تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}

وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275] أَيْ: إِنَّمَا جُوزُوا بِذَلِكَ لِاعْتِرَاضِهِمْ عَلَى أَحْكَامِ اللَّهِ فِي شَرْعِهِ، وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا مِنْهُمْ لِلرِّبَا عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْتَرِفُونَ بِمَشْرُوعِيَّةِ أَصْلِ الْبَيْعِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ لَقَالُوا: إِنَّمَا الرِّبَا مِثْلُ الْبَيْعِ. وَإِنَّمَا قَالُوا: إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا أَيْ: هُوَ نَظِيرُهُ، فَلِمَ حَرُمَ هَذَا وَأُبِيحَ هَذَا؟! وَهَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْهُمْ عَلَى الشَّرْعِ، أَيْ: هَذَا مِثْلُ هَذَا، وَقَدْ أَحَلَّ هَذَا، وَحَرَّمَ هَذَا.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ رَدًّا عَلَيْهِمْ، أي: على مَا قَالُوهُ مِن الِاعْتِرَاضِ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِتَفْرِيقِ الله بين هذا وهذا حكمًا، وهو العليم الحكيم الَّذِي لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23]، وَهُوَ الْعَالِـمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ وَمَصَالِحِهَا وَمَا يَنْفَعُ عِبَادَهُ فَيُبِيحُهُ لَهُمْ، وَمَا يضرّهم ينهاهم عَنْهُ، وَهُوَ أَرْحَمُ بِهِمْ مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا الطِّفْلِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275] أَيْ: مَنْ بَلَغَهُ نَهْيُ اللَّهِ عَنِ الرِّبَا فَانْتَهَى حَالَ وُصُولِ الشَّرْعِ إِلَيْهِ، فَلَهُ مَا سَلَفَ مِنَ الْمُعَامَلَةِ؛ لِقَوْلِهِ: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ [المائدة:95]، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: وَكُلُّ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيْ هَاتَيْنِ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ الزِّيَادَاتِ الْمَأْخُوذَةِ فِي حَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، بَلْ عَفَا عَمَّا سَلَفَ.

مُداخلة: .......

الشيخ: المعروف أنَّ هذا كان في حجّة الوداع، هذا المعروف، وهذا لعله وقع في بعض الرِّوايات، المشهور أنَّه كان في حجّة الوداع.

مداخلة: في حاشية في نسخة الشُّعَب: قال الشيخ أحمد شاكر في "عمدة التسهيل": وهم الحافظُ ابن كثير رحمه الله؛ فإنَّ هذا لم يكن يوم فتح مكّة، بل كان في حجّة الوداع بعرفة، وأحال هذا الحديث إلى "المسند" برقم، وأبي داود برقم، ويُنظر: سيرة ابن هشام.

الشيخ: هذا المعروف ..... في حجّة الوداع، لكن ..... يحتاج إلى تتبعٍ ..... تحتاج إلى تتبعٍ الرِّوايات، وإذا لم يوجد شيءٌ فهو وهمٌ، أما من غير تتبعٍ فهو محل نظرٍ.

والمقصود من هذا ردّه سبحانه على المشركين، وبيان بطلان ما زعموه من أنَّ البيع مثل الربا، فهم أكلوا الرِّبا وحلَّلوه لأنفسهم، واعترضوا على الله في تحريم الربا و قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا يعني: ما ..... من منع هذا وإباحة هذا، يعني أنَّ هذا عبثٌ، لماذا يُحرّم هذا ويُباح هذا، وهذا مثل هذا؟! فردَّ اللهُ عليهم بقوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا، فهو أعلم بمصالح عباده، وأعلم بما يُسبّب نجاتهم، وبما يُصلحهم، وبما ينفعهم.

وفي الربا شرٌّ عظيمٌ، وفيه .....، وعظم الخطر في مزيد الدِّين، وتساهل الناس في الأموال، وأكل الربا، فمن رحمته أن حرَّمه عليهم؛ حتى لا يضرّوا أنفسَهم، ولا يضرّوا غيرهم من الفُقراء.

ثم بيَّن جلَّ وعلا أنَّ مَن جاءه موعظةٌ فانتهى فله ما سلف، إذا كان ما فعل قبل العلم فله ما سلف في ذلك، ولا يلزمه ردّه، عفا الله عمَّا سلف؛ ولهذا: فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ بعد العلم فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].

فالواجب على مَن علم أن يحذر الربا، وأن يبتعد عنه، وليس له إلا رأس ماله، أمَّا ما كان قبل العلم فقد عفا الله عمَّا سلف؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، فالله إنما يُحاسِب على .....، فهو الذي يعفو عمَّن يشاء، ويُعاقِب مَن يشاء، له الحكمة البالغة .

