الشيخ: ابن حبان، ما في "واو".
.........
الشيخ: عندك شيء يا شيخ محمد؟
الطالب: إيه نعم: حاجب بن أركين -بالهمزة والراء- قال في "تاريخ أصبهان": حاجب بن مالك بن أركين .....، وأركين يكنى: أبا بكر، كان ضريرًا، قدم أصفهان على .....، وحاجب يكنى: أبا العباس، كان قدومه سنة ستٍّ وتسعين ومئتين، وحدَّث ببغداد، وتُوفي بدمشق سنة ستٍّ وثلاثمئة، ولم يذكر شيئًا من حاله.
الشيخ: لم يُوثق ولم يُعدل؟
الطالب: لم يعرف شيئًا من حاله.
الشيخ: عجيب!
الطالب: وما وجدته في مصدرٍ آخر.
الشيخ: مَن هذا؟ أين وجدته؟
الطالب: أبو نعيم في "تاريخ أصفهان".
الشيخ: طيب، نعم.
الشيخ: عندك عليه شيء حفص بن عمر هذا؟
الطالب: حفص بن عمر بن عبدالعزيز المقري هو حفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر، الدّوري، المقرئ، الضَّرير، ..... صاحب الكسائي، لا بأس به، من العاشرة، مات سنة ستٍّ أو ثمانٍ وأربعين، ومولده تقريبًا سنة خمسين، أخرج له ابن ماجه.
الشيخ: والذي بعده؟
الطالب: أبو إسماعيل المؤدّب اسمه: إبراهيم بن سليمان بن رزين ..... نزيل بغداد، مشهور بكُنيته، صدوق يُغرب، من التاسعة، أخرج له ابن ماجه.
الشيخ: والذي بعده؟
الطالب: عيسى بن المسيب مُشترك في السَّندين.
الشيخ: إيه المدار عليه، أيش قال عليه؟
الطالب: عيسى بن المسيب قال في "الجرح والتعديل": عن يحيى بن معين أنه قال: عيسى بن المسيب ضعيف الحديث، ليس بشيءٍ. ونُقل عن أبيه أنه قال فيه: محلّه الصِّدق، ليس بالقوي. ونُقل عن أبي زُرعة أنه قال فيه: سألت أبا زرعة عن عيسى بن المسيب فقال: شيخٌ، ليس بالقويِّ.
الشيخ: نعم، ومما يُبَشّر بالخير ويدل على المعنى قوله بعدها: وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ [البقرة:261] ، فهو جلَّ وعلا يُضاعف بعشر حسنات بكل حسنةٍ، ثم ما زاد لا حصرَ له، ليس له حصرٌ إلى سبعمئة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، كما يشاء ، وذلك يختلف بحسب أحوال العاملين وإخلاصهم وصدقهم في عملهم وصبرهم، إلى غير ذلك من الأسباب التي تُسبب المضاعفة، وهكذا ما يتعلّق بالنَّفقة من كسبٍ طيبٍ وعدم ذلك، كالشُّبهة وعدم ذلك، فربك جلَّ وعلا يُضاعف لمن يشاء كما يشاء؛ فضلًا منه وإحسانًا.
وَقَوْلُهُ هَاهُنَا: وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ أَيْ: بِحَسْبِ إِخْلَاصِهِ فِي عَمَلِهِ، وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:261] أَيْ: فَضْلُهُ وَاسِعٌ كَثِيرٌ، أَكْثَرُ مِنْ خَلْقِهِ، عليمٌ بمَن يستحقّ، ومَن لا يستحقّ سبحانه وبحمده.
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:262].
الشيخ: وإذا تأمَّل الإنسانُ قولَه تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة:7]، وقوله جلَّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، ففاد من ذلك أنَّ الله جلَّ وعلا عظيم الجود والإحسان، وأنه لا يُضيع لعاملٍ عملًا مهما قلَّ، ومهما دقَّ في عين العامل، والله جلَّ وعلا لا يُضيعه له إذا كان صالحًا، ويُضاعفه له على حسب إخلاصه وصدقه، والأسباب الأخرى التي تزيد في العمل، وتُنمّي العمل، فلا ينبغي لعاقلٍ أن يحتقر شيئًا من الخير، ويكفي قوله ﷺ: اتَّقوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ، وأعظم من هذا قوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وشقّ التَّمرة يزن مثاقيل الذَّر كثيرة، شقّ التَّمرة يزن مثاقيل كثيرة من الذَّر.
وقوله: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [النساء:40] يعني: زيادة المثقال، إن كانت حسنةً ضاعفها الربُّ جلَّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء:40] لا يظلمه شيئًا: سوء، أو سيئات، ولو مثاقيل الذَّر، كلٌّ يُجازى بعمله، ويُضاعف لهم الأجور مهما دقَّت وصغُرَتْ.
