تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وسفيان الثّوري إلى المغيرة بن النّعمان، فأملى عَلَى سُفْيَانَ وَأَنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَامَ انْتَسَخْتُ مِنْ سُفْيَانَ، فَحَدَّثَنَا قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ [الأنبياء:104]، وَإِنَّ أَوَّلَ الخلائق يُكسى يوم القيامة إِبْرَاهِيمُ، أَلَا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ۝ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:117- 118]، فيُقال: إنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ عَنِ أبي الوليد، عن شُعْبَةَ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، بِهِ.

وَقَوْلُهُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هَذَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إِلَى اللَّهِ ، فَإِنَّهُ الْفَعَّالُ لِمَا يَشَاءُ، الَّذِي لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُمْ يُسْأَلُونَ.

الشيخ: وفي هذا الحديث العظيم الدّلالة على أنَّه ﷺ لا يعلم أحوالَ العباد بعد وفاته ﷺ، فهو في حياته لا يعلم الغيبَ إلَّا ما علَّمه الله إياه، نبينا محمد ﷺ لا يعلم الغيب، وهكذا الأنبياء، وهكذا الناس كلهم لا يعلمون الغيبَ إلَّا ما علم اللهُ العبادَ، كما قال : قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65]، وقال سبحانه: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188]، وقال جلَّ وعلا: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام:59]، وقال جلَّ وعلا في نوحٍ: وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ [هود:31]، وقال في نبيِّه محمدٍ ﷺ: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ [الأنعام:50].

وفي هذا الحديث يوم القيامة: يُؤتى بأناسٍ فيُذادون عن حوضه عليه الصلاة والسلام، فيقول: يا ربّ، أصحابي! أصحابي! فيُقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، قال: فأقول كما قال العبدُ الصَّالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:118].

وفي هذا الباب قصّة عائشة لما فقدت العقدَ أرسل مَن يطلبه، ولم يجدوه، فلما أُثير البعيرُ وجدوه تحت البعير، ولم يعلم النبيُّ ﷺ أنَّه تحت البعير حتى أثاروه، فأمور الغيب إلى الله جلَّ وعلا، لا يعلمها الرسل، ولا الأنبياء، ولا يعلمها الملائكة، ولا يعلمها الناس إلَّا ما أوحى الله إليهم وعلَّمهم إيَّاه .

وبهذا يُعلم أنَّ ما يقوله كثيرٌ من الغُلاة من الصّوفية أنه يعلم الغيب، فهذا من أبطل الباطل، وأنَّ هذا كفرٌ وضلالٌ وتكذيبٌ للقرآن والسّنة المطهرة الصَّحيحة.

وَيَتَضَمَّنُ التَّبَرِّيَ مِنَ النَّصَارَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، وَجَعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا وَصَاحِبَةً وَوَلَدًا، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًا كَبِيرًا.

وَهَذِهِ الْآيَةُ لَهَا شَأْنٌ عَظِيمٌ، وَنَبَأٌ عَجِيبٌ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ بِهَا لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ يُرَدِّدُهَا.

الشيخ: وهذه الآية: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]، ردَّ الأمر إليه : الحكيم في خلقه، المتصرِّف فيهم جلَّ وعلا، كما قال عن إبراهيم: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [إبراهيم:36]، وهذا لا يمنع كونه سبحانه لا يغفر لمن أشرك، وهذه الآية مطلقة، والآيات الأخرى مُوضِّحة أنه سبحانه لا يغفر لأهل الشِّرك، وأنه يُعذّبهم إذا ماتوا على الشِّرك، كما قال جلَّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وقال سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72]، وقال سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]، وقوله: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فهذا من باب البراءة من الحول والقوة والتَّصرف في العباد، وأنَّ هذا إليه ، هو المتصرف في عباده، لكنّها مُطلقة، مُقيدة بالأدلة الدالة على أنه سبحانه لا يغفر لمن أشرك.

............

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنِي فُلَيْتٌ الْعَامِرِيُّ، عَنْ جَسْرَةَ الْعَامِرِيَّةِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صلَّى النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَرَأَ بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ، يَرْكَعُ بِهَا، وَيَسْجُدُ بِهَا: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا زِلْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى أَصْبَحْتَ، تَرْكَعُ بِهَا، وَتَسْجُدُ بِهَا؟! قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي الشَّفَاعَةَ لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِيهَا، وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا.

