كتاب شروط الصلاة وواجباتها وأركانها تعليق الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله

قال شيخُ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى:

(بسم الله الرحمن الرَّحيم، شروط الصلاة تسعة: الإسلام، والعقل، والتَّمييز، ورفع الحدث، وإزالة النَّجاسة، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنِّية.

والشَّرط الأول: الإسلام، وضدّه الكفر، والكافر عمله مردودٌ، ولو عمل أي عملٍ.

والدليل قوله تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ [التوبة: 17]، وقولـه تعـالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان: 23].

الشرط الثاني: العقل، وضدّه الجنون، والمجنون مرفوعٌ عنه القلم حتى يفيق.

والدليل حديث: رُفِعَ القلم عن ثلاثة: النَّائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ.

الشرط الثالث: التَّمييز، وضدّه الصِّغَر، وحدّه سبع سنين، ثم يُؤمر بالصلاة؛ لقوله ﷺ: مروا أبناءكم بالصَّلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع.

الشرط الرابع: رفع الحدث، وهو الوضوء المعروف، ومُوجبه الحدث.

وشروطه عشرة: الإسلام، والعقل، والتَّمييز، والنِّية، واستصحاب حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتم الطَّهارة، وانقطاع مُوجبٍ، واستنجاء أو استجمار قبله، وطهورية ماء، وإباحته، وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة، ودخول وقتٍ على مَن حدثه دائم لفرضه.

وأما فروضه فستة:

غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق، وحدّه طولًا من منابت الشعر إلى الذّقن، وعرضًا إلى فروع الأُذنين.

وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس، ومنه الأذنان، وغسل الرِّجْلين إلى الكعبين، والترتيب، والموالاة.

والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ الآية [المائدة: 6].

ودليل الترتيب حديث: ابدأوا بما بدأ اللهُ به.

ودليل الموالاة حديث صاحب اللّمعة: عن النبي ﷺ أنه رأى رجلًا في قدمه لمعة قدر الدِّرهم لم يُصبها الماء فأمره بالإعادة.

وواجبه التَّسمية مع الذِّكْر.

ونواقضه ثمانية: الخارج من السَّبيلين، والخارج الفاحش النَّجس من الجسد، وزوال العقل، ومسّ المرأة بشهوةٍ، ومسّ الفرج باليد، قُبُلًا كان أو دُبُرًا، وأكل لحم الجزور، وتغسيل الميت، والردة عن الإسلام. أعاذنا الله من ذلك).

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فيقول المؤلفُ رحمه الله، وهو الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التَّميمي رحمة الله عليه، شيخ الإسلام في عصره، والمجدد لما اندرس من معالم الإسلام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر في هذه الجزيرة العربية، والمتوفى سنة ستٍّ ومئتين وألف من الهجرة النَّبوية.

يقول رحمه الله: (شروط الصَّلاة تسعة)، وهذا أمرٌ معروفٌ لأهل العلم، وكان العلماء يُعلمونها الناس من الأصول الثلاثة السَّابقة، يُعلمونها الجماعة في المسجد حتى يتفقَّهوا في أصول دينهم، وأصول صفة الصلاة، وأركانها، وواجباتها؛ لأنَّ كل مسلمٍ محتاجٌ إلى ذلك.

والشرط هو الذي لا يلزم من وجوده الوجود، وينتفي المشروط عند انتفائه: كشرط الصلاة، وشرط الزكاة، وأشباه ذلك، لا يلزم من وجوده الوجود، ولكن يلزم من عدمه العدم، فمتى عُدم الشرط عُدم المشروط، لكن لا يلزم من وجوده الوجود حتى تُستكمل الشروط كلها مع الواجبات والفرائض، وهذه الشُّروط لا بُدَّ منها في الصلاة، فإذا استكملت صحَّت الصَّلاة.

شروط الصلاة من أولها إلى آخرها: أولها الإسلام من أوله إلى آخره، لا بُدَّ أن يكون حين دخوله في الصَّلاة إلى أن يخرج منها مسلمًا، فإن صلَّى وهو كافر فصلاته غير صحيحةٍ؛ لقوله جلَّ وعلا: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ [التوبة: 17]، وقوله جلَّ وعلا: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 88]، وقوله سبحانه: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [المائدة: 5]، وقوله سبحانه: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان: 23].

فكل إنسانٍ يُحكم بكفره فصلاته غير صحيحةٍ، فلو صلَّى قبل الدخول في الإسلام لم تصحّ حتى يدخل في الإسلام.

الشرط الثاني: العقل، بأن يكون عنده عقل يُميز به بين ما يضرّه وما ينفعه، وبين الخير والشَّر، أما إن كان مجنونًا أو معتوهًا ما يُميز فلا صلاةَ له؛ لقوله ﷺ: رُفع القلم عن ثلاثة: النَّائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصَّغير حتى يبلغ.

الشرط الثالث: (التَّمييز، وضدّه الصّغر، وحدّه سبع سنين، ثم يُؤمر بالصلاة)؛ لقوله ﷺ: مُروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، وقوله ﷺ في الحديث: الصَّغير حتى يبلغ، يعني: غير مُكلَّفٍ، ولا يكون مُكلَّفًا بحيث يأثم إلا بعد البلوغ، ولكن يُؤْمَر بها قبل هذا السّن تمهيدًا وتمرينًا على الصلاة؛ حتى إذا بلغ فإذا هو قد اعتادها وتمرَّن عليها.

الشرط الرابع: رفع الحدث، أي: كونه يتطهر من الحدثين الأكبر والأصغر، فلا بُدَّ أن يكون على طهارةٍ؛ لقوله ﷺ: لا تُقبل صلاة بغير طهورٍ؛ ولقوله ﷺ: لا تُقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ، فلا بُدَّ من رفع الحدث بالماء عند وجوده، أو التَّيمم عند عدم الماء أو العجز عنه.

وشروط الوضوء عشرة، لا يصح الوضوء إلا بعشرة: الإسلام، والعقل، والتَّمييز، يتوضأ وهو مسلم، عاقل، مُميز.

والنية يعني: نية الطَّهارة، بأن ينوي الطَّهارة من البول، من الريح، من الحدث الذي حصل منه: من بولٍ، أو ريحٍ؛ لقوله ﷺ: إنما الأعمال بالنيات.

واستصحاب حكمها بأن تبقى معه النية حتى يُكمل الوضوء، في الصلاة، وفي الوضوء، لا بدَّ من النية كاملةً حتى يكمل.

واستصحاب حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتم الطَّهارة، هذا استصحاب الطَّهارة، يعني: تبقى معه، فلو غسل وجهه ويديه ثم هون عن الوضوء، ثم طرأ عليه أن يُكمل، يُعيده من أوله؛ لأنه قد بطل وضوؤه لما قطع النِّية.

وانقطاع الموجب بأن يتوضأ بعد أن انقطع عنه مُوجب، وهو البول أو الغائط مثلًا، فلو توضأ والبول يخرج منه ما صحَّ حتى ينقطع عنه الموجب ويستنجي.

واستنجاء أو استجمار قبله، لا بُدَّ أن يسبقه استنجاء أو استجمار، بعد الحدث من البول أو الغائط يستنجي بالماء، أو يستجمر بالحجارة ثلاث مرات فأكثر، فشرط الاستجمار أن يكون ثلاثًا فأكثر، ويُنقي المحلّ.

الثامن: طهورية الماء، كون الماء طهورًا.

التاسع: إباحته، ما هو بمغصوبٍ ولا مُحرَّم.

وإزالة ما يمنع وصول البشرة، الشرط العاشر: كونه يُزيل ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، إن كان على وجهه أو يده، كعجين، أو أشياء تمنع الماء، يُزيلها حتى يصل الماءُ إلى البشرة.

هذه عشرة في الوضوء.

والحادي عشر: دخول الوقت لمن حدثه دائم كالمستحاضة، وصاحب السَّلس يتوضأ إذا دخل الوقتُ؛ لقول النبي ﷺ للمُستحاضة: توضَّئي لوقت كل صلاةٍ.

وفروضه ستة، فروض الوضوء ستة: غسل الوجه، والمضمضة، والاستنشاق، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأس مع الأذنين، وغسل الرِّجْلين مع الكعبين، والترتيب، والموالاة.

هذه فروض الوضوء؛ لقوله جلَّ وعلا في آية المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ [المائدة: 6]؛ ولأنَّ الله رتَّبها، فوجب ترتيبها كما رتَّبها الله، فيبدأ بما بدأ الله، والنبي ﷺ توضَّأ كما بيَّن الله، فعلينا أن نتوضأ كما توضأ عليه الصلاة والسلام.

والسادس: الموالاة، بأن يُوالي بين أعضائه، لا يُفَرِّق بينها، يعني: يتوضأ وضوءًا مُتواليًا قبل أن تنشف أعضاؤه.

والدليل على هذا: أنه ﷺ لما رأى رجلًا في قدمه لمعة قدر الدِّرهم لم يُصبها الماء أمره أن يُعيد الصلاة والوضوء، فدلَّ على أنه لا بُدَّ من الموالاة، ما قال عليه الصلاة والسلام له: اغسل محلّ اللّمعة، بل أمره أن يُعيد الوضوء والصلاة، فلا بُدَّ من الموالاة في الوضوء، فلو غسل أعضاءه، وبقيت الرِّجْل اليسرى، وطال المكث حتى يبست الأعضاء، فإنه يُعيد الوضوء؛ لأنه لم يُوالِ.

والنَّواقض ثمانية عند جمعٍ من أهل العلم، وقال آخرون أنها أقلّ من ذلك: فالخارج من السَّبيلين من البول والغائط، وما في حكمهما من الدُّبر والقُبل، والخارج الفاحش النَّجس من الجسد: كالصديد، والقيح، والقيء إذا كان كثيرًا، أما القليل يُعفا عنه، وزوال العقل بنومٍ أو سُكْرٍ أو مرضٍ، فإذا زال عقلُه ثم عاد عقلُه يتوضَّأ.

