08 من قوله: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ..) (2)

الطالب: عمرو بن أبي سلمة التنيسي بمثناة، ونون ثقيلة بعدها تحتانية، ثم مهملة أبو حفص الدمشقي، مولى بني هاشم، صدوق له أوهام من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة، أو بعدها الجماعة.
الشيخ: بس، واحد؟
الطالب: ما في إلا هو.
الشيخ: التنيسي؟ طيب.
الطالب: شيبان في أربعة.
الشيخ: شيبان أبو معاوية.
الطالب: شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي، أبو معاوية البصري، نزيل الكوفة، ثقة، صاحب كتاب يقال إنه منسوب إلى نحوة بطن من الأزد، لا إلى علم النحو، من السابعة، مات سنة أربع وستين، الجماعة.
الشيخ: هذا هو.
س: في سنده ضعف، وهو حسن؟
الشيخ: يعني بالطرق، بالشواهد. وزياد بن أبي حبيب، وجدت شيئًا؟
الطالب: لا ما في.
الشيخ: إذًا غلط المعروف يزيد بن أبي حبيب المصري.
الطالب: نسأل على هذا؟
الشيخ: نعم، يزيد بن أبي حبيب حط نسخة، ونشوف من رواية أحمد، فقد يكون زياد خارج التقريب، وخارج التهذيب؛ لأن التقريب، والتهذيب فيما يتعلق بالستة فقط بالصحيحين، والسنن الأربع، وأحمد يروي عن رجال ليسوا في الستة، قد يكون خارج الستة، يراجع تعجيل المنفعة.
الطالب: تعجيل المنفعة يستوفي رجال أحمد؟
الشيخ: نعم الغالب أنه يستوفي.
ذكر أقوال السلف في ذلك:
قد تقدم ما روي عن عمر، وعلي رضي الله عنهما في ضمن الأحاديث المذكورة، وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية عن ابن عون، عن الحسن، أن ناسًا سألوا عبد الله بن عمرو بمصر، فقالوا: نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها، فأردنا أن نلقى أمير المؤمنين في ذلك، فقدم، وقدموا معه، فلقيه عمر فقال: متى قدمت؟ فقال: منذ كذا وكذا. قال: أبإذن قدمت؟ قال: فلا أدري كيف رد عليه. فقال: يا أمير المؤمنين، إن ناسًا لقوني بمصر فقالوا: إنا نرى أشياء في كتاب الله أمر أن يعمل بها فلا يعمل بها، فأحبوا أن يلقوك في ذلك. قال: فاجمعهم لي. قال: فجمعتهم له.
قال ابن عون: أظنه قال: في بهو، فأخذ أدناهم رجلًا فقال: أنشدك بالله، وبحق الإسلام عليك، أقرأت القرآن كله؟ قال: نعم. قال: فهل أحصيته في نفسك؟ فقال: اللهم لا. قال: ولو قال: نعم، لخصمه. قال: فهل أحصيته في بصرك؟ فهل أحصيته في لفظك؟ هل أحصيته في أثرك؟ ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم قال: فثكلت عمر أمه، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله، قد علم ربنا أنه ستكون لنا سيئات، قال: وتلا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] الآية. ثم قال: هل علم أهل المدينة؟ أو قال: هل علم أحد بما قدمتم؟
قالوا: لا. قال: لو علموا لوعظت بكم، إسناد صحيح، ومتن حسن، وإن كان من رواية الحسن عن عمر، وفيها انقطاع إلا أن مثل هذا اشتهر، فتكفي شهرته.
الشيخ: حدثنا؟
الطالب: قال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، عن ابن عون عن الحسن.
الشيخ: طيب، هذا حديثه.
الطالب: قال: إسناد صحيح، ومتن حسن، وإن كان من رواية الحسن عن عمر، وبها انقطاع إلا أنه.
