الشيخ: وهذا فيه التحذير من التساهل بالجمعة، وأنه وسيلة إلى الختم على القلوب والطبع عليها، ولهذا يقول ﷺ: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات يعني تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين.
س: .....؟
الشيخ: في الحديث الآخر: من ترك ثلاث جمعة من غير عذر طبع على قلبه نسأل الله العافية، هذا من باب التحذير من باب الوعيد.
الشيخ: يعني ليس بالإطالة ولا بالخفيفة وسط، قصدًا وسطًا في صلاته ... لا إطالة يمل الناس ولا عجلة، وهكذا الخطبة قصد، يحصل بها النفع وليس فيها إطالة، ولهذا في حديث عمار: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة لأنه متى قصرت الخطبة مع العناية أنفع للناس حتى يستفيدوا ويحفظوا، والإطالة قد ينسي آخرها أولها، وقد يمل الناس ويطلبوا الصلاة مع غيره، فينبغي أن يتحرى الركود في الصلاة وعدم العجلة وتخفيف الخطبة حتى يسمعها الناس ويستفيدوا، ... يعتني بالخطبة تكون جملًا مفيدة وواعظة مذكرة، لكن ليس فيها إطالة تمل الناس إلا إذا دعت الحاجة إلى شيء، فقد يطيل النبي ﷺ بعض الخطبة لحاجة لعارض يحتاج إلى إطالة لتنبيه الناس، هذا إذا كان لعارض لا بأس.
س: .....؟
الشيخ: ما نعلم فيه تقدير، لكن يتحرى القصد في كل شيء، يختلف الوقت ويختلف الناس، قد تكون ربع ساعة تكفي، وقد تكون عشر دقائق، وقد تكون ثلث ساعة، يتحرى حتى يؤدي المطلوب.
42 - (866) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الصَّلَوَاتِ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا». وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ زَكَرِيَّا، عَنْ سِمَاكٍ.
43 - (867) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عبدالْوَهَّابِ بْنُ عبدالْمَجِيدِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبداللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ.
الشيخ: وفي هذا أن يكون قوي في الخطبة «كان إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم» الخطيب ما يكون ميتًا بكلماته، يكون قويًا حتى يؤثر في القلوب ويحرك القلوب، ما يكون خطبته خطبة إنسان ميت الحركة، يكون قويًا في خطبته نشيطًا كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، يعني العدو، وكان يقول في خطبته ﷺ: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
وقوله: من ترك مالًا فلأهله وفي اللفظ الآخر: فلورثته، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فإلي وعليّ هكذا إذا ترك دينًا على بيت المال، إذا كان في قدرة يوفي عنه ضياعًا أيتام أو غيرهم يقوم ولي الأمر بذلك، يعطيهم ما يكفيهم لأن ولي الأمر حل محل النبي ﷺ في مصالح المسلمين، وينظر في مصالحهم حسب الطاقة وحسب القدرة في بيت المال في إعانتهم ومواساتهم ورحمتهم وقضاء ديونهم إلى غير ذلك.
س: في كل خطبة يقول: خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد؟
الشيخ: ظاهر حديث جابر أنه يقول هذا في مقدمة الخطبة.
س: في كل جمعة؟
الشيخ: ظاهر السياق نعم.
س: .....؟
الشيخ: ينصح، يقال للواعظ: جزاك الله خيرًا اختصر، ينصح لأن هذا أنفع للناس، الاختصار أنفع وأقرب للفائدة والتأثر.
س: المداومة على خطبة الحاجة؟
الشيخ: نعم.
الشيخ: يعني يبدأ بالخطبة بحمد الله والثناء عليه، ثم يقول: أما بعد، والسنة أن يحمد الله بما تيسر، لا يلزم شيء معين، خطبة الحاجة أو غير خطبة الحاجة. يحمد الله ويثني عليه ويتشهد الشهادتين، ويصلي على النبي ﷺ، ثم يقول: أما بعد، يتحرى حتى لا يكون إطالة، يتحرى حمد الله والثناء عليه في أول خطبته، ويتشهد الشهادتين ويصلي على النبي ﷺ، ثم يقول: أما بعد، سواء كان بخطبة الحاجة أو بغيرها يتحرى الحمد لله، الحمد لله رب العالمين، الحمد لله نحمده ونستعينه على أية حال تارة كذا وتارة كذا ينوع.
س: بعض الأئمة إذا جاء أحد يتحدث بعد الخطبة منعه، وقال: تكفي الخطبة؟
الشيخ: لا ما عليه دليل، لا بأس بالنصيحة بعد الخطبة.