ولمس المرأة بشهوةٍ عند جمعٍ من أهل العلم، وقال آخرون: لا ينقض. فيها خلافٌ بين أهل العلم، والصواب والراجح من الأقوال أنه لا ينقض؛ لأنَّ الرسولَ ﷺ كان يُقبل بعضَ نسائه، ثم لا يتوضأ.

والمؤلف جرى على طريقة الحنابلة في هذا رحمه الله.

أما قوله تعالى: أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء، فالمراد به الجماع.

وهكذا مسّ الفرج باليد ناقضٌ؛ لقوله ﷺ: مَن مسَّ فرجه بيده فليتوضأ، وفي لفظٍ: مَن أفضى بيده إلى فرجه فليتوضأ، وفي لفظٍ آخر: مَن مسَّ ذكره فليتوضأ.

السابع: تغسيل الميت عند جمعٍ من أهل العلم؛ لأنه في الغالب قد تمسّ يده العورة؛ ولأنه يحصل له من الضَّعف ما هو جديرٌ بأن يتوضأ حتى ترجع إليه قوته ونشاطه.

والثامن: الردة عن الإسلام، فإذا توضأ ثم أتى بمُكَفِّرٍ، ثم هداه الله وتاب، فإنه يُعيد الوضوء.

هذه ثمانية قالها جمعٌ من أهل العلم، منهم مذهب الحنابلة رحمهم الله.

وقال آخرون: إنها أقلّ من ذلك، عند خروج الفاحش النَّجس من الجسد ما هناك دليل واضح في نقضه، إنما هو من باب الاحتياط، والحديث: "قاء فتوضأ"، وهكذا مسّ المرأة بشهوةٍ، وهكذا تغسيل الميت ما عليه دليل واضح، فعلى هذا تكون خمسةً، وإذا قيل أنَّ الردة عن الإسلام ليست ناقضةً تصير أربعةً، فتكون أربعةً واضحةً أدلتها، وأربعة فيها خلاف بين العلماء، وهي: الفاحش النَّجس من الجسد، ومسّ المرأة، وتغسيل الميت، والردة عن الإسلام. هذا محل الخلاف.

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: إذا قصد قطع الوضوء بالنوم، ثم لم يَنَمْ، فهل يُعيد الوضوء؟

ج: النوم ما يبطل بالنية، والوضوء ما يبطل بالنية، يبطل بالحدث، لو نوى النوم ولا جاءه النوم فهو على طهارةٍ، ما تغير الطَّهارة، هو على طهارته حتى يستغرق بالنّوم.

س: استصحاب النية في أثناء الوضوء؟

ج: لو نوى أن يُحدث ولا أحدث ما ينتقض وضوؤه، لو نوى أن ينام ولا نام ما ينتقض وضوؤه.

س: حديث اللّمعة هل يصحّ؟

ج: الحديث صحيح، رواه مسلم في الصحيح، والحديث الثاني أخرجه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ عن خالد بن معدان: أنَّ النبي أمره بأن يُعيد الصَّلاة.

س: إذا كان الطفلُ قبل سبع سنوات، ويرغب أن يذهب إلى المسجد، هل يُمنع؟

ج: وهو يعقل يعني؟

س: يعني يفهم، يريد الذَّهاب إلى المسجد، يفهم، وما يلعب.

ج: إذا كان ما يُؤذي ما في بأس، الحمد لله؛ لأنَّ المقصود العقل، السبع هي وقت العقل غالبًا، وقد يبلغ السَّبع وهو ما يعقل، المهم عقله وعدم إيذاء النَّاس.

س: الولد الذي قد يُؤذيه ويتعلق بأبيه تعلقًا شديدًا كالطفلة الصَّغيرة؟

ج: يخليها عند أهلها، الصَّبي الصغير يخليه عند أهله؛ لأنه يُؤذي إذا كان ابن سبع ..... يُحافظ عليه ..... حتى لا يُؤذي أحدًا.

س: ألم يحمل الرسول بنت بنته؟

ج: بلى، هذا يعرض، مثلما يجيء بعضُ الناس بأولادهم، ما عندهم أحد يرعاهم، قد يعرض، لكن إذا تيسر تركهم، الحمد لله.

س: لحم الجزور هل ينقض؟

ج: نعم، مثلما جاء في الحديث.

س: حديث: إنما هو بضعة منك هل هو منسوخٌ؟

ج: منسوخ، أو شاذّ ضعيف؛ لأنَّ الأحاديث الصَّحيحة كثيرة في نقض الوضوء من مسِّ الفرج، والعلماء أجابوا عنه بأنه منسوخ؛ لأنه في أول الإسلام، أو شاذّ؛ لأنه مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة.

س: إذا أُزيلت النَّجاسة بماءٍ يكفي؟

ج: إن زالت النَّجاسة يكفي، الحمد لله.

س: مرق الجزور؟

ج: المرق لا، واللبن لا ينقض، فقط اللحم.

س: ................؟

ج: فيه خلاف بين العلماء، والأحوط أنه يُعيد اليسار بعد اليمين؛ لأنَّ الرسول قال: ابدؤوا بميامنكم، وكان يبدأ باليمين، فالأحوط والخروج من الخلاف أنه يُعيد اليُسرى، إذا بدأ بها يُعيدها بعد اليُمنى: اليدين، والرِّجلين، حتى يسلم وضوؤه من الخلاف، وحتى يتأسَّى بالنبي ﷺ ويعمل بقوله: ابدؤوا بميامنكم.

س: الأثر المروي عن عليٍّ هل يصحّ أنه بدأ بيساره؟

ج: ما أعلم صحّته.

س: هل يصحّ الوضوء في آنية الذَّهب والفضّة؟

ج: آنية الذهب والفضّة لا يجوز استعمالها، ولكن الوضوء فيها يصحّ مع التَّحريم؛ لأنه حصل به المقصود، لكن لا يجوز استعمالها، الرسول نهى عن استعمالها، وبعض أهل العلم منع ذلك، ومنه قول المؤلف: (وإباحته)؛ لأنَّ استعمال أواني الذهب والفضّة غير مباح، مثل: المغصوب، فلا يصحّ؛ لقوله ﷺ: مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ، وهذا له وجهه الشَّرعي.

ومَن قال بصحّته قال: المقصود الطَّهارة، وقد حصلت بالماء، والإثم لا يمنع، مثل: لو مرَّ على حوضٍ أو بركةٍ وتوضأ منه ولم يستأذن أهله، أو تيمم من تراب أرضٍ لم يستأذن أهلها، وما أشبه ذلك، فالمقصود الطَّهارة، وقد حصلت، والإثم في كونه استعمل شيئًا لا يجوز له لا يمنع، وهكذا لو تيمم من تراب الأرض ولم يستأذن أهله، ولكن الأحوط للمؤمن أن يُعيد الوضوء ويبتعد عن مسائل الخلاف، وأن لا يتوضأ إلا من ماءٍ مباحٍ غير مغصوبٍ.

س: إنَّكم ترون إطلاق القاعدة أنَّ النَّهي يقتضي الفساد؟

ج: هذا النَّهي عن الشيء، منهيٌّ عن الغصب، وعن الظلم، وإلا ما هو بمنهي عن الوضوء، منهي عن الظلم، فالوضوء استعمال ماء للطَّهارة، يقول بعضُ أهل العلم أنه تصحّ الطهارة مع الإثم. لكن كونه يُعيد ويبتعد عن الخلاف أحوط؛ ولهذا جزم المؤلفُ بالإباحة، وأنه شرط لصحة الصلاة؛ عملًا بالأصل: ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه.

س: مَن اشتغل بحكِّ حائلٍ للماء؟

ج: ما يضرّ، هذا خفيف، مثل: العجينة في ذراعه وأزاله.

س: حنى نشفّ العضو الذي قبله؟

ج: لا، ما ..... ما دام خفيفًا؛ لأنه قد يكون هواء، قد يكون في شيءٍ ينشف الأعضاء.

س: المسح على الجوارب .....؟

ج: يمسح عليها ولا بأس، إذا لبسها على طهارةٍ يمسح عليها، سواء في الشتاء، أو في الصيف، جورب، أو خفّ، إذا كان ساترًا ولبسه على طهارةٍ يمسح عليه المدة المعينة: يوم وليلة للمُقيم، وثلاثة أيام للمُسافر.

س: ما يمنع وصول البشرة بعض الأحيان، الشخص يمكن من إزالة ما يمنع لكن مع تكلُّفٍ؟

ج: لا بدَّ، يصبر عليه، إن كان عجينًا أو ترابًا أو طينًا يُزيله.

س: البوية؟

ج: البوية تختلف، فإن كان لها جرم يُزيلها، وإن لم يكن لها جرم، بل هي صبغة، فلا تضرّ، ولا تمنع، إن كان لها صبغة ما تضرّ، وإن كان لها جسمٌ يحكّه، يُزيله.

س: مسّ عورة الطفل هل تنقض الوضوء؟

ج: نعم، نعم، إذا مسَّ فرجه ينقض؛ للعموم.

الشرط الخامس: إزالة النَّجاسة من ثلاث: من البدن، والثوب، والبقعة. والدليل قوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر: 4].

الشرط السادس: ستر العورة، أجمع أهلُ العلم على فساد صلاة مَن صلى عُريانًا وهو يقدر، وحدّ عورة الرجل من السُّرة إلى الركبة، والأمة كذلك، والحرّة كلها عورة إلا وجهها، والدليل قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: 31]، أي: عند كل صلاةٍ.

الشرط السابع: دخول الوقت، والدليل من السنة حديث جبريل عليه السلام أنه أمَّ النبيَّ ﷺ في أول الوقت وفي آخره، فقال: يا محمد، الصلاة بين هذين الوقتين، وقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء: 103]، أي: مفروضًا في الأوقات.

ودليل الأوقات قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء: 78].

الشرط الثامن: استقبال القبلة، والدليل قوله تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: 144].

الشرط التاسع: النِّية، ومحلّها القلب، والتَّلفظ بها بدعة، والدليل حديث: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: فقد تقدم أنَّ شروط الصلاة تسعة، وتقدم منها أربعة، وهي: الإسلام، والعقل، والتَّمييز، والطَّهارة. وتقدم الكلامُ عليها، وما يتعلق بالطَّهارة.