تقدم في الحديث الصَّحيح في البخاري وغيره من حديث عائشة: أنها جاءتها سائلةٌ ومعها ابنتان تسأل، قالت عائشةُ: فلم أجد إلا ثلاث تمرات في البيت. فأعطتها السَّائلة، فدفعت لكلِّ واحدةٍ من بنتيها تمرةً، وأخذت تمرةً تأكلها، فنظرت إليها ابنتاها تطلبانها التَّمرة الثالثة، فشقّتها بينهما، ولم تأكل شيئًا، قالت عائشةُ: فأعجبني شأنها، فأخبرتُ بهذا النبيّ ﷺ لما جاء، فقال: إنَّ الله أوجب لها بها الجنَّة؛ لأنَّه أمرٌ عظيمٌ بالإخلاص والصِّدق ولو قلَّ العمل.
وفي الحديث الصَّحيح أيضًا: ما من عبدٍ يتصدّق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ -ولا يقبل اللهُ إلا الطَّيب- إلا تقبَّلها اللهُ بيمينه حتى يُربيها لصاحبها كما يُربي أحدُكم فلوَّه أو فصيلَه حتى تكون مثل الجبل.
.........
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة:262- 264].
يمدح تبارك وتعالى الذين يُنفقون في سبيله، ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالصَّدَقَاتِ مَنًّا عَلَى مَنْ أَعْطَوهُ، فَلَا يَمُنُّونَ به عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَمُنُّونَ بِهِ لَا بِقَوْلٍ ولا بفعلٍ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا أَذًى أَيْ: لَا يَفْعَلُونَ مَعَ مَنْ أَحْسَنُوا إِلَيْهِ مَكْرُوهًا يُحْبِطُونَ بِهِ.
الشيخ: وأيش صورة المنّ بالقول؟
الطالب: أحسن الله إليك، يعني يقول: أعطيتُك، وأعطيتُك.
الشيخ: يُعدد عليه؟
الطالب: نعم.
الشيخ: على سبيل المنّة عليه .....، وأسدى معروفًا، هذا بالقول، وبالفعل؟ المنّ بالفعل؟ مثل أيش يا إخوان؟ المنّ بالفعل: أحسن إلى إنسانٍ، أعطاه الصَّدقة والمعروف، كيف يمنّ عليه بالفعل؟ يعني: يستخدمه مثلًا، يعني: افعل كذا، وسوِّ كذا، من أجل أنَّه أعطاه كذا، وتصدَّق عليه، هذا من المنّ.
يقول بقولٍ أو بفعلٍ، بقولٍ: واضح القول، يقول: فعلتُ لك وأعطيتُك. وقد يقول: أنت ما فيك خيرٌ، قد يزيد في هذا المنّ، لكن في الفعل أيش يكون؟
الطالب: .............
الشيخ: يعني: الأذى قصدك: مَنًّا وَلَا أَذًى، هذا يدخل في الأذى يعني؟
الطالب: إيه نعم.
الشيخ: لا، الله فرَّق بينهما، قال: مَنًّا وَلَا أَذًى، المفسّر يقول: يمنّ عليه بالقول أو بالفعل، غير الأذى.
............
وَقَوْلُهُ: وَلَا أَذًى أَيْ: لَا يَفْعَلُونَ مَعَ مَنْ أَحْسَنُوا إِلَيْهِ مَكْرُوهًا يُحْبِطُونَ بِهِ مَا سلف من الإحسان.
ثم وعدهم الله تَعَالَى الْجَزَاءَ الْجَزِيلَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أَيْ: ثَوَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ، لَا عَلَى أَحَدٍ سِوَاهُ.
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ أَيْ: فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أَيْ: عَلَى مَا خَلَّفُوهُ من الأولاد، ولا ما فَاتَهُمْ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا، لَا يَأْسَفُونَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ أَيْ: مِنْ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَدُعَاءٍ لمسلمٍ.
وَمَغْفِرَةٌ أي: عفو وغفر عَنْ ظُلْمٍ قَوْلِيٍّ أَوْ فِعْلِيٍّ: خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا ابنُ فضيلٍ قال: قرأتُ على معقل بن عبداللَّهِ.
الشيخ: عبدالله بالتَّكبير؟
الطالب: نعم.
