تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رسولُ الله ﷺ: مَن أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ.

الشيخ: وهذا في أوَّله لمسلمٍ، في أوَّل هذا: ما بعث اللهُ من نبيٍّ إلا كان حقًّا عليه أن يدلّ أُمَّتَه على خير ما يعلمه لهم، ويُنذرهم شرَّ ما يعلمه لهم، وإنَّ هذه الأُمَّة جُعِلَتْ عافيتُها في أوَّلها، وسيُصيب آخرَها بلاءٌ وأمورٌ تُنْكِرونها، تجيء الفتنةُ فيقول المؤمنُ: هذه مُهلكتي. ثم تنكشف، ثم تجيء الفتنةُ فيقول: هذه، هذه. فمَن أحبَّ أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنةَ فلتُدركه منيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يُحبّ أن يُؤْتَى إليه.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ .

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ به.

الشيخ: وهذا يدل على أنَّه يجب على المؤمن أن يُحسن ظنّه بربِّه، فيبتعد عن سوء الظنِّ، والله يقول جلَّ وعلا فيما ثبت عن نبيِّه ﷺ أنَّه قال جلَّ وعلا: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني، وفي اللَّفظ الآخر: وأنا معه إذا ذكرني، فليحسن ظنّه بربه، وليظنّ به الخير والرحمة والجود والكرم، لكن مع إحسان العمل، مع جدِّه في طاعته سبحانه.

وأمَّا مَن أساء العمل فهو حريٌّ بعقاب الله وغضبه، وحسن ظنِّه بالله مع سُوء العمل غرورٌ وخداعٌ من الشيطان، فإنَّ مَن أحسن الظنَّ أحسن العمل.

فالواجب على كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ إحسانُ الظنِّ، وإحسان العمل جميعًا، وأن يخاف ذنبَه، ويحذر شرَّ نفسه، مع حسن ظنِّه بربه، وأنه سبحانه كما وعد عباده جواد كريم، لطيف رحيم، تواب كريم، لكنه شديد العقاب، عظيم الانتقام لمن أساء العمل وفرَّط وأضاع ولم يُبالِ بعظمة الله وكبريائه، يقول في سورة الحجر: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ [الحجر:49- 50]، أمره أن يُنبئهم بهذا وهذا: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ، وقال في سورة المؤمن: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ [غافر:3]، وقال جلَّ وعلا: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ [الرعد:6]، فالعاقل يُحاسِب نفسه ويُجاهدها لله، ويُحسن ظنّه بربّه، مع إحسان العمل، والحذر من سُوء العمل.

س: ............؟

ج: وليأتِ إلى الناس الذي يُحبّ أن يُؤتى إليه أي: يُعاملهم كما يُحبّ أن يُعاملوه: بالصِّدق، وأداء الأمانة، وحُسن الخلق، وطيب الكلام، وعدم الخيانة، إلى غير هذا من مكارم الأخلاق، كما تُحبّ أن يُعاملك أخوك بطيب الكلام، وأداء الأمانة، والنصح، والوفاء، فأنت كذلك ائتِ إليه، كذلك عامله بهذه الأخلاق، نعم.

ثم قوله: فلتُدركه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر جاء في القرآن وفي السُّنة ذكر الإيمان بالله وباليوم الآخر، وهذا الإيمان مُختصرٌ، يدخل فيه الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة، وبالكتب، والرسل، والقدر، وأخبار الرسل، ما قالوا، وأخبار نبينا محمد ﷺ، ما قال، كله داخلٌ في الإيمان بالله، والآيات والنّصوص تارةً تبسط الإيمان: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بما أنزل الله، والإيمان بما أخبر الله. وتارةً تكون مُوجزةً.

وإذا أُطلق الإيمان بالله واليوم الآخر فالمعنى: الإيمان بكلِّ ما أخبر اللهُ به ورسوله، كلٌّ داخلٌ في الإيمان بالله: الإيمان بما أخبر الله من الكتب والرسل والقدر، وأخبار يوم القيامة، وأخبار آخر الزمان، والأخبار عمَّا مضى، كلها داخلة في الإيمان بالله.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ.

..........

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَإِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ بي شَرًّا فَلَهُ.

وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ ثَابِتٌ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يقول الله: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ –وَأَحْسَبُهُ- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مَرِيضًا، فَجَاءَهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ، فَوَافَقَهُ فِي السُّوقِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ يَا فُلَانُ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْجُو اللَّهَ، وَأَخَافُ ذُنُوبِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ. ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ ثَابِتٍ غَيْرَ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ. وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ ثَابِتٍ مُرْسَلًا.

الشيخ: وهذه الصِّفة -الرَّجاء مع الخوف- صفة أهل الإيمان، وهذه صفة الأخيار: رجاء مع خوفٍ، ليسوا آمنين، ولا مدلين بأعمالهم، قال جلَّ وعلا في صفة الأخيار من عباده من الأنبياء وأتباعهم: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا، رغبًا: رجاءً، ورهبًا: خوفًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].

وقال فيهم أيضًا -الرسل والأخيار- أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا [الإسراء:57].

وهكذا المؤمن: لا يأمن، ولا يقنط، لا هذا، ولا هذا، فالأمن من مكر الله هلاك، والقنوط من رحمة الله هلاك، ولكن لا هذا، ولا هذا، يرجو ربَّه، ويخاف ذنبه، ويعمل على ضوء ذلك، يعمل بطاعة الله، والمسارعة للتَّوبة والنَّدم على ما فرّط فيه، فهو دائمًا في حسابٍ وجهادٍ، هكذا في حسابٍ وجهادٍ لهذه النَّفس حتى يلقى ربَّه، يقول سبحانه: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف:87]، ويقول جلَّ وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر:56]، ويقول جلَّ وعلا: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99].

