بَاب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ
6337- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ أَبُو حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلاثَ مِرَارٍ، وَلا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا القُرْآنَ، وَلا أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِي القَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ، فَتَقُصّ عَلَيْهِمْ، فَتَقْطَع عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلّهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ، فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ، فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ، فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ" يَعْنِي لا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ.
الشيخ: وهذا المقصود منه تعمد السجع، وتكلف الذي قد يمل الناس، ويُضيع الفائدة، أما السجع الذي يأتي عفوًا من غير قصدٍ فقد وقع في كلام النبي ﷺ كثيرًا وكلام الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، لكن تعمده وتطلبه وتكلّفه هو الذي يملّ ويقلل الفائدة. أيش قال عليه؟
الطالب: قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ) السَّجْعُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الْجِيمِ، بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ، هُوَ مُوَالَاةُ الْكَلَامِ عَلَى رَوِيٍّ وَاحِدٍ، وَمِنْهُ: "سَجَعَتِ الْحَمَامَةُ" إِذَا رَدَّدَتْ صَوْتَهَا، قَالَه ابن دُرَيْدٍ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ الْكَلَامُ الْمُقَفَّى مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ وَزْنٍ.
[6337] قَوْلُهُ: (هَارُونُ الْمُقْرِئُ) هُوَ ابن مُوسَى النَّحْوِيُّ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ، بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ مُثَنَّاةٌ.
قَوْلُهُ: "حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ" هَذَا إِرْشَادٌ، وَقَدْ بَيَّنَ حِكْمَتَهُ.
قَوْلُهُ: "وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ" هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِ تُمِلَّ مِنَ الرُّبَاعِيِّ، وَالْمَلَلُ وَالسَّآمَةُ بِمَعْنًى، وَهَذَا الْقُرْآنَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ حَدِيث ابن مَسْعُودٍ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ؛ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا".
قَوْلُهُ: "فَلَا أُلْفيَنَّكَ" بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِالْفَاءِ، أَيْ: لَا أَجِدَنَّكَ، وَالنُّونُ مُثَقَّلَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَهَذَا النَّهْيُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِلْمُتَكَلِّمِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْمُخَاطَبِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: لَا أرينك هَاهُنَا.
وَفِيهِ كَرَاهَةُ التَّحْدِيثِ عِنْدَ مَنْ لَا يُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ قَطْعِ حَدِيثِ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي نَشْرُ الْعِلْمِ عِنْدَ مَنْ لَا يحرص عَلَيْهِ، وَيحدث مَن يشتهي بِسَمَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ.
قَوْلُهُ: "فَتَمَلّهُمْ" يَجُوزُ فِي مَحَلِّهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ.
قَوْلُهُ: "وَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ" أَيْ لَا تَقْصِدْ إِلَيْهِ، وَلَا تشغل فِكْرَكَ بِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ الْمَانِعِ للخشوع الْمَطْلُوب فِي الدُّعَاء.
وَقَالَ ابن التِّينِ: الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ: الْمُسْتَكْرَهُ مِنْهُ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: الِاسْتِكْثَارُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: "لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ" أَيْ تَرْكَ السَّجْعِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ -شَيْخِ الْبُخَارِيِّ بِسَنَدِهِ فِيهِ- لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، بِإِسْقَاطِ "إِلَّا"، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنده" عَن يحيى، وَالطَّبَرَانِيُّ عَن البزار.
الشيخ: هذه الوصية من ابن عباسٍ جديرة بأن تُنقل، وصية جيدة من ابن عباس ، جديرة بأن تُنقل، وأن يُراعيها المُذَكِّر، رضي الله عنه ورحمه.
الطالب: وَلَا يَرد عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَصْدُرُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَيْهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا يَجِيءُ فِي غَايَةِ الِانْسِجَامِ، كَقَوْلِهِ ﷺ فِي الْجِهَادِ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، هَازِمَ الْأَحْزَابِ، وَكَقَوْلِهِ ﷺ: صَدَقَ وَعْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ الْحَدِيثَ، وَكَقَوْلِهِ: أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَيْنٍ لَا تَدْمَعُ، وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ.
الشيخ: والمقصود من هذا أن الشيء الذي يأتي من غير تكلُّفٍ ولا تعمُّدٍ لقصده لإملال السامعين ونحو ذلك، ولكن يأتي عفوًا، وله أثر في نفوس المستمعين، هذا هو المطلوب.
الطالب: قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْمَكْرُوهُ مِنَ السَّجْعِ هُوَ الْمُتَكَلَّفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ الضَّرَاعَةَ وَالذِّلَّةَ، وَإِلَّا فَفِي الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ كَلِمَاتٌ مُتَوَازِيَةٌ، لَكِنَّهَا غَيْرُ مُتَكَلَّفَةٍ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَإِنَّمَا كَرِهَهُ ﷺ لِمُشَاكَلَتِهِ كَلَامَ الْكَهَنَةِ كَمَا فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ مِنْ هُذَيْلٍ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: أَصْلُ السَّجْعِ الْقَصْدُ الْمُسْتَوِي، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْكَلَامِ أم غَيره.
بَاب لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ فَإِنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ
6338- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُالعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، وَلا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي؛ فَإِنَّهُ لا مُسْتَكْرِهَ لَهُ.
الشيخ: يعني: لا يُعلق دعاءه، بل يقول: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم أدخلني الجنة، اللهم أنجني من النار، لا يقول: إن شئتَ؛ فإنَّ الله لا مُكره له ، وهو يُعطي العطاء العظيم جلَّ وعلا، وهو القادر على كل شيءٍ سبحانه وتعالى، ثم الاستثناء يُشعر بأنَّ هذا السائل غير جازمٍ في المسألة، غير راغبٍ الرغبة القوية، كأنه عنده شيء من الاستغناء عن حصول المطلوب، فإنما يقول: "إن شئتَ" الإنسانُ الذي عنده استغناء، أو يخاف، أو المسؤول يملّ، أو يعجز، أما الرب عز وجل فهو قادرٌ على كل شيء ، وهو الغني عن كل شيء ، وهو ...... الجود والكرم، والعبد في غاية الفقر إليه، والحاجة إليه سبحانه وتعالى.
فلهذا لا يُناسب أن يُعلق يقول: اللهم اغفر لي إن شئتَ، اللهم ارحمني إن شئتَ، لا، بل يعزم ويقول: اللهم اغفر لي، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أدخلني الجنة، اللهم أنجني من النار، اللهم بارك فيما أعطيتني، اللهم اهدني سواء السبيل، وهكذا الدَّعوات المطلقة التي ليس فيها تعليق، ولا يقول: إن شاء الله في دعائه، اللهم اغفر لي، ويجزم، ويلح في الدعاء.
س: من يقول: وفَّقنا الله وإياكم، إن شاء الله، هل يدخل في هذا؟
ج: يدخل في هذا، ما ينبغي هذا، لا يُعلق، هذه دعوات مطلوبة، والعبد في غاية الحاجة إليها.
س: بعض الناس يقول: قلتُها تبَرُّكًا؟
ج: لا، ما ينبغي في الدّعاء مثل هذا.
6339- حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ.
بَاب يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ
6340- حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.
