تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا..}

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ۝ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ۝ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:118- 120].

يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِ الْمُنَافِقِينَ بِطَانَةً، أَيْ: يُطْلِعُونَهُمْ عَلَى سَرَائِرِهِمْ وَمَا يُضْمِرُونَهُ لِأَعْدَائِهِمْ، وَالْمُنَافِقُونَ بِجُهْدِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ لَا يَأْلُونَ الْمُؤْمِنِينَ خَبَالًا، أَيْ: يَسْعَوْنَ فِي مُخَالَفَتِهِمْ وَمَا يَضُرُّهُمْ بِكُلِّ مُمْكِنٍ، وبما يستطيعون مِنَ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ، وَيَوَدُّونَ مَا يُعْنِتُ الْمُؤْمِنِينَ ويُحرجهم ويشقّ عليهم.

وقوله تعالى: لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ أَيْ: مِنْ غَيْرِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ، وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ هُمْ خاصّة أهله الَّذين يطَّلعون على داخلة أَمْرِهِ.

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ: يُونُسُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالسُّوءِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُمَا. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا.

وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" فَقَالَ: وَقَالَ عُبَيْدُاللَّهِ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ. فَذَكَرَهُ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ: وهذه الآية وهذا الحديث الشَّريف كلاهما يدل على تحريم اتِّخاذ البطانة من الكفرة، وعلى وجوب الحذر منهم، سواء كانوا كفَّارًا مُعلنين: كاليهود والنَّصارى وغيرهم من الكفرة، أو كانوا كفَّارًا يُبطنون الكفر، ويتظاهرون بالنِّفاق، وعليهم علامات.

فالواجب الحذر، والمنافق أضرّ؛ لأنَّه ليس كل أحدٍ يعرف حاله، فهو يتظاهر بالإسلام وهو عدوٌّ للمسلمين، والآية نزلت فيهم: لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ يعني: أشخاصًا يكونون بطانةً لكم في الأعمال التي تأمرون بها وتؤمنون بها، فإنهم لا يؤمنون، والبطانة هم خواصّ الإنسان، ومَن يطلع على أسراره وداخل أمره من وزيرٍ وموظّفٍ خاصٍّ؛ لأنهم أخطر، والواجب أن يُنتقى الأخيار، وأن يُبتغى الطَّيبون في الوظائف؛ لأنَّ ذلك هو طريق السَّلامة، وطريق الأمانة والتَّحري للحقِّ، وكلما اجتهد المؤمنُ في ذلك وصدق وفَّقه اللهُ ويسَّر أمره وكفاه شرَّ الأعداء، كما قال في آخر الآية: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120]، إذا صبر المؤمنُ في تحري الحقِّ، والابتعاد عن أسباب الخطر، واتَّقى ربَّه في فعل ما أمر، وترك ما نهى؛ فإنَّ الله يُعينه ويُوفّقه ويكفيه شرَّ الأعداء.

وفي الحديث الدّلالة على أنَّ ما من نبيٍّ ولا خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحثّه عليه، وبطانة تأمره بالشَّر وتحثّه عليه، والمعصوم مَن عصمه الله، وإن كان قد لا يعلم البطانة السَّيئة، قد يُبتلى بها وهو لا يعرفها؛ لنفاقها وتظاهرها بالخير؛ لأنَّ البطانة لا يعرف حالها، يظنّها طيبةً.

والمقصود الحذر والانتباه واليقظة حتى يعرف مَن ينفعه أو يضرّه، وحتى يعرف عدوه من صديقه، وحتى يعرف البطانةَ الصَّالحة بالدَّلائل والعلامات، والبطانة الأخرى بالدَّلائل والعلامات: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا [الأنفال:29] يعني: نورًا وبصيرةً، ويجمعها قوله تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120]، إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف:90]، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران:186].

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزَّانِ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ أَبِي الدِّهْقَانَةِ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إِنَّ هَاهُنَا غُلَامًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ حَافِظٌ، كَاتِبٌ، فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ كَاتِبًا. فَقَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُ إِذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.

فَفِي هَذَا الأثر مع هذه الآية دليلٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ الَّتِي فِيهَا اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ واطّلاعٌ على دواخل أمورهم الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشُوهَا إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ.

الشيخ: انظر "التقريب"، عندكم أبو أيوب محمد بن وزان شيخ أبي حاتم، أعد السَّند.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزَّانِ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ أَبِي الدِّهْقَانَةِ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إِنَّ هَاهُنَا غُلَامًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ حَافِظٌ، كَاتِبٌ، فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ كَاتِبًا.