[طَرِيقٌ أُخْرَى وَسِيَاقٌ آخَرُ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ: حَدَّثَتْنِي جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ: أَنَّهَا انْطَلَقَتْ مُعْتَمِرَةً، فَانْتَهَتْ إِلَى الرَّبَذَةِ، فَسَمِعَتْ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَصَلَّى بِالْقَوْمِ، ثُمَّ تَخَلَّفَ أَصْحَابٌ لَهُ يُصَلُّونَ، فَلَمَّا رَأَى قِيَامَهُمْ وَتَخَلُّفَهُمُ انْصَرَفَ إِلَى رَحْلِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمَ قَدْ أَخْلَوُا الْمَكَانَ رَجَعَ إلى مكانه يُصلِّي، فَجِئْتُ فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَمِينِهِ، فَقُمْتُ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَامَ خَلْفِي وَخَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِشِمَالِهِ فَقَامَ عَنْ شِمَالِهِ، فَقُمْنَا ثَلَاثَتُنَا يُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بنفسه، ونتلو من القرآن ما شاء الله أن نتلو، وَقَامَ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُرَدِّدُهَا حَتَّى صَلَّى الْغَدَاةَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَوْمَأْتُ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنْ سَلْهُ: مَا أَرَادَ إِلَى مَا صَنَعَ الْبَارِحَةَ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِيَدِهِ: لَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يُحَدِّثَ إِلَيَّ. فقلت: بأبي وَأُمِّي، قُمْتَ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَعَكَ الْقُرْآنُ! لَوْ فَعَلَ هَذَا بَعْضُنَا لَوَجَدْنَا عَلَيْهِ. قَالَ: دَعَوْتُ لِأُمَّتِي، قُلْتُ: فَمَاذَا أُجِبْتَ؟ أَوْ مَاذَا رُدَّ عَلَيْكَ؟ قَالَ: أُجِبْتُ بِالَّذِي لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ طَلْعَةً تَرَكُوا الصَّلَاةَ. قُلْتُ: أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ مُعْنِقًا قَرِيبًا مِنْ قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ إِنْ تَبْعَثْ إِلَى النَّاسِ بهذا نكلوا عن العبادات. فَنَادَاهُ أَنِ ارْجِعْ؛ فَرَجَعَ. وَتِلْكَ الْآيَةُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118].

الشيخ: هذا المتن فيه نكارة؛ فكون كلّ واحدٍ يُصلي وحده: هذا عن يمينه، وهذا عن شماله، ولا صلَّى بهم، كل واحدٍ يُصلي لنفسه، هذا فيه نكارة، فجسرة هذه محل نظرٍ ..... كلهم محل نظرٍ، كونه ..... محل نظرٍ، كمل.

.........

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أنَّ النبي ﷺ تَلَا قَوْلَ عِيسَى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فَاسْأَلْهُ: مَا يُبْكِيهِ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَا قال وهو أعلم، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوؤُكَ.

الشيخ: وقال الله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى:5]، وعده الخير الكثير سبحانه، والشَّفاعة العظمى لأمَّته عليه الصلاة والسلام.

مُداخلة: بالنسبة لهذا الحديث يقول ذهل الحافظ رحمه الله أنَّه عند مسلمٍ بنفس الإسناد.

الشيخ: يعني الذي رواه ابن عمر؟

الطالب: نعم، وكذلك هو عند النَّسائي بنفس الإسناد سواء، شيخ ابن أبي حاتم فيه.

الشيخ: الأول قال عليه شيئًا؟ الذي فيه جسرة.

الطالب: إيه نعم.

الشيخ: أيش عندك على جسرة .....؟

الطالب: قال: الحديث رواه أحمد في "مسنده"، كما أشار إليه الحافظ، ويُزاد أنه رواه النَّسائي وابن ماجه والحاكم وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ ولم يُخرجاه. لكن في الرِّواية الأولى مختصرًا، ليس في الباب زيادة: ابن مسعودٍ.

وأمَّا ..... بالتَّصغير قال الحافظ: تقدم في ..... ابن خليفة العامري، ويُقال .....، ويُقال: الهذلي، أبو حسان الكوفي. ويُقال له ..... صدوق، من الخامسة، روى له أبو داود والنَّسائي.

وكذلك قدامة بن عبدالله، قال: قدامة بن عبدالله بن عبدة البكري، أبو روح الكوفي، قيل: هو فُليت العامري، مقبولٌ، من السَّادسة. النَّسائي، وابن ماجه.

..........

الشيخ: أيش قال على جسرة؟

الطالب: مقبولة.

مداخلة: جسرة بنت دجاجة العامرية، الكوفية، من الثالثة، مقبولة.

الشيخ: القاعدة أنَّ المقبولَ ما يقبل إلا إذا عضده غيره ..... ما ذكر هنا متابعًا لها ..... مثلها ما يُعتمد عليها .....

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أنَّ النبي ﷺ تَلَا قَوْلَ عِيسَى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ.

الشيخ: عندك عن عبدالرحمن بن جبير؟ ما في: عن أبيه؟

الطالب: لا.