الشيخ: والمعنى الإلحاح في الدعاء، ولا يقول: دعوتُ ودعوتُ فلم يُستجب لي، ثم يترك الدعاء، لا، يلح في الدعاء، ويطلب حاجته، وقد يكون الله جلَّ وعلا أخَّرها لحكمةٍ بالغةٍ فيما يتعلق بإلحاحه، وقد يكون لأمرٍ آخر من الحكم، قد يكون في إلحاحك واجتهادك ما هو سبب لهدايتك، وصلاح قلبك، ويزيدك علمًا بهذا الإلحاح، وبهذه الحاجة، فلا تأس، ولا تقل: دعوتُ ودعوتُ فلم أره يُستجاب لي، فتكسل وتضعف عن الدعاء، بل على المؤمن أن يجتهد في الدعاء فيما ينفعه، ولا ييأس، ولا يقول: دعوتُ ودعوتُ فلم أره يُستجب لي، فإن الشيطان يُحب ذلك، يُحب أن تجزع، يُحب أن تترك الدعاء، وأن تيأس، هذا من عمل عدو الله: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف:87]، لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53].
بَاب رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: "دَعَا النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ".
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ.
6341- قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: وَقَالَ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَشَرِيكٍ: سَمِعَا أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ.
الشيخ: رفع اليدين من أسباب الإجابة، ولهذا في حديث الرجل الذي دعا ولم يُستجب له؛ لأنه كان يأكل حرامًا، ثم ذكر الرجل يُطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يُستجاب لذلك؟! يعني: أتى بأسباب الإجابة من رفع اليدين والإلحاح، ولكن صار هناك مانعٌ من إجابة الدعاء، وهو تلطخه بالحرام، نسأل الله العافية.
وفي الحديث الآخر: إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردَّهما صفرًا.
فرفع اليد بالدعاء من أسباب الإجابة، والإلحاح في الدعاء وكثرته من أسباب الإجابة، والسؤال بأسماء الله وصفاته، والإلحاح بذلك؛ كل هذا من أسباب الإجابة، وأكل الطيب، والعناية بأكل الطيب الحلال، من أسباب الإجابة، كما أنَّ أكل الحرام من أسباب الحرمان.
س: ..............؟
ج: قال بعضُهم: إنه خاص، وقال بعضُهم: إنه كان يتعاهد أخذ شعر الإبط عليه الصلاة والسلام، والسنة تعاهد ذلك.
س: ...............؟
ج: العفرة بمعنى البياض.
س: .................؟
ج: ما نعرف فيه شيئًا، ما نعلم فيه شيئًا.
س: .............؟
ج: خالد بن الوليد لما قتل جماعةً قالوا: صبأنا، وهذه جريمة وغلط، وبعث إليهم قالوا: صبأنا، صبأنا، ظنَّ أنهم باقون على دينهم فقتلهم، وكانوا أرادوا الإسلام يعني، وهذا غلطٌ من خالدٍ، تبرأ من عمله النبيُّ ﷺ، وأدَّى ما تلف عليه الصلاة والسلام.
س: ...............؟
ج: نعم، ولكن أسنده في مواضع أخرى في يوم الفتح، هذه القصة بعد الفتح، ما تكلم عليه عندك؟
الطالب: قَوْله: (وَقَالَ ابن عُمَرَ: رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ) وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَنِي جَذِيمَةَ -بِجِيمٍ وَمُعْجَمَةٍ، وَزْنُ عَظِيمَةٍ- وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي بَعْدَ غَزْوَة الْفَتْح، وخَالِد الْمَذْكُور هُوَ ابن الْوَلِيدِ.
الشيخ: نبَّه عليه، غزوة الفتح، نعم.
الطالب: حتى حديث الباب قال فيه: قال أبو عبدالله: وقال الأويسي: أقصد هذا صورة التعليق؟
الشيخ: الظاهر تعليق ..........
الطالب: ما هو من شيوخه، الأويسي من شيوخ المؤلف؟
الشيخ: الظاهر أنه من شيوخه، الذي ما هو من شيوخه أخوه إسماعيل، أما عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي فهو من شيوخه، لكن قد يُسمَّى: تعليقًا، وقد لا يُسمَّى: تعليقًا، مثلما قالوا في هشام بن عمار في قصة: ليكوننَّ أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير، وغيره، المواضع كثيرة، بعضُهم يُسميه: تعليقًا، وبعضهم يُسميه: مسندًا؛ لأنه شيخه، لكن بعضهم يقول: إن هذا يقع كثيرًا في المذاكرات، وهو محتمل، أما إذا قالوا: "وقال لنا" زال الإشكال، إذا زاد فيها: "لنا"، أما إذا ما فيها "لنا" فهو محتمل أنه يكون رواه عنه من طريقٍ آخر، ما سمعه به، ولهذا سمَّاه جماعة منهم: تعليقًا.
الطالب: تكلَّم عليه.
الشيخ: أيش قال عليه؟
الطالب: قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْأُوَيْسِيُّ) هُوَ عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَيِ ابن كَثِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَهَذَا طَرَفٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بِهَذَا السَّنَدِ مُعَلَّقًا، وَوَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأُوَيْسِيُّ بِهِ، وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ قِصَّةَ الِاسْتِسْقَاءِ مُطَوَّلَةً مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ وَحْدَهُ، عَنْ أَنَسٍ، مِنْ طُرُقٍ فِي بَعْضِهَا: وَرَفَعَ يَدَيْهِ.
الشيخ: سمَّاه: تعليقًا؛ جريًا على قول مَن قال من أئمة الحديث أنه تعليق؛ لأنه لماذا ترك: حدثنا؟ ولماذا ترك: لنا، وسكت؟ هذا يُشعر بأنه رواه عنه من طريقٍ غير مباشرةٍ، ولهذا سمّوه: تعليقًا، ولكن قاعدة أنه إذا جزم فهو صحيح، ولو ما قال: لنا، التعليقات المجزومة صحيحة، نعم.
بَاب الدُّعَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ القِبْلَةِ
6342- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَتَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ وَمُطِرْنَا، حَتَّى مَا كَادَ الرَّجُلُ يَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ تَزَلْ تُمْطرُ إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا فَقَدْ غَرِقْنَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلا عَلَيْنَا، فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ حَوْلَ المَدِينَةِ، وَلا يُمْطِرُ أَهْلَ المَدِينَةِ.
الشيخ: هذه من آيات النبوة، تقدم في حديث ....... هناك أنه رفع يديه ورفع الناسُ أيديهم في خطبة الجمعة.
بَابُ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ
6343- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى هَذَا المُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ.
بَاب دَعْوَةِ النَّبِيِّ ﷺ لِخَادِمِهِ بِطُولِ العُمُرِ، وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ
6344- حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَادِمُكَ أَنَسٌ ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ.
بَاب الدُّعَاءِ عِنْدَ الكَرْبِ
6345- حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ.
6346- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِاللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ.
الشيخ: سُمّي دعاءً لأنَّ الذاكر يقوله، يدعو ربه، يريد كشف الكرب، فسُمي دعاء، وهو ذكر؛ لأن الأذكار والعبادات كلها في الصلاة وغيرها، كلها أذكار، وهي دعاء، ويُقال لها: دعاء العبادة، ويُقال لصريح السؤال: دعاء المسألة، فقوله: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله ربّ العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش الكريم، هو ذكرٌ، ولكنه في المعنى دعاء؛ لأنه أتى به يُريد من ذلك كشف الكرب، وتفريج الأمور، وتفضل الرب عليه بإزالة ما به من الشدة، وهو داعٍ في المعنى، ذاكر في اللفظ.
