تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ..} (3)

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبدالله البزاز: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَرْبَعَ خِصَالٍ، فأعطاني ثلاثًا، ومنعني واحدةً: سألتُه ألَّا تكفر أمّتي صفقةً واحدةً، فأعطانيها.

الشيخ: يعني: جميعًا، مثل: لا تجتمع أُمَّتي على ضلالةٍ.

وسألتُه ألَّا يُعَذِّبَهُمْ بِمَا عَذَّبَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ، فَأَعْطَانِيهَا، وسألتُه ألَّا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ ألَّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمَنَعَنِيهَا.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ ابْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيِّ بِهِ نَحْوَهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ، مَوْلَى آلِ أَبِي ذئابٍ.

مُداخلة: مولى أبي ذباب.

الشيخ: "التقريب" موجود؟ انظر: الوليد بن رباح.

سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُهُ ألَّا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِي، وسألتُه ألَّا يُهلكهم بالسِّنين، فأعطاني، وسألتُه ألَّا يلبسهم شيعًا وألَّا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَمَنَعَنِي.

ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَحْوِهِ.

ورواه البزَّارُ من طريق عَمْرِو ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَحْوِهِ.

أَثَرٌ آخَرُ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عن أُبَيِّ بن كعبٍ قال: أربعةٌ في هذه الأُمَّة، قد مضت اثنتان، وبقيت اثنتان.

الشيخ: أربعٌ أو أربعة؟

الطالب: أربعة.

الشيخ: يجوز، حط نسخة: أربع؛ لأنَّ الشيء إذا ما ذُكر التَّمييز يُذكّر ويُؤنّث: "ستًّا من شوال"، وإذا ذُكر التَّمييز يُقال: "ستة أيام"، "ستًّا" تُؤنث، "أربع" تُؤنث، "أربعة" تُذكر؛ لأنَّ ..... تذكير سهل نسخة.

يعني: أربعة أشياء، والذي عنده: أربع، يعني: أربع خصالٍ.

مداخلة: في نسخة "الشعب": رواه البزَّار من طريق عمر ابن أبي سلمة.

الشيخ: انظر "التقريب".

قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ: الرَّجْمُ، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: الْخَسْفُ، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الأنعام:65]، قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي الرَّجْمَ وَالْخَسْفَ.

الشيخ: هذا غريبٌ؛ الرَّجم والخسف ما هو معناه أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا، كأنه تقديمٌ وتأخيرٌ، حطّ على (قال سفيان) إشارة.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ: عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ: فَهِيَ أَرْبَعُ خِلَالٍ، منها اثنتان بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً: أُلْبِسُوا شِيَعًا، وَذَاقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ. وَبَقِيَتِ اثْنَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَاقِعَتَانِ: الرَّجْمُ، وَالْخَسْفُ.

الشيخ: والخلاصة من هذه الأحاديث الكثيرة أنَّ الثِّنتين الأُوليين واقعة في الأمّة: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ما يقع من العقوبات: من الرجم، ومن الصواعق الضَّارة، ومن الأمطار الضَّارة، إلى غير ذلك مما يقع من الرياح، إلى غير ذلك، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ما يقع من الخسف والزّلازل، نسأل الله العافية، وهذا كلّه وقع كثيرًا ويقع، نسأل الله العافية، قبل النبي وبعده عليه الصلاة والسلام، أما: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ هذا هو الاختلاف بين الأمّة وما يقع بينها من القتال والفتن، وهذا واقعٌ، لم يُرفع عنها، إن استقامت على دين الله وحافظت على ما يجب عليها كفاها اللهُ هذا الاختلاف، واستقام لها الأمر، وإن حصل فيها من المعاصي والشّرور والمخالفة لأمر الله؛ قاتل بعضُهم بعضًا، وتعدَّى بعضُهم على بعضٍ، مثلما جاء في الرِّواية الأخيرة: أول ما يقع بعد خمسٍ وعشرين سنةً، لما قُتل عثمانُ حصل ما حصل من الالتباس، وأذاق اللهُ بعضَهم بأس بعضٍ بما جرى بين المسلمين: بين عليٍّ ومعاوية، بين أهل العراق وأهل الشام، وما وقع بعد هذا من الفتن كلّه داخلٌ في قوله: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا، نسأل الله السلامة.