الشرط الخامس: إزالة النَّجاسة من ثلاث: من الثوب، والبدن، والبُقعة.

لا بُدَّ أن يكون المصلِّي طاهرًا في ثوبه، أي: سترته، وفي بدنه، أي: جسده، وفي البُقعة، أي: محلّ صلاته.

فإن صلَّى في ثوبٍ نجسٍ، أو في بدنٍ نجسٍ، أو في بقعةٍ نجسةٍ لم تصحّ صلاته إذا كان ذاكرًا عالمـًا، أمَّا إذا كان جاهلًا أو ناسيًا فصلاته صحيحة على الصحيح؛ لأنَّه ﷺ صلَّى في نعليه وبها خبث، فلما أطلعه جبرائيل خلعهما، ولم يُعد أول الصَّلاة، مع عموم قوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286].

والنَّجاسة المراد التَّخلص منها، ليس مثل الطَّهارة؛ لأنَّ الطهارة عبادة مطلوبة لذاتها، أما النَّجاسة فالمطلوب التَّخلص منها من ثوبه، أو بدنه، أو بُقعته، فإذا نسيها أو جهلها فصلاته صحيحة.

فلو صلَّى في ثوبٍ نجسٍ ناسيًا أو جاهلًا، أو أصاب بدنه نجاسة ولم يذكر ذلك، ولم يعلمه، أو في البُقعة ظنّها طاهرة، فبانت غير طاهرةٍ، فصلاته صحيحة على الصَّحيح.

الشرط السادس: ستر العورة: لا بُدَّ أن يُصلي وهو ساتر عورته، وعورة الرجل من السُّرة إلى الركبة، يسترها على الصَّحيح، والحرَّة كلها عورة إلا وجهها؛ لقوله ﷺ: المرأة عورة، إلا وجهها تكشفه في الصَّلاة إذا لم يكن عندها أجانب؛ لأنَّ السنة كشفه.

واختلف العلماء في الكفَّين: فأجاز بعضُهم كشفَهما، وأوجب بعضُهم سترهما في الصَّلاة، والأحوط سترهما كما قال المؤلف، أما بقية البدن فإنها تستر قدميها وبقية بدنها في الصَّلاة، إلا إن كان عندها أجنبي فإنها تستر وجهها أيضًا.

أما الأمة ففيها خلاف، فبعض أهل العلم ألحقها بالرجل؛ لأنها مُبتذلة تُباع وتُشترى، فعورتها مثل عورة الرجل، وقال آخرون: بل مثلها مثل المرأة الحرَّة؛ لعموم الأدلة.

والأحوط لها أن تستتر كالحرة خروجًا من الخلاف؛ لعموم الأدلة في ستر العورة، وأنَّ المرأة عورة، وكون المشتري ينظر إليها ويستامها لا يُخرجها عن كونها تستتر في الصلاة، وتستتر عن الأجانب؛ لئلا يُفتنَّ بها، لا سيَّما إذا كانت جميلةً، فتحرص على الستر والبُعد عن أسباب الشَّر.

ومعلومٌ أنَّ مسائل الخلاف من مسائل الاشتباه عند خفاء الدليل، وقد قال ﷺ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وقوله: فمَن اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه، فهي محل شبهةٍ، فالأحوط لها أن تستر العورة وجميع بدنها كالحرّة في الصَّلاة.

الشرط السابع: دخول الوقت: لا بُدَّ أن تكون الصلاةُ في الوقت؛ لأنَّ الله تعالى قد فرض الصلاةَ في أوقاتها، فإن صلاها قبل الوقت لم تصحّ، وإن صلاها بعد الوقت صحَّت مع الإثم إذا أخَّرها عمدًا، إلا أن يجوز له التأخير في السَّفر أو المرض، فيُؤخر الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، فلا بأس، أما إذا أخَّرها من غير عذرٍ أو قدَّمها على الوقت فلا يجوز، لكن متى قدَّمها على الوقت بطلت، إلا إذا كانت تُجمع إلى ما بعدها فأخَّرها لسفرٍ أو مرضٍ فلا بأس.

الشرط الثامن: استقبال القبلة –الكعبة- لا بُدَّ أن يستقبلها في الفرض والنَّفل، فعليه استقبال القبلة؛ للآية الكريمة، حيث يقول جلَّ وعلا: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: 144]، إلا إذا كان هناك عذرٌ: كالمسافر يُصلي النَّافلة لجهة سيره، فلا بأس؛ للعذر الشَّرعي، أو مريض ليس عنده مَن يعدله لجهة القبلة، وخاف فوات الوقت، فإنه يُصلي على حسب حاله، أو سجين مربوط مصلوب ليس له القُدرة على استقبال القبلة، فالله جلَّ وعلا يقول: فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]، ويقول: لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة: 286]، أما مع القُدرة فيجب أن يستقبل القبلةَ في الفرض والنَّفل، إلا في السَّفر فإنه لا بأس أن يُصلي إلى جهة سيره في النَّافلة.

الشرط التاسع: النِّية: العبادة كلها لا بُدَّ لها من نيّة: كالصَّلاة، والصوم، والصَّدقة، وغير ذلك، فلا بُدَّ من النِّية في جميع العبادات؛ لقوله ﷺ: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى.

والنية محلها القلب، في الصلاة والصوم وسائر العبادات، إلا في الحجِّ فإنه يُظهرها، فيُلبي بالنُّسُك، كما فعل النبي ﷺ، أمَّا ما عدا ذلك فإنها في القلب، والتَّلفظ بها بدعة، كأن يقول: "نويتُ أن أُصلي"، هذا بدعة، "نويتُ أن أصوم" كذلك، "نويتُ أن أتصدق" كذلك، إنما في الحجِّ جاء الشرعُ بإعلانها في الإحرام، فيقول: "لبيك عمرة"، أو "لبيك حجَّة"، أو "لبيك عمرة وحجة"، فيُعلن ويُصرح بما نواه في قلبه، هذه السُّنة، وهذا شيء خاصٌّ بالحج والعُمرة.

الأسئلة:

مسألة: هل تصحّ الصلاة في أرضٍ نجسةٍ مع وضع المصلي حائل: كسجادة، أو بساط، وما أشبه ذلك؟

الجواب: إذا وضع حائلًا فلا بأس، إذا وضع حائلًا: سجادة، أو بساطًا، أو شيئًا على أرضٍ نجسةٍ لا بأس.

س: ...............؟

ج: ولو، ما دام السَّاتر ثخينًا يمنع الرُّطوبة.

مسألة: الحديث الذي فيه يسأل الصَّحابة بعضُهم بعضًا عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها، هل هي إحدى أمهات المؤمنين، أو ما ملكت يمينه؟ فأجاب بعضهم: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. رواه البخاري في "صحيحه"، هل يدل ذلك على أنَّ عورة الأمة غير عورة الحرَّة؟

الجواب: يظهر أنها لا تُحجَب، لكن لا يلزم أن تكشف؛ لأنَّ الله قال: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب: 53]، لكن الحجاب كونها لها حجاب يسترها كأمهات المؤمنين، هذا سترٌ خاصٌّ.

س: هل يدل على كشف الوجه؟

ج: محتمل؛ لأنها تُباع وتُشترى، ولكن ذكر العلماء لو أنَّ فيها شيئًا من الجمال وجب التَّستر؛ حذرًا من الفتنة.

س: إذا كان على الثَّوب دمٌ قليلٌ؟

ج: الدَّم القليل يُعفا عنه إذا لم يكن من القُبل أو الدُّبر، مثل: دم الجراح، ودم الضّروس، ودم العين، فيُعفا عنه.

س: ستر أعلى الجسم كالصَّدر للرجل؟

ج: لا بدَّ أن يكون ..... مثلما في الحديث: لا يُصلِّ أحدُكم في الثَّوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، يجعل الرداء على كتفيه، أو يُصلي في القميص، إلا إذا كان ما يقدر الحمد لله، يُصلي على حسب حاله.

س: الفانلة العلاقية؟

ج: العلاقية فيها خيط، يكون أستر منها أولى.

س: بعض الناس يُصلي بها؟

ج: لا، الأولى، ينبغي أن .....؛ لأنَّ فيها شيئًا من الضَّعف، ما فيها إلا خطّ على الكتف، فينبغي إما أن يكون رداءً أو فانلة جيدة ساترة.

س: ..............؟

ج: ولو واحد، لكن ستر العاتقين أفضل.

س: التَّسمية عند البدء بالوضوء؟

ج: الجمهور على أنها سنة، وقال بعضُهم أنها تجب، والأحوط له أنه يُسمِّي.

س: ومَن نسيها؟

ج: ما عليه شيء، مَن نسي ما عليه شيء.

س: الله سبحانه يقول: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]، لو رأينا أحدهم جاء بملابس النوم إلى المسجد، أو ملابس الرياضة، هل نُنبه على ذلك أو يُترك؟

ج: العلماء فسَّروا الزينة هنا بالسّتر، يعني: ستر العورة، لكن كونه يلبس الملابس الجميلة العادية التي يلبسها الناس يكون أفضل له، وإلا هم فسَّروها بستر العورة يعني.

..............

س: الناس الذين يُصلون بثياب بيضاء، ويلبسون سراويل قصيرة، ترى بشرتهم من وراء الثياب، هل تصح صلاتهم؟

ج: ما تصحّ، لا، إذا كانت ترى بشرتهم ما تصحّ؛ لأنه مكشوف العورة، إذا كانت العورة تظهر لا شكَّ أنه ما هو مستور العورة، نسأل الله العافية.

س: تأخير الصَّلاة عن وقتها حكمه حكم التَّرك؟

ج: لا، تأخير الصَّلاة فيه تفصيل: إن كان عن نومٍ أو نسيانٍ أو شيءٍ لا، أما إذا تعمَّد حكمه حكم التَّرك على الصحيح، والجمهور يرون أنه ليس على حكم الترك، لكن يأثم.