وهكذا قول: "لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله" ونحو ذلك هي أذكار، وهي دعاء، هي أذكار في الألفاظ، ودعاء في المعنى؛ لأنَّ الذاكر إنما ذكر يرجو ربَّه، ويسأله من فضله الثواب والأجر على ما فعل، وهكذا صلاته وصومه وصدقته ونحو ذلك، هي عبادات فعلية، وهي طاعات، وهي دعاء في المعنى؛ لأنه فعلها يرجو بذلك ثوابَ الله، ويسأله من فضله وإحسانه.
أما: اللهم اغفر لي، وارحمني، وأنجني من النار، فهذا يُقال له: دعاء المسألة، وهو عبادة أيضًا، ودعاء المسألة مستلزم لدعاء العبادة؛ لأنه حين قال: اغفر لي، وارحمني، تضمن ذلك وصف الرب بأنه الغفور، وبأنه الرحيم، وهكذا كله ذكر في المعنى.
الشيخ: وجاء في بعض الروايات بعدما يقول هذا الذكر: ثم يدعو، فيجعله مقدمةً للدعاء، ثم يدعو بما شاء، يقول: اللهم اسقنا، اللهم أغثنا، اللهم اغفر لي، اللهم أنجني من النار، اللهم افعل لي كذا، فيأتي بهذا الذكر العظيم: لا إله إلا الله العظيم الحليم دعاء الكرب، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش الكريم، فهو ذكر يقدم أمام الدعاء، ثم يدعو المستسقي وغير المستسقي بما يسَّر الله من الدَّعوات.
س: الدعاء بطول العمر؟
ج: إنما يُروى عن عمر وجماعةٍ كراهة ذلك، ولكن إذا قيد في طاعة الله وفي مرضاة الله جاز، الكراهة عند مَن كره: فإنَّ طول العمر قد يكون فيه شرّ، قد يكون فيه خير، فإذا كان في خيرٍ فهو مطلوب: خير الناس مَن طال عمره، وحسن عمله.
س: ..............؟
ج: كأنه يريد أنه لا بأس بهذا، انظر كلامه على الترجمة الأولى؟
الطالب: قَوْلُهُ: (بَابُ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث عبدالله بن زيد، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمُصلَّى يَسْتَسْقِي، فَدَعَا واستسقى، ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة، وقلب رِدَاءَهُ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذَا. يُرِيدُ أَنَّهُ قَدَّمَ الدُّعَاءَ قَبْلَ الِاسْتِسْقَاءِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ لَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا تَحَوَّلَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ دَعَا حِينَئِذٍ أَيْضًا.
قُلْتُ: وَهُوَ كَذَلِكَ، فَأَشَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ مَضَى فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: وَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَتَرْجَمَ لَهُ: اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الدُّعَاءِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَتْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِالْمَسْجِدِ، وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَانَتْ بِالْمُصَلَّى.
وَقَدْ سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ، فَصَارَ حَدِيثُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَيَسْقُطُ بِذَلِكَ اعْتِرَاضُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الدُّعَاءِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ عِدَّةُ أَحَادِيثَ:
مِنْهَا حَدِيثُ عُمَرَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَقَدْ قَدَّمْتُهُ فِي بَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء.
وَلمُسلم وَالتِّرْمِذِيِّ من حَدِيث ابن عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَر: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجعل يَهْتِف بربه. الحَدِيث.
وَفِي حَدِيث ابن مَسْعُودٍ: اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْكَعْبَةَ، فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ. الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا جَازَ مَكَانًا مِنْ دَارِ يَعْلَى اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابن مَسْعُودٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي قَبْرِ عَبْدِاللَّهِ ذِي النِّجَادَيْنِ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، رَافِعًا يَدَيْهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيحه".
الشيخ: ما تكلم على ....... يعني فيه رفع اليدين، المعروف عنه ﷺ أنه كان إذا فرغ من الدفن وقف على الميت وقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التَّثبيت؛ فإنه الآن يُسأل، وجاء في الحديث هذا زيادة: وأنه استقبل القبلة، ورفع يديه ودعا.
والقاعدة في أبي عوانة: أنه مُستخرج على الصحيح، القاعدة في أحاديث الصحيح مُستخرجات أصلها الصحة، المؤلف لم يُنبه على هذه المستخرجات على "صحيح البخاري" وعلى "صحيح مسلم" الصحة؛ لأنهم يستخرجون أحاديث على شرط المستخرج عليه، فإن صحَّ هذا فهو يدل على شرعية استقبال القبلة عند الدعاء، ورفع اليدين حين الدعاء للميت بعد دفنه؛ لهذا الخبر، وأخرج أيش؟
الطالب: وَفِي حَدِيثِ ابن مَسْعُودٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي قَبْرِ عَبْدِاللَّهِ ذِي النِّجَادَيْنِ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، رَافِعًا يَدَيْهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيحه".
الشيخ: ..........
س: .............؟
ج: الأصل فيه أن استقبال القبلة أفضل عند الدعاء، لكن يجوز الدعاء من غير استقبال القبلة، مثلما دعا النبيُّ ﷺ في الاستسقاء ووجهه إلى الشرق عليه الصلاة والسلام، وجهه إلى غير القبلة، يوم الجمعة استسقى، كذلك حديث عبدالله بن زيد: أول ما خطب الناس قد استقبلهم، ثم توجَّه بعد ذلك إلى القبلة ليدعو، وهو رافع يديه للاستسقاء عليه الصلاة والسلام، لما خرج إلى المصلَّى جمع بين هذا وهذا: استقبلهم أولًا، ووعظهم، وذكَّرهم، ثم انحرف إلى القبلة ودعا، ثم نزل عليه الصلاة والسلام.
وفي حديث أنس: أنه استقبل الناس: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، ولم ينصرف إلى القبلة لما استسقى لهم بعد صلاة الجمعة، كل دعائه وهو مُستقبل الناس، والقبلة خلف ظهره، وهو يدل على أنَّ هذا جائز، وهذا جائز، إن شاء استقبل القبلة ودعا، وإن شاء استقبل الناس ودعا، وهكذا في الدَّعوات الأخرى في بيته، أو في أي مكانٍ، إن دعا مُستقبلًا القبلة فهو أفضل، وإن دعا إلى جهةٍ أخرى فلا بأس بذلك، الأمر واسعٌ، ليس من جنس الصلاة.
س: .............؟
ج: هذا يتوقف على حديث ابن مسعود هذا.
س: ............؟
ج: الذي قبل هذا أنَّ الدعاء للميت بعد دفنه من أي جهةٍ، سواء مُستقبل القبلة، أو غير مُستقبل القبلة، إذا الكل وقفوا عليه ودعوا: هذا من جهة، وهذا من جهة، وهذا من جهة، الأمر فيه واسع.
الطالب: قَوْلُهُ: (بَابُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ ﷺ لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ: قَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ الله، خادمك ادْع الله لَهُ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ الْحَدِيثَ، وَقَدْ مَضَى قَرِيبًا، وَذَكَرَهُ فِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الْعُمُرِ، فَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الدُّعَاءَ بِكَثْرَةِ الْوَلَدِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ طُولِ الْعُمُرِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِنَوْعٍ مِنَ الْمَجَازِ؛ بِأَنْ يُرَادَ أَنَّ كَثْرَةَ الْوَلَدِ فِي الْعَادَةِ تَسْتَدْعِي بَقَاءَ ذِكْرِ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ أَوْلَادُهُ، فَكَأَنَّهُ حَيٌّ.
وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ أَشَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَأَخْرَجَ فِي "الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ -وَهِيَ أُمُّ أَنَسٍ: خُوَيْدِمُكَ، أَلَا تَدْعُو لَهُ؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَأَطِلْ حَيَاتَهُ، وَاغْفِرْ لَهُ، فَأَمَّا كَثْرَةُ وَلَدِ أَنَسٍ وَمَالِهِ: فَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ.
الشيخ: وهذا مما يُؤخذ على المؤلف أيضًا: عزاه للأدب ولم يُنبه على حال السند، كان ينبغي على المؤلف في مثل هذا أن يعتني بالسند، وأن ينبه عليه، وإن كان قد سبق في كلامه أول الشرح أنه إذا أطلق فهو عنده حسن أو صحيح، لكن التَّنبيه على ..... يكون أجود، فليُراجع هذا في الأدب، يُراجع الدعاء لأنسٍ، يراجع في الأدب، كتاب الأدب فيه أحاديث كثيرة صحيحة، وأحاديث ضعيفة، فهو جامعٌ بين هذا وهذا كسائر الكتب الأخرى، لم يلتزم فيه بالصحة، ففيه الضعيف، وفيه الحسن، وفيه الصحيح.
الطالب: فَأَمَّا كَثْرَةُ وَلَدِ أَنَسٍ وَمَالِهِ: فَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ أَنَسٌ: "فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ، وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِئَةِ الْيَوْمَ".
وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الطَّاعُون شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الطِّبِّ قَوْلُ أَنَسٍ: "أَخْبَرَتْنِي ابْنَتِي أَمِينَةُ أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي إِلَى يَوْمِ مَقْدِمِ الْحَجَّاجِ الْبَصْرَةَ مِئَةٌ وَعِشْرُونَ". وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ: كَانَ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ أولادًا.
الشيخ: أجاب الله دعوةَ نبيه عليه الصلاة والسلام، فأكثر الله ماله، وأكثر ولده، ونرجو له المغفرة رضي الله عنه وأرضاه، وبارك الله له في ذلك، اللهم ارضَ عنه.
الطالب: وَقد قَالَ ابن قُتَيْبَةَ فِي "الْمَعَارِفِ": كَانَ بِالْبَصْرَةِ ثَلَاثَةٌ مَا مَاتُوا حَتَّى رَأَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ وَلَدِهِ مِئَةَ ذَكَرٍ لِصُلْبِهِ: أَبُو بَكْرَةَ، وَأَنَسٌ، وَخَلِيفَةُ بْنُ بَدْرٍ، وَزَادَ غَيْرُهُ رَابِعًا وَهُوَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي ذِكْرِ أَنَسٍ: وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَأْتِي فِي كُلِّ سَنَةٍ الْفَاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ.
الشيخ: يعني: يحمل مرتين في السنة، يعني من البركة.
الطالب: وَكَانَ فِيهِ رَيْحَان يَجِيءُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَأَمَّا طُولُ عُمُرِ أَنَسٍ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْهِجْرَةِ ابن تِسْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فِيمَا قِيلَ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَلَهُ مِئَةٌ وَثَلَاثُ سِنِينَ، قَالَهُ خَلِيفَةُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي سِنِّهِ أَنَّهُ بَلَغَ مِئَةً وَسَبْعَ سِنِينَ، وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ: تِسْعًا وَتِسْعين سنة.
بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ
6347- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سُمَيٌّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ. قَالَ سُفْيَانُ: الحَدِيثُ ثَلاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً، لا أَدْرِي أَيَّتهُنَّ هِيَ.
بَاب دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى
6348- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: لَنْ يُقْبَضَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى، قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى.
الشيخ: اللهم صلِّ عليه وسلم، يعني يُخيَّر بين الدنيا والآخرة، هل يختار البقاء أو يختار الآخرة؟ فيختار الأنبياء ما عند الله ، ولهذا قال: اللهم الرفيق الأعلى، اللهم صلِّ عليه وسلم، يُشير إلى قوله جلَّ وعلا: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69]، انظر كلامه على .......؟
الطالب: قَوْلُهُ: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ) الْجَهْدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَبِضَمِّهَا الْمَشَقَّةُ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَالْبَلَاءُ بِالْفَتْحِ مَعَ الْمَدِّ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ مَعَ الْقَصْرِ.
[6347] قَوْلُهُ: (سُمَيٌّ) بِالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرٌ، هُوَ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ.
قَوْلُهُ: (كَانَ يَتَعَوَّذُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَرَوَاهُ مُسَدَّدٌ، عَنْ سُفْيَانَ بِسَنَدِهِ هَذَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ: تَعَوَّذُوا، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَدَرِ.
الشيخ: العيني موجود؟ ما تكلم على البلاء ..... للذهاب والتلف البلا، البلا: الزوال والذهاب، يُقال: بلى بلا، والبلاء هو ما يُبتلى به الإنسانُ من شدةٍ أو رخاء، خير أو شر، قال الشارح أنه يُقال "بلا" في الموضعين.
الطالب: قال: هَذَا بَابٌ فِي بَيَان التَّعَوُّذ من جهد الْبلَاء، الْجهد بِفَتْح الْجِيم وَبِضَمِّهَا: الْمَشَقَّة.
الشيخ: يعني لغتان، قيل: بالفتح مشقة، وبالضم الطاقة، يعني ...... طاقتهم، والمشهور الأول أنها ......
الطالب: وَكلما أصَاب الْإِنْسَان من شدَّة الْمَشَقَّة والجهد فِيمَا لَا طَاقَة لَهُ بِحمْلِهِ، وَلَا يقدر على دَفعه عَن نَفسه، فَهُوَ من جهد الْبلَاء، وَرُوِيَ عَن عمر : أَنه سُئِلَ عَن جهد الْبلَاء، فَقَالَ: قلَّة المَال، وَكَثْرَة الْعِيَال. وَالْبَلَاء مَمْدُود، فَإِذا كسرت الْبَاء قصرت.
الشيخ: وافق الشارح، نعم.
الطالب: وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ.
قَوْلُهُ: وَدَرَكِ الشَّقَاءِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَيَجُوزُ سُكُونُ الرَّاءِ، وَهُوَ الْإِدْرَاكُ وَاللِّحَاقُ، وَالشَّقَاءُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ قَافٍ هُوَ الْهَلَاكُ، وَيُطْلَقُ عَلَى السَّبَبِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاكِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَان) هُوَ ابن عُيَيْنَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (الْحَدِيثُ ثَلَاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً لَا أَدْرِي أَيَّتهُنَّ) أَيِ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الْمَرْوِيُّ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِ جُمَلٍ مِنَ الْجُمَلِ الْأَرْبَعِ، وَالرَّابِعَةُ زَادَهَا سُفْيَانُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، ثُمَّ خَفِيَ عَلَيْهِ تَعْيِينُهَا.