مداخلة: عمر ابن أبي سلمة ابن عبدالرحمن بن عوف الزّهري، قاضي المدينة، صدوقٌ يُخطئ، من السادسة، قُتِلَ بالشام سنة اثنتين وثلاثين مع بني أُمية. (خت).

الشيخ: وعمرو بالواو؟

مداخلة: عمرو ابن أبي سلمة التَّنِّيسي -بمثناة ونون ثقيلة، بعدها تحتانية، ثم مهملة- أبو حفص الدّمشقي، مولى بني هاشم، صدوق له أوهام، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة أو بعدها. (ع).

الشيخ: هذا عمر -بدون واوٍ- ولد أبي سلمة ابن عبدالرحمن، حفيد عبدالرحمن بن عوف -رحمة الله عليه- بدون واوٍ.

س: ما ورد من الأحاديث السَّابقة أنَّ النبي ﷺ أُعطي .....؟

ج: العذاب العامّ يعني، أمَّا ما يقع من الفتن والعقوبات غير عامّة، العامّة هي المرفوعة، أمَّا ما يقع من الجزئيات: تقع الزلازل، والصَّواعق، والرياح، وأشباهها، تُصيب بعض النَّاس.

س: في الأثر الأول سفيان يقصد أنَّ الرجم والخسف لم يقعا بعد؟

ج: الكلمة التي قبل سفيان.

أَثَرٌ آخَرُ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عن أُبَيِّ بن كعبٍ قال: أربعة في هذه الأمّة، قد مضت اثنتان، وبقيت اثنتان: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ: الرَّجْمُ، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: الْخَسْفُ، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الأنعام:65] قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي الرَّجْمَ وَالْخَسْفَ.

الشيخ: جعلها بعد: أَوْ يَلْبِسَكُمْ هو محل الاشتباه، يكون محلُّها مُقدَّمًا.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ وكيعٍ، عن أبي جعفر. ورواه ابنُ أبي حاتم.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ الْآيَةَ، قَالَ: حُبِسَتْ عُقُوبَتُهَا حَتَّى عُمِلَ ذَنْبُهَا، فَلَمَّا عُمِلَ ذَنْبُهَا أُرْسِلَتْ عُقُوبَتُهَا.

وَهَكَذَا قَالَ مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وأبو مالكٍ، والسّدي، وابن زيدٍ، وغير واحدٍ فِي قَوْلِهِ: عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ يَعْنِي: الرَّجْمَ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ يَعْنِي: الْخَسْفَ. وَهَذَا هو اختيار ابن جريرٍ.

وروى ابْنُ جَرِيرٍ: عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: كَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مسعودٍ يصيح وهو في المسجد أَوْ عَلَى الْمِنْبَرِ.

الشيخ: حطّ نسخة: في المجلس.

يَقُولُ: أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ لو جاءكم عذابُ السَّمَاءِ لَمْ يُبْقِ مِنْكُمْ أَحَدًا، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ لَوْ خَسَفَ بِكُمُ الْأَرْضَ أَهْلَكَكُمْ، ولم يُبْقِ مِنْكُمْ أَحَدًا، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أَلَا إِنَّهُ نَزَلَ بِكُمْ أَسْوَأُ الثَّلَاثِ.

