تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

وَقَالَ عَلِيُّ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] فَمَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الرِّبا لا ينزع عنه؛ كان حقًّا عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ، فَإِنْ نَزَعَ وَإِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا قَالَا: وَاللَّهِ إِنَّ هَؤُلَاءِ الصَّيَارِفَةَ لَأَكَلَةُ الرِّبَا، وَإِنَّهُمْ قَدْ أَذِنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى النَّاسِ إِمَامٌ عَادِلٌ لَاسْتَتَابَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا وَضَعَ فيهم السِّلَاحَ.

الشيخ: والمقصود من هذا ..... وإن كان من جنسٍ واحدٍ، يدًا بيدٍ، مثلًا بمثلٍ، سواءً بسواءٍ، لا حرج في ذلك، أما هذا فهذا فيه ناس عرفوا ..... فقالوا فيه ما قالوا؛ لأنَّه إذا أصرَّ على الرِّبا الصَّريح المجمع عليه فذلك علامة على استحلاله، هكذا ما يُروى عن ابن عباسٍ ..... من باب ..، هذا الباب يُحمل على أناسٍ تعاطوا الرِّبا المحرم المجمع عليه ..... وأصرّوا عليه، فإنَّ هذا يُؤذن منهم بأنهم يستحلّونه، كما أنَّ مَن أصرَّ على ترك الصَّلاة يُقتل، وإن لم يقل بكفره عند جمعٍ من أهل العلم؛ لأنَّه أتى أمرًا عظيمًا، ومُنكرًا كبيرًا، فإصراره على التَّرك يُشعر بأنَّه مستحلٌّ للترك، وإلا فالرِّبا لا يُوجب القتل، وإنما يُوجب التَّعزير؛ تعزير مَن تعاطى الرِّبا، يُعزّر .....

وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّ مَن أصرَّ على المحرّمات المعلومة من الدِّين بالضَّرورة ولم ينزع عنها يُقتل من باب التَّعزير؛ لأنَّه مُفسدٌ في الأرض، والله يقول جلَّ وعلا في كتابه العظيم: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]؛ لهذا وجب قتل المحاربين؛ لإفسادهم في الأرض؛ لنهب أموال الناس ..... طرقهم.

.........

وَقَالَ قَتَادَةُ: أَوْعَدَهُمُ اللَّهُ بِالْقَتْلِ كَمَا يسمعون، وجعلهم بهرجًا أين ما أتوا، فإيَّاكم ومخالطة هَذِهِ الْبُيُوع مِنَ الرِّبَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أوسع الحلالَ وطابه، فلا يُلجئنَّكم إِلَى مَعْصِيَتِهِ فَاقَةٌ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: أَوْعَدَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا بِالْقَتْلِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ لِأُمِّ مُحِبَّةَ مَوْلَاةِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ: أَخْبِرِيهِ أَنَّ جهاده مع النبي ﷺ قَدْ بَطَلَ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ. فَخَصَّتِ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ ضِدَّ قَوْلِهِ: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنَى ذَكَرَهُ كَثِيرٌ. قَالَ: وَلَكِنَّ هَذَا إِسْنَادهُ إِلَى عَائِشَةَ ضَعِيفٌ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ أَيْ: بِأَخْذِ الزِّيَادَةِ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] أَيْ: بِوَضْعِ رُؤُوسِ الْأَمْوَالِ أَيْضًا، بَلْ لَكُمْ مَا بَذَلْتُمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ، وَلَا نَقْصٍ مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابٍ.

الشيخ: ..........

الطالب: الصّواب محمد بن الحسين ..... هو محمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحرّ بن زعلان، العامري، أبو جعفر، ابن إشكاب، البغدادي الحافظ .....

.........

حَدَّثَنَا عبيدالله بن موسى، عن شيبان، عن شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ الْبَارِقِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ كُلَّ رِبًا كَانَ في الجاهلية موضوعٌ عنكم كلّه، لكم رؤوس أَمْوَالِكُمْ، لَا تَظْلِمُونَ، وَلَا تُظْلَمُونَ، وَأَوَّلُ رِبًا مَوْضُوعٍ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، مَوْضُوعٌ كلّه. وكذا وجدته: سليمان بن الأحوص.

..........

وقال ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى.

...........

أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ: حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: أَلَا إِنَّ كُلَّ رِبًا مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ، لَا تَظْلِمُونَ، وَلَا تُظْلَمُونَ.

وَكَذَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عن أبي حمرةَ الرّقاشي.

مُداخلة: عن أبي حمزة.

...........

عن عمر، وهو ابْنُ خَارِجَةَ. فَذَكَرَهُ.

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280].

يَأْمُرُ تَعَالَى بِالصَّبْرِ عَلَى الْمُعْسِرِ الَّذِي لَا يَجِدُ وَفَاءً، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ لَا كَمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ أَحَدُهُمْ لِمَدِينِهِ إِذَا حَلَّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ: إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ، وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ. ثُمَّ يَنْدُبُ إِلَى الْوَضْعِ عَنْهُ.

الشيخ: يعني يدعو.

وَيَعِدُ عَلَى ذَلِكَ الْخَيْرَ وَالثَّوَابَ الْجَزِيلَ.

الشيخ: يعني الربّ جلَّ وعلا، يُقال: ندب يندب، يعني: دعا، حثَّ على الوضع عنه والصَّدقة عليه: وَأَنْ تَصَدَّقُوا يعني: بالعفو والإنظار، فالإنظار واجبٌ، والصَّدقة مُستحبّة، إذا أعسر المدينُ فإنظاره واجبٌ، وإن .....، وعفوتُ عنه، تصدّقتُ عليه كان أفضل ..... كما في الأحاديث الصَّحيحة: مَن أنظر مُعْسِرًا أظلَّه اللهُ في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه.

...........

فَقَالَ: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَيْ: وَأَنْ تَتْرُكُوا رَأْسَ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَضَعُوهُ عَنِ الْمَدِينِ، وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِذَلِكَ.

فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ عَنْ أَبِي أُمامة أسعد بن زُرارة، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الرَّجَّانِيُّ.

............