وَوَقَعَ عِنْدَ الْحُمَيْدِيِّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ سُفْيَانَ: الْحَدِيثُ ثَلَاثٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ، وَلَمْ يُفَصِّلْ ذَلِكَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ سُفْيَانَ، وَفِي ذَلِكَ تَعَقُّبٌ عَلَى الْكَرْمَانِيِّ؛ حَيْثُ اعْتَذَرَ عَنْ سُفْيَانَ فِي جَوَابِ مَنِ اسْتَشْكَلَ جَوَازَ زِيَادَتِهِ الْجُمْلَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِدْرَاجُ فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ: يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ يُمَيِّزُهَا إِذَا حَدَّثَ. كَذَا قَالَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَسَيَأْتِي فِي الْقَدَرِ عَنْ مُسَدَّدٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَمْرو النَّاقِد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِالْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بِالْخِصَالِ الْأَرْبَعَةِ بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ، إِلَّا أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ: عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، قَالَ سُفْيَانُ: أَشُكُّ أَنِّي زِدْتُ وَاحِدَةً مِنْهَا.
وَأَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، فَاقْتَصَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ.
وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ من طَرِيق ابن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْخَصْلَةَ الْمَزِيدَةَ هِيَ: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاء. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُجَاعِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، مُقْتَصِرًا عَلَى الثَّلَاثَةِ دُونَهَا.
وَعُرِفَ مِنْ ذَلِكَ تَعْيِينُ الْخَصْلَةِ الْمَزِيدَةِ، وَيُجَابُ عَنِ النَّظَرِ بِأَنَّ سُفْيَانَ كَانَ إِذَا حَدَّثَ مَيَّزَهَا، ثُمَّ طَالَ الْأَمْرُ، فَطَرَقَهُ السَّهْوُ عَنْ تَعْيِينِهَا، فَحَفِظَ بَعْضُ مَنْ سَمِعَ تَعْيِينَهَا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَطْرُقَهُ السَّهْوُ، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ أَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ تَعْيِينُهَا يَذْكُرُ كَوْنَهَا مَزِيدَةً مَعَ إِبْهَامِهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ الْحَالُ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ تَمْيِيزُهَا: لَا تَعْيِينًا، وَلَا إِبْهَامًا، أَنْ يَكُونَ ذَهِلَ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ عَيَّنَ، أَوْ مَيَّزَ، فَذَهِلَ عَنْهُ بَعْضُ مَنْ سَمِعَ، وَيَتَرَجَّحُ كَوْنُ الْخَصْلَةِ الْمَذْكُورَةِ هِيَ الْمَزِيدَة بِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي عُمُومِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ مُسْتَقِلَّةٌ، فَإِنَّ كُلَّ أَمْرٍ يُكْرَهُ يُلَاحَظُ فِيهِ جِهَةُ الْمَبْدَأ، وَهُوَ سُوءُ الْقَضَاءِ، وَجِهَةُ الْمَعَادِ، وَهُوَ دَرَكُ الشَّقَاءِ؛ لِأَنَّ شَقَاءَ الْآخِرَةِ هُوَ الشَّقَاءُ الْحَقِيقِيُّ، وَجِهَةُ الْمَعَاشِ، وَهُوَ جَهْدُ الْبَلَاءِ، وَأَمَّا شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ فَتَقَعُ لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ لَهُ كُلٌّ من الْخِصَال الثَّلَاثَة.
وَقَالَ ابن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: جَهْدُ الْبَلَاءِ: كُلُّ مَا أَصَابَ الْمَرْء من شدَّة مشقةٍ وما لا طَاقَةَ لَهُ بِحَمْلِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِجَهْدِ الْبَلَاءِ: قِلَّةُ الْمَالِ، وَكَثْرَةُ الْعِيَال.
الشيخ: الذي بعده.
الطالب: قَوْلُهُ: (بَاب كَذَا) لِلْأَكْثَرِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ، وَفِيهِ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: الرَّفِيقَ الْأَعْلَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي، وَتَعَلُّقُهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَقَضِيَّةُ سِيَاقِهَا هُنَا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَوَّذْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِذَلِكَ، بَلْ تَقَدَّمَ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ من طَرِيق ابن أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى.
[6348] قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدٍ مِنْهُمْ صَرِيحًا، وَقَدْ روى أصل الحَدِيث الْمَذْكُور عَن عَائِشَة ابنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ ابْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَيُمْكِنُ أن يكون الزُّهْرِيُّ عناهم أَو بَعضهم.
بَاب الدُّعَاءِ بِالْمَوْتِ وَالحَيَاةِ
6349- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ خَبَّابًا، وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا، قَالَ: "لَوْلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ".
6350- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ قَالَ: أَتَيْتُ خَبَّابًا، وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فِي بَطْنِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَوْلا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ".
الشيخ: وهذا بسبب ما اعتراه من المرض رضي الله عنه وأرضاه، هذا يُبين لنا مثلما قال النبيُّ ﷺ: أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وفي اللفظ الآخر: أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى المرءُ على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة شُدد عليه البلاء.
فأكرم الناس وأفضلهم وأرفعهم منزلةً هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم أصحابه، ومع ذلك هؤلاء يُبتلون بالبلاء العظيم، ويصبرون، ويكون لهم بذلك رفيع الدَّرجات، وعظيم الأجور، ويكون للأتباع الأسوة بهم، والتأسي، والتَّسلي، فإذا أُصيب الأخيار الأبرار بالشدة والأذى من الأعداء فللأتباع في ذلك الأسوة الصالحة.
ولا يجوز أن يقول الإنسانُ: اللهم أمتني، اللهم اقبض روحي، لا؛ لأنه ما يدري ما وراء ذلك، ولكن يأتي بالشيء الذي يُعلق الأمر فيه على الله، وعلى علمه، فيقول: اللهم أحيني إذا كانت الحياةُ خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، كما في حديث أنسٍ، وكما في حديث عمار بن ياسر : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: اللهم بعلمك الغيب، وقُدرتك على الخلق، أحيني ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاةُ خيرًا، هذا شيء مُعلَّق على علم الله، وعلى حكمته سبحانه وتعالى، وعلى اختياره عزَّ وجل، فهو أعلم بالعبد، أعلم بما ينفعه في الدنيا والآخرة، وأعلم بما يكون في حياته أو عدمها.
وفي حديث أبي هريرة عند مسلمٍ: يقول ﷺ: لا يتمنين أحدُكم الموتَ، ولا يدعُ به من قبل أن يأتيه، فإنَّ عمر المؤمن لا يزيده إلا خيرًا، أخرجه مسلم في "الصحيح"، معنى ذلك أنَّ المؤمن يزداد في حياته، وإن أوذي، وإن أصابته أمراض، وإن أصابته أشياء، فيزداد خيرًا كثيرًا: حسنات تُكتب، وسيئات تُمحى، هذا خيرٌ له من تعجيل الموت، فإنَّ عمر المؤمن لا يزيده إلا خيرًا.
6351- حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي.
بَاب الدُّعَاءِ لِلصِّبْيَانِ بِالْبَرَكَةِ، وَمَسْحِ رُؤوسِهِمْ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى: "وُلِدَ لِي غُلامٌ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِالْبَرَكَةِ".
6352- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنِ الجَعْدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ.
