تفسير قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ..}

وَقَوْلُهُ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ [المائدة:5] أَيْ: وَأُحِلَّ لَكُمْ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ الْعَفَائِفِ مِنَ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَذِكْرُ هَذَا تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ، وهو قَوْلُه تَعَالَى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5]، فَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ، دُونَ الْإِمَاءِ. حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِنَّمَا قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُحْصَنَاتُ: الْحَرَائِرُ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَا حَكَاهُ عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْحُرَّةِ العفيفة، كما قال فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ هَاهُنَا، وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ عَفِيفَةٍ، فَيُفْسِدُ حَالَهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَتَحَصَّلُ زَوْجُهَا عَلَى مَا قِيلَ فِي الْمَثَلِ: حَشَفًا وَسُوءَ كَيْلَةٍ.

الشيخ: (حشفًا) ردئ، ومع هذا (سُوء كيلةٍ) ينقص يعني، قد يُقال: كيفية النَّقص، أنها في الكيفية، يعني: كونه ينقص من جهة الكيفية، لكن المعنى في الحقيقة الكمية، يعني: حشف، ومع هذا الكيلة غير تامَّة، ناقصة.

والمقصود من هذا أنَّه لا بدَّ في نكاح غير المسلمات من الشَّرطين كما في المسلمات: حرة، وعفيفة، جميعًا، كما أنَّه لا يجوز للمسلم أن ينكح الأَمَة إلا بالشّروط المتقدمة في أول سورة النساء: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ [النساء:25]، فليس له أن ينكح أمةً إلا بالشَّرطين المتقدمين: أمة، مسلمة، وهنا بين أنَّه لا بدَّ من كون المرأة حرّة وعفيفة، سواء كانت مسلمةً أو كتابيةً، لا بدَّ أن تكون حرةً، عفيفةً، مُحصنةً؛ حتى لا يجتمع الحشفُ وسُوء الكيل، يعني: كونها كافرةً، ومع هذا غير عفيفةٍ.

وَالظَّاهِرُ من الآية أنَّ المرادَ من المحصنات: العفيفات عن الزِّنا، كما قال تعالى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25].

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ وَالْعُلَمَاءُ في قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ هَلْ يَعُمُّ كُلَّ كِتَابِيَّةٍ عَفِيفَةٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً؟ حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِمَّنْ فَسَّرَ الْمُحْصَنَةَ بِالْعَفِيفَةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ هَاهُنَا الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الذِّمِّيَّاتُ دُونَ الْحَرْبِيَّاتِ؛ لِقَوْلِهِ: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة:29].

وَقَدْ كَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا يَرَى التَّزْوِيجَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ، وَيَقُولُ: لَا أَعْلَمُ شِرْكًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ تَقُولَ: إِنَّ رَبَّهَا عِيسَى، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221].

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَدِّبُ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ –يَعْنِي: الْمُزَنِيَّ- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ، عن ابن عباسٍ قال: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، قَالَ: فَحَجَزَ النَّاسُ عَنْهُنَّ حَتَّى نَزَلَتِ الآيةُ الَّتِي بَعْدَهَا: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5]، فنكح الناسُ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَقَدْ تَزَوَّجَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ نِسَاءِ النَّصَارَى، وَلَمْ يَرَوْا بِذَلِكَ بَأْسًا؛ أَخْذًا بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، فَجَعَلُوا هَذِهِ مخصصةً للتي في سورة البقرة: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ إِنْ قِيلَ بِدُخُولِ الْكِتَابِيَّاتِ فِي عُمُومِهَا، وَإِلَّا فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قد انفصلوا فِي ذِكْرِهِمْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، كقوله تَعَالَى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:1]، وَكَقَوْلِهِ: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا [آل عمران:20].

وَقَوْلُهُ: إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [المائدة:5] أَيْ: مُهُورَهُنَّ، أَيْ: كَمَا هُنَّ مُحْصَنَاتٌ عَفَائِفُ فَابْذُلُوا لَهُنَّ الْمُهُورَ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ.