س: الاحتباء حال الخطبة؟
الشيخ: الاحتباء تركه أولى لأنه وسيلة للنوم والنعاس، وقد جاء في بعض الأحاديث فيها ضعف النهي عن الاحتباء في حال الخطبة، يخشى من النعاس.
س: .....؟
الشيخ: يروى فيه حديث مرفوع، لكن في سنده بعض المقال.
46 - (868) وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، كِلَاهُمَا عَنْ عبدالْأَعْلَى، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنِي عبدالْأَعْلَى وَهُوَ ابن هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ضِمَادًا، قَدِمَ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ، فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فَقَالَ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ، قَالَ فَلَقِيَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ، وَإِنَّ اللهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ، فَهَلْ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ قَالَ: فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ، وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرِ، قَالَ: فَقَالَ: هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ: فَبَايَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: وَعَلَى قَوْمِكَ، قَالَ: وَعَلَى قَوْمِي، قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَرِيَّةً، فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ، فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً، فَقَالَ: رُدُّوهَا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ.
47 - (869) حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عبدالرَّحْمَنِ بْنُ عبدالْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: خَطَبَنَا عَمَّارٌ، فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا.
الشيخ: وهذا يدل على أن الخطيب يتحرى الإيجاز والكلمات المؤثرة والمواعظ الهامة التي يحتاجها الناس، ولهذا خطبهم عمار وقال له: لقد أبلغت وأوجزت يا أبا اليقظان! فلو تنفست، لو توسعت قليلًا في الخطبة فقال: إني سمعت النبي ﷺ يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه يعني مظنة وعلامة فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحرًا هذا يدل على أن المشروع للخطباء في الجمع والأعياد وغيرها عدم الإطالة لأنها أقرب إلى الانتفاع والحفظ والفهم، ولأن الناس يكون فيهم أصحاب الحاجات، كلما طالت الخطبة يحصل ملل وربما أضاع آخرها أولها، ولكن يتحرى الخطيب الكلمات المهمة والمعاني المهمة والألفاظ الواضحة حتى ينفع المستمعين، ويجمع بين الإيجاز وبين تحري الألفاظ الواضحة والمعاني المهمة والأشياء التي هم في أشد الحاجة إليها، ويحصل بذلك النفع من دون مشقة، ولهذا قال ﷺ: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة والنبي ﷺ هكذا كان إلا في بعض الأحيان كان يطول عند الحاجة، فمعنى هذا يعني في الأعم والأغلب، هكذا طول الصلاة وقصر الخطبة في الأعم والأغلب، ولكن إذا دعت الحاجة إلى إطالة الخطبة لأمور مهمة لا بأس، قد يكون يطول بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام وفي بعض الأيام خطبهم بعد صلاة الفجر إلى الظهر، وبعد الظهر إلى العصر، وبعد العصر إلى غروب الشمس بأمور عظيمة مهمة، فالإطالة تكون عند الحاجة ويكون الأصل والأساس التقصير هذا الأصل، الأصل الاختصار هذا هو الأصل، وإنما تطال لحاجة حادثة حدثت يحتاج إلى إطالة أمور كثرت تحتاج إلى تنبيه وإطالة في شأنها إلى غير هذا من الأسباب التي تدعو إلى إطالة الخطبة، وطول الصلاة أيضًا لا بدّ من تحري عدم المشقة، طول الصلاة مع تحري فعله ﷺ، فإن فعله ﷺ هو المقياس وهو الميزان، قال أنس رضي الله عنه: «ما صليت خلف أحد أتم صلاة ولا أوجز صلاة من النبي ﷺ» كان صلاته تمامًا في إيجاز، في الصحيحين: ما صليت خلف أحد أتم صلاة ولا أخف صلاة من النبي ﷺ» وكان يوجز مع الإتمام، فيتحرى المؤمن في صلاته عدم الطول المشق، وعدم التخفيف المخل، يتحرى فعل النبي ﷺ في صلاته، كان كما قال أبو برزة وغيره وجابر وغيرهم يطيل في الظهر ويخفف في العصر، ويقرأ في العشاء من أوساط المفصل وفي المغرب بقصاره، وربما طول في المغرب وفي الصبح بطواله، يطول في صلاة الفجر في الأولى ويقصر في الثانية، وربما طول في المغرب قرأ بهم بالطور والمرسلات ومرة قرأ بالأعراف قسمها في ركعتين، لكن الغالب عليه في المغرب التخفيف، وفي العشاء بأوساط المفصل، وفي العصر نحوه، وفي الظهر أطول من العصر بعض الشيء، وفي الفجر أطول كما قال أبو قتادة: كان يطيل في الركعة الأولى ويخفف في الثانية صلاة الصبح، وقال أبو برزة: كان يقرأ فيها بالستين إلى المائة من ستين آية إلى المائة، وجاء في حديث عبدالله بن السائب أن النبي صلى الفجر بمكة وقرأ فيها بـ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1] فلما وصل إلى قصة موسى وهارون وقصة مريم في وسطها أخذته سعلة فركع، فظاهره أنه قسمها في الركعتين، وهذا في بعض الأحيان، والغالب عليه التخفيف فيها فيقرأ بـ ق وما حولها، كما قال جابر بن سمرة كان يقرأ فيها بـ ق وكانت صلاته خفيفة، وكان يقرأ فيها كما في حديث سنان بن يسار كان يقرأ في الفجر بطوال المفصل، هذا الغالب عليه مثل ق والذاريات والطور و الواقعة وأشباهها تبارك الذي بيده الملك، المقصود أن الأئمة يتحرون فعل النبي ﷺ والتأسي في صلاته، ويكون في الخطب كذلك لا يطولون، لكن مع العناية بالمعاني والمقاصد والمعاني المهمة والألفاظ الواضحة، وإذا دعت الحاجة إلى تطويل الخطبة بعض الأحيان لأسباب اقتضت ذلك فلا بأس، وإذا طول الصلاة بعض الأحيان لإحياء السنة والتذكير بالسنة فلا بأس.