الشيخ: فيه الرأفة، وفيه الرحمة، وفيه العطف على الصبيان، فيُستحب للمسؤولين أن يكون عندهم من العطف والرحمة والإحسان ما يكسب به ودَّ الناس، وما يحصل به للناس من الخير والمنفعة، والصبيان في حاجةٍ إلى ذلك؛ لأنهم ضعفاء العقول، فهم بحاجةٍ إلى الرأفة والرحمة والعطف والإحسان والتعليم، ولهذا مسح على رأسه عليه الصلاة والسلام، ودعا له بالبركة عليه الصلاة والسلام، وكان ابن سبع سنين، حجَّ به مع النبي وهو ابن سبع سنين، أما عرضه على النبي ﷺ في هذه القصة فيحتمل أنه قبل ذلك بمدةٍ.
6353- حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُقَيْلٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ هِشَامٍ مِنَ السُّوقِ -أَوْ: إِلَى السُّوقِ- فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عُمَرَ، فَيَقُولانِ: "أَشْرِكْنَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ"، فَيُشْرِكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى المَنْزِلِ.
6354- حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُوَ الَّذِي مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ غُلامٌ مِنْ بِئْرِهِمْ.
6355- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ".
6356- حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ -وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ مَسَحَ عَنْهُ-: أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ.
الشيخ: والركعة تُجزئ في الوتر، الوتر ركعة، فما زاد فهو خيرٌ، إذا أوتر في أول الليل أو في آخر الليل بركعةٍ واحدةٍ أجزأه ذلك، وإن أوتر بثلاثةٍ كان أفضل، كلما زاد فهو أفضل، أيش قال على الترجمة الأخيرة؟
الطالب: قَوْله: (بَاب الدُّعَاء للصبيان بِالْبركَةِ، وَمسح رؤوسهم) فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ: "وَمَسْحُ رَأْسِهِ" بِالْإِفْرَادِ.
وَوَرَدَ فِي فَضْلِ مَسْحِ رَأْسِ الْيَتِيمِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظِ: مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ -لَا يَمْسَحُهُ إِلَّا لِلَّهِ- كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَمُرُّ يَدُهُ عَلَيْهَا حَسَنَةٌ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا شَكَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ: أَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ وَسَنَدُهُ حسنٌ.
وَذكر فِي الْبَاب أَحَادِيث:
الحَدِيث الأول: قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى: وُلِدَ لِي مَوْلُودٌ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي كتاب الْعَقِيقَة، وَاسم الْوَلَد الْمَذْكُور: إِبْرَاهِيم.
الثَّانِي: [6352] قَوْله: (حَاتِم) هُوَ ابن إِسْمَاعِيلَ، وَالْجَعْدُ يُقَالُ فِيهِ: الْجُعَيْدُ بِالتَّصْغِيرِ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ يُعْرَفُ بِابْنِ أُخْتِ النَّمِرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ فِي أَوَائِلِ التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ هُنَاكَ، وَفِي بَابِ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ من كتاب الطَّهَارَة.
الثَّالِث: [6353] قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي عَقِيلٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَاسْمُهُ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ هِشَامٍ هُوَ التَّيْمِيُّ، مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، تقدم شرح حَدِيثه فِي الشّركَة.
الرَّابِع: [6354] قَوْلُهُ: (مَحْمُودُ بْنُ رَبِيعٍ، وَهُوَ الَّذِي مَجَّ رَسُول الله ﷺ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ غُلَامٌ مِنْ بِئْرِهِمْ) كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَأَوْرَدَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي الطَّهَارَةِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَبَرَ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ مَحْمُودٌ، وَهُوَ حَدِيثُهُ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَيْتِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي بَابِ "إِذَا دَخَلَ بَيْتًا صَلَّى حَيْثُ شَاءَ" مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَرًا، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ الَّذِي أَوْرَدَهُ هُنَا إِلَى مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَزَادَ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَتَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِكَ الْحَدِيثَ.
وَأَوْرَدَهُ عَنْهُ من طَرِيق عقيل، عَن ابن شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ مَحْمُودٍ فِي الْمَجَّةِ، وَذَكَرَ فِي الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودٍ، مُقْتَصِرًا على قصَّة الْمَجَّةِ أَتَمَّ مِمَّا هُنَا، قَالَ: "عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مَجَّةً"، وَقَدْ شَرَحْتُهُ هُنَاكَ.
وَأَوْرَدَهُ قَبْلَ بَاب "الذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ" مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُطَوَّلًا بِقِصَّةِ الْمَجَّةِ، وَبِحَدِيثِ عِتْبَانَ، وَأَوْرَدَهُ فِي الرِّقَاقِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَذَلِكَ، لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ.
وَقَدْ أَوْرَدَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ عِتْبَانَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: مِنْهَا لِلْأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ قِصَّةُ مَحْمُودٍ فِي الْمَجَّةِ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ؛ فَتَرْجَمَ لِمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ فِي الصَّحَابَةِ الَّذِينَ انْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِهِمْ، وَسَاقَ لَهُ حَدِيثَ الْمَجَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى الْبُخَارِيَّ أَفْرَدَهُ وَلَمْ يُفْرِدْهُ مُسْلِمٌ ظَنَّ أَنَّهُ حَدِيثٌ مُسْتَقِلٌّ.
الْخَامِسُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْغُلَامِ الَّذِي بَالَ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
السَّادِسُ: حَدِيثُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ -بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ- وَهُوَ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ، وَأَبوهُ ثَعْلَبَة صَحَابِيّ أَيْضًا، وَيُقَال فِيهِ: ابن أَبِي صُعَيْرٍ أَيْضًا.
[6356] قَوْلُهُ: (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَسَحَ عَيْنَهُ) كَذَا هُنَا بِاخْتِصَارٍ، وَتَقَدَّمَ مُعَلَّقًا فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: "مَسَحَ وَجْهَهُ عَامَ الْفَتْحِ"، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ.
وَوَقَعَ فِي الزُّهْرِيَّاتِ لِلذُّهْلِيِّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ -شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ- بِلَفْظِ: "مَسَحَ وَجْهَهُ زَمَنَ الْفَتْحِ"، كَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ" عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ) سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذَا فِي كِتَابِ الْوِتْرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ: "رَكْعَةً وَاحِدَةً بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ"، وَسَبَقَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ فَرْدَةٍ مُسْتَوْفًى.
الشيخ: أيش قال ......؟ انظر "الفتح"، انظر حقيقة الواقع، وكذلك حديث أبي هريرة .....، وسنده حسن يُراجع إن شاء الله، اثنين .......
بَاب الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ
6357- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
6358- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا السَّلامُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ.
الشيخ: أفرد في الأول، وجمع في الثاني بين الآل، وهذه روايات، ثبت عن النبي ﷺ عدة روايات في هذا، وبأي روايةٍ فعلها المؤمنُ حصل المقصود، وأكملها -كما عند البخاري ومسلم جميعًا- حديث كعب: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، هذا أكملها؛ الجمع بين محمدٍ وآله في الصلاة، وبين إبراهيم وآله في الصلاة، والجمع بين محمدٍ وآله، وبين إبراهيم وآله في التَّبريك أيضًا، هذا أكملها، وجاء تارةً حذف الآل من الأول، وتارةً حذف الآل من الثاني، وتارةً حذفهما من الأولين وإثباتهما في الثانية ..... كل هذا فيه سعة.
س: في العالمين؟
ج: جاء في رواية أيضًا: في العالمين، رواه مسلم في الصحيح.