فلا بدَّ من الحذر من الأمن والقنوط، وأن تجمع بين الرَّجاء والخوف، ترجو ربَّك لوعده العظيم، وكونه سبحانه جواد كريم؛ لكونه وعد عباده إذا أحسنوا أن يُحسن إليهم، وتخاف ذنبك؛ لأنَّك أسأت في حقِّه، وقد توعدك على إساءتك بالعقاب إلا أن يعفو، هكذا تسير إلى الله بين الرجاء والخوف.

قال بعضُ السَّلف: ينبغي للمؤمن أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء، كالجناحين للطَّائر يسير بينهما.

وقال بعضُهم: في حال المرض وخوف دنو الأجل يُغلّب جانب الرجاء وحُسن الظنّ، يُغلّب جانب الرَّجاء، وفي حال الصحة يُغلّب جانب الخوف والحذر. وهذا كلامٌ قويٌّ وجيدٌ، ولكن يجب دائمًا دائمًا أن يكون جامعًا بين الرَّجاء والخوف أبدًا أبدًا.

مداخلة: ............

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أن لا أَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ بِهِ. وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: (بَابُ كَيْفَ يَخِرُّ لِلسُّجُودِ)، ثُمَّ سَاقَهُ مِثْلَهُ، فقيل: معناه ألَّا أموت إلا مسلمًا. وقيل: معناه ألَّا أُقْتَلَ إِلَّا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ. وَهُوَ يَرْجِعُ إلى الأول.

وقوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، قِيلَ: بِحَبْلِ اللَّهِ أَيْ: بِعَهْدِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ في الآية بعدها: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران:112] أَيْ: بِعَهْدٍ وَذِمَّةٍ. وَقِيلَ: بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ يَعْنِي: الْقُرْآنَ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَصِرَاطُهُ الْمُسْتَقِيمُ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ خَاصٌّ بِهَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ ابْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْعَرْزَمِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كِتَابُ اللَّهِ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَمْدُودُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ.

الشيخ: وحبل الله لا شكَّ أنَّ مُراده دينه وصراطه المستقيم، فإنَّ هذا الدِّين حبلٌ للوصول بين العبد وبين ربِّه، مَن تمسَّك به نجا، وهو الصِّراط المستقيم، وهو دين الله، وهو الإسلام، وهو الإيمان، وهو الهدى، كلٌّ يُسمّى: حبلًا؛ لأنَّ هذا السَّبيل موصلٌ إلى الله، كما أنَّ الحبلَ موصلٌ إلى الجهة التي تربطه فيها، فهو حبلٌ ممدودٌ بين العبد وبين ربِّه، طرفه في الأرض، ونهايته إلى الجنة، مَن تمسَّك به في هذه الدَّار سار عليه إلى الموت، وبعد الموت إلى الجنة والنَّجاة من النار، إلى الصِّراط المستقيم الحسيّ؛ ولهذا سُمّي: حبلًا، وسُمي: صراطًا، وسُمي: طريقًا، وسُمي: سبيلًا، هو سبيل، وهو الصِّراط، والطريق، والحبل، والعهد بين الله وبين عباده، نعم.

س: درجة الحديث؟

ج: ضعيف، لكن معناه صحيح، عطية العوفي ضعيف.

وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حبلُ الله المتين، وهو النور المبين، وَهُوَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ.

الشيخ: وهذا يُفسّر بالقرآن؛ لأنَّ القرآن هو الدال على الله، وهكذا السُّنة، القرآن حبل الله المتين، والسنة حبل الله المتين، وكلاهما حبل الله المتين؛ لأنهما الدَّالان على الدِّين، والدَّاعيان إليه، والموضحان له.

س: درجة الحديث عفا الله عنك؟

ج: فيه ضعفٌ؛ لأنَّ إبراهيم يضعف في الحديث، الهجري، لكن معناه صحيح.

وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ نَحْوُ ذَلِكَ.

وَقَالَ وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ: إنَّ هذا الصِّراط محتضرٌ، يحضره الشَّياطين: يا عبدالله، هذا الطَّرِيق، هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيقِ، فَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ، فَإِنَّ حَبْلَ اللَّهِ الْقُرْآنُ.

الشيخ: وفي هذا المعنى يقول جلَّ وعلا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153]، مثلما يُروى عن عبدالله: (محتضر) يعني: الشيطان يدعو إلى سبل النار، وصراط الجنة واحد، وهو دين الله والإيمان والهدى والإسلام، وهو حبل الله المتين، والطرق التي تُفضي إلى النار ما لها حدٌّ، طرقٌ كثيرةٌ، سبلٌ كثيرة: النصرانية سبيل، واليهودية سبيل، والوثنية سبيل، والشيوعية سبيل، وسائر أنواع الإلحاد، سبلٌ لا تُحصى، يجمعها شيء واحد وهو خلاف ما جاء في الكتاب والسّنة، وهذه السُّبل المخالفة للكتاب والسّنة لا يُحصيها إلا الله، كلها تُفضي إلى النار، كلها تجرّ إلى النار، وكلها طرق تدعو إليها الشياطين، من شياطين الإنس والجنّ.

فلا طريقَ إلى الجنة والسَّلامة والنَّجاة إلا طريق واحد فقط، وهو صراط الله المستقيم المذكور في قوله جلَّ وعلا: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:6- 7]، وفي قوله : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153]، وفي قوله: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، وهو صراطٌ واحدٌ، طريق واضح درج عليه آدم ومَن صلح من ذُريته، والرسل بعدهم.

مداخلة: .............

وَقَوْلُهُ: وَلَا تَفَرَّقُوا أَمَرَهُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفْرِقَةِ.