تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ..} (1)

وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِذَلِكَ:

فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ عَنْ أَبِي أُمامة أسعد بن زُرارة: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ المرجَانِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ الْمُقَوِّمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله ﷺ: مَن سَرَّهُ أَنْ يُظِلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ فَلْيُيَسِّرْ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ لِيَضَعْ عَنْهُ.

س: .............؟

ج: ضعيف، لكن في الباب أحاديث صحيحة؛ لأنَّ عاصم بن عبيدالله ما أدرك أبا أمامة، فيه ضعف، لكن الأحاديث الكثيرة الصَّحيحة تكفي عنه.

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ بُرَيْدَةَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْوَارِثِ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةً، قُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةً؟! قَالَ: له بكلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةً.

الشيخ: وهذا فضلٌ عظيمٌ من الله جلَّ وعلا، وهذا السَّند على شرط مسلمٍ، هذا فضلٌ عظيمٌ في إنظار المعسرين ..... لإنظاره ورحمة لحاله .....، فله بكل يومٍ مثل المال حسنةً: باع سلعةً مثلًا- طعامًا مثلًا- باعه بمئة ريالٍ وقال: لك مهلة سنة. لك بكل يومٍ صدقة في هذه .....، ولما حلَّ ما تيسر له أن ..... فأنظره، فيكون له مثلاه ..... اليوم صدقةً .....، هذا فضلٌ عظيمٌ في حقِّ مَن أنظر المعسِر، والأحاديث في هذا كثيرة، يأتي بقيتها.

س: ............؟

ج: بعد الحِلِّ، إذا حلَّ الأجلُ وأنظره ..... فضلٌ عظيمٌ.

س: ............؟

ج: على شرط مسلمٍ .....

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الحارث بن ربعي الأنصاري: قال أحمد: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.

الشيخ: ما أدركه، أقول: ما أدركه، وأيش عندكم؟

الطالب: في نسخة الشُّعَب .....

الشيخ: شيخ محمد، راجعتَه؟

.............

الشيخ: مثلما في نسخة الشُّعَب.

حدَّثنا عفّان قال: حدَّثنا حماد بن سلمة: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، وَكَانَ يَأْتِيهِ يَتَقَاضَاهُ، فَيَخْتَبِئُ مِنْهُ، فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَخَرَجَ صَبِيٌّ، فَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، هو في البيت يأكل خزيرةً. فناداه فقال: يَا فُلَانُ، اخْرُجْ، فَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ هَاهُنَا. فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا يُغَيِّبُكَ عَنِّي؟ فَقَالَ: إني مُعْسِرٌ، وليس عندي شيءٌ. قَالَ: آللَّهَ إِنَّكَ مُعْسِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَبَكَى أَبُو قَتَادَةَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ غَرِيمِهِ أَوْ مَحَا عَنْهُ كَانَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ".

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا الْأَخْنَسُ أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ.

الشيخ: كذا عندكم: الأخنس أحمد بن عمران؟

الطالب: في نسخة الشُّعب: الأخنس بن عمران.

مُداخلة: هناك كلامٌ عليه.

الشيخ: عليه شيء؟

الطالب: قوله: (الأخنس) لعلها سقطت الياء هنا -ياء النِّسبة- فهو الأخنسي أحمد بن عمران، قال في "ميزان الاعتدال": أحمد بن عمران الأخنسي، عن ..... قال البخاري: يتكلمون فيه، لكنّه سمّاه محمدًا، وقيل: هما واحد. وقال أبو زرعة: كوفي، تركوه. وتركه أبو حاتم.

الشيخ: سهل الأخنسي ..... فقط ياء، نعم.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خراشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَتَى اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عبيده يوم القيامة، قال: ماذا عملتَ فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: مَا عَمِلْتُ لَكَ يَا رَبِّ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الدُّنْيَا أَرْجُوكَ بِهَا -قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- قَالَ الْعَبْدُ عِنْدَ آخِرِهَا: يا ربِّ، إنَّك كنتَ أَعْطَيْتَنِي فَضْلَ مَالٍ، وَكُنْتُ رَجُلًا أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ. قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ : أَنَا أَحَقُّ مَنْ يُيَسِّرُ، ادْخُلِ الْجَنَّةَ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ. زَادَ مُسْلِمٌ: وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَحْوِهِ.

وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تجاوزوا عَنْهُ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا. فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عنه.

الشيخ: ..... أمَّا هذا مُوحّد مسلم، وتجاوز عن المعسِرين، فتجاوز الله عنه ..... فضلًا منه؛ لأنَّه تجاوز عن عباده المعسِرين، وهو يفعل ذلك يرجو ما عند الله، يرجو فضله؛ ولهذا قال: لعلَّ الله يتجاوز عنِّي.

وهو يدل على أنَّ مُسامحة المعسرين وإنظار المعسرين والتَّجاوز عن الناس رحمةً لهم، وطلبًا لمرضاة الله ، فيه خيرٌ عظيمٌ، فينبغي للإنسان أن يكون ذا تيسيرٍ، وليس ذا تعسيرٍ، لعلَّ الله يتجاوز عنه.

.......

مُداخلة: هناك كلامٌ عليه: قول الحافظ هنا رحمه الله تعالى: (ولفظ البخاري: حدَّثنا هشام بن عمار) قلتُ: يتأكَّد أنَّ هنا سقطًا لا أدري ما هو؟ ولكنه يتوجّه بأن يكون ساق الحديثَ فقال مثلًا: حديثٌ آخر عن أبي هريرة. وعزاه لبعض الكتب، ثم قال: (ولفظ البخاري) وهذا هو المتحتم قطعًا، وفيه سقطٌ وتحريفٌ؛ فالحديث الذي رواه الحافظُ هاهنا رواه البخاري ومسلم والنَّسائي والطّيالسي في "مسنده"، أما سنده عند البخاري فهو عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة. وسقط هنا (عن الزبيدي)، وهو محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله -وهو ابن عتبة بن مسعود- عن أبي هريرة. والحديث هكذا عندهم جميعًا في مسند عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود.

الشيخ: السَّند الذي عندك؟

وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ .

الشيخ: بين يحيى بن حمزة وبين الزّهري؟

الطالب: نعم، بينهما الزبيدي، لا يروي عنهما إلا بواسطة .....، هذه الرِّواية في كتاب "البيوع"، الباب الثامن عشر.

.......

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: قَالَ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ سَهْلًا حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَازِيًا أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ. ثُمَّ قَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

الشيخ: هناك كلام على عبدالله بن سهل؟

الطالب: هناك كلامٌ على الحديث: قلتُ: رواه الحاكم في "مستدركه" كما ذكره الحافظ هاهنا. ثم قال: هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد ولم يُخرِّجاه. فأعقبه الذَّهبي فقال: قلتُ: بل عمرو رافضي متروك. وهو كما قال.

ورواه من طريقٍ آخر أفضل من هذا بعد أن ذكر حديثًا لعمر ، فقال في موضعٍ آخر: ولهذا الحديث شاهدٌ من حديث سهل بن حنيف، حدَّثناه أبو العباس محمد بن يعقوب: حدَّثنا محمد بن إسحاق الصبغاني: حدَّثنا يحيى ابن أبي بكير: حدَّثنا زهير بن محمد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل به. وسكت عليه، وكذلك سكت عليه الذَّهبي.

الشيخ: .....، لكن عبدالله بن سهل تكلّم عليه؟

الطالب: عبدالله بن سهل بن حُنيف قال في "تعجيل المنفعة": عبدالله بن سهل بن حنيف الأنصاري، عن أبيه، وعنه عبدالله بن محمد بن عقيل، ليس بمشهورٍ، قلتُ: القائل الحافظ صحح حديثَه الحاكم، ولم أره في ثقات ابن حبان، وهو على شرطهم، وقال في "ذيل الكاشف": لا أعرف حالَه.

الشيخ: لكن له شواهد، له شواهد.

س: ............؟

ج: كأنَّه شكٌّ من الراوي: هل قال: مجاهد، أو قال: غازي؟