تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}

وَقَوْلُهُ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، هَذِهِ آيَةُ وُجُوبِ الْحَجِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

وَقِيلَ: بَلْ هِيَ قَوْلُهُ: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَعَدِّدَةُ بِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَدَعَائِمِهِ وَقَوَاعِدِهِ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعًا ضَرُورِيًّا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: حدَّثنا يزيدُ بن هارون: حدَّثنا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ، فَحُجُّوا، فَقَالَ رجلٌ: أكل عامٍ يا رسول الله؟ فسكت، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بِهِ نَحْوَهُ.

وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَعَبْدُالْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ –وَاسْمُهُ: يَزِيدُ بْنُ أُمَيَّةَ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فقال: لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ بِهِ.

وَرَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ.

وَرُوِيَ من حديث أسامة بن يزيد.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ عَبدِالأعلى بن عَبْدِالْأَعْلَى، عن أبيه.

مداخلة: في نسخة "الشُّعَب": عن علي بن عبدالأعلى.

الشيخ: يحتاج إلى تأمُّلٍ.

مداخلة: في نسخةٍ ثالثةٍ: عن عبدالأعلى، عن أبيه.

الشيخ: حطّ عليه إشارة، يُراجع "المسند".

عن أبي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: لَا، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101].

وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورِ بْنِ وَرْدَانَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ مِنْ عَلِيٍّ.

س: وفيما قال نظر، يعني: في تحسينه؟

ج: في تحسينه؛ لأنَّه مُنقطعٌ؛ أبو البختري لم يسمع من عليٍّ، لعلَّ تحسين الترمذي ما هو من أجل ذاته، حسّنه لأجل الشَّواهد، أقول: تحسينه ما هو لأجل ذاته، على عادة الترمذي إذا كانت له شواهد، وشواهده تقدّمت، فيكون من باب الحسن لغيره يعني.

س: ............؟

ج: ما هو بواضحٍ، أقول: اعتراض المؤلف ما هو بجيدٍ؛ لأنه من باب الحسن لغيره، تقدمت شواهده من حديث أبي هريرة، وحديث ابن عباس السَّابق.

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ أبي عبيدة، عن أبيه، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا، وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا لَعُذِّبْتُمْ.

وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُتْعَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ. وَفِي رِوَايَةٍ: بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ.

وَفِي "مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ" وَ"سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" مِنْ حَدِيثِ وَاقِدِ ابْنِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِنِسَائِهِ فِي حَجَّتِهِ هَذِهِ: ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصْرِ يَعْنِي: ثُمَّ الْزَمْنَ ظُهُورَ الْحُصْرِ، وَلَا تَخْرُجْنَ مِنَ الْبُيُوتِ.

الشيخ: هذا في صحَّته نظر، في سنده نظر؛ ولهذا حججنا في عهد عمر ، فلو كان قال لهنّ هذا ما خرجن، ولا عصينه، حطّ عليه إشارة حتى يُعلّق عليه، حتى نُراجعه.

والمقصود من هذا أنَّ الحجَّ مرة في العمر بإجماع المسلمين، وبالنّصوص المذكورة، وهكذا العُمرة مرة في العمر، كما قال في حديث سُراقة: بل لأبد الأبد.

أمَّا الصَّلاة فشأنها آخر؛ فرضٌ كل يومٍ، الصَّلوات والزكاة فرضٌ كل عامٍ على مَن عنده المال الزكوي إذا توفّرت فيه الشّروط، وهكذا الصّيام فرضٌ كل عامٍ بإجماع المسلمين، أمَّا الحجّ فإنَّه فرض العمر فقط، والحكمة في ذلك: ما فيه من المشقّة العظيمة؛ لأنَّ الناس في أقطار الدنيا فيهم القريب من مكة، والبعيد يحتاج إلى نفقةٍ، فمن رحمة الله ومن إحسانه إلى عباده أن جعله مرة في العمر، والباقي تطوع، وهكذا العُمرة سواء.