الشيخ: والمقصود من هذا أنَّ المرفوعَ عن الأمّة الذي أجاب اللهُ دعوةَ نبيِّه ﷺ: العذاب العامّ من فوقنا، ومن تحتنا، كما جرى على قوم هود، وقوم نوح، وقوم صالح من العذاب المستأصل العامّ، نسأل الله العافية، هذا رُفع عن الأمّة، لا تُعذَّب عذابًا يستأصلها ولا يُبقي منها أحدًا، أمَّا ما يقع من بعض العقوبات على بعض الناس هذه باقية، قد يُعاقَب بعض الناس بشيءٍ من فوق: ماء يُغرقهم؛ يُغرق بعض الناس وبعض الدِّيار، أو رياح تُدمّر عليهم أشجارًا وزروعًا وغير ذلك، أو أشياء أخرى من بردٍ، أو ما أشبه ذلك، هذا قد يقع، لكن ما هو بعامٍّ، كذلك من تحتهم قد يقع؛ قد يخسف بعض البلاد، وبعض القرى قد يُصيبها زلزال يُدمرها، هذه ليست عامَّةً.

س: والبراكين؟

ج: والبراكين كذلك هي من جنس الزلازل.

قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ خَلَّادَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِالرَّحْمَنِ يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ فِي هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ فَأَئِمَّةُ السُّوءِ، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فَخَدَمُ السُّوءِ.

الشيخ: هذا التَّفسير بعيدٌ. أعد: ورواه.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ خَلَّادَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِالرَّحْمَنِ يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ فِي هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ فَأَئِمَّةُ السُّوءِ، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فَخَدَمُ السُّوءِ.

الشيخ: هذا لو صحَّ تفسيرٌ بالمعنى، يعني: ما هو الفوقية الحسية، ولا التَّحتية الحسيّة، لو صحّ يعني: الفوقية المعنوية بالأئمة والأمراء، والتَّحتية الحسية من الخدم والأذناب، لكن الرِّواية المذكورة ..... مثلما تقدم، نسأل الله العافية.

وَقَالَ عَلِيُّ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ يَعْنِي: أُمَرَاءَكُمْ، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ يَعْنِي: عَبِيدَكُمْ وَسَفَلَتَكُمْ.

وَحَكَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أبي سنانٍ وعمرو بن هانئ نحو ذلك.

قال ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ وَأَقْوَى.

وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.

الشيخ: صدق رحمه الله.

وَيَشْهَدُ لَهُ بِالصِّحَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ۝ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِير [الملك:16- 17].

وَفِي الْحَدِيثِ: لَيَكُونَنَّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَذْفٌ وَخَسْفٌ وَمَسْخٌ. وَذَلِكَ مَذْكُورٌ مَعَ نَظَائِرِهِ فِي أَمَارَاتِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا، وَظُهُورِ الْآيَاتِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَسَتَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى.

وقوله: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا يعني: يَجْعَلَكُمْ مُلْتَبِسِينَ، شِيَعًا: فِرَقًا مُتَخَالِفِينَ.

قَالَ الْوَالِبِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْأَهْوَاءَ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا واحدةً.

وقوله تعالى: وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: يَعْنِي يُسَلِّطُ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ بالعذاب والقتل.

وقوله تعالى: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ أَيْ: نُبَيِّنُهَا وَنُوَضِّحُهَا مرةً ونُفسِّرها، لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ [الأنعام:65] أَيْ: يَفْهَمُونَ وَيَتَدَبَّرُونَ عَنِ اللَّهِ آيَاتِهِ وَحُجَجَهُ وَبَرَاهِينَهُ.

قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: لَمَّا نَزَلَتْ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ الْآيَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رقابَ بعضٍ بالسَّيف، قالوا: ونحن نشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ الله؟! قال: نعم، فقال بعضُهم: لَا يَكُونُ هَذَا أَبَدًا؛ أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُنَا بَعْضًا وَنَحْنُ مُسْلِمُونَ! فَنَزَلَتْ: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ۝ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ۝ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [الأنعام:65- 67]. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وابنُ جريرٍ.

الشيخ: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه، نسأل الله العافية.

س: القذفُ المراد بها الرَّمي؟

ج: نعم، الرجم يعني، مثلما جرى على قوم لوطٍ، نسأل الله العافية.