وَمَنْ عَادَ يعني: في الربا فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275]، مَن عاد في الرِّبا بعد العلم ففيه هذا الوعيد العظيم.

فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا الربا، وأن يبتعدوا عنه؛ طاعةً لله ولرسوله، وحذرًا من مغبّته وعاقبته الوخيمة، كما قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة:279].

ثم بيَّن أنه حربٌ لله -كما يأتي- يقول جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ [البقرة:278- 279] يعني: فاعلموا، فالربا محاربةٌ لله ولرسوله، ومُكابرة لما ..... على العباد من ..... وترك نواهيه، وإقدام على ما فيه مضرّة، فصاحبه جديرٌ بالعقوبة، فالواجب الحذر، فإذا تساهل الناسُ في ذلك أغرقوا أنفسَهم في الدّيون وظلموها، وبارزوا الله في المحاربة، فإذا أخذوا مئةً من مئةٍ وعشرة، ومئةً من مئة وعشرين، وهكذا كلما تأخّرت زادت حتى يكون أضعافًا مُضاعفةً؛ فلا يضرّ إلا نفسه وهو لا يشعر، أو ربما يشعر، لكن للهوى ومحبّة الشّهوة التي يأخذ بها المال، إلى غير ذلك، فمن رحمة الله أن منعه من ذلك حتى لا يضرّ نفسه، ولا يضرّ غيره، فإذا حلَّ الدَّينُ وهو مُعسر يُنْظَر، ولا يُزاد عليه: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، أمَّا الكفّار في الجاهلية فكانوا يربون عليه، كلما حلَّ الدَّين زادوا عليه ..... حتى تكون المئةُ مئات، والألف آلاف، يقولون له: إما أن تُرابي، وإمَّا أن تقضي. إمَّا أن تُرابي –تزيد- وإمَّا أن تقضينا حقَّنا. فمنعهم الله من ذلك، وأوجب عليهم الإنظار مع الإعسار، وليس له إلا رأس ماله.

وهكذا ربا الفضل هو وسيلة من هذا، ربا الفضل: درهم بدرهمين، دينار بدينارين، وسيلة من هذا ..... زيادة بغير حقٍّ، وهذا في الغالب إنما يقع في المداينة –النَّسيئة- لأسباب تساهل ربا الفضل؛ ولهذا حرَّم اللهُ الجميع: ربا الفضل، وربا النَّسيئة.

س: ...........؟

ج: نعم إذا تاب، إذا جاءته موعظةٌ وتاب إلى الله مما سلف واتَّعظ.

س: ...........؟

ج: خلود العُصاة ليس بمؤبّدٍ، هذا وعيدٌ، من باب الوعيد، أحاديث الوعيد وآيات الوعيد تُتلى على ظاهرها؛ لأنَّ ذلك أعظم في الزَّجر، مع الإيمان بأنَّ خلود العُصاة ليس بمُؤبّدٍ، خلود العُصاة له وقت، وله نهاية، لا كخلود الكفار؛ فإنه لا ينتهي، أمَّا خلود العُصاة فله وقت، كما قال في الزاني، وفي .....: وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان:69]، وقال في القاتل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ [النساء:93]، وجاء في قتل النَّفس كذلك، هذا كلّه خلود مُؤقّت له نهاية، والعرب إذا قاموا فأخلدوا طوّلوا الإقامة، أمَّا خلود الكفّار فهو خلودٌ ليس له نهاية، نعوذ بالله، كما قال جلَّ وعلا: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167]، وقال في حقِّهم: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37]، أما العُصاة فلهم أمد، لهم أمد ينتهون إليه، كما جاء في أحاديث الشَّفاعة وغيرها، وقال في حقِّهم سبحانه: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فقد يُغفر لهم ولا يدخلون النار ويُعفا عنهم، وإذا دخلوها لم يبقوا فيها أبد الآباد، بل كل على قدر معاصيه، كل يُعذَّب على قدر معاصيه، ثم يخرج، ولو طالت الإقامةُ لا بدَّ من خروجٍ.

س: ............؟

ج: هذا محل خلافٍ .....

..........

كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275].

قَالَ سَعِيدُ بن جبير والسّدي: فَلَهُ مَا سَلَفَ مَا كَانَ أَكَلَ مِنَ الرِّبَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْحَكَمِ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أُمِّ يُونُسَ -يَعْنِي امْرَأَتَهُ الْعَالِيَةَ بَنْتَ أَيْفَعَ- أَنَّ عَائِشَةَ -زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ- قَالَتْ لَهَا أُمُّ مُحِبَّةَ -أُمُّ وَلَدٍ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ- يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَعْرِفِينَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَإِنِّي بِعْتُهُ عَبْدًا إِلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِمِئَةٍ، فَاحْتَاجَ إِلَى ثَمَنِهِ، فَاشْتَرَيْتُهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِسِتِّمِئَةٍ، فَقَالَتْ: بِئْسَ مَا شَرَيْتِ، وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ.