الشيخ: ما دام المقصود إسناد صحيح، يعني عن الحسن، وليس إسناد صحيح عن عمر، بل عن الحسن، أما عن عمر فلا، ضعيف لأنه منقطع.
س: ولكنه قد اشتهر؟
الشيخ: هذا الكلام فيه نظر، هذا يتكلم به بعض الناس، وابن عبد البر كذلك، وليس بجيد، فالشهرة ما تكفي حتى يستقيم الإسناد.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري، حدثنا علي بن صالح عن عثمان بن المغيرة، عن مالك بن جرير.الشيخ: كذا عندكم ابن جرير؟
الطالب: ابن جوين.
الشيخ: كمل.
 عن علي ، قال: الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، والسحر، وعقوق الوالدين، وأكل الربا، وفراق الجماعة، ونكث الصفقة.
وتقدم عن ابن مسعود أنه قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله . وروى ابن جرير من حديث الأعمش عن أبي الضحى، عن مسروق، والأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، كلاهما عن ابن مسعود، قال: الكبائر من أول سورة النساء إلى ثلاثين آية منها، ومنه حديث سفيان الثوري، وشعبة عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود قال: الكبائر من أول سورة النساء إلى ثلاثين آية، ثم تلا إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ الآية.
الشيخ: ابن أبي حاتم.
الطالب: ما في مالك.
الشيخ: ما في مالك بن جرير، ولا ابن جون، ولا ابن جوين؟
الطالب: أبدا.
الشيخ: هذا تبع من الذي رواه ابن جرير؟ لعله في الجرح والتعديل، يراجع الجرح والتعديل. صحلها ابن أبي حاتم.
حط نسخة على مالك بن جرير، ونسخة ابن جون، ونسخة أخرى ابن جوين.
س: رواية الحسن ليست عن عمر، قال: عن الحسن أن ناسًا سألوا عبد الله بن عمر.
الشيخ: وعبد الله بن عمر عرضها على عمر.
س: في البخاري في قصة زواج عائشة عن عروة مرفوعًا فهل يعتبر منقطع.
الشيخ: زواج أيش؟
س: زواج الرسول ﷺ بخديجة، ثم موتها، وزواجه بعائشة؟
الشيخ: بهذه الصيغة قد يكون منقطعًا لكن الظاهر أن عروة تلقاه عن خالته، وذلك في رواية أخرى.
س: ما يكون مثل حديث الحسن؟
الشيخ: يكون بهذا السند منقطعًا، لكن إذا صرح بأنه رواه عن عائشة انتهى الموضوع.
س: ما صرح؟
الشيخ: في رواية أخرى عنه الظاهر أنه جاء بعدة طرق.
س: الرواية التي فيها زياد من رواية أبي بكر بن مردويه ما هو في المسند، الذي فيها يزيد بن أبي حبيب بن زياد من رواية ابن مردويه في المسند، من من رواية المسند؟
الشيخ: لعل أحمد روى عنه؛ لعله روى عن زياد، أو غيره من المسانيد الأربعة، لأن في المسانيد الأربعة أبي يعلى، والبزار، وأحمد، ونسيت الرابع.
س: الأئمة الأربعة؟
الشيخ: لا، في المنفعة الرجال الأربعة قصده الإمام أحمد، وأبو يعلى، والبزار، ونسيت الرابع ما هو المقصود الأئمة الأربعة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا المنذر بن شاذان، حدثنا يعلى بن عبيدة.الشيخ: بن عبيد؟
الطالب: عبيدة بالهاء.
الشيخ: حط عليه إشارة، يراجع التقريب يعلى بن عبيدة.
الطالب: في نسخة ثانية حدثنا يعلى بن عبيدة.
الشيخ: الذي أعرفه يعلى بن عبيد بدون هاء. شف التقريب أخو محمد بن عبيد.
حدثنا يعلى بن عبيدة، حدثنا صالح بن حيان، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: أكبر الكبائر الشرك بالله، وعقوق الوالدين، ومنع فضول الماء بعد الري، ومنع طروق الفحل إلا بجعل.