س: مَن كفر وقد حجَّ قبل كفره ثم كفر، هل يلزمه حجٌّ آخر؟

ج: إذا رجع إلى الإسلام يعني؟

س: نعم.

ج: لا، تبقى أعماله على حالها، مثلما قال النبيُّ ﷺ لحكيمٍ: أسلمتَ على ما أسلفتَ من خيرٍ، والله قال جلَّ وعلا: فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ [البقرة:217]، وقال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [البقرة:161]، ما تبطل أعماله إلا بالموت على الردّة، بالموت على الكفر، يعني: إذا مات على الكفر الأصلي أو الردّة بطلت أعماله، وإلا فله أعماله، إذا رجع إلى الإسلام ولم يمت على الكفر تبقى له أعماله، لا يُعيد الحجَّ ولا غيره.

س: مَن قال لحاجِّ التَّطوع: إنَّك تُزاحم الناس في هذه الأيَّام؟

ج: لا، ما ينبغي أن يُقال هكذا، حجّ التَّطوع مشروعٌ، وإذا رأى باجتهاده ألا يحجَّ لأسبابٍ أخرى هذا إليه، أما التَّثبيط ما له، التثبيط ما له.

س: ما معنى الحصر في هذا الحديث؟

ج: الفرش يعني: الزَمْنَ البيوت، لو صحَّ.

س: حديث: تابعوا بين الحجِّ والعُمرة؟

ج: لا بأس به، يعني: هذا للتَّطوع، مثلما في الحديث الصَّحيح الآخر: العُمرة إلى العمرة كفَّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنّة. متَّفقٌ عليه.

هكذا تابعوا بين الحجِّ والعُمرة، فإنَّهما تنفيان الفقر والذّنوب كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديد والذَّهب والفضّة، وليس للحجِّ المبرور ثوابٌ إلا الجنة رواه الخمسةُ بإسنادٍ جيدٍ، هذا من باب الحثِّ على العمل الصَّالح.

انظر: محمد ابن أبي عبيدة.

س: بعض الإخوة الوافدين قد لا يتهيأ لهم الحجّ، ما أدري أيش العلّة؟

ج: هذا عندهم في زحمة الحجّ صعبٌ، فيه تعليمات بعد خمس سنين، كلما مضت خمس سنين، الظَّاهر أن يحجَّ من الخارج؛ لئلا تقع الزحمةُ بين الناس، أمَّا حجّ الفريضة فما يُمنع منه أحدٌ، هذا في التَّطوع فقط، أمَّا حجّ الفريضة فكلٌّ يأتي إليه من بلاده على حسب ما عند بلاده من التَّعليمات؛ لأنَّ الغالب على البلدان الأخرى أنهم يحدّون الحجيج من بلادهم لأسبابٍ رأوها، واتَّفقوا في مؤتمر وزارة الخارجية على تحديد الدول على حسب .....، كل هذا مراعاةً للزحمة، مراعاةً لعدم المشقّة على الناس؛ لأنَّ الحجَّ مرة في العمر، والباقي تطوع، فهذه مُراعاة للزحمة في مسألة التَّطوع.

الطالب: محمد ابن أبي عبيدة ابن معن بن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، المسعودي، الكوفي، اسم أبيه: عبدالملك، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسٍ ومئتين. (م، د، س، ق).

الشيخ: بارك الله فيك، هذا من أحفاد ابن مسعود، من أحفاد أحفاده .

وَأَمَّا الِاسْتِطَاعَةُ فَأَقْسَامٌ: تَارَةً يَكُونُ الشَّخْصُ مُسْتَطِيعًا بِنَفْسِهِ، وَتَارَةً بِغَيْرِهِ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كُتُبِ الْأَحْكَامِ.

الشيخ: ولا يلزمه إلا إذا كان مُستطيعًا بنفسه، أما كونه مُستطيعًا بغيره ما يلزمه، لو قال: يُحججني إنسانٌ، ما يلزمه، لكن إن استطاع بنفسه لزمه الحجّ.

س: هل يُعتبر تنظيم الدول الحديثة من الاستطاعة؟

ج: نعم من الاستطاعة، هذا ما هو في .....

قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حميدٍ: حدَّثنا عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَنِ الْحَاجُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشَّعِثُ التَّفِلُ، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَا السَّبِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يزيد، وهو الخوزي.

الشيخ: الخوزي متروك الحديث.

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَلَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ. كَذَا قَالَ هَاهُنَا، وَقَالَ فِي كتاب الحجّ: هذا حديثٌ حسنٌ.

لَا يُشَكُّ أَنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثقات سوى الخوزي هَذَا، وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، لَكِنْ قَدْ تَابَعَهُ غَيْرُهُ.

فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْعَامِرِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لَهُ: مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: الزَّادُ والرَّاحلة.

وهكذا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَقَتَادَةَ نَحْوُ ذَلِكَ.

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طرقٍ أخرى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ، كُلُّهَا مَرْفُوعَةٌ، وَلَكِنْ فِي أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِجَمْعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ.

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ.

مُداخلة: في نسخة "الشعب" من حديث أبي قتادة، وأشار في الحاشية: قال في "المستدرك" كتاب "الحج": وأبو قتادة هو عبدالله بن واقد الحرَّاني. انظر "ميزان الاعتدال".

الشيخ: أبي قتادة، نعم، طيب.

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أبي قَتَادَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عن قول الله : مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] فَقِيلَ: مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ، ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

الشيخ: وهذا معنًى مجمعٌ عليه، لا بدَّ من الاستطاعة، السَّبيل: الزاد والرَّاحلة، والراحلة تختلف بحسب الأحوال: تكون الراحلةُ طائرةً، وتكون الراحلةُ سيارةً، وتكون الراحلةُ بعيرًا، وتكون الراحلةُ غير ذلك، على حسب الزمان الذي فيه الشَّخص، فالله أطلق السَّبيل؛ لأنه يختلف، ليس كل أحدٍ سبيله كسبيل الآخر، كل واحدٍ له سبيله: الذي في مكّة سبيله أن يقوى على الذَّهاب إلى منى وعرفات، ولو ماشيًا، طيب، والذي في جدّة والطَّائف أسهل من غيره، والذي في المدينة ونحوها أسهل من غيره، والذي في الشَّام أشدّ، والذي في المغرب وفي المشرق أشدّ، كل واحدٍ له سبيل يختصّ به، والجامع لهذا القُدرة، فإذا قدر على أن يذهب إلى مكّة ويرجع بالطرق التي تمكنه من جوٍّ أو برٍّ أو بحرٍ لزمه، وإلا سقط عنه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

س: المستطيع بماله يدفع مالًا لأحدٍ يحجّ عنه؟

ج: وبدنه ما يستطيع؟

س: لا.

ج: ينتظر حتى يُشفى، إلا إذا كان هرمًا أو مرضًا لا يُرجى برؤه يستنيب، إذا كان لا يُرجى برؤه أو هرمًا -يعني شيخًا كبيرًا ما يستطيع- مثلما قال أبو رزين للنبي ﷺ: يا رسول الله، إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يثبت على الرَّاحلة، أفأحجّ عنه؟ قال: حُجَّ عن أبيك، كذلك الخثعميّة.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ. وَرَوَاهُ وَكِيعٌ فِي "تَفْسِيرِهِ" عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ -وَهُوَ أَبُو إِسْرَائِيلَ الْمُلَائِيُّ.

الشيخ: انظر إسماعيل أبو إسرائيل الملائي.

عَنْ فُضَيْلٍ -يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ.

الشيخ: يعني: بادروا، إذا استطاع الإنسانُ يُبادر بحجِّ الفريضة؛ لأنَّ الإنسان لا يدري ما يعرض له من مرضٍ، أو عدم أمن طريقٍ، أو غير ذلك، فالحزم أنَّ الإنسان إذا استطاع يُبادر بحجِّ الفريضة، هذا هو الحزم، وهذا هو الواجب، والصَّحيح أنه واجبٌ على الفور، متى قدر وجب عليه أن يُبادر، وهذا من أدلّة .....