والقول الثاني: أنه يكفر بذلك إذا تعمَّد تركها حتى يخرج وقتها، وهي لا تُجمع إلى ما بعدها، إذا كانت تُجمع فيه شبهة.

س: العلامات التي تُعرف بها القبلة؟

ج: كثيرة، يعرفها صاحبُ البصر في بلده يعرف؛ لأنَّ الناس يختلفون في هذا.

س: تغيير النِّية بالنسبة لصلاة النَّوافل: كأن يُصلي تحية المسجد ويُغير النية للسُّنة القبلية مثلًا؟

ج: لا، لا يُغير النية، على نيَّته التي نوى، إلا إذا صلَّى نافلةً وأُقيمت الصَّلاة يقطعها قطعًا يُبطلها، إذا أُقيمت الصلاة قبل أن ينتهي من الركعة الثانية، قبل الركوع الثاني؛ لقوله ﷺ: إذا أُقيمت الصَّلاة فلا صلاةَ إلا المكتوبة، أما أنه يُغير، يُنوي تحية المسجد، ثم ينويها الراتبة وهو في أثناء الصلاة لا.

س: النَّافلة تحية المسجد بدل ما ينوي تحية المسجد؟

ج: هذا ما هو بتغيير، هذا ابتداء، إذا نوى بالتَّحية الراتبة سدّت عن التَّحية من أول الصلاة، أما إذا كان ما نواها من أول الصلاة، دخل فيها بنية التَّحية ما ينفع التَّجديد في أثناء الصَّلاة، إلا إذا قطعها ونواها من جديدٍ.

وأركان الصَّلاة أربعة عشر: القيام مع القُدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه، والسجود على الأعضاء السَّبعة، والاعتدال منه، والجلسة بين السَّجدتين، والطُّمأنينة في جميع الأركان، والترتيب، والتَّشهد الأخير، والجلوس له، والصَّلاة على النبي ﷺ، والتَّسليمتان.

الركن الأول: القيام مع القُدرة، والدليل قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238].

الثاني: تكبيرة الإحرام، والدليل حديث: تحريمها التَّكبير، وتحليلها التَّسليم، وبعدها الاستفتاح، وهو سُنة، قول: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك".

ومعنى "سبحانك اللهم" أي: أُنزهك التَّنزيه اللائق بجلالك. "وبحمدك" أي: ثناء عليك. "وتبارك اسمك" أي: البركة تنال بذكرك. "وتعالى جدّك" أي: جلَّت عظمتك. "ولا إله غيرك" أي: لا معبودَ في الأرض ولا في السَّماء بحقٍّ سواك يا الله.

"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

معنى "أعوذ": ألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا الله من الشيطان الرجيم، المطرود، المُبْعد عن رحمة الله، لا يضرُّني في ديني، ولا في دُنياي.

وقراءة الفاتحة ركنٌ في كل ركعةٍ، كما في حديث: لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وهي أم القرآن.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بركة واستعانة.

الْحَمْدُ للهِ الحمد: ثناء، والألف واللام لاستغراق جميع المحامد، وأمَّا الجميل الذي لا صنعَ له فيه -مثل الجمال ونحوه- فالثَّناء به يُسمَّى: مدحًا، لا حمدًا.

رَبِّ الْعَالَمِينَ الرب: هو المعبود، الخالق، الرَّازق، المالك، المتصرف، مُربي جميع الخلق بالنِّعَم.

الْعَالَمِينَ كل ما سوى الله عالم، وهو ربّ الجميع.

الرَّحْمَنِ رحمة عامَّة لجميع المخلوقات.

الرَّحِيمِ رحمة خاصَّة بالمؤمنين، والدليل قوله تعالى: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب: 43].

مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ يوم الجزاء والحساب، يوم كل يُجازى بعمله: إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرٌّ، والدليل قوله تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار:19].

والحديث عنه ﷺ: الكيس مَن دان نفسَه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسَه هواها، وتمنى على الله الأماني.

إِيَّاكَ نَعْبُدُ أي: لا نعبد غيرك، عهد بين العبد وبين ربِّه ألا يعبد إلا إياه.

وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ عهد بين العبد وبين ربِّه ألا يستعين بأحدٍ غير الله.

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ معنى اهْدِنَا دلّنا وأرشدنا وثبّتنا.

والصِّرَاطَ الإسلام، وقيل: الرسول، وقيل: القرآن، والكل حقٌّ.

والْمُسْتَقِيمَ الذي لا عوجَ فيه.

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ طريق المنعم عليهم، والدليل قوله تعالى: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69].

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وهم اليهود، معهم علمٌ ولم يعملوا به، تسأل الله أن يُجنبك طريقهم.

وَلَا الضَّالِّينَ وهم النَّصارى، يعبدون الله على جهلٍ وضلالٍ، تسأل الله أن يُجنبك طريقهم.

ودليل الضَّالين قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ۝ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف: 103- 104].

والحديث عنه ﷺ: لتتبعنَّ سنن مَن قبلكم حذو القذّة بالقذّة، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لدخلتُموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنَّصارى؟ قال: فمَن؟! أخرجاه.

والحديث الثاني: افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النَّصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قلنا: مَن هي يا رسول الله؟ قال: مَن كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.

الشيخ: يُبين المؤلف رحمه الله هنا أركان الصَّلاة، وهي أربعة عشر، على إدخال الصَّلاة على النبي ﷺ في الأركان، وبَيَّنَها رحمه الله: القيام مع القُدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه، يعني: الاعتدال بعد الركوع، والسُّجود، والجلوس بين السَّجدتين، والطُّمأنينة في جميع الأركان، والترتيب بين الأركان، والتَّشهد الأخير، والجلوس له، والصَّلاة على النبي ﷺ، والتَّسليمتان، يأتي تفصيل هذه الأركان.

ومعنى الركن: الذي لا بُدَّ منه، فلا يسقط: لا عمدًا، ولا سهوًا، بخلاف الواجبات فتسقط بالسَّهو والجهل، وأما الأركان فلا تسقط: لا سهوًا، ولا جهلًا، ولا عمدًا، بل لا بُدَّ منها، ويدل على ذلك حديث المسيء في صلاته الذي علَّمه النبيُّ ﷺ، لما أساء في صلاته قال له: إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلةَ فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن إلى آخره.

فهذه أربعة عشر ركنًا، يأتي الكلامُ فيها مُفصَّلًا، التي ذكر المؤلفُ رحمه الله:

أولها: القيام مع القُدرة؛ لقول الله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238]؛ ولما ثبت عنه ﷺ أنه قال لعمران بن حصين : صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ؛ ولما ثبت عنه ﷺ أيضًا أنه كان يُصلي قائمًا ويقول: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، ولم يُصلِّ جالسًا إلا عند العجز.

فالواجب على جميع المكلفين من الرجال والنِّساء أن يُصلوا قيامًا مع القُدرة في الفريضة، أمَّا مع العجز -لمرضٍ أو كبر سنٍّ- فلا بأس أن يُصلي قاعدًا، ولا نعلم في هذا خلافًا بين أهل العلم.

الركن الثاني: تكبيرة الإحرام، كونه يُكبر، فلا دخولَ في الصلاة إلا بالتَّكبير، فلو قام بالنية -نية الصلاة- ما دخل فيها حتى يُكبر؛ لقوله ﷺ للمُسيء صلاته: إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلةَ فكبِّر، هكذا جاء في "الصحيحين" في قصة المسيء في صلاته؛ ولقوله ﷺ: تحريمها التَّكبير، وتحليلها التَّسليم، وهو حديثٌ حسنٌ، رواه أحمد وأهلُ السُّنن بإسنادٍ حسنٍ عن عليٍّ .

ولأنه ﷺ كان يدخلها بالتَّكبير، يبدأها بقوله: "الله أكبر"، ويقول: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي، فلا بُدَّ من التكبير في جميع الصَّلوات، لا دخولَ فيها إلا بالتكبير: "الله أكبر"، ومعناه: الله أجلُّ من كل شيءٍ، وأعظم من كل شيءٍ .

وقراءة الفاتحة هذا الركن الثالث؛ لقول النبي ﷺ: لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وقوله ﷺ: مَن صلَّى صلاةً لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خِداج، فهي خِداج غير تمام، سواء كانت فريضةً أو نافلةً، فهذا عامٌّ، وهذا في حقِّ الإمام والمنفرد.

أمَّا في حقِّ المأموم فهي واجبة في حقِّه، تسقط مع السَّهو والجهل، وإذا سبقه الإمامُ، فجاء والإمامُ راكع، وفاتته القراءة، فإنها تسقط عنه على الصَّحيح؛ لأنَّ الرسول ﷺ لما أدرك أبو بكرة الركوعَ مع الإمام لم يأمره بقضاء الركعة، فالمأموم في حقِّه واجبة، تسقط مع الجهل والنِّسيان، وبفوات القيام، فإذا فاته القيامُ مع الإمام وأدرك الركوعَ أجزأه ذلك، أمَّا إذا أمكنه فيقرأ؛ لقوله ﷺ: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، وهذا للعموم.

فقراءة الفاتحة مثلما تقدم ركنٌ، ويبدأها بالتَّعوذ، وقبل التَّعوذ الاستفتاح، يستفتح، إذا كبَّر تكبيرةَ الإحرام يستفتح: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك"، هذا استفتاحٌ مختصرٌ، وهو من أصحِّ الأحاديث، جاء من عدة طرقٍ عن عائشة، وعن أبي سعيدٍ، وعن عمر، وعن غيرهم ، وهو أخصرها، وكله توحيد، كله خالص: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك"، هذا أخصرها.

وتوجد استفتاحات أخرى إذا أتى بواحدٍ منها أجزأه، منها: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثَّلج والماء والبرد"، فكان يستفتح بهذا أيضًا ﷺ في الفريضة، كما رواه الشَّيخان من حديث أبي هريرة ، لكن هذا الاستفتاح المختصر؛ لأنه يسهل على العامَّة وغير العامَّة: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك".