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ، وفيهما عن النبي ﷺ أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه ابن السبيل، وذكر تمام الحديث.
الشيخ: لا شك أن منع فضل الماء من المحرمات العظيمة، ومن الكبائر؛ لما فيه من الضرر على الناس، فإذا كان على فضل الماء الصحاري والبرية يمنعه ابن السبيل قد يعرضه للموت.
فالحاصل أن منع فضل الماء يعرض الناس إلى أخطار كثيرة، ويمنع به أيضاً الكلأ فضل الكلأ؛ لأنه إذا كان منع الماء لم يرع، لأن الراعي يحتاج إلى ماء.
كذلك عسب الفحل، طرق الفحل هذا من المرافق بين المسلمين فينبغي له أن لا يمنع طروق الفحل من الخيل، والإبل، وغيرها، بل يسمح بذلك عند قدرة الحيوان، وإذا كان في عجز أمهل، وأجل إلى وقت القدرة؛ إذا كان الحيوان متعبًا، أما بالأجر فلا.
الطالب: يعلى بن عبيد بن أبي أمية الكوفي أبو يوسف الطنافسي، ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه لين، من كبار التاسعة، مات بضع ومائتين، وله تسعون سنة، الجماعة.
الشيخ: هذا هو المعروف. انظر المنذر بن شاذان، وصالح بن حيان، ابن حيان عندكم؟ لعله صالح بن حيان المعروف.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا من منع فضل الماء، وفضل الكلأ منعه الله فضله يوم القيامة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسين بن محمد بن شنبة الواسطي، حدثنا أبو أحمد عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة، قالت: ما أخذ على النساء من الكبائر، قال ابن أبي حاتم: يعني قوله تعالى: عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ [الممتحنة:12]، وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، حدثنا زياد بن مخراق عن معاوية بن قرة، قال: أتيت أنس بن مالك فكان فيما حدثنا قال: لم أر مثل الذي أتانا عن ربنا تعالى، ثم لم يخرج له عن كل أهل، ومال، ثم سكت هنيهة.
الشيخ: لم نخرج بالنون أظهر، يعني أن الله جل وعلا أعطانا الخير العظيم، وشرع لنا الشرائع العظيمة، ومنحنا النعم الكثيرة، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال، يعني ثم لم نؤثر طاعته، ونقدم طاعته على الأهل والمال، بل تكاسلنا، وضعفنا، وعصينا، هذا مراده وأرضاه، يعني أن الله حبانا من النعم العظيمة، والشرائع الحكيمة، وتفضل علينا بما فيه سعادتنا، ونجاتنا، ثم ضعفنا، ولم نقم بالواجب. والله المستعان!
ثم قال: والله لما كلفنا من ذلك أنه تجاوز لنا عما دون الكبائر، وتلا قوله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء:31] الآية.الطالب: في نسخة يا شيخ، والله لما كلفنا ربنا أهون من ذلك لقد تجاوز لنا عما دون الكبائر فما لنا، ولها، ثم تلا قوله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ...
الطالب: عندنا نسخة: والله ما خلق ربنا أهون من ذلك، وقد تجاوز...
الشيخ: ما خلق ؟ عجيب؟
الطالب: وفي نسخة غيرها: والله ما خلق ربنا أهون من ذلك، وقد تجاوز .. إلى آخره... لما كلفنا من ذلك أنه تجاوز لنا..
الشيخ: سبحان الله!. هذا يراجع. هذا اضطراب.
الطالب: في النسخة هذه قال: والله لما كلفنا ربنا أهون من ذلك، وفي المخطوطة: والله ما خلق، وهو تحريف ينظر تفسير الطبري.
الشيخ: يراجع تفسير الطبري، على الآية الكريمة: إِنْ تَجْتَنِبُوا [النساء:31].