س: الشَّعِث التَّفِل، والعجّ والثَّجّ، ماذا تعني؟

ج: الشَّعِث التَّفل يعني: على حاله، ما هو مُترفّه، صبور على شؤون الحجّ وتعب الحجّ، والعجّ والثّج فسَّروه بالتَّلبية وذبح الهدايا، العجّ: التَّلبية، والثّجّ: ذبح الهدي، لكن الحديث الأول ضعيفٌ، نعم.

س: بالنسبة للمرأة هل من الاستطاعة الـمَحْرَم؟

ج: من الاستطاعة المحرم نعم، في حقِّ المرأة نعم، النبي عليه الصلاة والسلام قال: لا تُسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرمٍ، ولما بلغ النبيَّ ﷺ أنَّ رجلًا قال له: يا رسول الله، إنَّ زوجتي خرجت حاجَّةً، وأنا قد اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا؟ قال: انطلق فحُجَّ مع امرأتك، ترك الجهاد، أمره أن يترك الجهاد –الغزو- ويذهب للحجِّ معها.

س: بعض الشَّركات تعدّ باصات خاصّة للخادمات؟

ج: ليس له أصلٌ فيما نعلم، تساهلٌ، أقول: ليس له أصلٌ، الرسول ﷺ قال: لا تُسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرمٍ، هذا في "الصحيحين" من حديث ابن عباسٍ، مع الأحاديث الأخرى الدَّالة على وجوب المحرم.

س: ............؟

ج: على كل حالٍ الذي ينهى عنه النبيُّ ﷺ .....

س: فعله هذا ما يجوز؟

ج: من شرط وجوبه على المرأة وجود المحرم، هذا هو الصَّواب.

مداخلة: إسماعيل بن خليفة العبسي –بالموحدة- أبو إسرائيل، الملائي، الكوفي، معروفٌ بكُنيته، وقيل: اسمه عبدالعزيز، صدوق، سيئ الحفظ، نُسب إلى الغلو في التَّشيع، من السَّابعة، مات سنة تسعٍ وستين، وله أكثر من ثمانين سنة. (ت، ق).

الشيخ: طيب، بارك الله فيك.

وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ، عَنْ مِهْرَانَ ابْنِ أَبِي صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَن أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ بِهِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ: مَنْ مَلَكَ ثَلَاثَمِئَةِ دِرْهَمٍ فَقَدِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.

الشيخ: هذا لو صحَّ يعني في وقت ما قال ابن عباس، لو صحَّ في وقته بالنّسبة إلى مَن في الطائف، أو في المدينة، لو صحّ عن ابن عباسٍ، الوقت يختلف، فلو صحَّ عنه فالمراد في ذاك الوقت الذي تكلّم فيه بالنسبة إلى بعض الناس، لو صحَّ، نعم.

وَعَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَاهُ أَنَّهُ قَالَ: السَّبِيلُ: الصِّحَّةُ.

الشيخ: هذا ليس بجيدٍ، لكن من باب تفسير الشَّيء ببعضه، الصحّة بعض الاستطاعة، ما هي بكل الاستطاعة؛ قد يكون صحيحًا، ولكن ما يستطيع، لكن هذا لو صحَّ عن عكرمة يعني أنَّ من الاستطاعة الصحّة.

س: مَن لم يحجّ مع الاستطاعة؟

ج: يكون عاصيًا، مَن استطاع ولم يحجّ يكون عاصيًا.

س: ثلاثمئة درهم كم يُعادل؟

ج: ذاك الوقت الدّرهم قليل: نصف مثقال، وخمس مثقال، يُعادل ربع ريالٍ تقريبًا، ربع ريالٍ سعودي من الفضّة، نعم.

وَرَوَى وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ -يَعْنِي الْكَلْبِيَّ- عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: الزَّاد والبعير.

الشيخ: الخُلاصة من هذا الكلام أنَّ الاستطاعة تختلف بحسب أحوال الناس؛ ولهذا أجملها الربُّ فقال: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وهكذا في الأحاديث الصَّحيحة: أن النبي ﷺ قال: وحجّ البيتِ مَن استطاع إليه سبيلًا، وفي حديث جبرائيل لما سأل النبيّ عن الحجِّ، عن أركان الإسلام قال: وحجّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلًا، هذا هو الأصل.