ومعنى "سبحانك اللهم" أي: أُنزهك التَّنزيه اللائق بجلالك. فالتَّسبيح معناه التَّنزيه، "سبّح الله" أي: نزّه الله، "وبحمدك" أي: ثناء عليك، يعني: أُثني عليك مع التَّسبيح، "وتبارك اسمك" أي: البركة تُنال بذكرك، أي: بلغ الاسم من البركة النِّهاية، فكل بركةٍ تُنال باسم الله جلَّ وعلا وبفضله وإحسانه ، "وتعالى جدّك" أي: عظمتك وكبرياؤك، فجدّ الله: عظمته؛ لأنه لم يلد ولم يُولد ، "ولا إله غيرك" أي: لا معبودَ بحقٍّ في الأرض ولا في السَّماء سواك يا ربنا، فهو المعبود بحقٍّ، كما قال جلَّ وعلا: ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج: 62].

وبعد هذا الاستفتاح أو غيره من الاستفتاحات يتعوذ بالله من الشَّيطان الرجيم، فيقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" قبل أن يقرأ، ومعنى "أعوذ": ألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا الله من الشيطان عدو الله، "الرجيم" يعني: المطرود المبعد عن رحمة الله، لا يضرّني في ديني، ولا في دُنياي.

ثم يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، يُسمِّي الله: "بسم الله الرحمن الرحيم" استعانة بالله، فالباء هذه للاستعانة، و"الله" معناه: ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ، و"الرحمن" معناه: ذو الرحمة الواسعة، و"الرحيم" معناه: ذو الرحمة الخاصَّة بالمؤمنين، كما قال تعالى: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب: 43]، ويقول: إِنَّ الله بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [البقرة: 143].

معنى الْحَمْدُ للهِ الثَّناء لله كما تقدم.

ومعنى رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: ربّ المخلوقات كلّها.

الرَّحْمَنِ ذو الرحمة الواسعة.

الرَّحِيمِ: ذو رحمةٍ خاصَّةٍ بالمؤمنين.

مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ يوم الجزاء والحساب، فالدِّين هو الجزاء والحساب، فهو مالك اليوم الذي فيه الجزاء والحساب، كما قال تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار: 17- 19]، فالدِّين: الحساب والجزاء.

ومنه الحديث: الكيس مَن دان نفسه  يعني: حاسبها وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسَه هواها، وتمنى على الله الأماني.

فالكيس الحازم هو الذي يُحاسب نفسه، ويعمل لما بعد الموت ويجتهد، والعاجز الكسول مَن أتبع نفسَه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحديث مشهورٌ، في سنده بعض اللِّين.

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ معناه: إِيَّاكَ يعني: إياك يا ربّ نعبد ونخصّك بالعبادة، وهي: طاعاته التي أمر بها: من صلاةٍ وصومٍ وغير ذلك، وَإِيَّاكَ يعني: نقصدك وحدك، ونستعين في أمورنا كلها في الدِّين والدنيا، نستعين بك يا ربنا في كل شيءٍ.

وهذا يدل على أنَّ على العبد أن يخصَّ الله بالعبادة والاستعانة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ يعني: وحدك، وهذا واجبٌ على العبد أن يخصَّ الله بالعبادة، كما قال جلَّ وعلا: فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [غافر: 14]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ [البقرة: 21].

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ أي: دلّنا وأرشدنا وثبّتنا على الصِّراط، فالهداية بمعنى: الدلالة والإرشاد والتَّثبيت.

و الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ هو طريق الله الذي نصبه لعباده، وجعله موصلًا إليه، وهو دينه القويم الذي بعث به نبيَّه عليه الصلاة والسلام.

والْمُسْتَقِيمَ الذي لا عوجَ فيه، وهو اتِّباع الكتاب والسُّنة.

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ طريق المنعم عليهم، وهم الرسل وأتباعهم، أهل العلم والعمل، يعني: الصراط المستقيم هو طريقهم، طريق المنعم عليهم، وهم أهل العلم والعمل، الذين قال فيهم سبحانه: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69]، هؤلاء هم المنعم عليهم، وهم الرسل وأتباعهم.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وهم اليهود قاتلهم الله، غضب الله عليهم لكفرهم وحسدهم وبغيهم.

وَلَا الضَّالِّينَ وهم النصارى تعبَّدوا على جهلٍ، اليهود داؤهم العناد مع العلم، والنَّصارى داؤهم الجهل، هذا هو الغالب عليهم، قال تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ۝ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف: 103- 104]، هذا وصف النَّصارى، نسأل الله العافية.

وقال النبي ﷺ: لتتبعنَّ سَنَنَ مَن كان قبلكم، حذو القذّة بالقذّة، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لدخلتُموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنَّصارى؟ قال: فمَن؟! هم أهل الغضب والضَّلالة، أكثر الخلق سار في سبيلهم: من ترك الحقِّ، واتِّباع الهوى، تارةً عن عمدٍ، وتارةً عن جهلٍ، قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف: 103]، وقال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13].

وفي الحديث الآخر يقول النبي ﷺ: افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النَّصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهكذا اليهود إحدى وسبعون كلها في النار إلا واحدة، والواحدة هم أتباع موسى عليه السلام في عهده وبعده، والبقية هالكون، والنَّصارى ثنتان وسبعون كلها في النار إلا واحدة، والواحدة هم أتباع عيسى عليه السلام في عهده وبعده، والبقية هالكون، وفي أمة محمدٍ ﷺ الفرقة الناجية: أتباع محمدٍ ﷺ، والذين خالفوه هم الهالكون.

وتأتي بقية الأركان إن شاء الله، نسأل الله للجميع التَّوفيق.

الأسئلة:

س: ................؟

ج: رفع مُستقل لا بدَّ من إيضاحه، والجلسة بين السجدتين كذلك، يأتي الكلام عليها إن شاء الله.

مسألة: الاستعاذة في الركعة الثانية؟

الجواب: غير لازمة؛ لأنَّ الصلاة شيء واحد، الاستعاذة في أولها كافية، وإن كررها فلا بأس.

س: ما حكم الخشوع؟

ج: الخشوع خشوعان، الطُّمأنينة ركن، أما الخشوع الذي هو كمال الطُّمأنينة وحضور قلبه وألا ..... حركة، لا من قليل، ولا من كثير، هذا من كمالها، من تمامها: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون: 1- 2]، هذا الطُّمأنينة، وكمالها تمام السُّكون في الصَّلاة.

مسألة: ما الأفضل: الاقتصار على استفتاح واحد في جميع الصَّلوات أم التنويع بينها؟

الجواب: إذا تيسر التَّنويع أحسن.

س: ترك الواجب عن عمدٍ يُبطل الصَّلاة؟

ج: يُبطل الصَّلاة نعم.

س: مَن يقول أنَّ ثلاث حركات تُبطل الصَّلاة؟

ج: ما عليه دليل ..... إذا توالت حركات كثيرة في نفس الإنسان واستفحشها تبطل صلاته، ما في شيء .....

س: كان يحمل الحسن والحُسين؟

ج: نعم يحملهما، وصعد المنبر، ونزل من على المنبر.

س: الرسول ﷺ حمل الحسن والحسين في صلاته النافلة؟

ج: حمل أمامة بنت زينب وهو يُصلي بالناس عليه الصلاة والسَّلام.

س: في الفرض؟

ج: نعم.

س: مَن استدلَّ بحديث أمامة على الحركات أنها ثلاث؟

ج: لأنها مُفترقة، ما هي مُتتابعة، حركات مُتتابعة، حملها وحطّها، شيء مُتباعد.

س: ما حكم الجمع بين استفتاحين في الصَّلاة الواحدة؟

ج: السُّنة استفتاح واحد يكفي، ما بلغنا أنه كان يجمع استفتاحين عليه الصلاة والسَّلام.

س: يقول الله : حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238]، هل المقصود بها صلاة العصر؟

ج: الأصح فيها أنها صلاة العصر، هي أفضل الصَّلوات.

س: هل يجوز شرب البيرة المكتوب عليها: خالية من الكحول؟

ج: نعم، إذا سلمت لا بأس، المشروب الموجود هذا سالم في الغالب، أما إذا علم أنها تُسكر لا يشربها.

س: إذا دخلت جماعةٌ المسجد وقد فاتتهم صلاةُ الجماعة، ووجدوا رجلًا يُصلي مُنفردًا، فهل يجوز لهم أن يأتمُّوا به؟

ج: لا، يُصلون ويُقدمون أقرأهم، وهو بالخيار: إن شاء قطع الصلاة وصار معهم، وإن شاء كمّل صلاته، يُقدِّمون أقرأهم؛ لأنهم أكثر منه.

س: ...............؟

ج: الأظهر أنهم يُصلون وحدهم، وهو يكفيه أن يتصدق عليه واحد.

س: إذا ائتمّوا بالمنفرد هذا؟

ج: لا بأس، إذا ائتمّوا به صحَّت .....

س: ولو لم يكن قد نوى؟

ج: ولو، ولو؛ لقوله ﷺ: مَن يتصدق على هذا فيُصلي معه؟ لما دخل رجلٌ قد فاتته الصَّلاة.

س: هل يجوز لمن أفرد بالحجّ أن يفسخ إلى عمرةٍ، وذلك بعد مُغادرته الميقات؟

ج: نعم، إذا أحرم بالحجِّ السنة أن يجعلها عمرةً، إلا أن يكون معه هدي، وإن كان ما معه هدي يجعلها عمرةً، وإن كان معه هدي: إبل، أو بقر، أو غنم، يستمرّ.

والركوع، والرَّفع منه، والسُّجود على الأعضاء السَّبعة، والاعتدال منه، والجلسة بين السَّجدتين.

والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج: 77]، والحديث عنه ﷺ: أُمِرْتُ أن أسجد على سبعة أعظمٍ.

والطُّمأنينة في جميع الأفعال، والترتيب بين الأركان، والدليل حديث المسيء صلاته، عن أبي هريرة قال: بينما نحن جلوسٌ عند النبي ﷺ إذ دخل رجلٌ فصلَّى، فسلم على النبي ﷺ فقال: ارجع فصَلِّ؛ فإنَّك لم تُصَلِّ فعلها ثلاثًا، ثم قال: والذي بعثك بالحقِّ نبيًّا لا أُحسن غير هذا، فعلِّمني. فقال له النبي ﷺ: إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها.