الطالب: صالح بن حيان، هم اثنان، صالح بن حيان القرشي الكوفي، ضعيف من السادسة، ابن ماجة في التفسير.
صالح بن حيان: هو صالح بن صالح بن حيان نسب في كتاب العلم من البخاري إلى جده، ووهم من زعم أنه الذي قبله. البخاري.
الشيخ: من الذي قال صاحب الحي إذا اختصر؟
خلاص تم؟
الطالب: نعم.
الطالب: المنذر بن شاذان ما هو موجود.
الشيخ: الله المستعان.
أقوال ابن عباس في ذلك:
روى ابن جرير  من حديث المعتمر بن سليمان عن أبيه، عن طاوس، قال: ذكروا عند ابن عباس الكبائر فقالوا: هي سبع، فقال: هي أكثر من سبع، وسبع، قال: فلا أدري كم قالها من مرة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن ليث، عن طاوس، قال: قلت لابن عباس: ما السبع الكبائر؟ قال: هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع. ورواه ابن جرير عن ابن حميد، عن جرير، عن ليث، عن طاوس قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: أرأيت الكبائر السبع التي ذكرهن الله ماهن؟ قال: هن إلى السبعين أدنى منهن إلى سبع، وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن طاوس عن أبيه قال: قيل لابن عباس: الكبائر سبع؟ قال: هن إلى السبعين أقرب، وكذا قال أبو العالية الرياحي رحمه الله.
الشيخ: وقد عني الأئمة بهذه الكبائر، وألفوا فيها، وجمعوا ما ورد في ذلك، وهي مثل ما قال ابن عباس كما روي عنه: هي إلى السبعين أقرب، وإن كان في سنده ضعف؛ لأن الليث ابن أبي سليم فيه ضعف، لكن المعنى صحيح، فهي أكثر من السبعين لمن جمع الأحاديث. وقد جمعها جماعة منهم العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب سماه الكبائر، ونقله منه النحاس في كتابه، ومنهم الذهبي رحمه الله، ومنهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه الكبائر، وغيرهم.
ومن جمع الأحاديث، وعني بها، وجمع أسانيدها، وجدتها أكثر من السبعين.
والقاعدة في هذا أن الكبيرة على القول الأرجح ما جاء فيه، وعيد بالنار، أو غضب، أو لعنة، أو كان في حد في الدنيا كالزنا، والسرقة، ونحو ذلك.
وألحق بعضهم بهذا ما نفي الإيمان عن صاحبه، أو قال فيه: ليس منا، أو: أنا بريء ممن فعل كذا، فإذا كان دخل هذا في حد الكبائر فكثيرة جدًا؛ لأن المعاصي التي فيها ليس منا، وأنا بريء ممن فعل كذا، ولا يؤمن أحدكم، ولا يؤمن ممن فعل كذا كثيرة، ومن ذلك حديث ابن مسعود: ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية، وحديث أبي موسى: أنا بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة، وفي أحاديث أخرى.
والحاصل من هذا أنه ينبغي للمؤمن الحذر من هذه المعاصي التي قيل فيها إنها كبائر؛ لأنه والعياذ بالله حجر عثر في طريق النجاة، والسعادة! فينبغي الحذر منها، ولا تكفر سيئاته الصغائر إلا باجتناب هذه الكبائر.
فمادامت هذه الكبائر قد أصيب بها، ولم يتب منها فهو على خطر عظيم، نسأل الله السلامة!.
وقل من يسلم فإن منها الغيبة، والنميمة فاشية في الناس، خطرها عظيم، ومنها الاستهزاء بالناس، والسخرية من الكبائر، وقل من يسلم من هذا.
فالمقصود أنها فاشية في الناس، والسالم منها هو الموفق المرحوم المحفوظ.
وقال ابن جرير: حدثنا المثنى، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا شبل عن قيس بن سعد.الشيخ: ابن سعد، ما هو عن، عن بدلها ابن. كثيرًا ما يتصحف في ابن كثير في أغلاط كثيرة في الأسماء، وفي الأبناء بدل ابن عن، وبدل عن ابن هذا غلط يقع كثيرًا في تفسير ابن كثير رحمه الله.