س: ....؟
الشيخ: لا، السنة يفعلها وإلا عاجز يصلي جالس، النبي ﷺ كان يصلي في فجر يوم الجمعة كان يقرأ بألم تنزيل السجدة وبـ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ [الإنسان:1] قال: كان دل على المداومة وحديث ابن عباس قال: «كان يديم ذلك»، وفي حديث ابن مسعود.
س: من داوم على قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة؟
الشيخ: ثبت من فعل بعض الصحابة، أما المرفوع فيه ضعف، قراءة الكهف يوم الجمعة جاء فيها أحاديث لكن فيها ضعف، ثبت عن بعض الصحابة عن أبي سعيد أنه كان يقرأها يوم الجمعة سورة الكهف، وفعل أبي سعيد يدل على أنه من فعل النبي ﷺ لأن في حكم المرفوع، لأن هذا ليس مما يتلقى عن بني إسرائيل.
س: تقدير الخطبة بالدقائق؟
الشيخ: التقدير صعب، لكن يتحرى ثلث ساعة ربع ساعة، يتحرى الخطيب خطبتين ثلث ساعة نصف ساعة لا بأس، يعني يتحرى المعاني الواضحة والألفاظ الواضحة.
س: ....؟
الشيخ: لكن كان يركد في السجود ويركد في الركوع وبين السجدتين، قال أنس: «كان يجلس بين السجدتين حتى يقول القائل قد نسي، وكان يقف بعد الركوع حتى يقول القائل: قد نسي، وكان يركد في السجود والركوع» بعض الناس يعجل في الركوع والسجود، كان النبي ﷺ يركد فيها مع ما يفعل من القراءة، لا بدّ يضم هذا إلى هذا، ربما عدوا له عشر تسبيحات، وكان يقول في سجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، وكان يقول في ركوعه: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، وربما قال: سبوح قدوس رب الملائكة والروح مع سبحان ربي العظيم يكررها خمسًا أو ست أو سبعًا أو عشرًا، كذلك تكرارها في السجود حتى يلاحظ هذا مع طيلة صلاته والجلسة بين السجدتين والوقفة بعد الركوع يضم هذا إلى القراءة، كانت قراءته عليه الصلاة والسلام بالركود ليس بالعجلة، كان يرتل في قراءته، هذا إذا ضم هذا إلى هذا عرف أن صلاته ما هو بعشر دقائق بل أكثر من ذلك.
س: ....؟
الشيخ: ما يلزمه منه ذلك، المقصود طول مناسب وقصر مناسب، طول الصلاة طول مناسب ليس فيه مشقة على المأمومين، وفي الخطبة قصر مناسب لا يفوت الفائدة، يحصل به الفائدة والتوجيه والإرشاد والعظة، ولكن من دون إطالة تشق على الناس، ولا يلزم من ذلك أن يوازن بين الخطبة والصلاة.
48 - (870) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عبداللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عبدالْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ". قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَقَدْ غَوِيَ.
49 - (871) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَطَاءً، يُخْبِرُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ [الزخرف:77].