وَقَدْ أَفْتَى جابرُ بن عبدالله وعامر الشَّعبي وإبراهيم النَّخعي وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَكَحَ امْرَأَةً فزنت قبل دخوله بها أنه يُفرّق بينهما، وَتَرُدُّ عَلَيْهِ مَا بَذَلَ لَهَا مِنَ الْمَهْرِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُمْ.

الشيخ: ليس بظاهرٍ، ليس بظاهرٍ، ولكن على كل حالٍ إذا ثبت ذلك يُقام عليها الحدّ، أما النِّكاح ما يبطل بالزنا، إنما إن ثبت يُقام عليها الحدّ، وإن لم يثبت فلا كلامَ، وإن ثبت يُقام عليها الحدّ، والحدّ كفَّارة لها .....

س: الحربيات .....؟

ج: الحربيّات ما هن داخلات في الآية، الحربيات يُقاتلن ..... بيننا وبينهم السّيف، إنما هذا في الذّميات والمستأمنات والمعاهدات.

س: الأمة المشركة هل تُنكح؟

ج: لا، لا ينكحها المسلمُ حتى تسلم، اختلفوا فيها إذا كانت سريةً ليس زواجًا؛ لأنَّ الحديثَ لا تُوطأ ..... حتى تحيض حيضةً، قال بعضُهم: إنَّ هذا يعمّ المسلمة والمشركة؛ لأنَّ الرسول قال: حتى تحيض حيضةً، ولم يقل: حتى تُسلم، فالأقرب والله أعلم هو منعه من قربانها حتى تسلم؛ لأنَّ الله إنما أباح الكتابيات المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، هذا يعمّ الزوجة والأمة المملوكة.

س: .............؟

ج: اجتهادًا منه ، واستبشاعًا لهنّ، نصّ القرآن مُقدّم عليه وعلى غيره؛ ولهذا خالفه غيره من السَّلف.

س: التي لم يدخل بها حدّها الرَّجم أو الجلد؟

ج: حدّها الجلد حتى يدخل بها، حتى يحصل وطءٌ، فإذا حصل وطءٌ صارت ثيبًا، تُرجم إذا ثبت عليها بإقرارها أو بالبينة، أمَّا الأمة المملوكة ما فيها إلا الحدّ: الجلد نصف ما على المحصنات، وهو نصف جلد، سواء كانت ثيبًا أو غير ثيّبٍ، الأمة المملوكة.

س: ..............؟

ج: محتمل، الأمر سهلٌ، الأقرب "كيلة" يعني من جهة الكمية، كمية الكيل، والصِّفة حصلت في قوله: "حشفًا"، هذه الصفة، والكيل يعني: ينقص الكيل، ما يُوفي الكيل، فعلى هذا تكون كيلةً، وإذا رُوعي أنَّ الكائلَ الذي لا يعتني بالوفاء أنَّ هذا نوعٌ من الصِّفة، فيكون لا يعتني بالوفاء، بل يبخس؛ أنها ترجع إلى ..... كسرت، لكن الأقرب في هذا عند التأمّل أنَّ الصِّفة حصلت بقوله: "حشفًا"، وبقيت الكميةُ، فالأقرب قوله: "سوء كيلةٍ".

س: هل وافق ابنَ عمر أحدٌ من الصَّحابة؟

ج: ما أذكر أحدًا، يُروى عن عمر أنه كان يكره ذلك، ولكن ما ..... يخشى على الأولاد أن يتنصَّروا، أو يتهوَّدوا، والنَّص حاكمٌ على الجميع.

س: ............؟

ج: قد يحتجّ بمثل ذلك؛ لأنَّ الظاهر من الأحاديث أنها لم تُسلم؛ لأنَّه فادى بها، محتمل، يعني: فيه قوة؛ لقوة من قال بإطلاق إباحة الأمة المملوكة، مع عموم قوله ﷺ: لا تُوطأ حاملٌ حتى تضع، ولا غير ..... حتى تحيض حيضةً، ولم يقل: حتى تُسلم، لكن الاحتياط للمؤمن إذا ..... احتياط المؤمن أن يُجاهدها حتى تُسلم.