حدثنا شبل عن قيس بن سعد عن سعيد بن جبير: أن رجلا قال لابن عباس: كم الكبائر سبع؟ قال: هن إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار.الشيخ: وهذا يوجب على المؤمن الحرص على التوبة مثل ما قال ابن عباس: لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، يعني من رزق التوبة، مع استغفار يعني التوبة، يعني طلب المغفرة التي معها الندامة، ومعها التوبة من هذا العمل، فإن الله يمحوها عنه، ويزيلها عنه، أما إذا أصر عليها فهذه المصيبة العظيمة، نسأل الله السلامة.
انظر أبا حذيفة.
وكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شبل به، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ قال: الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب، رواه ابن جرير. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا ابن فضيل، حدثنا شبيب عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار كبيرة، وكذا قال سعيد بن جبير، والحسن البصري.
وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، أخبرنا أيوب عن محمد بن سيرين، قال: نبئت أن ابن عباس كان يقول: كل ما نهى الله عنه كبيرة، وقد ذكرت الطرفة، قال: هي النظرة.
الشيخ: الطرفة يعني خطفة العين، النظر إلى ما حرم الله. يعني سأل ابن عباس عنها، فقال: هي النظرة.
وقال أيضا: حدثنا أحمد بن حازم، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن معدان عن أبي الوليد، قال: سألت ابن عباس عن الكبائر، فقال كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة.الشيخ: وهذا قول لبعض أهل العلم أن كل ذنب فهو كبيرة، وأن تقسيمها إلى كبائر وصغائر يسهل من أمر الصغائر، ويخفف من أمرها، ولا في شيء من معاصي الله يقال له: الصغائر، فهذا قول مرجوح عند أهل العلم.
والصواب أنها تنقسم إلى كبائر وصغائر، هذا هو الصواب عند أهل العلم، وأنها جاءت النصوص بذكر الكبائر، قال فيها سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]، فدل على أن هناك ذنوب غير الكبائر تكفر، لكن ما ينبغي للمؤمن أن يتساهل بالذنوب؛ فإن التساهل بها قد يوقعه في الكبائر، وقد يظن أن هذا الذنب ليس بكبيرة، وهو كبيرة لجهله بالكبائر، وقد يجره تساهله بالصغائر إلى الوقوع في الكبائر، وقد تجتمع عليه الصغائر حتى تهلكه، فإن الذنب الصغير مع الذنب الصغير يتجمع حتى يهلك العبد، ولا حول ولا قوة إلا بالله! كما في الحديث: إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنها تجتمع على العبد حتى تهلكه، وضرب لهذا مثلًا بالقوم نزلوا منزلاً في السفر فيحضر صنيعهم، يعني غداءهم وعشاءهم، فيتفرقون هذا يأتي ببعرة، وهذا يأتي بعود، وهذا يأتي بكذا حتى يؤججوا نارًا، ثم ينضجوا صنيعهم، فهكذا الذنوب قد تجتمع على العبد حتى تهلكه. وفي اللفظ الآخر: إياكم، ومحقرات الذنوب؛ فإن لها من الله طالبًا.
الطالب: أبو حذيفة فيه كلام، أبو حذيفة الأرحبي اسمه سلمة بن صهيب، ويقال ابن صهيبة، ويقال غير ذلك، أبو حذيفة الأرحبي بحاء مهملة ثقة من الثالثة. مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
الشيخ: هذا قد تقدم، نعم.
الطالب: أبو حذيفة النهدي اسمه موسى بن مسعود النهدي، بفتح النون أبو حذيفة البصري، صدوق سيئ الحفظ، وكان يصحف، من صغار التاسعة، مات سنة عشرين، أو بعدها، وقد تجاوز التسعين، وحديثه عند البخاري في المتابعات. البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
الشيخ: هذا هو، هذا شيخ مشايخ ابن جرير.
