والتوحيد من المغفرة والرحمة، فيكون هكذا يسير إلى الجنة، وإلى الآخرة، بين الخوف والرجاء كالطير بين الجناحين، فإذا غلب جانب الخوف في بعض الأحيان، أو في حال الصحة والعافية، فهذا قاله جمع من السلف أنه يكون أزجر له عن اقتراف الكبائر، وعند المرض يغلب جانب الرجاء مع الخوف، لكن يغلب جانب الرجاء نعم لقوله ﷺ: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله رواه مسلم.
س: ولكن إذا كان يخاف الله، ولا يرجو رحمة الله، ولا يعمل بها؟
الشيخ: ما ينفع هذا لا بدّ من الأمرين لا بدّ أن يرجو، ويخاف.
س: الفرق بين الرجاء، والتمني؟
الشيخ: التمني يتمنى درجات المؤمنين، ودرجات الصالحين، وهو مقصر هذا خطر عظيم، بل يرجو رحمة ربه، ويعمل، ويسأل ربه التوفيق، لا يأمن. ويروى عنه أنه قال: الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، نسأل الله السلامة.
س: أحد المشايخ يقول: خوف، ورجاء، ومحبة، فإذا سقطت إحداها كان الإنسان على خطر هل هذا صحيح؟
الشيخ: نعم صحيح، هذه تسمى أركان العبادة المحبة، والرجاء، والخوف، لا بدّ أن يحب الله، فمن لم يحب الله فهو كافر، نسأل الله العافية.
الطالب: شبيب بوزن طويل ابن بشر، أو بشير البجلي الكوفي صدوق يخطئ من الخامسة الترمذي، وابن ماجه.
الشيخ: طيب، نعم.
حديث آخر: فيه سوء الظن بالله. قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن إبراهيم بن بندار، حدثنا أبو حاتم بكر بن عبدان، حدثنا محمد بن مهاجر، حدثنا أبو حذيفة البخاري عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: "أكبر الكبائر سوء الظن بالله ". حديث غريب جدًا.الشيخ: لا شك أن سوء الظن بالله من الكبائر، وقد قال النبي ﷺ: لا يموتن أحد منكم إلا، وهو يحسن ظنه بالله حسن الظن بالله ورجاءه سبحانه أمر واجب، فلا قنوط، ويأس، ولا سوء ظن بالله، ولا أمن، ولكن بين ذلك، فالواجب على أهل الإيمان أن يكون سيرهم إلى الله بين الرجاء، والخوف، لا قانطين آيسين قد أساؤوا ظنهم بالله، ولا آمنين من مكر الله معرضين غافلين، ولكن بين ذلك، فهكذا المؤمن، وهكذا المؤمنة، يعبد الله، ويسير إليه في هذه الدنيا بين رجاء وخوف، يرجوه ويحسن ظنه به؛ لأنه الرحمن الرحيم الجواد الكريم، ويخافه، ويحذر بطشه، ويبتعد عن معاصيه؛ لأنه سبحانه عظيم الانتقام شديد العقاب. فينبغي للمؤمن أن يكون هكذا أبدًا، ولاسيما عند الموت، فإنه في مرض الموت ينبغي له أن يجتهد في إحسان ظنه بالله، ورجائه له ، وأن لا يقنط ولا ييأس من رحمة الله .
وفي حال الصحة ذهب كثير من السلف إلى أنه ينبغي أن يميل إلى جانب الخوف حتى يحذر.
وقد وصف الله الكفار والمنافقين بأنهم يظنون بالله ظن السوء، ظن الجاهلية، فظن السوء من أوصاف الكفار والمنافقين، نعوذ بالله.
حديث آخر: فيه التعرب بعد الهجرة قد تقدم في رواية عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا.الشيخ: لا، عمرو بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أيش عندكم؟
الطالب: عمرو.
الشيخ: الذي أعرفه أنه عمرو بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، التقريب حاضر؟
الطالب: نعم.
الشيخ: المعروف أنه عمرو.
عن أبي هريرة مرفوعًا قال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن رشدين، حدثنا عمرو بن خالد الحراني، حدثنا ابن لهيعة عن زياد بن أبي حبيب.الشيخ: زياد كذا عندك؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ما أعرف إلا يزيد، وقد يكون، قد يكون، المعروف يزيد بن أبي حبيب المصري المشهور. انظر التقريب فيه زياد؟
وسليمان بن أحمد هذا الطبراني رحمه الله.