الشيخ: أيش قال الشارح على حديث عدي بن حاتم؟
الطالب: قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِتَشْرِيكِهِ فِي الضَّمِيرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ، وَأَمَرَهُ بِالْعَطْفِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ، كَمَا قَالَ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ أَنَّ الْخُطَبَ شَأْنُهَا الْبَسْطُ وَالْإِيضَاحُ وَاجْتِنَابُ الْإِشَارَاتِ وَالرُّمُوزِ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ، وَأَمَّا قَوْلُ الْأُولَيَيْنِ فَيُضَعَّفُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الضَّمِيرِ قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، كَقَوْلِهِ ﷺ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَإِنَّمَا ثَنَّى الضَّمِيرَ ها هنا لِأَنَّهُ لَيْسَ خُطْبَةَ وَعْظٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيمُ حُكْمٍ، فَكُلَّمَا قَلَّ لَفْظُهُ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى حِفْظِهِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْوَعْظِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حِفْظُهُ، وَإِنَّمَا يُرَادُ الِاتِّعَاظُ بِهَا، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بإسناد صحيح عن ابن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا وَاللَّهُ أعلم.
الشيخ: الأقرب والله أعلم أنه منسوخ هذا، من يعصهما النهي عن هذا لأنه جاءت الأحاديث الكثيرة جمع الضمير بين الله ورسوله، قوله: بئس الخطيب أنت في قول: من يعص الله ورسوله الأقرب والله أعلم أن هذا منسوخ، وأن هذه العبارة قد جاءت بأحاديث كثيرة: ثلاث من كن وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وكذلك: من يعصهما في حديث ابن مسعود فإنه لا يضر إلا نفسه جمع الضمير كثير في النصوص، فيحتمل أن هذا كان أولًا ثم نسخ وجاز الجمع بين الضميرين.
س: ....؟
الشيخ: حديث ابن مسعود صريح: ومن يعصهما.
س: قول بعضهم: إنما قال رسول الله ﷺ ذلك تواضعًا.....؟
الشيخ: لا، هذا ما هو مثل يعصهما يعص الله ورسوله ظاهر.
50 - (872) وحَدَّثَنِي عبداللهِ بْنُ عبدالرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عبدالرَّحْمَنِ، عَنْ أُخْتٍ لِعَمْرَةَ، قَالَتْ: «أَخَذْتُ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ يَقْرَأُ بِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ».
(872) وحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ أُخْتٍ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عبدالرَّحْمَنِ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهَا، بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ.
51 - (873) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ عبداللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ، عَنْ بِنْتٍ لِحَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَتْ: «مَا حَفِظْتُ ق، إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ ﷺ، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ»، قَالَتْ: وَكَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَاحِدًا.
52 - (873) وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عبداللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عبداللهِ بْنِ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَتْ: «لَقَدْ كَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَاحِدًا، سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ، وَمَا أَخَذْتُ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، إِذَا خَطَبَ النَّاسَ».
الشيخ: وهذا يدل على عظم شأن هذه السورة، وأنه ﷺ كان يخطب فيها بالجمع لما فيها من العظة والذكرى، ذكر خلق الإنسان، ذكر نعم الله على عباده، ذكر الجنة والنار، وذكر يوم القيامة والبعث والنشور، فهي مشتملة على أحكام كثيرة، ولهذا كان يقرأها في الجمعة لما فيه من العظة العظيمة، والقرآن كله عظة، كله عظيم، ولكن بعض الآيات وبعض السور فيها من العظات والذكرى أكثر من غيرها، فهذه السورة من أولها إلى آخرها كلها عظة وذكرى وبيان أصل الإنسان وبيان حاجاته وضعفه، وبيان يوم القيامة وبيان الجنة والنار وبيان البعث والنشور، فهي جديرة بأن تقرأ يوم الجمعة للناس في الخطبة لما فيها من العظة العظيمة والذكرى.
س: قولها كل جمعة هل يدل على أنه الغالب؟
الشيخ: محتمل هو الأغلب والله أعلم، كون غيرها من الناس ما ذكره يدل على أنه يعني مبالغة يعني كثيرًا، وقولها: «تنورنا وتنور رسول الله» يعني محل الطعام، محل الخبز.
س: بعضهم يستدل من هذا أنه لا بدّ أن تضمن خطبة الجمعة بآية ويوجبون ذلك؟
الشيخ: لما جاء في النصوص، كان يقرأ آيات في الخطبة عليه الصلاة والسلام، المشهور عند العلماء أنه لا بدّ من آية أو آيات لأنه مثل ما قال: صلوا كما رأيتموني أصلي وهو المشرع عليه الصلاة والسلام.
س: يجعلها من خطبة الجمعة أو يكتفي بها؟
الشيخ: إذا جعلها الخطبة حمد الله وأتى بالشهادتين، وقرأها فهي كافية شافية، فيها العظة والذكرى.
س: هل جمع أحد خطب النبي ﷺ في يوم الجمعة؟
الشيخ: ما أتذكر.