الطالب: في أبو حذيفة غير منسوب، شيخ ليحيى بن هاني بن عروة مجهول من السادسة، ويقال اسمه عبد الله بن محمد الكوفي.
الشيخ: صاحبنا هو الأوسط، موسى بن مسعود النهدي صدوق سيئ الحفظ.
وهذا الذي ذكره المؤلف يصلح أن يكون مجلدًا فإنه بسط المقام رحمه الله.
الطالب: في عندنا مالك بن الجون، والجوين في الدرس السابق، يقول: وقال ابن أبي حاتم في الجرح، والتعديل: مالك بن الجوين الحرمي، ويقال مالك بن الجون، ويقال أبو الحجاج الأسلمي، وهو خال سلمة بن الكهيل، روى عن علي ، وروى عنه عثمان بن المغيرة الثقفي، وذكره ابن حبان في الثقات، فقال: مالك بن جوين الحرمي، يروي عن علي بن أبي طالب، وقد قيل: مالك بن الجون روى عنه شيخ يقال له عثمان الثقفي، وذكره البخاري في التاريخ الكبير بمثل ما تقدم، وزاد: وروى عنه خالد بن سعيد.
الشيخ: مالك بن جور، أو ابن جوير؟
الطالب: في نسخة ابن جور.
الشيخ: الذي عندك ماذا؟
الطالب: الذي عندي مالك بن جرير.
الشيخ: صحح ابن جور.
الطالب: جرير.
الشيخ: لا جوين.
الطالب: وفيه يا شيخ زيد، وزياد بن أبي حبيب.
الشيخ: وجدت زياد؟
الطالب: نعم، قال وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: زياد بن أبي حبيب روى عنه صخر بن عبد الله، قوله: سمعت أبى يقول ذلك. ذكره ابن حبان في الثقات بقوله: زياد بن أبي حبيب، وروى عنه صخر بن عبد الله، وذكره البخاري أيضًا في التاريخ الكبير بمثل ما تقدم، وسكت عنه.
الشيخ: طيب، بارك الله فيك.
أقوال التابعين:
قال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، قال: سألت عبيدة عن الكبائر.
الشيخ: عبيدة بن عمرو السلماني من أصحاب ابن مسعود.
قال: سألت عبيدة عن الكبائر فقال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها، والفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم بغير حقه، وأكل الربا، والبهتان. قال: ويقولون: أعرابية بعد هجرة، قال ابن عون: فقلت لمحمد: فالسحر؟ قال: إن البهتان يجمع شرًا كثيرًا.
وقال ابن جرير: حدثني محمد بن عبيد المحاربي، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن أبي إسحاق، عن عبيد بن عمير، قال: الكبائر سبع، ليس منهن كبيرة إلا وفيها آية من كتاب الله، الإشراك بالله منهن، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ [الحج:31]، الآية، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [النساء:10]، الآية، الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275]، إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ [النور:23]، والفرار من الزحف، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا [الأنفال:15]، الآية، والتعرب بعد الهجرة، إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى [محمد:25]، وقتل المؤمن، وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [النساء:93]، الآية، وكذا رواه ابن أبي حاتم أيضا في حديث أبي إسحاق عن عبيد بن عمير بنحوه.
وقال ابن جرير: حدثنا المثنى، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء يعني ابن أبي رباح، قال: الكبائر سبع: قتل النفس، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، ورمي المحصنة، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن مغيرة، قال: كان يقال: شتم أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما من الكبائر.
قلت: وقد ذهب طائفة من العلماء إلى تكفير من سب الصحابة، وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله، وقال محمد بن سيرين: ما أظن أحدًا يبغض أبا بكر، وعمر، وهو يحب رسول الله ﷺ، رواه الترمذي.