والاستطاعة تختلف بحسب أحوال الناس، وبحسب قُربهم من مكّة وبُعدهم منها، ليس استطاعة ساكن الطَّائف وجدّة مثل ساكن الرياض، وليس استطاعة ساكن الرياض مثل ساكن باكستان، وليس استطاعة مَن كان في مصر مثل استطاعة مَن كان في المغرب الأقصى وفي الأندلس، يختلف الناس، لهم أحوالٌ تختلف.

س: .............؟

ج: لا، ما يوفى به إلا بمحرمٍ، هذا شرطٌ فاسدٌ لا يُوفى به.

س: قول عمر: "مَن استطاع ولم يحجّ يُفرض عليهم الجزية؛ ما هم بمُسلمين، ما هم بمُسلمين"؟

ج: هذا مرويٌّ عن عمر ، وهذا من باب الوعيد، لو صحَّ عنه يكون من باب الوعيد، من باب التَّحذير والتَّرهيب.

س: بالنسبة للأرطال، بالنسبة للزكاة والصّيام والحجّ، لو واحدٌ عليه زكاة ولم يُزَكِّ هل يُعتبر كافرًا؟

ج: لا، يكون عاصيًا، ولا يكون كافرًا؛ ولهذا جاءت الأحاديثُ عن النبي ﷺ أنَّ مَن لم يُزَكِّ يُعذَّب يوم القيامة بماله: فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4]، ثم يرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار، دلَّ على أنه ما يكفر، لكن مُتوعدٌ بالعذاب، ثم بعد العذاب الذي قدَّره اللهُ عليه يكون إلى الجنّة، نعم.

س: إذا حجّت الخادمةُ مع الأسرة، أو مع النِّساء؟

ج: صحَّ الحجُّ، لكن مع الإثم، لو حجَّت بدون محرمٍ الحجّ صحيحٌ، لكن مع الإثم، تأثم، أمَّا الحجّ فصحيحٌ.

س: ............؟

ج: نعم.

س: تأثم هي أو كفيلها؟

ج: تأثم والذي ساعدها.

س: المستطيع الذي يستطيع ولم يحجّ، سمعنا منك أنَّه عاصٍ، ولكن الله يقول: وَمَنْ كَفَرَ [آل عمران:97]؟

ج: مَن كفر –يعني- بجحد الحجّ وإنكاره، هذا محل إجماعٍ، وفيه قولٌ ضعيفٌ أنه يكفر، ولكن قول الجمهور -بل هو كالإجماع- أنَّه إذا أخَّر الحجَّ وهو مُستطيعٌ ما يكفر، لكن يكون عاصيًا، وبعض أهل العلم قال: إنَّه ليس على الفور. كالشَّافعي رحمه الله، قال: ليس على الفور. فله التَّراخي.

ولكن الصّواب أنه على الفور إذا استطاع، ومَن قالوا: إنَّه على التراخي، قالوا: إنَّ الرسول وجب عليه الحجّ سنة ستٍّ من الهجرة أو خمسٍ -على أحد القولين- ولم يحجّ إلا في السنة العاشرة. قالوا: هذا يدل على التراخي.

والصواب أنَّ النبي ﷺ لم يتراخَ في ذلك، والحجّ لم يجب إلا في سنة تسعٍ أو عشرٍ، ولو قدر أنّه تراخى فهو لأعذارٍ شرعيةٍ؛ لعذرٍ شرعيٍّ؛ لأنَّ مكّة بيد الكفرة، ولأنها لم تُفتح إلا في سنة ثمانٍ.

المقصود أنَّ الصّواب أنَّ الحجَّ فُرِضَ في السنة التاسعة من الهجرة أو العاشرة بعد نزول آيات آل عمران: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران:97]، كان في السنة التاسعة أو العاشرة، والنبي ما أخَّره عليه الصلاة والسلام إلا بمقدار ما تمكّن من الحجِّ عليه الصلاة والسلام.

