تفسير قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (2)

وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيُرَبِّي لِأَحَدِكُمُ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

الشيخ: وهذا من فضل الله .....، وهذا إسنادٌ صحيحٌ، وهو يدل على كمال جوده ورحمته ، فهو سبحانه يُربِّي الصَّدقات ويُنمّيها لأهلها إذا أخرجوها له سبحانه .....، وكانت من كسبٍ طيبٍ ربَّاها لهم جلَّ وعلا، وثمَّرها لهم حتى تكون اللُّقمةُ أو التَّمرةُ مثل أُحُدٍ.

وتقدّم في الحديث الصَّحيح -حديث أبي هريرة- ما من عبدٍ يتصدَّق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ -ولا يقبل اللهُ إلا الطَّيب- إلا تقبَّلها الله بيمينه، فيُربّيها لصاحبها كما يُربِّي أحدُكم فلوّه حتى تكون كالجبل، وهذا فيه الحثّ على الصَّدقة والإحسان كما تقدّم، والله يقول جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ أي: لا تقصدوا الرَّديء وعليكم بالطَّيب وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة:267]، فهو غنيٌّ عن صدقات الناس، وليس بحاجةٍ إليهم، وإنما صدقاتهم لهم، وأعمالهم لهم: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا [الإسراء:7]، وقال جلَّ وعلا .....

فالصَّدقات والأعمال الصَّالحات والحجّ والعُمرة والبرّ وغير هذا من الأعمال الصَّالحة كل هذه للإنسان، الله غنيٌّ جلَّ وعلا، ليس بحاجةٍ إلى أعمال عباده ولا صدقاتهم، ولكنَّه أمرهم بما ينفعهم، ونهاهم عمَّا يضرّهم، وعاقبة الخير لهم، وعاقبة الشَّر عليهم.

فجديرٌ بالمؤمن والمؤمنة البدار بكل خيرٍ، والمسارعة إلى كل خيرٍ، وألا يحتقر شيئًا من المعروف، وفي الحديث الصَّحيح: لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ، وجاء بلفظ: طليق يعني: مُنبسط، ليس بمُكفهر، ولا مُعبس. هذا من المعروف: أن تلقاه بوجهٍ مُنبسطٍ، ومن المعروف الصَّدقة ولو بشقِّ تمرة، لا تحقرها، يقول ﷺ: كل معروفٍ صدقة رواه البخاري في "الصحيح": كل معروفٍ صدقة، كل شيءٍ يُعتبر معروفًا بالنسبة إلى المجتمع الذي أنت فيه فهو صدقة منك على صاحبه؛ ولذلك يقول .....

والناس بحاجةٍ إلى المعروف؛ لأنَّ المعروف يجمع القلوب، ويطرد الشَّحناء، ويُؤلّف بين المؤمنين و..... بينهم المحبّة والتَّعاون على البرِّ والتَّقوى ..... الوحشة والاكفهرار والانقباض وعدم الجود والإحسان، هذا ..... ولا حول ولا قوة إلا بالله.

..........

وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَصَدَّقُ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ -وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ- فَيَتَلَقَّاهَا الرَّحْمَنُ بِيَدِهِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ وَصِيفَهُ، أَوْ قَالَ: فَصِيلَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عن يحيى بن سعيد عن عمرة إلا أبا أويس.

الشيخ: ..........

وَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:276]، أَيْ: لَا يُحِبُّ كَفُورَ الْقَلْبِ، أَثِيمَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُنَاسَبَةٍ فِي خَتْمِ هَذِهِ الْآيَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَهِيَ أَنَّ الْمُرَابِيَ لَا يَرْضَى بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْحَلَالِ، وَلَا يَكْتَفِي بِمَا شَرَعَ لَهُ مِنَ الكسب الْمُبَاحِ، فَهُوَ يَسْعَى فِي أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ بِأَنْوَاعِ الْمَكَاسِبِ الْخَبِيثَةِ، فَهُوَ جَحُودٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ النِّعْمَةِ، ظَلُومٌ آثِمٌ بِأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مَادِحًا لِلْمُؤْمِنِينَ بِرَبِّهِمْ، الْمُطِيعِينَ أَمْرَهُ، الْمُؤَدِّينَ شُكْرَهُ، الْمُحْسِنِينَ إِلَى خَلْقِهِ فِي إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، مُخْبِرًا عَمَّا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَأَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ التَّبِعَاتِ آمِنُونَ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:277].