وقال ابن أبي حاتم أيضًا: حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش، قال زيد بن أسلم في قول الله : إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ من الكبائر: الشرك بالله، والكفر بآيات الله، ورسله، والسحر، وقتل الأولاد، ومن ادعى لله ولدا، أو صاحبة، ومثل ذلك من الأعمال، والقول الذي لا يصلح معه عمل. وأما كل ذنب يصلح معه دين، ويقبل معه عمل، فإن الله يغفر السيئات بالحسنات.
وقال ابن جرير: حدثنا بشر بن معاذ، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ الآية: إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر، وذكر لنا أن النبي ﷺ قال: اجتنبوا الكبائر، وسدودا، وأبشروا.
وقد روى ابن مردويه من طرق عن أنس، وعن جابر مرفوعًا شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، ولكن في إسناده من جميع طرقه ضعف، إلا ما رواه عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فإنه إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد رواه أبو عيسى الترمذي منفردًا به من هذا الوجه عن عباس العنبري، عن عبد الرزاق، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح، وفي الصحيح شاهد لمعناه، وهو قوله ﷺ بعد ذكر الشفاعة: أترونها للمؤمنين المتقين؟ لا، ولكنها للخاطئين المتلوثين.
وقد اختلف علماء الأصول، والفروع في حد الكبيرة، فمن قائل: هي ما عليه حد في الشرع، ومنهم من قال: هي ما عليه وعيد مخصوص من الكتاب والسنة، وقيل غير ذلك. قال أبو القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي في كتابه الشرح الكبير الشهير في كتاب الشهادات منه: ثم اختلف الصحابة فمن بعدهم في الكبائر، وفي الفرق بينها، وبين الصغائر، ولبعض الأصحاب في تفسير الكبيرة وجوه: أحدها: أنها المعصية الموجبة للحد. والثاني: أنها المعصية التي يلحق صاحبها الوعيد الشديد بنص كتاب، أو سنة، وهذا أكثر ما يوجد لهم، وإلى الأول أميل، لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفسير الكبائر.
الشيخ: وهذان القولان هما أحسن الأقوال، أن الكبيرة ما فيها حد في الدنيا، وجاء فيها الوعيد بغضب، أو لعنة، أو نار، فهذا يقال له كبيرة، وقال بعض أهل العلم: إن ما ينفى الإيمان عن صاحبه، مثل: ليس منا، ولا يؤمن كذا، أنا بريء من كذا أنه يلحق بذلك، فيه نفي الإيمان، أو فيه البراءة، أو ليس منا، فإنه يلحق بالكبائر، وقال بعض أهل العلم ينبغي للمؤمن أن يحذر جميع المنهيات؛ لأن كل واحدة يمكن أن تكون كبيرة، فيجب أن يحذر المؤمن جميع المعاصي، وجميع السيئات؛ لأن لها من الله طالبًا، ومثل ما جاء في الحديث: إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنها تجتمع على العبد حتى تهلكه فالواجب على المؤمن أن يحذر السيئات كلها، والمعاصي كلها، وأن لا يقول هذه ليست بكبيرة، فإن إصراره عليها، وتساهله بها يجعلها كبيرة كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، نسأل الله السلامة!.
والثالث: قال إمام الحرمين في الإرشاد، وغيره: كل جريمة تنبئ بقلة اكتراث مرتكبها بالدين، ورقة الديانة، فهي مبطلة للعدالة.