بَاب هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ
وَقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103]
6359- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كَانَ إِذَا أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ بِصَدَقَتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى.
6360- حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
الشيخ: وهذا أيضًا خرجه مسلم في الصحيح، وفيه الاقتصار على البعض، والأمر فيه سعة كما تقدَّم.
س: هذه الصلاة تكون في الصلاة المفروضة، أو في غيرها أيضًا؟
ج: ظاهر الأحاديث العموم في كل شيءٍ، جاء في بعض الروايات عند ابن خزيمة: "إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا"، هذا يُفيد أنه يتأكّد في الصلاة أكثر، ولهذا قالوا: السلام قد عرفناه، وهو قولهم: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وفي اللفظ الآخر: وأما السلام فكما قد علمتُم، فهذا يُشعر بأنَّ هذا في الصلاة آكد.
س: ...........؟
ج: لا بأس، لو قال: "اللهم صلِّ على آل أبي فلانٍ، اللهم صلِّ على آل أبي بكر، على آل عمر، على آل فلان" لا بأس، لكن ما يتّخذ شعارًا عند أهل العلم، ما يكون عادةً، يكون بعض الأحيان، يعني: بخلاف مع الأنبياء، فهو أمرٌ مشروع في حقِّهم، ولا سيما خاتمهم عليه الصلاة والسلام؛ لأن معنى الصلاة الثناء: "اللهم صلِّ عليه" يعني: أثني عليه، واذكره بالخير عند الملأ الأعلى، صلِّ على فلانٍ، يعني: اذكره بالخير وأثني عليه.
بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ آذَيْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً.
6361- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ.
الشيخ: وهذا من رحمته عليه الصلاة والسلام، ومن احتياطه للأمة ولنفسه عليه الصلاة والسلام، فيدعو ربَّه أن كلَّ مَن سبَّه أو شتمه أو ضربه وهو ليس لذلك أهلٌ أن يجعل ذلك له رحمةً وصلةً وقربةً يتقرب بها إليه سبحانه وتعالى؛ لأنه بشرٌ، قد يحكم بما يظهر من ظاهر الحال، ولا يأتيه الوحي من السماء في ذلك؛ لأنه أُمِرَ أن يحكم بظاهر الشريعة، وأن يحكم بينهم بما أنزل الله، قد يكون المحكوم عليه بريئًا أو خطأ من البينات الشاهدة في ذلك، فسأل ربَّه أن يجعل ما يقع من خطأ وزلل على مؤمنٍ من المؤمنين بقولٍ أو فعلٍ وهو ليس أهلًا لذلك: أن يجعل ذلك له قربةً وصلةً يُقربه إلى الله سبحانه وتعالى.
الشيخ: في رواية مسلم زيادة: وليس لذلك بأهلٍ، وهو المراد هنا.
س: ...............؟
ج: هذا طيب، من ولاة الأمور أو القُضاة أو نحو ذلك، فكل إنسانٍ قد يقع منه مثل هذا.
بَاب التَّعَوُّذِ مِنَ الفِتَنِ
6362- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ : سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَحْفَوْهُ المَسْأَلَةَ، فَغَضِبَ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ فَقَالَ: لا تَسْأَلُونِي اليَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاحَى الرِّجَالَ يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ قَالَ: حُذَافَةُ، ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا رَأَيْتُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ كَاليَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِي الجَنَّةُ وَالنَّارُ، حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الحَائِطِ، وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ عِنْدَ هَذَا الحَدِيثِ هَذِهِ الآيَةَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101].
الشيخ: وهذا فيه أنه ﷺ لما رأى منهم الإلحاحَ وكثرةَ السؤال غضب، ولعلَّ أسباب ذلك أنه ظنَّ أن يكون هناك أهلُ مقاصد سيئة لأهل هذا الإلحاح وطلب العثرات والقدح في النبوة، فأوحى الله إليه أن يقوم هذا المقام عليه الصلاة والسلام، ولهذا قام على المنبر وقال: لا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتُكم به، فخاف عمرُ ، وخاف الناس، ولهذا أخذهم البكاء، ولفُّوا رؤوسهم، خافوا من أجل أن ينزل غضبه في ذلك، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، مَن أبي؟ كان إذا لاحى الرجال وخاصمهم يُدعى لغير أبيه، وهو عبدالله بن حُذافة، فقال: أبوك حذافة، فكان في هذا خيرٌ له كثير، حيث بيَّن الله على لسان رسوله ﷺ صحَّة نسبه، وأن نسبه محفوظ، فخاف عمر أن يقع شيءٌ فيه شيء على الناس، أو ضررٌ على الناس، أو فضيحة على بعض الناس، فقام وقال: "رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا، نعوذ بالله من الفتن"، فهدأ غضبُه عليه الصلاة والسلام، ثم قال: إنه ما رأى كاليوم في الخير والشر ..... في الجنة والنار، فرأى ما في الجنة من الخير، وما في النار من الشر.
والمقصود من هذا الحثّ والتحضيض على الاستقامة، وعدم الإلحاح في السؤال الذي لا وجهَ له، ولا حاجةَ إليه، وأن الإنسان يسأل عمَّا أهمَّه، وعما تدعو الحاجةُ إليه، ولا يلح في المسألة في شيءٍ قد يضره سؤاله عنه، ولهذا قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]، فالمؤمن يسأل عمَّا يهمه، وعما يدعو لحاجته في دينه، وما يريد أن يعرف حلاله من حرامه، حتى يكون على بينةٍ.
أما الأغلوطات والتَّعنت في المسائل: إما لقصد فضيحة أحدٍ، أو لقصد إظهار فهمه على الناس، أو أنه أفقه من فلانٍ وفلانٍ، أو لأسبابٍ غير هذا من الأسباب المنحرفة غير الصالحة، فينبغي له الحذر من ذلك، وأن تكون سُؤالاته عن خيرٍ وإخلاصٍ، وعن رغبةٍ في العلم، لا عن مقصدٍ آخر.
س: إذا قصد بالسؤال كي يستفيد الناس؟
ج: هذا مثلما سأل جبرائيل.
بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ غَلَبَةِ الرِّجَالِ
6363- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَبِي طَلْحَةَ: التَمِسْ لَنَا غُلامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِي وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ، فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّي وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ كِسَاءٍ، ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَدَعَوْتُ رِجَالًا، فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ: هَذَا جبلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا، مِثْلَمَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ.
الشيخ: وفي هذا فضل هذا الدعاء: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ، وفي اللفظ الآخر: أعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال، هذه كلمات مُتقابلة، في السلامة منها الخير العظيم: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، والجذام، في الرواية الأخرى: الجذام، وهنا: والجنون والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال، ثمانية أشياء، في الرواية الأخرى زيادة التاسعة: الجذام.
الحاصل أن هذه كلمات تعوَّذ منها النبيُّ ﷺ؛ لما يترتب عليها من التَّعب والشر، واستعاذ منها عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يكون كذلك يستعيذ من هذه الأشياء؛ تأسيًا بالرسول عليه الصلاة والسلام.
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجذام والجبن والبخل، وأعوذ بك من المأثم والمغرم، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال؛ لأن زيادة الجذام جاءت في روايةٍ أخرى عنه عليه الصلاة والسلام.