فالصواب أنَّ التأخير الذي يُبتلى به بعض الناس ما يكون كفرًا، ولكن يكون معصيةً، هذا الصواب، والواجب عليه البدار إذا يسَّر اللهُ له الاستطاعة، لكن من قال: لا يجب. يكفر، أو قال: الزكاة لا تجب، أو رمضان لا يجب. كفر، بخلاف الصّلاة؛ فإنَّ الصلاة لها خصوصية: مَن تركها كفر على الصَّحيح. وقال الأكثرون: إنَّ الصَّلاة مثل الحجّ ومثل الزكاة ومثل الصّوم؛ مَن تركها غير جاحدٍ صار عاصيًا، كافرًا كفرًا أصغر. وجعلوها مثل الزكاة والصّيام والحجّ.

والصواب أنَّ الصلاة لها خصوصية؛ فهي أعظم، هي عمود الإسلام، وقد قال فيها النبيُّ ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشِّرك ترك الصَّلاة، فليست من جنس الزكاة والصّيام والحجّ، بل أمرها أعظم؛ ولهذا الأرجح في الصّلاة أنَّ تركها كفرٌ أكبر، ولو لم يجحد الوجوب، نسأل الله السلامة، بخلاف الزكاة والصّيام والحجّ تركها معصية، إلا إذا جحد الوجوب؛ إذا جحد وجوب الزكاة، أو جحد وجوب صوم رمضان، أو جحد وجوب الحجّ مع الاستطاعة يكفر عند الجميع، نسأل الله العافية.

س: إذا استقدم خادمةً وتركها تحجّ بدون محرمٍ، هل يجمعون الخدم في أتوبيسٍ، يجمعونهم من البيت؟

ج: ما هو بعذرٍ شرعيٍّ، ليس بعذرٍ شرعيٍّ.

س: ............؟

ج: لا، ما يصلح، فيه قول بعض العلماء أنَّه إذا أمن الخطر لا بأس أن تحجّ بدون محرمٍ، قالوا: إنَّ المحرم ما هو بشرطٍ. ولكنه قول ضعيف، وفي قولٍ لبعض العلماء أنَّ المحرم ليس بشرطٍ، وأنَّه إذا تيسر لها طريقٌ آمنٌ مع نساء مأمونات جاز لها الحجّ، ولكنه قولٌ ضعيفٌ مصادمٌ للأحاديث الصَّحيحة، فالأقرب والأظهر أنه ليس عليها حجٌّ، ولا يجوز لها الحجّ إلا بمحرمٍ، هذا هو الأظهر في الأدلة الشَّرعية.

س: هذا واقع .....؟

ج: الواقع يُعدله الله في المستقبل إن شاء الله.

س: هذا قديمٌ أو مُتأخّر قول أنها يجوز لها أن تحجَّ بدون محرمٍ؟

ج: قول العلماء أظنّه قول الشَّافعي وجماعة، وذكروه عن الشيخ تقي الدين أيضًا، الأقوال مُتأخّرة، ما يُعتبر الخلاف بين أهل العلم في السَّابق.

س: امرأة زوجها فقير، ولكن عندها حُليّ، هل يلزمها أن تبيع حُليّها لتحجَّ منه؟

ج: إن كان حُليَّ العادة لا، ما يلزمها، أمَّا إن كانت حُليًّا زائدًا، مثلما يفعل النِّساءُ للقنية، أو لخوف الحاجة؛ هذا يلزمها، أمَّا إن كان حليَّ العادة الذي تتحلَّى به المرأةُ عند زوجها في العادة، ليس فيه إسرافٌ؛ ما يلزمها الحجّ.

س: ولو باعته وحجَّت؟

ج: لو باعته وحجَّت هذا من باب الخير، من باب المسارعة إلى الخيرات.

س: المحرَم إذا منعها؟

ج: ليس له منعُها، إذا كانت مُستطيعةً ما تُطيعه، يلزمها الحجَّ ولو عصته.

...........