الشيخ: وهذا لكمال انقيادهم لله: أنهم آمنوا وعملوا الصَّالحات، وأقاموا الصَّلاة، وآتوا الزكاة، فإيمانهم بالله يشمل فعل الطَّاعات وترك المعاصي، ثم أكَّد ذلك قوله: وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وهو من عطف الخاصِّ على العامّ؛ لأنَّ الإيمان يشمل تصديق القلب وقول القلب، وقول اللِّسان، وعمل القلب والجوارح، كله إيمانٌ، وأكَّد هذا بقوله: وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يعني: عملوا الأعمال الصَّالحات التي هي أداء الطاعات وترك المعاصي، ثم خصَّ منها إقامة الصَّلاة وإيتاء الزكاة؛ لأنَّهما أعظم الأعمال، وأفضل الأعمال، وأهم الأعمال بعد الشَّهادتين، لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ بسبب إيمانهم الصَّادق، وعملهم الصَّالح، بخلاف أهل الرِّبا الذين لم يرضوا بما شرع الله، ولم يطمئنّوا بالكسب الحلال، بل كفروا النِّعمة بجشعهم، وتعاطوا ما حرَّم الله عليهم .....، وهذا ينطبق عليهم وعلى غيرهم ممن ركب المحارم ولم يقف عند الحدود، وقصَّر في الواجب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ۝ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [البقرة:278- 281].

يقول تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ، نَاهِيًا لَهُمْ عَمَّا يُقَرِّبُهُمْ إِلَى سَخَطِهِ، وَيُبْعِدُهُمْ عَنْ رِضَاهُ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ أَيْ: خَافُوهُ وَرَاقِبُوهُ فِيمَا تَفْعَلُونَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا أَيِ: اتْرُكُوا مَا لَكُم عَلَى النَّاسِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى رُؤُوسِ الْأَمْوَالِ بَعْدَ هَذَا الْإِنْذَارِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أَيْ: بِمَا شَرَعَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ تَحْلِيلِ الْبَيْعِ وَتَحْرِيمِ الرِّبَا وَغَيْرِ ذَلِكَ.

الشيخ: وإطلاق التَّقوى يشمل ترك المحارم وأداء الفرائض، قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا أي: اتَّقوا الله في فعل الأوامر وترك النَّواهي، ومن جملة ذلك: ترك الربا، هو من جملة النَّواهي، وهم مأمورون بأن يتَّقوا الله في أقوالهم وأعمالهم وأخذهم وعطائهم وسائر مُعاملاتهم؛ لتكون كلها على نهج التَّقوى، وذلك بامتثال أوامر الله، وترك نواهيه.

ثم خصَّ الرِّبا بشيءٍ فقال: وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا، وهذا من نفس التَّقوى، فهو من عطف الخاصّ على العامّ، "ذروا" اتركوا، فترك الرِّبا من نفس التَّقوى، فلما كان المقصودُ التَّحذير منه وبيان ما يجب على المكلّف خصَّه بالذكر بعد ذكر التَّقوى.

..............

وَقَدْ ذَكَرَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَالسُّدِّيُّ: أَنَّ هَذَا السِّيَاقَ نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ مِنْ ثَقِيفٍ، وَبَنِي الْمُغِيرَةِ مَنْ بَنِي مَخْزُومٍ، كَانَ بَيْنَهُمْ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَدَخَلُوا فِيهِ طَلَبَتْ ثقيف أن تأخذه منهم، فتشاورا، وَقَالَتْ بَنُو الْمُغِيرَةِ.

الشيخ: "وقال بنو" ما في تاء.

وَقَالَ بَنُو الْمُغِيرَةِ: لَا نُؤَدِّي الرِّبَا فِي الْإِسْلَامِ لكسب الإسلام.

مداخلة: عندنا: لا نؤدي الرِّبا في الإسلام فكتب.

الشيخ: ما في زيادة: لكسب؟

الطالب: ما في.

الشيخ: ما لها محلّ، ولكن يعني: لكسب ..... وقال بنو المغيرة.

وَقَالَ بَنُو الْمُغِيرَةِ: لَا نُؤَدِّي الرِّبَا فِي الْإِسْلَامِ لكسب الإسلام.

الشيخ: يعني الشَّيء الذي كسبناه في الإسلام .....

........

الشيخ: هذا يُنافي الإيمان الواجب، يكون نقصًا في الإيمان، لكن إذا استحلّوه صار كفرًا أكبر، إذا استحلّ الرِّبا صار كفرًا أكبر، من نواقض الإسلام، لكن إذا رابى وهو يعرف أنه حرامٌ، ولكن حمله الطَّمع، وهو يعرف أنَّ الرِّبا حرام؛ فهذا يكون عاصيًا، يكون ناقص الإيمان، مثل: مَن زنا أو شرب الخمر يكون ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان إذا لم يستحلّ ذلك، أمَّا إذا قال: إنَّ الزنا حلال، أو قال: الخمر حلال؛ صار كفرًا أكبر وردّةً عن الإسلام، نعوذ بالله.