والتَّشهد الأخير ركنٌ مفروض، كما في الحديث عن ابن مسعودٍ قال: كنا نقول قبل أن يُفرض علينا التَّشهد: "السلام على الله من عباده، السلام على جبريل وميكائيل"، وقال النبي ﷺ: لا تقولوا: السَّلام على الله من عباده؛ فإنَّ الله هو السَّلام، ولكن قولوا: التَّحيات لله، والصَّلوات والطّيبات، السَّلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

ومعنى "التحيات": جميع التَّعظيمات لله ملكًا واستحقاقًا، مثل: الانحناء، والركوع، والسُّجود، والبقاء والدوام، وجميع ما يعظم به ربّ العالمين فهو لله، فمَن صرف منه شيئًا لغير الله فهو مُشرك كافر.

و"الصلوات" معناها: جميع الدَّعوات، وقيل: الصَّلوات الخمس.

و"الطيبات لله": الله طيب، ولا يقبل من الأقوال والأعمال إلا طيبها.

"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته": تدعو للنبي ﷺ بالسَّلامة والرحمة والبركة، والذي يُدْعَى له ما يُدْعَى مع الله.

"السلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين": تُسلم على نفسك، وعلى كل عبدٍ صالحٍ في السَّماء والأرض، والسلام دعاء، والصَّالحون يُدعى لهم، ولا يُدعون مع الله.

"أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له": تشهد شهادة اليقين أن لا يعبد في الأرض ولا في السَّماء بحقٍّ إلا الله، وشهادة "أنَّ محمدًا رسول الله": بأنه عبدٌ لا يُعبد، ورسولٌ لا يكذب، بل يُطاع ويُتَّبع، شرَّفه الله بالعبودية، والدليل قوله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان: 1].

"اللهم صلِّ على محمدٍ، وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيم، إنك حميد مجيد": الصَّلاة من الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، كما حكى البخاري في "صحيحه" عن أبي العالية قال: "صلاة الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى"، وقيل: الرحمة. والصواب الأول. ومن الملائكة: الاستغفار. ومن الآدميين: الدُّعاء. "وبارك" وما بعدها سنن أقوال وأفعال.

الشيخ: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: فهذه بقية الكلام على الأركان، يقول رحمه الله: (الركوع، والرفع منه، والسجود على الأعضاء السبعة، والرفع منه، والجلوس بين السجدتين، والطمأنينة في جميع الأفعال، والترتيب بين الأركان، والتشهد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي ﷺ، والتَّسليمتان) هذه بقية الأركان.

والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج: 77]، فأمر سبحانه بالركوع والسُّجود، هذا أمر افتراض، كما في قوله: وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ [الحج: 77] أيضًا كلها أمر افتراض.

وقال ﷺ: أُمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم، وهو أمر افتراضٍ، ونحن مأمورون بأن نقتدي به ﷺ، قال: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي.

وفي حديث المسيء الذي أساء صلاته عندما دخل المسجد وصلَّى، والنبي ﷺ يُشاهده، فلما جاء وسلَّم عليه قال له: ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تُصلِّ، فرجع فصلَّى كما صلَّى، ينقرها ثلاث مرات، ثم قال: والذي بعثك بالحقِّ لا أُحسن غير هذا، فعلّمني. فقال له النبي ﷺ: إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر، وفي لفظٍ آخر: إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبِّر، فعلَّمه الأشياء التي قد تخفى عليه.

فالواجب أولًا الوضوء، وأن يكون مُتطهِّرًا، ثم يستقبل القبلة، ثم يُكبر تكبيرةَ الإحرام، وهي ركنٌ عند الجميع.

ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، وفي روايةٍ أخرى: ثم اقرأ بأمِّ القرآن، وبما شاء الله.

وحديث: لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب يُفسّر ذلك، وأنَّ ما تيسر من القرآن يعني: الفاتحة، ثم يقرأ ما تيسر معها، والركن الفاتحة، وما زاد عن ذلك فهو مستحبٌّ وسنة.

ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها.

فدلَّ على أنَّ هذه الأمور لا تسقط عن أحدٍ، التي علَّمها للمسيء في صلاته، وأنه لا بُدَّ منها في صلاته، مع أدلةٍ أخرى، منها قوله ﷺ: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي، وأدلة أخرى في هذا المعنى.

وهكذا كونه رتَّبها، يعني: يُؤتى بها مُرتبة: قيام، ثم قراءة، ثم ركوع، ثم رفع، ثم سجود، فلا بُدَّ من هذا الترتيب، فعلينا أن نُصلي كما صلَّى، وعلينا التَّأسي به ﷺ في ذلك؛ لأنه هو المفسّر لما أبهم في القرآن، فالله تعالى قال: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [البقرة:43]، وقال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ [البقرة:238]، وأطلق، والنبي ﷺ فسَّرها لنا بأفعاله وأقواله عليه الصلاة والسَّلام.

وهكذا الترتيب، كونها مُرتبة: القراءة، ثم الركوع، ثم الرفع، ثم السجود، وهكذا مُرتبة: التَّشهد .. إلى آخره.

والتَّشهد الأخير؛ لأنَّ الرسول ﷺ فعله، وأمر به بقوله: قولوا: التَّحيات، وهذا أمرٌ للوجوب، وابن مسعودٍ قال: "كنا نقول قبل أن يُفرض التَّشهد"، فدلَّ على أن التَّشهد مفروضٌ عليهم، والتَّشهد هو: التَّحيات لله، والصَّلوات والطيبات إلى آخره، علَّمه النبيُّ ﷺ لأصحابه، وأمرهم به، فدلَّ على افتراضه، وهو تشهدان: أول، وآخر.

فالتَّشهد الأول معدودٌ من الواجبات؛ لأنَّ الرسول ﷺ لما قام عنه ساهيًا جبره بالسُّجود، وصحَّت صلاته، فدلَّ على أنه ليس بفرضٍ مُتحتمٍ، بل واجب يسقط مع السَّهو والجهل، أما التَّشهد الأخير فهو ركنٌ لا بُدَّ منه؛ لأنَّ الرسول ﷺ حافظ عليه في جميع صلواته عليه الصلاة والسلام، وهكذا الجلوس له، فلا بُدَّ أن يُؤديه وهو جالس، لا واقف، والتَّسليمتان؛ لأنَّ الرسول ﷺ كان يُسلم في كل صلواته عن يمينه، وعن شماله، وهما ركنٌ لفعله وقوله: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي عليه الصلاة والسَّلام.

ومعنى "التَّحيات" يعني: التَّعظيمات لله ملكًا واستحقاقًا، مثل: الانحناء راكعًا، والبقاء والدَّوام، والركوع والسُّجود، كل هذه عبادة، فمَن يركع لغير الله، أو يسجد لغير الله تعبدًا هذا الشِّرك الأكبر، نسأل الله العافية، أو يعتقد أنَّ غير الله يدوم، وهناك خلق يدومون، يعني: ليس لهم أول ولا آخر، فالدَّوام لله ، هو الأول والآخر جلَّ وعلا، وله صفة البقاء، وأما أهل الجنة فقد خُلِقوا، ثم يكون لهم الدَّوام بعد ذلك، وهكذا أهل النار بعدما خُلقوا، كانوا عدمًا، ثم أُدخلوا النار بأعمالهم، وأُدخلوا الجنةَ بأعمالهم، فداموا دوامًا جديدًا، دوامًا بإذن الله ، من فضله على أهل الجنة، ومن عدله بأهل النار، نسأل الله العافية.

وهكذا معنى "الصَّلوات": جميع الصَّلوات الخمس، والدَّعوات، كلها داخلة، نفلها وفرضها، كلها لله.

و"الطيبات لله" من قولٍ وعملٍ، كلها لله وحده.

"السلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته" يعني: الدُّعاء للنبي ﷺ بالسَّلامة والرحمة والبركة، قال الشيخ: (والذي يُدعا له ما يُدعا مع الله)، هذا استنباطٌ عظيم، فالذي يُدعا له محتاجٌ، فكيف يُدعا مع الله؟!

وهكذا "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" يدل كذلك على أنَّ الصالحين لا يُدعون مع الله، هم محتاجون للدُّعاء لهم بأنَّ الله يغفر لهم، ويُسلمهم، ويرحمهم، فكيف يُدعون مع الله؟!

"أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله" تشهد شهادة حقِّ أنه لا معبودَ بحقٍّ في الأرض ولا في السَّماء إلا الله وحده، وهذا هو الحقّ، كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج: 62].

وتشهد شهادة حقٍّ أنَّ محمدًا رسول الله، وخاتم الأنبياء، وأنه رسولٌ من عند الله ﷺ، فمَن أنكر رسالته أو أنه خاتم النَّبيين فقد كفر.

ثم تُصلي عليه ﷺ، والصَّلاة من الله: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، وقيل: الرحمة. والصواب الأول، فعند الإطلاق هي الثَّناء على الله، ويدخل فيها الرحمة، وعند الاقتران الصلاة: الثناء، والرحمة: الإحسان إلى العباد، كما في قوله سبحانه: أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة: 157] يعني: ثناء من الله عليهم ورحمة منه لهم، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ [الأحزاب: 43] يعني: يُثني عليكم ويرحمكم سبحانه.

فعند الإطلاق يدخل فيها الرحمة، وعند القرن تكون الثَّناء من الله، كما قال أبو العالية: (ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى).

والآل هم: أهل بيته، وأتباعه على دينه، أهل بيته المؤمنون: كعلي والعباس رضي الله عنهما، وغيرهما ممن آمن به، وهكذا غيرهم من أتباعه من المؤمنين، كل داخلٌ في آله، وعطف الأصحاب على الآل من عطف الخاصّ على العام إذا فسّر الآل بالأتباع، وإذا فسّر الآل بأهل البيت فهو من عطف العام على الخاصّ؛ لأنَّ أهل البيت أخصّ من الأصحاب، وأما إذا فسّر الآل بالأتباع فالأصحاب أخصّ من الأتباع، ويكون من عطف الخاصّ على العام.