الشيخ: المعروف: عبيدالله، عندك شيءٌ يا شيخ محمد؟
الطالب: إيه نعم، هذا فيه تصحيفان: قوله: "حدثنا ابنُ فضيلٍ"، لا أنَّ أبا حاتم أدرك ابنَ فضيلٍ، فلعله: ابن نفيلٍ، وهو محمد بن عبدالله بن نفيل ..... أبو جعفر، وهو يروي عن معقل بن عبيدالله، ومعقل بن عبيدالله –مُصغر- يروي عن عمرو بن دينار.
الشيخ: هذا المعروف: ابن عبيدالله .....
الشيخ: وأيش عندك؟
الطالب: ابن نفيل.
الشيخ: محمد بن نفيل متى وفاته؟
الطالب: أربعة وتسعين، أو خمسة وتسعين.
الشيخ: ..... ما يروي عنه؛ لأنَّ أبا حاتم ..... حطّ عليه حاشية، الذي عنده "ابن فضيل" يحطّ: نسخة ابن نفيل.
قال: قرأتُ على معقل بن عبيداللَّه، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَا مِنْ صَدَقَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَوْلٍ مَعْرُوفٍ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ، حَلِيمٌ [البقرة:263] أَيْ: يَحْلُمُ وَيَغْفِرُ وَيَصْفَحُ وَيَتَجَاوَزُ عَنْهُمْ؟
وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمَنِّ فِي الصَّدَقَةِ: فَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحَرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: الْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى، وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ.
الشيخ: وهذا يدل على أنَّ الإسبالَ مطلقًا محرَّمٌ، وكبيرةٌ من الكبائر، وإن لم يقصد الخُيلاء، لكن إذا كان مع قصد الخُيلاء صار الإثمُ أكبر؛ ولهذا لم يُقيد الرسول ﷺ هنا الحديث في مقام الوعيد والتَّحذير، وحيث يسمعه مَن لم يسمع الحديث الآخر، وهذا من باب التَّحذير، ومن باب الوعيد، توعد على هذا، وعلى هذا: على المسبِل مطلقًا، وعلى المتكبِّر، كلاهما فيه الوعيد؛ ولهذا في اللَّفظ الآخر: مَن جرَّ ثوبَه خُيلاء لم ينظر اللهُ إليه يوم القيامة، وفي اللفظ الآخر: بطرًا.
وأما حديث الصّديق أنَّه يتفلّت عليه، فقال: لستَ ممن يفعله تكبرًا، فمراد النبي ﷺ: أنت لستَ ممن يدع إزاره يتفلّت لأجل التَّكبر، إنما يغلبه، ومَن تساهل في هذا فهو متَّهمٌ بالكبر، أمَّا مَن تفلَّت عليه الإزارُ وحفظه وصانه فهذا لا يضرّه ذلك، لكن مَن تساهل فيه وتركه فهو مُسْبِلٌ، شاء أم أبى، ثم هو متَّهمٌ بالكبر بالزيادة مع ذلك، ثم عمله فيه إسرافٌ وتبذيرٌ و..... للأوساخ وتعريض للنَّجاسات.
ثم رواية البخاري في اللَّفظ الآخر: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار، ولم يقل: إذا كان مُتكبرًا.
ثم الكبر محلّه القلب، لا يعلمه إلا الله، فهو منهيٌّ عن هذا العمل السَّيئ الذي يفعله المتكبّرون، ولو قال في نفسه: ما قصدت التَّكبر. منهيٌّ عن هذا، ليس له أن يعمل أعمال المتكبرين لو صدق أنَّه غير مُتكبر.
.............
......
أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ خَارِجَةَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا يَدْخُل الْجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ نَحْوَهُ.
ثُمَّ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ سَالِمِ بن عبدالله بن عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَمُدْمِنُ خمرٍ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمِّهِ رَوْح بْن عُبَادَةَ، عَنْ عَتَّابِ بْنِ بَشِير.
الشيخ: انظر "التقريب": مالك بن سعد.
الطالب: مالك بن سعد القيسي، أبو غسان البصري، صدوق، من الحادية عشر، أخرج له النَّسائي، وهو يروي عن عمِّه روح بن عُبادة.
الشيخ: طيّب.
الشيخ: كذا عندكم: خصيف؟
الطالب: الجزري، خصيف الجزري.
الشيخ: وأيش عندك؟
الطالب: الدّراري.
الشيخ: ما نعرف إلا خصيف الجزري، أقول: المعروف خصيف الجزري. كمّل، وأيش بعده؟
الشيخ: راجعته؟
الطالب: إيه نعم.
الشيخ: ..........؟
الطالب: أبدًا، هذا الجزري، وهو الذي يروي عنه عتاب بن بشير.
الشيخ: ما في خصيف ثانٍ؟
الطالب: لا، وهذا هو سنده أيضًا عند النَّسائي.