مداخلة: قلتُ: عبدالرحمن بن جبير هو المصري، مولى نافع ابن ..... القرشي، وليس هو ابن نفير الحضرمي، فابن نفير أصغر منه، وأظنّه لم يلقَ ابن عمر، أمَّا هذا فهو عبدالرحمن بن جبير المصري المؤذن، قال في "التقريب": المؤذن العامري، ثقة، عارف بالفرائض، من الثالثة، مات سنة سبعٍ وتسعين، وقيل بعدها. روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنَّسائي.

الشيخ: عبدالرحمن بن جُبير؟

الطالب: عبدالرحمن بن جبير مولى نافع.

الشيخ: "ابن نفير" ما في؟

الطالب: لا، ما هو ابن نفير حفظكم الله، هذا غيره.

الشيخ: لكن الذي عندك في السَّند: ابن جبير، أو ابن نُفير؟

الطالب: عبدالرحمن بن جبير، عن عبدالله.

الشيخ: ما في نفير؟

الطالب: لا.

الشيخ: زين، نعم، كمّل يا محمد.

الطالب: عبدالرحمن بن جبير، قلت: هو المصري، مولى نافع بن عبد عمرو القرشي، وليس هو ابن نفير الحضرمي، فابن نفير أصغر منه، وأظنّه لم يلقَ ابن عمر، وقد توفي سنة 118، أمَّا هذا فهو عبدالرحمن بن جبير المصري، قال في "التقريب": المؤذن العامري، ثقة، عالم بالفرائض ومسائله، مات سنة سبعٍ وتسعين، وقيل بعدها، أخرج له مسلمٌ وأبو داود والترمذي والنَّسائي، وهو الذي يروي عن عبدالله بن عمرو، وعنه بكر بن سوادة.

الشيخ: هذا ماشٍ، ماشٍ، نعم.

الطالب: ...........

الشيخ: ماشٍ، ماشٍ، سند جيد.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أنَّ النبي ﷺ تَلَا قَوْلَ عِيسَى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فَاسْأَلْهُ: مَا يُبْكِيهِ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَا قال، وهو أعلم، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوؤُكَ.

وقال الإمامُ أحمد: حدَّثنا حسين قال: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا تَمِيمٍ.

مداخلة: في نسخة "الشُّعَب": قال الإمامُ أحمد: حدَّثنا حسن: حدَّثنا ابنُ لهيعة.

الشيخ: عندك حسين؟

الطالب: نعم.

الشيخ: وأنتم الآخرين: حسين أم حسن؟

الطالب: حسين.

الشيخ: وأيش عندك يا شيخ محمد؟

الطالب: قوله: "حدَّثنا حسين" مُصحّف، وصوابه: حسن، وهو ابن موسى الأشيب، وهو الذي يروي عنه أحمد، وروى عن ابن لهيعة، هكذا في "المسند" أيضًا.

الشيخ: زين.

وقال الإمامُ أحمد: حدَّثنا حسنٌ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ هُبَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: غَابَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَنْ يَخْرُجَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَجَدَ سَجْدَةً ظَنَنَّا أَنَّ نَفْسَهُ قَدْ قُبِضَتْ فِيهَا، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: إِنَّ رَبِّي اسْتَشَارَنِي فِي أُمَّتِي مَاذَا أَفْعَلُ بِهِمْ؟ فَقُلْتُ: مَا شِئْتَ أَيْ رَبِّ، هُمْ خَلْقُكَ وَعِبَادُكَ. فَاسْتَشَارَنِي الثَّانية فقلتُ له كذلك، فقال لي: لَا أُخْزِيكَ فِي أُمَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ. وَبَشَّرَنِي أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي مَعِي سَبْعُونَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: ادْعُ تُجَبْ، وَسَلْ تُعْطَ. فَقُلْتُ لِرَسُولِهِ: أومُعطيّ ربي سؤلي؟ فقال: مَا أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِلَّا لِيُعْطِيَكَ. وَلَقَدْ أَعْطَانِي رَبِّي وَلَا فَخْرَ، وَغَفَرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ، وَأَنَا أَمْشِي حَيًّا صحيحًا، وأعطاني ألَّا تَجُوعَ أُمَّتِي وَلَا تُغْلَبَ، وَأَعْطَانِي الْكَوْثَرَ، وَهُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ يَسِيلُ فِي حَوْضِي، وَأَعْطَانِي الْعِزَّ وَالنَّصْرَ وَالرُّعْبَ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْ أُمَّتِي شَهْرًا، وَأَعْطَانِي أَنِّي أَوَّلُ الْأَنْبِيَاءِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَطَيَّبَ لِي وَلِأُمَّتِي الْغَنِيمَةَ، وَأَحَلَّ لَنَا كَثِيرًا مِمَّا شُدِّدَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا، وَلَمْ يَجْعَلْ علينا في الدِّين من حرجٍ.

الشيخ: هذا خبرٌ مُطوّل له شواهد من طريق ابن لهيعة، له شواهد كثيرة في الأحاديث الصَّحيحة.

...........