 عن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه، قال: سمعت النبي ﷺ يقول: الكبائر سبع، ألا تسألوني عنهن؟ الإشراك بالله، وقتل النفس، والفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، والتعرب بعد الهجرة، وفي إسناده نظر، ورفعه غلط فاحش، والصواب ما رواه ابن جرير: حدثنا تميم بن المنتصر، حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، قال: إني لفي هذا المسجد، مسجد الكوفة، وعلي يخطب الناس على المنبر يقول: يا أيها الناس، الكبائر سبع فأصاخ الناس، فأعادها ثلاث مرات، ثم قال: لم لا تسألوني عنها؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والفرار يوم الزحف، والتعرب بعد الهجرة. فقلت لأبي: يا أبت، التعرب بعد الهجرة، كيف لحق هاهنا؟
قال يا بني، وما أعظم من أن يهاجر الرجل حتى إذا وقع سهمه في الفيء، ووجب عليه الجهاد، خلع ذلك من عنقه، فرجع أعرابيًا كما كان.
الشيخ: فيه ابن إسحاق، وقد عنعن، لكن لو صح مثل ما جاء في الروايات الأخرى لو صح فالمراد أن هذه السبع من جملة الكبائر، وليس المقصود الحصر، ولهذا قال العلماء: مفهوم العدد لا يعتبر إذا جاءت زيادات فالكبائر كثيرة كما قال ابن عباس: هي إلى سبعين أقرب منها إلى سبع، وقد تقدم منها جملة كبيرة، ومنها حديث أبي هريرة المتقدم: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات كما في الصحيحين. وتقدم ذكر الكبائر من حديث عبد الله بن عمرو: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس، وفي أحاديث أخرى كثيرة، أعاذنا الله وإياكم منها.
والقاعدة فيها: أن كل ذنب ختم بلعنة، أو نار، أو غضب، أو وعيد في الآخرة فهو يعد من الكبائر، هذا أحسن ما قيل فيها، وألحق قوم من أهل العلم بذلك كل ذنب ينفى الإيمان عن صاحبه، أو يقال فيه: ليس منا، أو أنا بريء ممن فعل كذا، فجمع من أهل العلم ألحقوا هذا بالكبائر، كحديث: أنا بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية جمع من أهل العلم يلحقون هذا أيضًا بالكبائر.
الطالب: عمر فيه اثنين يقول: عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي ربيب النبي ﷺ صحابي صغير.
الشيخ: معروف.
الطالب: في: عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قاضي المدينة، صدوق يخطئ من السادسة، قتل بالشام سنة اثنتين وثلاثين مع بني أمية، البخاري تعليقًا، والأربعة.
الشيخ: على هذا صار بغير واو، انظر عمرو بعد هذا، والقول فيه بالواو بعد هذا عمرو.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا أبو معاوية يعني سنان.الشيخ: يعني سنان كذا عندكم؟
الطالب: في نسخة شيبان.
الشيخ: لعله شيبان المعروف هو شيبان.. انظر شيبان.
الطالب: قال في الحاشية: هو في المخطوطة سنان، وهو خطأ ينظر الخلاصة..
الشيخ: نعم شيبان. عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سلمة بن قيس الأشجعي، قال: قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع: ألا إنما هن أربع أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا قال: فما أنا بأشجع عليهن إذ سمعتهن من رسول الله ﷺ، ثم رواه أحمد أيضا، والنسائي، وابن مردويه من حديث منصور بإسناده مثله.الشيخ: وهذا يدل على عظم هذه الكبائر قتل النفس، والزنا، والسرقة من أقبح الكبائر نسأل الله العافية، ولهذا خصهن بالذكر هنا.
حديث آخر: تقدم من رواية عمر بن المغيرة عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر، والصحيح ما رواه غيره عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال ابن أبي حاتم: وهو الصحيح عن ابن عباس من قوله.
حديث آخر في ذلك: قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عباد بن عباد، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم عن أبي أمامة، أن أناسًا من أصحاب النبي ﷺ ذكروا الكبائر، وهو متكئ، فقالوا: الشرك بالله، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغلول، والسحر، وأكل الربا، فقال رسول الله ﷺ: فأين تجعلون: الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا [آل عمران:77] إلى آخر الآيةفي إسناده ضعف، وهو حسن.