ومن الملائكة الاستغفار، تُصلي عليهم الملائكة، تستغفر لهم، تقول: "اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم"، ومن الآدميين الدُّعاء: صلَّى فلانٌ على فلانٍ، يعني: دعا له، مثل: صلاة الجنازة دعاء للميت وترحم عليه.

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: لو سجد ورفع رجليه حال السُّجود ناسيًا؟

ج: ما له سجود إلا لا بدَّ أن يحطّها، لا بدَّ أن يحطّها في أول السجود، وإلا في آخره.

س: بعدما استمرّ في السُّجود رفع رجليه؟

ج: ما يضرّ، قد سجد عليها، يكون قد سجد عليها، سواء على الأول، أو على الآخر، إذا سجد واطمأنَّ حصل المطلوب.

مسألة: ما حكم مَن يسجد على الجبهة دون الأنف؟

الجواب: الصواب أنه لا بُدَّ من السُّجود على الأنف، ما يُجزئ؛ لأنَّ الرسول ﷺ قال: أُمِرْتُ أن أسجد على سبعة أعظمٍ: الجبهة وأشار بيده على أنفه.

س: تكون صلاته غير صحيحةٍ؟

ج: غير صحيحة، أخلَّ بالركن.

س: يُعيدها؟

ج: نعم إذا كان فريضةً.

س: الصَّلاة كاملة أو الركعة التي لم يسجد فيها على أنفه؟

ج: إذا تذكر قريبًا يُعيد الركعة فقط، وإن كان طال الفصل يُعيد الصلاة كلها، مثل بقية الأركان.

مسألة: هل التَّشهد الأخير كله ركن مع الصلاة على النبي ﷺ؟

الجواب: التَّشهد الأخير مع الصلاة على النبي ﷺ ركنٌ على الراجح، وقيل: الصلاة واجبة. وقيل: سنة.

س: ومَن لم يُحسن التَّشهد؟

ج: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، يعني التَّشهد قصدك؟

س: نعم.

ج: لا بدَّ أن يتعلم التَّسبيح، هذاك في القراءة، لكن هذه يتعلّمها والحمد لله، وإذا ضاق الوقتُ وما تعلم: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، يتعلم.

..........

مسألة: ما حكم مَن قرأ التَّشهد الأخير في التَّشهد الأول؟

الجواب: يقتصر في الأول على التَّشهد والصلاة على النبي ﷺ، أما الدُّعاء بالتَّعوذ من نار جهنم يكون في الأخير، وإذا أكمله في الأول ما عليه شيء.

س: بعض الألعاب يكون فيها أنَّ اللاعبين ينحنون للمدرب، هل في هذا شيء؟

ج: لا يجوز هذا، لأجل أيش؟

س: مثل لعبة الكراتية، تحية؟

ج: لا، ما يجوز هذا، هذا منكر عظيم، نعوذ بالله، هذا يُشبه الركوع.

س: نعم، بمجرد دخول الملعب يقف مستويًا ثم يستقبله.

ج: هذا شرك أكبر، نعوذ بالله، يُعلمون، ما يجوز، نسأل الله العافية، يتقرب إليه بهذا، هذا تعظيمٌ له.

س: هل ثبت أنَّ الشيطان يقول إذا سجد ابنُ آدم: يا ويلتاه! أُمِرَ ابن آدم بالسُّجود فسجد فله الجنة، وأُمِرْتُ بالسجود فلم أسجد ولي النار؟ وهل يقول هذا في أي سجدةٍ يسجدها؟

ج: هذا ورد، لكني ما أتذكر الآن حال سنده، إذا سجد ابنُ آدم يدعو بالويل والثُّبور أنه سجد وله الجنة: وأنا أبيتُ فلي النار. يعني: إشارة إلى سجود الملائكة لآدم، وكونه امتنع، لكن ما أذكر الآن حال إسناده، يُراجع.

مسألة: ما رأيكم فيمَن فرَّق بين التَّسليمتين وقال: الأولى ركن، والثانية سُنَّة؟

الجواب: لا، ما هو بوجيه، فالجمهور يرون أنَّ الركن التَّسليمة الأولى، لكن الأرجح مثلما قال المؤلف أنها تسليمتان؛ لأنَّ النبي ﷺ كان يُسلم تسليمتين ويقول: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي.

مسألة: مَن فسّر الآل بما جاء في "الصحيحين" من حديث أبي حميدٍ السَّاعدي قال: إنهم آل النبي ﷺ؟

الجواب: جاء هذا وهذا، جاء أزواجه من آل البيت، وجاء مطلقًا: آل محمدٍ، قال الله جلَّ وعلا: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر: 46] يعني: أتباعه.

س: إذا قال الشخصُ لأهله: لا تُوقظوني للصَّلاة. ما حكمه؟

ج: الواجب عصيانه، يُوقظونه، وينصحونه، ويُوجِّهونه إلى الخير: اتَّقِ الله، قم للصلاة. لا يُطيعونه في المعصية، لو قال لك أبوك أو أمك: لا تذكر الله. تُطيعه؟!

س: لو تعمّد هذا الشَّيء؟

ج: إذا ترك الصلاة تعمدًا كفر حتى خرج الوقت، مثلما قال ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشِّرك ترك الصلاة على الراجح، أما عند الجمهور لا يكفر إذا كان يعتقد الوجوب، ولكنه تكاسل.

س: أو يقضيها بعدما يستيقظ من النّوم؟

ج: ولو، ما دام تعمّد تركها يكفر، إذا كان تعمَّدها حتى خرج الوقت.

س: هل يثبت حديث عقبة بن عامر لما نزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة: 74] قال: اجعلوها في ركوعكم؟

ج: لا بأس به، سنده لا بأس به، حسن، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى: 1] قال: اجعلوها في سجودكم، لا بأس به.

مسألة: هل لقراءة البسملة في الفاتحة ركنية الفاتحة؟

الجواب: قراءة البسملة سنة، وليست من الفاتحة، ولا من جميع السُّور، إلا أنها بعض آيةٍ من سورة النَّمل.

س: بالنسبة لحديث القبضة: هل هو نصٌّ في تكفير تارك الصَّلاة: أنَّ الله يقبض قبضةً يوم القيامة لأناسٍ لم يعملوا خيرًا قطّ فيُدخلهم الجنَّة؟

ج: هذا صرَّح به أهلُ السنة، يُنْشِئ الله لها أقوامًا فيُدخلهم الجنة بفضل رحمته ، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في "العقيدة الواسطية"، وقد غلط بعض الرُّواة قالوا: يبقى في النار جزءٌ ما له أحد، فيُنْشِئ الله له قومًا فيُدخلهم الله النار. وهذا غلطٌ، وإنما الصَّواب أنه يبقى في الجنَّة فضلٌ -يعني سعة- ويُنْشِئ الله له أقوامًا فيُدخلهم الجنة فضلًا منه، لم يعملوا خيرًا قط.

س: تارك الصَّلاة، حديث القبضة ما يُستدلّ به على أنَّ تارك الصلاة لا يكفر؟

ج: لا، لا، هذا شيء، وهذا شيء.

س: إنَّهم لم يُصلوا يا شيخ، جاء في الاستدلال أنَّهم لم يُصلوا: لم يعملوا خيرًا قطّ؟

ج: هذا أنشأ فضلًا منه، يُنشئ أقوامًا ما عملوا شيئًا أبدًا، ما كُلِّفوا.

س: الواجب من التَّسبيحات قول الفقهاء: الواجب واحدة؟

ج: نعم، أقلّ الواجب واحدة؛ لأنَّ هذا هو الأصل، إذا أتى بواحدةٍ امتثل التَّسبيح.

س: والحدّ الأعلى؟

ج: ما له حدٌّ أعلى، لكن يقول أنس أنه كان يعدّ للنبي عشر تسبيحات. فإن سبَّح خمسًا أو سبعًا أو ثمانٍ فالأمر واسع، والأفضل ألا ينقص عن ثلاثٍ.

س: صحة حديث: لو كنتُ آمِرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها؟

ج: ..... لا بأس به، جاء من حديث معاذٍ، لا بأس به.

س: ...............؟

ج: وصف الله هو حيّ قيّوم ، الدائم جلَّ وعلا، الذي يعتقد أنَّ ..... حيّ قيّوم جعله شريكًا لله جلَّ وعلا.

س: ...............؟

ج: يعني البقاء والدَّوام من التَّعظيمات، هذا نصّه.

س: التَّحيات لفلان يجوز؟

ج: التَّحيات: السلام، هذا قصده السلام، التَّحيات: السلام، غير الذي لله، قصده السَّلام يعني.

والواجبات ثمانية: جميع التَّكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وقول: "سبحان ربي العظيم" في الركوع، وقول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد، وقول: "ربنا ولك الحمد" للكل، وقول: "سبحان ربي الأعلى" في السُّجود، وقول: "ربِّ اغفر لي" بين السَّجدتين، والتَّشهد الأول، والجلوس له.

فالأركان ما سقط منها سهوًا أو عمدًا بطلت الصلاةُ بتركه، والواجبات ما سقط منها عمدًا بطلت الصلاةُ بتركه، وسهوًا جبره السُّجود للسهو، والله أعلم.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: يقول الشيخ رحمه الله، الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن هادي التَّميمي رحمه الله، شيخ الإسلام في زمانه، والمجدد لما اندرس من معالم الإسلام في زمانه في هذه الجزيرة العربية، في النصف الثاني من القرن الثاني عشر.

يقول رحمه الله: (والواجبات ثمانية) بعدما ذكر الشروط، وذكر الأركان، ذكر واجبات الصلاة، وهي ثمانية، في أصح قولي العلماء ثمانية:

فالأول منها: جميع التَّكبيرات غير تكبيرة الإحرام، أما تكبيرة الإحرام فهي ركنٌ لا بُدَّ منها، لا تصحّ الصلاة إلا بها، لا تسقط عمدًا ولا سهوًا، فلو صلَّى ولم يُكبر تكبيرة الإحرام لا صلاةَ له، فلا بُدَّ من التَّكبيرة الأولى، ويُقال لها: تكبيرة الإحرام؛ لقوله ﷺ: تحريمها التَّكبير، وتحليلها التَّسليم.