س: .............؟

ج: المقصود أنه نقصٌ في الإيمان، ضعيف الإيمان، إلا إذا استحلَّ الرِّبا كفر، إذا استحلّ معاملات البنوك كفر.

س: .............؟

ج: بغير تأويلٍ ..... إذا كان كسبه من الربا ..... إذا كان كسبه كلّه، ما عنده حلال.

س: .............؟

ج: العلماء مُجمعون على أنَّ الكسبَ الخبيث .....، بخلاف ما إذا كان مخلوطًا، إذا كان فيه خلط .....

س: .............؟

ج: الحدود في الشَّرع قسمان: حدود بمعنى الفرائض، قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا [البقرة:229]، هذه الفرائض. وحدود بمعنى المحارم والمعاصي: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا [البقرة:187]، وحدود بمعنى التَّعزيرات والعقوبات، وهذه موجودة في كلام النبي ﷺ وفي كلام الصَّحابة .....: إنَّ الله حدَّ حدودًا.

فالحدود كلمة مُشتركة: تشمل الفرائض، وتشمل المعاصي، وتشمل الحدود المقدّرة، كل هذه يُقال لها: حدود، والأوامر حدود، فليس لهم أن يزيدوا في الصَّلاة، وليس لهم أن يزيدوا في الزكاة، وليس لهم أن يزيدوا في الصِّيام، وهكذا.

والمحارم حدود، فليس لهم أن يقربوها: الزنا حدّ، والخمر حدّ، ليس لهم أن يقربوه.

والعقوبات حدود: حدّ الزاني الجلد إذا كان بكرًا، والرَّجْم إذا كان ثيبًا، ليس لهم أن يُغيروه، وهكذا، فهي كلمة مُشتركة.

فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ -نَائِبُ مَكَّةَ- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَكَتَبَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278- 279].

الشيخ: عتَّاب بن أسيد هذا من بني أمية، أمَّره النبيُّ ﷺ على مكّة بعدما فتحها عليه الصَّلاة والسلام.

...........

فَقَالُوا: نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَنَذَرُ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا. فَتَرَكُوهُ كُلُّهُمْ، وَهَذَا تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ لِمَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى تَعَاطِي الرِّبَا بَعْدَ الْإِنْذَارِ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ، أَيِ: اسْتَيْقِنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ رَبِيعَةَ بْنِ كُلْثُومٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِآكِلِ الرِّبَا: خُذْ سِلَاحَكَ لِلْحَرْبِ. ثُمَّ قَرَأَ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279].

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَمَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الرِّبا لا ينزع عنه، كان حقًّا عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ، فَإِنْ نَزَعَ وَإِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ.

الشيخ: هذا ضعيفٌ؛ لأنَّ عليّ بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباسٍ، فهو مُنقطعٌ، لكن لو صحَّ معناه أنَّه إذا أصرَّ على الرِّبا المحرم الذي ما فيه شُبهة يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتِلَ؛ لأنَّه ردّة عن الإسلام لو صحّ، لكن معناه صحيحٌ من جهة المعنى، أما علي بن أبي طلحة فضعيفٌ عن ابن عباسٍ؛ لأنَّه لم يسمع منه .....

س: وإذا أصرَّ ولو لم يستحلّه؟

ج: من باب التَّعزير، إذا استحلَّه كفر، وإن لم يستحلّه فهذا من باب التَّعزير، قريب، ليس ببعيدٍ لو صحَّ عن ابن عباسٍ.

س: ..............؟

ج: إذا كان كسبه كلّه ربا لا تأكل منه، لا تجب دعوته، أمَّا إذا كان بعضه ..... فالأمر واسعٌ؛ كرهه بعضُ أهل العلم، وبعض أهل العلم رخَّص في ذلك في المشتبه.

س: ..............؟

ج: إلا إذا اضطرّوا، من باب الضَّرورة.

س: إذا كان الرجلُ صاحب بنكٍ يتعاطى الرِّبا، ولكن لا تدري: هل له مكاسب أخرى أم لا؟

ج: الذي ينبغي تركه، وعدم إجابة دعوته، من باب الإنكار.

س: ..............؟

ج: هذا نوعٌ من التَّعاون على الإثم والعدوان، أقول: نوعٌ من إعانته.

س: ...............؟

ج: إذا كان هذا كسبه .....، وأمَّا إذا كان مخلوطًا فيتركه من باب الورع، وقد فعله بعض أهل العلم .....

............