الشيخ: "بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت"، "بئس ما شريت" يعني: بعتِ، "وبئس ما اشتريت" الأخيرة، يُقال: شرى وشروه بثمنٍ: باعوه، يقال: شرى: باع، وشرى ..... لفظة مُشتركة.

أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِنْ لَمْ يَتُبْ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَرَأَيْتِ إِنْ تَرَكْتُ الْمِئَتَيْنِ وَأَخَذْتُ السِّتَّمِئَةِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275].

وَهَذَا الْأَثَرُ مَشْهُورٌ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَنْ حَرَّمَ مَسْأَلَةَ الْعِينَةِ، مَعَ مَا جاء فيها من الأحاديث المذكورة الْمُقَرّرَةِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

الشيخ: ..... يبيع سلعةً بثمنٍ في الذّمة، ثم يأخذها بأقلّ، وهذا وسيلة إلى الربا؛ كأن يبيع السّيارة بعشرة آلاف، ثم يأخذها بثمانية، أو يبيع البيت بمئة ألفٍ، ثم يأخذه بثمانين، هذه يُقال لها: مسألة العينة، وهو أن يبيع سلعته بثمنٍ مُؤجَّلٍ في الذّمة، ثم يأخذ السلعةَ من نفس صاحبها بأقلّ، تكون السلعةُ جاءت ..... للربا.

وفي حديث ابن عمر: إذا تبايعتُم بالعينة، وأخذتم أذنابَ البقر، ورضيتُم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلَّط اللهُ عليكم ذُلًّا لا ينزعه حتى تُراجعوا دينَكم.

فالعينة أن تبيع سلعةً بثمنٍ مُؤجَّلٍ، أو بثمنٍ في الذّمة، ثم تأخذها بأقلّ نقدًا؛ لأنَّ هذا وسيلة إلى أن تُعطي ستةً بعشرة إلى أجلٍ.

الحاصل أنَّ هذا وسيلة إلى الربا، يعني: ربا النَّسيئة والفضل جميعًا، فإذا أعطيتَه عشرةً ليُعطيك عشرين فقد اجتمع في حقِّك ربا النَّسيئة وربا الفضل جميعًا، وإذا جعلت سلعةً ..... في هذا: سيارة أو غيرها، صارت هذه السّلعة وسيلةً للربا، لكن ذكر العُلماء أنه لو كانت السلعةُ قد تغيّرت وحصل فيها ما يجبر النَّقص و..... الشّبهة فلا حرج؛ كأن يبيعه الدَّابة بمئةٍ، ويكدّها ويُتعبها، أو السيارة يتغير حالها بعد التَّعب، ثم يشتريها بأقلّ؛ لأجل أنها ليست على حالها الأولى: قد تعبت في العمل، السيارة قد تعبت وتغيّرت، ولم يكن النَّقص من أجل الرِّبا، ولا من أجل الحيلة؛ جاز ذلك إذا صدقا في ذلك؛ لأنَّ هذا هو الحقيقة؛ لأنَّ النقص ليس من أجل الرِّبا، وإنما من أجل أنها كسدت وضعفت بتعبٍ ..... إيَّاها، وكدّه إيَّاها، السيارة .....

...........

الشيخ: من باب الوعيد ..... قد يُقال: إنه في حكم المرفوع؛ لأنَّ هذا لا يُقال من جهة الرأي.

فالحاصل أنَّه وعيدٌ، من باب الوعيد؛ لأنَّ الربا محاربة لله ولرسوله، فيكون من أسباب بطلان الجهاد فيمَن تساهل فيه وأخذ الربا، والله المستعان.

س: إذا اشترى شيئًا مثلًا بقصد أنه .....

ج: هذا بيعٌ آخر يُسمَّى: مسألة التّورق، ويُسمّيه العامّة: الوعدة، هذا إذا كان قصده أن يبيعه ليستفيد، ما في بأس، من باب المداينة، ما فيه ربا، ما رابى، إذا اشترى سلعةً بمئةٍ مُؤجّلةٍ أقساطًا، ثم باعها على الناس بثمانين؛ ما هي بعينةٍ هذه ..... ما كل أحد ..... فيبيعها ويتزوج، أو يبني بيتًا، أو يشتري سكنًا، أو يستأجر؛ لا حرج في ذلك، هذا الذي عليه الجمهور: أنَّه لا حرج، وتُسمّى: مسألة التّورق، ويُسمّيها العامّة: الوعدة، وهي أن يشتري سلعةً ليبيعها، لا ليستعملها، يشتريها ليبيعها وينتفع بثمنها، لكن لا يبيعها على مَن اشتراها منه، إذا باعها على مَن اشتراها منه صارت ربًا، صارت عينةً.