وَقَوْلُهُ: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة:5]، فَكَمَا شَرَطَ الْإِحْصَانَ فِي النِّسَاءِ -وَهِيَ الْعِفَّةُ عَنِ الزِّنَا- كَذَلِكَ شَرَطَهَا فِي الرِّجَالِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَيْضًا مُحْصَنًا عَفِيفًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: غَيْرَ مُسَافِحِينَ، وَهُمُ الزُّنَاةُ الَّذِينَ لَا يَرْتَدِعُونَ عَنْ مَعْصِيَةٍ، وَلَا يَرُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ عَمَّنْ جَاءَهُمْ، وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ أَيْ: ذَوِي الْعَشِيقَاتِ الَّذِينَ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا مَعَهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ سَوَاءٌ؛ وَلِهَذَا ذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ الْبَغِيِّ حَتَّى تَتُوبَ، وَمَا دَامَتْ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَجُلٍ عَفِيفٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ عَقْدُ الرَّجُلِ الْفَاجِرِ عَلَى عَفِيفَةٍ حَتَّى يَتُوبَ وَيُقْلِعَ عَمَّا هُوَ فِيهِ من الزنا؛ لهذه الآية وللحديث: لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَقَدْ هَمَمْتُ ألَّا أَدَعَ أَحَدًا أَصَابَ فَاحِشَةً فِي الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُحْصَنَةً. فَقَالَ لَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الشِّرْكُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقْبَلُ مِنْهُ إِذَا تَابَ.

وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ على هذه المسألة مُستقصًى عِنْدَ قَوْلِهِ: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:6]؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى هَاهُنَا: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5].

س: قول الصَّحابي الذي سأل الرسول ﷺ أنها لا تردّ يدَ لامسٍ، فقال: طلِّقْهَا، فقال: إني أُحبُّها. فقال: أبقِهَا؟

ج: هذا ذكر الأئمةُ فيه كلامًا: أنها –يعني- مُتساهلة، ما هو معناه: زانية، لكنَّها عندها تساهل، وليس معناه أنها زانية؛ لأنَّ الزانية لا يجوز إنكاحها حتى تتوب إلى الله، قال له: طلِّقْهَا، قال: إني لا أصبر عنها. قال: أمسكها، يُحمل كما قال ابنُ القيم رحمه الله وغيره على أنها كان عندها شيءٌ من التَّساهل.

س: ما مبلغ التَّساهل؟

ج: يعني: ما هو بزنا، يعني: أنها قد تتساهل بلمس الرجل، والأخذ بيده، أو تقبيل، أو كذا، ليس المراد الزنا؛ لأنَّ القرآنَ صريحٌ في منع الزنا: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [النساء:25]، مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [النساء:24]، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5]، القرآن صريحٌ في شرط الإحصان، تُحمل على ما لا يُخالف نصّ القرآن.

س: بعد العقد وقبل الدّخول إذا مات الرجلُ ترثه المرأةُ؟

ج: نعم، إذا تمَّ العقدُ ترثه بإجماع المسلمين، ما هو بشرط: الدّخول، إذا مات تحدّ عليه وترثه، أمَّا إذا كان طلاقًا فليس عليها عدّة قبل الدّخول والخلوة، وأمَّا الإرث فترثه إذا مات، ولو كان ما دخل بها، ما دام تمَّ العقدُ يتوارثان، وعليها الإحداد أيضًا.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6].

قَالَ كَثِيرُونَ من السَّلف في قوله: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ يعني: وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ.

وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا قُمْتُمْ مِنَ النَّوْمِ إِلَى الصَّلَاةِ. وَكِلَاهُمَا قَرِيبٌ.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؛ فَالْآيَةُ آمِرَةٌ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَكِنْ هُوَ في حقِّ المحدِث واجبٌ، وفي حقِّ المتطهّر ندبٌ.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ كَانَ وَاجِبًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ.

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ فَعَلْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ؟ قَالَ: إِنِّي عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ. وَوَقَعَ فِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ" عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، بَدَلَ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ. كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

الشيخ: ومقصوده ﷺ أن يُبين أنَّه لا بأس أن يُصلي الإنسانُ الصَّلوات الخمس أو ثنتين أو ثلاثًا بوضوءٍ واحدٍ ما دام على طهارةٍ؛ ولهذا قال: عمدًا فعلتُ؛ للتَّعليم، ليعلموا أنَّ كونه توضّأ لكل صلاةٍ أنه من باب الأفضلية، أمَّا إذا كان على طهارةٍ فله أن يُصلي الصَّلوات بوضوءٍ واحدٍ، تطهّر للظهر وبقي على طهارته وصلَّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا بأس، هذا من تيسير الله جلَّ وعلا، ولكن إذا توضأ تجديدًا فهذا أفضل؛ لما في الوضوء من الفضل والأجر.