س: ...............؟
ج: ما يضرّ، الحمد لله، الأمر في هذا واسع، الهم فيما يتعلق بالمستقبل، والحزن فيما يتعلق بالماضي، والعجز عن شيءٍ يضرّه العجز عنه يسأل ربَّه قوته عليه، والكسل على الأشياء التي هو يستطيعها ولكن يَكْسَل عن فعلها، وهي خيرٌ، والجبن والبخل معروف، الجبن عن الإقدام في الخير، والبخل عن إنفاق المال في وجهه، وغلبة الدين معروفة، وقهر الرجال معروف.
س: .............؟
ج: هذا فيما بيَّن ﷺ في حديث مكة، تحريم صيدها ......، أما دخول المشركين فليس الأمرٌ في هذا واضح؛ لأنه ﷺ أقرَّ دخول المشركين، دخل عليه وفدُ نجران والنَّصارى، ووفد ثقيف وثنيُّون، فظاهر الأدلة أن هذا ليس مثل مكة.
بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ
6364- حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ -قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ غَيْرَهَا- قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.
الشيخ: أيش قال الشارح على قوله: "ولم أسمع أحدًا"؟ ما تعرَّض له العيني؟
الطالب: ما تعرَّض له.
الشيخ: أعد، انظر موسى بن عقبة في "التقريب".
الطالب: حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُالمَلِكِ، عَنْ مُصْعَبٍ: كَانَ سَعْدٌ يَأْمُرُ بِخَمْسٍ، وَيَذْكُرُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا –يَعْنِي: فِتْنَةَ الدَّجَّالِ- وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.
الشيخ: وفي روايةٍ أخرى: أن النبي كان يقولهنَّ آخر الصلاة، عليه الصلاة والسلام: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أردَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر، هذه الدَّعوات الخمس تُستحب في آخر الصلاة قبل أن يُسلم، مع بقية الدَّعوات التي ينبغي الدعاء بها: اللهم أعني على ذكرك وشكرك، وحُسن عبادتك، اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وما تيسر من الدَّعوات، نعم.
س: .............؟
ج: محتمل أنه مصعب، ومحتمل أنه من سعدٍ، أيش قال عليه؟ المرفوع: فتنة الدنيا، ويشمل جميع فتن الدنيا، وتفسيرها بالدجال محل نظرٍ، وفتنة الدجال داخلة في ذلك، والأقرب -والله أعلم- أنه من اجتهاد سعد، أو من مصعب، أيش قال عندك؟
الطالب: موسى بن عقبة ابن أبي عياش بتحتانية ومُعجمة، الأسدي، مولى آل الزبير، ثقة، فقيه، إمام في المغازي، من الخامسة، لم يصح أن ابن معين ليَّنه، مات سنة إحدى وأربعين، وقيل بعد ذلك (ع).
الشيخ: من الخامسة يعني ...... الصحابة، وفي هذا ذكر أنه لم يسمع إلا من أمِّ خالد، يحتمل أنه لم يسمع من الصحابة كلهم إلا أم خالد، ويحتمل أنه أراد من النساء، لكن ظاهر الإطلاق أنه ما سمع منها إلا وحدها، ويحتمل أنه قد رأى بعضَ الصحابة وما سمع منهم إلا هي.
فالحاصل أنه من صغارهم، ولهذا قال: "من الخامسة"، والتابعي الذي من الخامسة هو الذي أدرك شخصًا أو شخصين أو ثلاثة من الصحابة، يعني: من صغار التابعين، التابعون أربع طبقات: أكبرهم المخضرمون، يعني: الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، مثل: الربيع بن خُثيم، وعبيدة السَّلماني، وأشباههما، ثم الذين يلونهم من كبار التابعين، لكنهم ليسوا مخضرمين، مثل: سعيد بن المسيب وأشباهه، ثم يليهم الذين أدركوا جماعةً من الصحابة، ثم الطبقة الخامسة الذين أدركوا الواحد والاثنين.
س: ما وردت صيغ أخرى في الدّعاء في آخر السلام؟
ج: في دعوات كثيرة وردت.
طالب: أحسن الله إليك، قوله: "يعني: فتنة الدجال" قال: إنه من زيادة شعبة.
الشيخ: فقط؟
الطالب: نعم.
الشيخ: أيش قال على أوله؟
الطالب: قَوْلُهُ: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْبُخْلِ) كَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ هُنَا لِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ، وَهِيَ غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ فِي الْبَابِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْبُخْلِ، لَكِنْ قَدْ تَرْجَمَ لِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ بِعَيْنِهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ، وَذَكَرَ فِيهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ بِعَيْنِهِ.
ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْحَدِيثَ الثَّانِي مُخْتَصٌّ بِعَذَابِ الْقَبْرِ، لَا ذِكْرَ لِلْبُخْلِ فِيهِ أَصْلًا، فَهُوَ بَقِيَّةٌ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ اللَّائِقُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: (عَن عبدِالْملك) هُوَ ابن عُمَيْرٍ كَمَا سَيَأْتِي مَنْسُوبًا فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ.
[6365] قَوْله: (عَن مُصعب) هُوَ ابن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، وَلِعَبْدِالْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سَعْدٍ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ عَبْدُالْمَلِكِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا، فَصَدَّقَهُ.
وَأَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ، عَنْ مُصْعَبٍ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فَقَالَ: وَأَنَا حَدَّثَنِي بِهِنَّ سَعْدٌ.
الشيخ: يكفي، يكفي، نعم.
6366- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ، فَقَالَتَا لِي: إِنَّ أَهْلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا، وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَجُوزَيْنِ ..، وَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا، فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاةٍ إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.
بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ
6367- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ.
بَاب التَّعَوُّذِ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ
6368- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ، وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ.
الشيخ: هذا وهو مغفورٌ له، هذه الدَّعوات العظيمة، وهذا يدل على أنَّ العبد في حاجةٍ كبيرةٍ إلى الدعاء والإلحاح في كل وقتٍ؛ لعلَّ الله يُجيب دعوته.
س: ...............؟
ج: البخل عام في الصدقة والجهاد ونحو ذلك، لكن الأشهر إذا أُطلق هو البخل بالمال.
س: ..............؟
ج: خلق هذا أبيض وهذا أسود بقُدرته العظيمة .......
بَاب الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الجُبْنِ وَالكَسَلِ
كَسَالَى وَكُسَالَى وَاحِدٌ.
6369- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو ابْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.
الشيخ: كلامه على الترجمة.
الطالب: بَابُ الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الجُبْنِ وَالكَسَلِ، كَسَالَى وَكُسَالَى وَاحِدٌ.
الشيخ: تكلَّم عليه؟
الطالب: قَوْلُهُ: (كَسَالَى وَكُسَالَى وَاحِدٌ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا، قُلْتُ: وَهُمَا قِرَاءَتَانِ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالضَّمِّ، وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ بِالْفَتْحِ، وَهِيَ لُغَة بني تَمِيم، وَقَرَأَ ابنُ السَّمَيْفَعِ بِالْفَتْحِ أَيْضًا، لَكِنْ أَسْقَطَ الْأَلِفَ وَسَكَّنَ السِّينَ، وَوَصَفَهُمْ بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ الْمُفْرَدُ لِمُلَاحَظَةِ مَعْنَى الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ كَمَا قُرِئَ: وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى، وَالْكَسَلُ: الْفُتُورُ وَالتَّوَانِي، وَهُوَ ضِدُّ النَّشاط.