س: .............؟

ج: ما ينبغي إيداعها في البنوك، ينبغي إيداعها في محلّات سليمة، لكن إذا اضطرّ إلى ذلك ..... مثلما يُحوّل الأموال من بنكٍ إلى بنكٍ، من بلادٍ إلى بلادٍ بواسطة البنوك، هو بحاجةٍ إلى هذا إذا كان ما قصده الرِّبا: حوالة أو وديعة .....، فاضطرّ إلى هذا لئلا تُسرق في بيته ..... نرجو، لا حرج.

س: .............؟

ج: عند الضَّرورة .......

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ عَادَ أَيْ: إِلَى الرِّبا ففعله بعد بلوغه نهي الله عَنْهُ، فَقَدِ اسْتَوْجَبَ الْعُقُوبَةَ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].

وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثيم، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ لَمْ يَذَرِ الْمُخَابَرَةَ فَلْيُؤْذَنْ بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

الشيخ: بالواو عندك: فليؤذن، أو فليأذن؟

الطالب: في سنن أبي داود: فليأذن.

الشيخ: هذا معروفٌ: فليأذن، من آذن، أذن، نعم ..... آذن: أعلم، حطّها نسخة .....

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ خُثَيْمٍ.

الشيخ: أبو الزبير مُدلّس، والمخابرة تُفسّر بالربا، وتُفسّر بغير الربا، فلو صحَّ الخبرُ تكون المخابرةُ التي فيها الرِّبا التي فيها شراء الزرع بكيل الطّعام، هذا ربا .....، وتُفسّر المخابرة بالمزارعة على جزءٍ .....

..........

وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

وَإِنَّمَا حُرِّمَتِ الْمُخَابَرَةُ: وَهِيَ الْمُزَارَعَةُ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْمُزَابَنَةُ: وَهِيَ اشْتِرَاءُ الرُّطَبِ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْمُحَاقَلَةُ: وَهِيَ اشْتِرَاءُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ فِي الْحَقْلِ بِالْحَبِّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، إِنَّمَا حُرِّمَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَمَا شَاكَلَهَا حَسْمًا لِمَادَّةِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ التَّسَاوِي بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ قَبْلَ الْجَفَافِ.

الشيخ: ما يُستثنى من هذا إلا العرايا بيع .....، والباقي كلّه ممنوع، يكون داخلًا في الربا.

وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: الْجَهْلُ بِالْمُمَاثلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ.

الشيخ: يعني أنَّ الأحوال ثلاثة: تماثل، وتفاضل، وجهل.

فالتَّماثل هو الجائز، والتَّفاضل محرم ..... وما اشتبه، وهي الحالة الثالثة، جهل فيه التماثل، حكمه حكم ما ..... به التَّفاضل فيُمنع، فلا يجوز إلا ما فيه التَّماثل، يدًا بيدٍ، سواءً بسواءٍ، وما تحقق فيه التَّفاضل أو جُهل فيه التَّماثل فحكمه حكم المنع، يعني: في الجنس الواحد، الذهب بالذهب، والفضّة بالفضّة، والبرّ بالبرّ، والشَّعير بالشَّعير، نعم.

وَمِنْ هَذَا حَرَّمُوا أَشْيَاءَ بِمَا فَهِمُوا مِنْ تَضْيِيقِ الْمَسَالِكِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الرِّبَا، وَالْوَسَائِلِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ، وَتَفَاوُتِ نَظَرِهِمْ بِحَسَبِ مَا وَهَبَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ من الْعِلْمِ، وَقَدْ قَالَ تعالى: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف:76].

وَبَابُ الرِّبَا مِنْ أَشْكَلِ الْأَبْوَابِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : "ثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَهِدَ إِلَيْنَا فِيهِنَّ عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا"، يَعْنِي بِذَلِكَ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا شَائِبَةُ الرِّبَا.

وَالشَّرِيعَةُ شَاهِدَةٌ بِأَنَّ كُلَّ حَرَامٍ فَالْوَسِيلَةُ إِلَيْهِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا أَفْضَى إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ، كَمَا أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

س: بيع سيارة بسيارة؟

ج: ما في بأس، بيع سيارة بسيارة ما فيه بأس، ولو بزيادة .....، أو ناقة بناقة بزيادة، أو حمار بحمار، أو بغل ببغل، ما هو من الرِّبا.

...........