الشيخ: صلّحه: الجزري بدل "الدّراري".
الطالب: أحسن الله إليك، السَّند الذي قبله سند ابن مردويه فقط الإشكال عندي ..... عثمان بن محمد الدّوري، أمَّا هذا فليس في البخاري .....
الشيخ: هذا ساقطٌ عند بعضهم، عثمان ساقط، لكن يُراجع، أحمد هذا شيخ المؤلّف.
الطالب: هو عند ابن ماجه من حديث هشام بن عمار، عن سليمان بن عتبة. أما هيثم بن خارجة فهو يروي عن سليمان بن عتبة أيضًا، فيكون هذا مستقيمًا في "مسند ابن مردويه".
الشيخ: يتأمّل حتى .....؛ لأنَّ هيثم معروف.
س: .............؟
ج: هذا من باب الوعيد، الوعيد يجمع الكافر وغير الكافر، المكذّب بالقدر كافر، إذا أنكر قدر الله فهو مكذّب، ينسب اللهَ إلى الجهل، لكن هذا من باب الوعيد، مثلما يقال: لا يدخل الجنةَ مُشركٌ ولا عاقٌّ. مثلما في آية الفرقان: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ [الفرقان:68] جمع بين المعاصي والكفر.
س: .............؟
ج: الله أعلم، نعم.
الشيخ: لا، ابن عمّار، صلحه: ابن عمّار هو المعروف، الصاد ميم، لكن الحسن هذا ما في، في "التقريب" الحسن بن المنهال؟
الطالب: كل كتب الرجال بحثتُ فيها ما وجدتُه.
الشيخ: المعروف: الحجّاج بن المنهال، ومحمد بن المنهال ..... حطّ عليه إشارة.
الشيخ: الحوري، كذا عندكم؟
الطالب: الجزري.
الشيخ: طيب، الجزري، نعم، صلّحه: الجزري، عندك شيء يا شيخ محمد؟ راجعته؟
الطالب: قوله: "الحوري" مُصحّف، وصوابه: الجزري.
الشيخ: هذا المعروف، نعم.
عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ؛ ولهذا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة:264]، فَأَخْبَرَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَبْطُلُ بِمَا يَتْبَعُهَا مِنَ الْمَنِّ وَالْأَذَى، فَمَا يَفِي ثَوَاب الصَّدَقَة بِخَطِيئَةِ الْمَنِّ وَالْأَذَى.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ [البقرة:264] أَيْ: لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى، كَمَا تَبْطُلُ صَدَقَةُ مَنْ رَاءَى بِهَا النَّاسَ، فَأَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا قَصْدُهُ مَدْحُ النَّاسِ لَهُ، أَوْ شُهْرَتُهُ بِالصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ لِيُشْكَرَ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ يُقَالَ: إِنَّهُ كَرِيمٌ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ، مَعَ قَطْعِ نَظَرِهِ عَنْ مُعَامَلَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [البقرة:264].
ثُمَّ ضَرَبَ تَعَالَى مَثَلَ ذَلِكَ الْمُرَائِي بِإِنْفَاقِهِ، قَالَ الضَّحَّاكُ: وَالَّذِي يُتْبِعُ نَفَقَتَهُ مَنًّا أَوْ أَذًى، فَقَالَ: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ، وهو جمع: صفوانة، فمنهم مَنْ يَقُولُ: الصَّفْوَانُ يُسْتَعْمَلُ مُفْرَدًا أَيْضًا، وَهُوَ الصَّفَا، وَهُوَ الصَّخْرُ الْأَمْلَسُ، عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ وَهُوَ الْمَطَرُ الشَّدِيدُ، فَتَرَكَهُ صَلْدًا أَيْ: فَتَرَكَ الْوَابِلُ ذَلِكَ الصَّفْوَانَ صَلْدًا، أَيْ: أَمْلَسَ يَابِسًا، أَيْ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ، بَلْ قَدْ ذَهَبَ كُلُّهُ، أَيْ: وَكَذَلِكَ أَعْمَالُ الْمُرَائِينَ تَذْهَبُ وَتَضْمَحِلُّ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُمْ أَعْمَالٌ فِيمَا يَرَى النَّاسُ كَالتُّرَابِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة:264].
س: .............؟
ج: يعني: كلامًا، لا يُكلّمه الله كلامًا ينفعه، بل كلامًا يضرّه، ولا ينظر إليه نظرًا ينفعه، وإلا فهو يُكلّم كل أحدٍ يوم القيامة، وينظر إلى عباده ويراهم سبحانه، وفي الحديث الصَّحيح: ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمه ربُّه ليس بينه وبينه ترجمان.
...........