وأما الآية: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فقول مَن قال أنَّ المراد يعني: وأنتم مُحدِثون، أو من النوم، هذا هو الواجب، إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ يعني: وأنتم غير مُتطهرين، لستُم على طهارةٍ، هذا للوجوب، فَاغْسِلُوا للوجوب، أمَّا الاستحباب فهذا أمرٌ واسعٌ، يجب على مَن قام إلى الصَّلاة وهو على غير طهارةٍ، سواء كان مُحْدِثًا، أو قام من النّوم؛ لأنَّ النّوم مظنّة الحدث، يجب عليه الوضوء، نعم.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى: أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْبَكَّائِيُّ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْمُبَشِّرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا بَالَ أَوْ أَحْدَثَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِفَضْلِ طَهُورِهِ الْخُفَّيْنِ، فَقُلْتُ: أَبَا عبدالله، أشيءٌ تَصْنَعُهُ بِرَأْيِكَ؟ قَالَ: بَلْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَصْنَعُهُ، فَأَنَا أَصْنَعُهُ كَمَا رأيتُ رسولَ الله يصنعه.

وكذا رواه ابْنُ مَاجَهْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ تَوْبَةٍ، عَنْ زِيَادٍ الْبَكَّائِيِّ بِهِ.

الشيخ: انظر في "التقريب": فضل بن المبشر، وزياد بن عبدالله البكائي فيه ضعفٌ، والمحفوظ أنَّه ﷺ كان يمسح على خُفَّيه بماءٍ جديدٍ غير ماء الفضلة من مسح الرأس، كان يمسح على الخُفَّين بماءٍ جديدٍ؛ لأنَّه عضوٌ مُستقلٌّ.

الطالب: الفضل بن مُبشر -بمُوحدة ومُعجمة ثقيلة- الأنصاري، أبو بكر المدني، مشهور بكُنيته، فيه لينٌ، من الخامسة. (بخ، ق).

الشيخ: انظر زياد بن عبدالله البكّائي، نعم.

س: إذا كان الإنسانُ يتوضأ في إناءٍ ثم بقية المياه يمسح بها؟

ج: يأخذ من الإناء، يمسح من الإناء.

س: يعني ما تكون فضلة؟

ج: لا، لا، المقصود أنَّه ما هو بفضل الماء الذي بقي بيده من مسح رأسه، يغرف ماءً جديدًا من الإناء ويمسح الخفّين.

الطالب: زياد بن عبدالله بن الطّفيل العامري البكّائي -بفتح الموحدة وتشديد الكاف- أبو محمد الكوفي، صدوق، ثبت في المغازي، وفي حديثه عن غير ابن إسحاق لينٌ، ولم يثبت أنَّ وكيعًا كذَّبه، وله في البخاري موضعٌ واحدٌ متابعةً، من الثامنة، مات سنة ثلاثٍ وثمانين. (خ، م، ت، ق).

الشيخ: نعم، جيد في روايته عن ابن إسحاق، وفي حديثه لينٌ عن غيره.

س: الحديث ضعيفٌ؟

ج: ضعيفٌ نعم بالفضل .....، والمحفوظ أنَّه كان يمسح الخفّين بماءٍ جديدٍ.

س: ............؟

ج: محتمل، نعم.

وَقَالَ الإمامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَرَأَيْتَ وُضُوءَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ؟ عَمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: حَدَّثَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنها: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ ابْنِ الْغَسِيلِ حَدَّثَهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذلك عليه أُمِرَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَوُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ، فَكَانَ عَبْدُاللَّهِ يَرَى أَنَّ بِهِ قُوَّةً عَلَى ذَلِكَ فكَانَ يفعله حتى مات.­­­­­­­­

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ الحمصي، عن أحمد بن خالد الذّهني، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بن حبان، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ عبيدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ: يَعْنِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

وَأَيًّا مَا كَانَ فَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ وَالسَّمَاعِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، فَزَالَ مَحْذُورُ التَّدْلِيسِ.

الطالب: .........

الشيخ: تقدم في صلاة يوم الفتح ما يدل على أنَّ الواجب الوضوء عند الحدث، أمَّا إذا كان على طهارةٍ فالحمد لله، الوضوء على طهارةٍ من باب الاستحباب.

س: ............؟

ج: نعم، إذا توضّأ أفضل.

لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَمُدَاوَمَتِهِ عَلَى إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عن ابن سيرين: أنَّ الخلفاء كانوا يتوضَّؤون لِكُلِّ صَلَاةٍ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ مَسْعُودَ بْنَ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيَّ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: كَانَ عَلِيٌّ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَيَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الآيةَ [المائدة:6].

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: أَخْبَرنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَعَدَ لِلنَّاسِ فِي الرَّحَبَةِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ.

وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ عَلِيًّا اكْتَالَ مِنْ حَبٍّ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا فِيهِ تَجَوُّزٌ، فَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحدِث.

وهذه طرقٌ جيدةٌ عن عليٍّ، يُقوّي بعضُها بعضًا.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَوَضَّأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وُضُوءًا فِيهِ تَجَوُّزٌ خَفِيفٌ، فَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

الشيخ: والمعنى أنَّه لم يُبالغ، يعني: يمكن أنَّه توضّأ مرةً، مرةً.

والحاصل أنَّ الوضوء عن الحدث -يعني- ينبغي فيه العناية التَّامة؛ لأنَّه على خطرٍ، بخلاف الوضوء التَّجديدي؛ فإنَّ صاحبه ليس على خطرٍ؛ لأنَّه على طهارةٍ، فإذا توضأ مرة مرة فالأمر فيه واسع، حتى في الحدث يُجزئ، لكن في الوضوء عن حدثٍ سبق وجعله ثلاثًا ثلاثًا كان أكمل وأفضل.

س: ............؟

ج: يُحمل على الغسل الخفيف؛ لأنَّ المسح لا يُجزئ، النبي كان يغسلهما كما ..... ظاهر الأحاديث، فهو محمولٌ على غسلٍ خفيفٍ.

س: ............؟

ج: إذا قطعه لا بأس، عنده الطَّهارة الأولى كافية.

س: حديث "الوضوء على الوضوء نورٌ على نورٍ" هل هذا صحيحٌ؟

ج: لا، من كلام العامَّة.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بن سيرين: كان الخلفاءُ يتوضَّؤون لِكُلِّ صَلَاةٍ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ اعْتِدَاءٌ. فَهُوَ غَرِيبٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، ثُمَّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ وَجُوبَهَ فَهُوَ مُعْتَدٍ، وَأَمَّا مَشْرُوعِيَّتُهُ اسْتِحْبَابًا فَقَدْ دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ.

الشيخ: وهذا إن صحَّ فإنَّ قتادة عنعن عن سعيدٍ، وأبو هلال ما أعرف مَن هو أبو هلال؟ يحتاج إلى نظرٍ في أبي هلال أيضًا، انظر: أبا هلال في "التقريب"، الراوي عن قتادة.

س: إمام مسجدٍ وعظ الناس بعد صلاة الجماعة، واستسقى ورفع يديه؟

ج: ما في بأس، ما أعلم مانعًا، الاستسقاء يكون في المجالس، ويكون في البيت، ويكون في المسجد، والنبي رفع يديه في الاستسقاء، ويُروى أنَّ ..... رفع أيضًا، رفع يديه واستسقى يومًا من الأيام وهو جالس.

س: .............؟

ج: لا أعلم ذلك، لا أعلمه، ولا أظنّه، الوضوء على الوضوء سنة معروفة واضحة، كما عليه الجمهور، ومن هذا قول النبي ﷺ لما سُئل عن الوضوء من لحوم الإبل قال: توضّأ منها، قال: من لحم الغنم؟ قال: إن شئتَ، فهذا يدل على الوضوء على طهارةٍ: إن شئتَ يدل على أنَّه يتوضّأ، مُستحبٌّ: إن شئتَ.