تفسير فوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً..}

وقال ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْحَكَمِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: يُقَالُ: الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ الْمُتَوَاضِعُونَ لِلَّهِ، المتذلِّلون لله في مرضاته، لا يتعاظمون على مَن فوقهم، ولا يحقرون مَن دونهم.

ثم قال تعالى مُخْبِرًا أَنَّهُمْ دَعَوْا رَبَّهُمْ قَائِلِينَ: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا أَيْ: لَا تُمِلْهَا عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ أَقَمْتَهَا عَلَيْهِ، وَلَا تَجْعَلْنَا كَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَكِنْ ثَبِّتْنَا عَلَى صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيمِ، وَدِينِكَ الْقَوِيمِ: وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ أَيْ: مِنْ عِنْدِكَ رَحْمَةً تُثَبِّتُ بِهَا قُلُوبَنَا، وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلَنَا، وَتَزِيدُنَا بِهَا إِيمَانًا وَإِيقَانًا: إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8].

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْأَوْدِيُّ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، ثُمَّ قَرَأَ: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ.

...........

وهي أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، سَمِعَهَا تُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يُكثر من دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَقَلَّبُ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَا خَلَقَ اللَّهُ من بني آدم من بشرٍ إلَّا قَلْبَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ ، فإن شاء أقامه، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً، إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ.

الشيخ: وهذه رواية ابن مردويه.

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بْنِ بهرام به مثله. رواه أَيْضًا عَنِ الْمُثَنَّى، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ بِهِ مِثْلَهُ، وَزَادَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تُعَلِّمُنِي دَعْوَةً أَدْعُو بِهَا لِنَفْسِي؟

الشيخ: .........

قَالَ: بَلَى، قُولِي: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي، وَأَجِرْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ.

الشيخ: والمقصود من هذا أنَّ هذا الدّعاء من الدّعاء العظيم، من دُعاء الرَّاسخين في العلم: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، فينبغي الإكثار من هذا الدعاء العظيم؛ لما فيه من الخير العظيم، وطلب الثَّبات في القلب، وطلب الرحمة، فهو دعاء عظيم، جديرٌ بالمؤمن والمؤمنة، وبكل طالب علمٍ أن يدعو به، كما دعا به الرَّاسخون في العلم: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، حتى ولو في السّجود، ولو في الصّلاة؛ لأنَّ هذا يُقصد به الدّعاء، لا يقصد القراءة، يدعو به يقصد الدّعاء، لا يقصد القراءة.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ بكارٍ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ بشير، عن قتادة، عن حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَثِيرًا مَا يَدْعُو: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ مَا تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ! فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِذَا شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ، أَمَا تَسْمَعِينَ قَوْلَهُ: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ؟. غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَكِنَّ أَصْلَهُ ثَابِتٌ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ بِدُونِ زِيَادَةِ ذِكْرِ هَذِهِ الآية الكريمة.

الشيخ: يعني دعاء الرسول ﷺ بالثَّبات: اللهم يا مُقلّب القلوب، ثبِّت قلبي على دِينك هذا ثابتٌ في الصِّحاح: إنَّ القلوبَ بين أصبعين من أصابع الله يُقلِّبها كيف يشاء ثابتٌ في "الصحيحين" وغيرهما، لكن ذكر الآية .....، وهذا فيه إثبات صفة الأصابع.

والله يُوصف بما وصف به نفسه في القرآن العظيم، أو وصفه به رسولُه في الأحاديث الصَّحيحة عند أهل السُّنة والجماعة، خلافًا لأهل البدع من الجهميّة والمعتزلة ومَن سار في ركابهم من أهل البدع الذين حكموا عقولهم الفاسدة في تأويل الصِّفات ونفيها، أمَّا أهل السُّنة والجماعة فإنَّهم يُثبتون جميعَ ما جاء في القرآن العزيز من الصِّفات والأسماء، أو صحَّت به السُّنة عن رسول الله، ولو سنة آحاد ما صحّت به السّنة، سواء كانت سنةً مُتواترةً أو آحادًا وجب إثباتها لله من الأسماء والصِّفات على الوجه اللَّائق به، من غير تحريفٍ، ولا تعطيلٍ، ولا تكييفٍ، ولا تمثيلٍ.

ومن ذلك: الأصابع، كما في هذه الأحاديث، وكما في حديث ابن مسعودٍ في "الصَّحيحين" في تفسير قوله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91]: إنَّ الله يجعل السَّماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشَّجر على إصبع، والماء والثَّرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهنَّ ويقول: أنا الملك، أنا الجبَّار، أين الجبَّارون؟ أين المتكبِّرون؟.

فكما نُثبت لله اليد والقدم والسَّمع والبصر على الوجه اللَّائق بالله، هكذا الأصابع، الطريق واحد، يجب إثباتها لله على الوجه اللَّائق بالله، كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، يد ثابتة لله، ليست كأيدي المخلوقين، وهكذا الأصابع لله على الوجه اللَّائق بالله، ليست كأصابع المخلوقين، وهكذا السَّمع والبصر، وهكذا الرِّضا والغضب، وهكذا جميع الصِّفات طريقها واحد: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [النحل:74]، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

وقد رواه أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أبي عبدالرحمن المقري.

الشيخ: المقري من الإقراء، من القراءة يعني.

زَادَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ: وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ التُّجِيبِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا استيقظ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَةً، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، لَفْظُ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ.

وَقَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِالْمَلِكِ، عَنْ عبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ قَيْسَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِاللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ أَنَّهُ صَلَّى وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَتَيْنِ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ تَمَسُّ ثِيَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَهَذِهِ الْآيَةِ: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا الآية [آل عمران:8].

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عُمَرُ لِقَيْسٍ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عن أبي عبدالله؟ قَالَ عُمَرُ: فَمَا تَرَكْنَاهَا مُنْذُ سَمِعْنَاهَا مِنْهُ، وإن كنت قبل ذلك لعلى غير ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْأَثَرَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ –كِلَاهُمَا- عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ بِهِ، وروى هذا الأثر الْوَلِيدُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ: أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ، يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ، فَلَمَّا قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَمَسُّ ثِيَابَهُ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا الآية [آل عمران:8].

الشيخ: وهذه الآية عظيمة لا شكَّ، وأمَّا كون عمر يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فهذا لحديث الأمير الذي كان يُصلي بجماعته ..... كان يختم كل ركعةٍ بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فسأله النبيُّ عن ذلك فقال: إنها صفة الرَّحمن، وأنا أُحبّها. فقال: أخبروه أنَّ الله يُحبّه. وفي اللَّفظ الآخر: حُبُّك إيَّاها أدخلك الجنَّةَ.

هذا يدل على أنَّه لو قرأ مع الفاتحة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في الرَّكعتين الأخيرتين في الظهر والعصر، والثالثة من المغرب؛ أنه لا بأس، أو قرأ هذه الآية: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، لكن المحفوظَ عن النبي ﷺ أنه كان يقرأ الفاتحة فقط، كما في حديث أبي قتادة في "الصَّحيحين": كان يقرأ الفاتحةَ فقط في الثالثة والرابعة. كما قاله أبو قتادة.

وجاء في حديث أبي سعيدٍ عند مسلم ما يدل على أنه قد يقرأ في الثالثة والرابعة في الظهر زيادةً؛ لأنَّ أبا سعيدٍ قال: حزرنا قيامنا مع رسول الله ﷺ في الأُوليين قدر ثلاثين آية من الظهر، وفي الأُخريين قدر النِّصف من ذلك. رواه مسلمٌ.

وقدر النِّصف من ذلك يقتضي أنها خمس عشرة آية: الفاتحة سبع آيات، ويزيد بعض الشَّيء في بعض الأحيان، يقرأ زيادةً على الفاتحة في الثالثة والرابعة، يعني: في بعض الأحيان؛ جمعًا بين رواية أبي سعيدٍ، وجمعًا بين رواية أبي قتادة: كان يقرأ في الأُخريين بأمِّ الكتاب. فإذا قُرئت زيادة في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة، شيء قليل وافق حديث أبي سعيدٍ، ووافق حديث الصّنابحي عن الصّديق، ووافق حديث الأنصاري الذي كان يقرأ بأصحابه ويختم قراءته بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

س: .............؟

ج: هو فيما يجهر به يسمعونه، والذي يظهر من سياق الآيات أنه كان ما ..... كل ركعةٍ، لكن تُراجع رواياته .....

س: ............؟

ج: ما أعلم مانعًا؛ لأنَّه من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم، هو رأسهم، رأس الخلفاء الراشدين، ولم يرد في السُّنة ما يُخالف ذلك ..... صحيح، نعم.

س: ............؟

ج: أبو قتادة ذكر أنَّه لا يقرأ إلا الفاتحة في الظهر والعصر، وفي الأُخريين بأمِّ الكتاب، وليس في خبر أبي قتادة تعرّض للعشاء والمغرب، لكن في أثر الصّديق هذا زيادة قراءة الآية في المغرب في الثالثة.

س: ............؟

ج: هذا في الأخيرة، في الركعة الأخيرة بعد الفاتحة، في الثالثة.

س: ............؟

ج: الأفضل الفاتحة فقط في الثالثة والرابعة، الفاتحة فقط هذا الأفضل، هذا المحفوظ من حديث أبي قتادة في "الصَّحيحين".

...........

وَقَوْلُهُ: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ [آل عمران:9] أَيْ: يَقُولُونَ فِي دُعَائِهِمْ: إِنَّكَ يَا رَبَّنَا سَتَجْمَعُ بَيْنَ خَلْقِكَ يَوْمَ مَعَادِهِمْ، وَتَفْصِلُ بَيْنَهُمْ، وَتَحْكُمُ فِيهِمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَتَجْزِي كُلًّا بِعَمَلِهِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ خيرٍ وشرٍّ.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ [آل عمران:10].

س: ..............؟

ج: هكذا جاءت السُّنة، نعم في "الصَّحيحين" من حديث ابن مسعودٍ: خمسة أصابع لا تُشبه أصابع المخلوقين، كما أنَّ له يدان: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، وقدمان، وعينان، ولكن لا يلزم منها المشابهة: إنَّ الله خلق آدمَ على صورته يعني: له عينان، وله يدانِ وقدمان، ويتكلم ويسمع ويُبصر، لكن ليس كمثل المخلوقين: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، لا يلزم من الأسماء التَّشابه، الأسماء شيء، والتَّشابه شيء آخر.

س: هل لها عدد معين الأصابع؟

ج: خمسة أصابع.

س: قوله: "يا مقلب القلوب والأبصار"، زيادة "الأبصار" وردت؟

ج: ما أتذكر شيئًا، لكن في الآية الكريمة: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ، آية الأنعام: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام:110]، لكن في نفس الحديث ما أتذكر.