والرابع: ذكر القاضي أبو سعيد الهروي أن الكبيرة كل فعل نص الكتاب على تحريمه، وكل معصية توجب في جنسها حدًا من قتل، أو غيره، وترك كل فريضة مأمور بها على الفور، والكذب في الشهادة، والرواية، واليمين، هذا ما ذكروه على سبيل الضبط، ثم قال: وفصل القاضي الروياني فقال: الكبائر سبع: قتل النفس بغير الحق، والزنا، واللواطة، وشرب الخمر، والسرقة، وأخذ المال غصبًا، والقذف، وزاد في الشامل على السبع المذكورة: شهادة الزور، وأضاف إليها صاحب العدة: أكل الربا، والإفطار في رمضان بلا عذر، واليمين الفاجرة، وقطع الرحم، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم، والخيانة في الكيل، والوزن، وتقديم الصلاة على وقتها، وتأخيرها عن وقتها بلا عذر، وضرب المسلم بلا حق، والكذب على رسول الله ﷺ عمدًا، وسب أصحابه، وكتمان الشهادة بلا عذر، وأخذ الرشوة، والقيادة بين الرجال والنساء، والسعاية عند السلطان، ومنع الزكاة، وترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر مع القدرة، ونسيان القرآن بعد تعلمه، وإحراق الحيوان بالنار، وامتناع المرأة من زوجها بلا سبب، واليأس من رحمة الله، والأمن من مكر الله، ويقال: الوقيعة في أهل العلم، وحملة القرآن.
الشيخ: الوقيعة يعني الغيبة، الوقيعة في أهل العلم وحملته، الغيبة لكل مسلم من الكبائر، فالغيبة من الكبائر، ولهذا في الحديث الصحيح يقول ﷺ: رأيت ليلة أسري بي قومًا لهم أظفار من نحاس، يخمشون بها، وجوههم، وصدورهم، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم نسأل الله العافية، والله يقول: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12]، نسأل الله العافية.
ومما يعد من الكبائر: الظهار، وأكل لحم الخنزير، والميتة إلا عن ضرورة، ثم قال الرافعي: وللتوقف مجال في بعض هذه الخصال.
قلت: وقد صنف الناس في الكبائر مصنفات منها ما جمعه شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي الذي بلغ نحوا من سبعين كبيرة، وإذا قيل: إن الكبيرة ما توعد عليها الشرع بالنار بخصوصها، كما قال ابن عباس، وغيره، وتتبع ذلك، اجتمع منه شيء كثير، وإذا قيل كل ما نهى الله عنه فكثير جدا، والله أعلم.
س: التعرب بعد الهجرة؟
الشيخ: جاء فيه عدة أحاديث مرفوعة يشد بعضها بعضًا في عده من الكبائر؛ لأنه جفاء بعد ما من الله عليه بالهجرة، واجتهد في العلم، وأخذ العلم، والمشاركة في الجمع، والجماعات فكل من تعرب بعد الهجرة، يعني القول بأنه كبيرة قول قوي، والأحاديث وإن كان في بعضها كلام، لكن يشد بعضها بعضًا.
س: والتحضر المعروف هل يسمى هجرة؟
الشيخ: هذا نعم، الانتقال إلى المدن، والأمصار ناويًا الإقامة فيها.
س: ما هو عن قصد رغبة في شيء، وإنما في المدنية، والبيوت، والزراعة, والحياة الحاضرة؟
الشيخ: يعني ليس قصد الهجرة؟
الطالب: الجاري الآن المتبع في كثير من أحوال الناس اليوم تحضر البادية لهذه الأغراض، ما لهم هدف؟
الشيخ: الله أعلم، لكن الأقرب أنها تعمها، إلا لعلة مثل إذا خرج خوفًا من الفتنة، مثلما في الحديث الصحيح يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر؛ يفر بدينه من الفتن، إذا كان خروجه من المدن والقرى لكثرة الشر، والفساد، ورأى أن ذهابه إلى البرية، والصحراء، أسلم لدينه كان هذا لا شك جائز ولا بأس به بل مطلوب، ومن هذا الحديث الصحيح لما سأل رسول الله ﷺ عن أهل الجنة قال: مؤمن مجاهد في سبيل الله، ومؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شره قالوا: هذا في ما يتعلق بأوقات الفتن، ويحتمل أن يكون عامًا، لكنه لم يهاجر، لم يتعرب بعد الهجرة، وإنما كان هذا أصله.