فهذه التَّكبيرة فريضة عند الجميع، ولفظها: "الله أكبر"، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، ولا يُجزئ غيرها، لا يُجزئ عنها: "الله أعظم"، ولا "الله أسمع"، فلا تُجزئ إلا بهذا اللَّفظ: "الله أكبر"، كما جاءت به النصوص، والمعنى: أكبر من كل كبيرٍ، وأعظم من كل عظيمٍ.

أما تكبير الركوع، والسُّجود، والرفع من السُّجود، وبقية التَّكبيرات هذه واجبة عند بعض أهل العلم، وهو الأصحّ؛ لأنَّ الرسول ﷺ حافظ عليها وقال: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي، ولما ترك التَّشهد الأول سهوًا سجد له سجدتي السَّهو، فدلَّ ذلك على وجوبه.

وقال الأكثرون: إنها سنة، ما سقط منها لا تبطل به الصلاة عمدًا ولا سهوًا.

والأقرب والأظهر أنها تجب مع الذِّكْر، أما ما سقط نسيانًا أو جهلًا فلا بأس، فلو لم يُكبر عند الركوع، أو لم يقل: "سمع الله لمن حمده" عند الرفع جاهلًا أو ناسيًا فلا شيء عليه، وصلاته صحيحة، لكن لا يجوز تعمد تركه، وإذا تركه ساهيًا سجد للسَّهو سجدتين.

جميع التكبيرات هذا واحد، إلا تكبيرة الإحرام.

الثاني قول: "سمع الله لمن حمده" بعد الرفع من الركوع للإمام والمنفرد، "سمع الله لمن حمده".

الثالث قول: "ربنا ولك الحمد" للجميع: للإمام، والمنفرد، والمأموم، ثلاثة.

قول: "سبحان ربي العظيم" في الركوع هذه أربعة.

"سبحان ربي الأعلى" في السُّجود خمسة.

"ربي اغفر لي" بين السَّجدتين ستة.

التشهد الأول سبعة.

الجلوس له ثمانية، هذه ثمانية، كلها واجبة مع الذِّكْر والعلم، ومع الجهل والنِّسيان تسقط، وإذا تركها نسيانًا أو شيئًا منها سجد للسَّهو إن كان إمامًا أو منفردًا، أما المأموم فهو تبعٌ لإمامه، لكن الإمام يسجد للسَّهو والمنفرد كذلك؛ لقوله ﷺ: صلوا كما رأيتُموني أُصلي، ولأنه ﷺ لما ترك سهوًا التشهد الأول سجد له سجدتي السَّهو قبل أن يُسلم.

الأركان ما ترك منها عمدًا أو سهوًا تبطل الصلاةُ بتركه، إلا أن يستدرك السَّهو فيكمل فلا بأس، أمَّا لو تركها بالكلية وطال الفصلُ فإنه يُعيد.

فلو أنه صلَّى ولم يركع في بعض الرَّكعات، أو لم يسجد، أو صلَّى بدون تكبيرة الإحرام، فلا صلاةَ له، أو لم يجلس بين السَّجدتين، بل سجد سجدةً مُستمرةً، أو رفع رأسه ولم يجلس بين السَّجدتين، فلا بُدَّ من الجلسة، وهكذا الركوع: فلو رفع رأسَه ولم يستقم ويطمئن بعد الركوع، أو لم يتشهد التَّشهد الأخير، إن كان عمدًا بطلت الصَّلاة، وإن كان سهوًا وطال الفصلُ كذلك، أما إذا ذكر يأتي بالركن ويسجد للسَّهو، فلو ترك الركوعَ في الركعة الأخيرة مثلًا ثم نبّه يعود قائمًا ثم يركع، ثم يكمل صلاته، ثم يسجد للسَّهو، أو ترك سجدةً من السَّجدات ونبّه قبل أن يستتمَّ قائمًا، أو بعد الاستتمام يرجع، وإن لم يكن إلا بعد ذلك يأتي بركعةٍ بدلًا عنها، ويسجد للسَّهو.

أما الواجبات ما سقط منها سهوًا أو جهلًا سقط ولا حرج، ولا شيء فيه، وما كان سهوًا فيُجبر بسجود السَّهو، كما فعل النبي ﷺ لما ترك التَّشهد الأول جبره بسجود السَّهو، كذلك لو نسي التَّسبيح في الركوع، أو في السجود، أو قول "ربِّ اغفر لي" بين السَّجدتين، أو نسي التَّشهد الأول وقام؛ يسجد للسَّهو سجدتين قبل أن يُسلم، وهذا هو الواجب، وهذا هو المعتمد.

وقال الأكثرون أنها مُستحبّة. ولكن قول مَن قال بالوجوب أظهر وأحوط جميعًا؛ لقوله ﷺ: صلوا كما رأيتُموني أُصلي.

وفَّق الله الجميع.

س: غير تكبيرة الإحرام هناك تكبيرات صلاة الجنازة؟

ج: هذه واجبة، ما تصحّ الصلاة إلا بها، ركنٌ فيها، ركنٌ فيها، لو صلَّى بدون تكبيرٍ ما صحَّت صلاةُ الجنازة.

س: ..............؟

ج: مستحبّة إلا الأولى، والباقي مستحبّ.

س: بعض الناس ينام عن الصلاة ويقول: النائم حتى يستيقظ إذا نُصِحُوا؟

ج: إذا كان ما فرَّط، أما إذا فرَّط: لا يُحرك الساعة، ولا يُوصي أهله أن يُوقظونه، يأثم؛ لأنه فرَّط فيما أوجب الله عليه.

س: ما حكم جلسة الاستراحة؟

ج: مستحبّة؛ لأنَّ الرسول ﷺ فعلها، وبعض أهل العلم قالوا: أنها لا تُستحبّ؛ لأنها محتملة لأجل ثقله أو تعبه. ولكن الأرجح والأقرب أنها مستحبّة.

س: ما يُستدل عليها بـصلوا كما رأيتُموني أُصلي؟

ج: لا، ما هي بواجبة؛ لأنه قد يتركها بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام.

س: إذا لم يجلسها الإمام، هل يجلسها المأموم؟

ج: يجلسها، مثلما يرفع يديه لو لم يرفع الإمام، لو ما رفع الإمامُ في الركوع، أو في التَّشهد الأول، أو في الإحرام يرفع.

س: بعد جلسة الاستراحة إذا قام يقوم على ركبتيه؟

ج: على حسب، إن كان يستطيع على ركبتيه فعلى ركبتيه، وإن كان ما يستطيع فعلى يديه، السنة على ركبتيه إلا عند العجز على يديه.

س: ما معنى حديث: مَن ترك صلاة العصر فقد حبط عمله، وكذلك معنى قوله: وتر أهله وماله؟

ج: هذا الحديث: مَن ترك صلاة العصر فقد حبط عمله رواه البخاري في "الصحيح"، هذا يدل على كفره؛ لأنَّ الأعمال تحبط بالكفر: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 88]، وهذا من أدلة مَن قال بتكفير تارك الصَّلاة.

وهكذا قوله ﷺ فيما صحَّ في "صحيح مسلم": بين الرجل وبين الشِّرك والكفر ترك الصلاة، العهد الذي بيننا وبينهم الصَّلاة، فمَن تركها فقد كفر، هذه من أدلة تكفيره الكفر الأكبر.

أما مَن فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله يعني: سُلِبَ أهله وماله، يعني: فاتته، ما أدَّاها في الوقت، شُغل عنها، أو نام عنها، أو ما أشبه ذلك، كأنما وُتِرَ يعني: مصيبة عظيمة إذا فاتته في وقتها، وما تعمَّد تركها.

س: ما الحالات التي يكون فيها سجود السَّهو قبل السلام وبعده؟

ج: سجود السهو قبل السلام في جميع الأحوال إلا في حالتين:

إذا سلَّم عن نقص ركعةٍ فأكثر، فالأفضل بعد السَّلام؛ لحديث ذي اليدين .

إذا بنى على غالب ظنِّه؛ لقوله ﷺ في حديث ابن مسعودٍ : إذا شكَّ أحدُكم في صلاته فليتحرَّ الصوابَ فليتمّ عمله، ثم ليُسلم، ثم ليسجد سجدتين، فجعل السُّجود بعد السلام، هذا هو الأفضل، وما عداها قبل السَّلام.

س: الطُّمأنينة في الصَّلاة؟

ج: ركنٌ؛ ولهذا أمر بها المسيء في صلاته قال: اركع حتى تطمئن، وارفع حتى تعتدل، أمر بها المسيء.

س: يُقدم الرِّجلين أم اليدين في الجلوس؟

ج: المقدَّمَة الرِّجلين إلا عند العجز يُقدم اليدين؛ لأنَّ النبي ﷺ قال: لا يبرك أحدُكم كما يبرك البعير، والبعير يُقدم يديه، إلا إذا كان عاجزًا: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16].

س: لو قدَّم الركبتين؟

ج: هذا الأفضل، هذا السنة، إلا إذا كان عاجزًا مثلي وأشباهي يُقدم يديه.

س: إذا ترك المأمومُ شيئًا من الواجبات سهوًا، فما الحكم؟

ج: تبع الإمام، ما عليه شيء.

س: حتى لو كان يقضي؟

ج: إذا تركها في قضائه يسجد للسَّهو، أو سها مع الإمام يقضي إذا كان مسبوقًا، أما إذا كان مع الإمام من أول الصلاة ما عليه شيء، هو تبع إمامه، لو ترك بعض الواجبات سهوًا ما عليه شيء.

س: ..............؟

ج: إذا سها مع الإمام وهو فيما يقضي يسجد للسَّهو إذا قضى ما عليه.

س: النَّظر إلى موضع السُّجود؟

ج: سنة، مستحبٌّ.