الشيخ: يعني نصرانيًّا.

فَقَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُ إِذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.

فَفِي هَذَا الأثر مع هذه الآية دليلٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ الَّتِي فِيهَا اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ واطّلاع على دواخل أمورهم الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشُوهَا إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ.

الشيخ: لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا يعني: لا يقصّرون في إدخال الشَّر عليكم، الخبال: الشَّر والبلاء، لَا يَأْلُونَكُمْ يعني: لا يُقصّرون، بل يجتهدون في إدخال الشَّر عليكم؛ ولهذا بعدها: وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ودّوا يعني: أحبّوا ما عنتم، يعني: عنتكم، ما مصدرية ..... ودّوا عنتكم، يعني: ودّوا المشقّة عليكم.

س: ..............؟

ج: هذا معنى أشدّ، هو من هذا الباب؛ لأنَّ مُقاتلتنا من الشَّر علينا والعنت علينا.

وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ أَنَسًا، فَإِذَا حَدَّثَهُمْ بِحَدِيثٍ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ أَتَوُا الْحَسَنَ -يَعْنِي الْبَصْرِيَّ- فَيُفَسِّرُهُ لَهُمْ، قَالَ: فَحَدَّثَ ذَاتَ يَوْمٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا، فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ، فَأَتَوُا الْحَسَنَ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَنَا أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ: لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا، فَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَّا قَوْلُهُ: لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا: مُحَمَّدٌ ﷺ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ المشركين يَقُولُ: لَا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي أُمُورِكُمْ. ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ: تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ.

الشيخ: انظر "التقريب": الأزهر بن راشد، وإسحاق بن إسرائيل، في صحّة هذا عن أنسٍ نظرٌ، وفي تفسير الحسن نظرٌ أيضًا.

إذا صحَّ عن أنسٍ: لا تستضيئوا بنار المشركين فالأقرب فيه أنَّ معناه: لا تتَّخذوهم أصحابًا ومجاورين تستأنسون بهم وتتعاونون معهم بما قد يجرّكم إلى صدقاتهم والأنس بهم، وفي اللَّفظ الآخر: أنا بريءٌ من كل مسلمٍ يُقيم بين المشركين، لا تراءى ناراهما يعني: لا تنزلوا بهم، ولا تُسافروا إلى بلادهم. لو صحَّ عن أنسٍ.

أمَّا لا تنقشوا عربيًّا فهذا غير واضحٍ، فإنَّ مَن كان اسمه محمدًا لا بأس أن ينقش في خاتمه: محمد، كما نقش النبيُّ في خاتمه: محمد، إذا كان اسمه محمد ابن فلان لا بأس أن ينقش في خاتمه: محمد ابن فلان، لكن كلمة لا تنقشوا عربيًّا تحتاج إلى نظرٍ، فالأقرب والله أعلم عدم صحّة هذا الأثر ..... جاء بهذه الزيادة: لا تنقشوا عربيًّا زيادة غريبة ..... إسحاق بن إسرائيل، والأزهر بن راشد.

س: يقصد النّهي عن الاسم والخطّ .....؟

ج: محل نظرٍ: لا تنقشوا عربيًّا ما يُفيد هذا الكلام.

مداخلة: أزهر بن راشد البصري مجهول، من الخامسة. (س).

أزهر بن راشد الكاهلي ضعيف، من الثامنة. (عس).

أزهر بن راشد الهوزني -بفتح الهاء وسكون الواو بعدها زاي مفتوحة ثم نون- أبو الوليد الشَّامي، صدوق، من السادسة، غلط مَن عدّه في الصَّحابة. (تمييز).

الشيخ: الأقرب الأول المجهول، من الخامسة، هو الأول. هذه واحدة من العلل؛ لعدم صحّته، حيث قال: مجهول، الثاني: إسحاق بن إسرائيل.

س: هل يجوز استعمال النَّصارى والمشركين في بيوت المسلمين وإيداع أموال المسلمين في البنوك الأجنبيّة؟

ج: استعمالهم وتوظيفهم في أمور المسلمين ما يصلح، يجب على ولي الأمر أن يختار من الطّيبين، أمَّا وضع المال في البنوك فهذا ما هو بتوظيفٍ، هذه حوالات ما لها تعلّق بالوظائف، هذه حوالات من محلٍّ إلى محلٍّ بأي طريقٍ .....، لكن كونه يستعمل في بنوك المسلمين إذا تيسر طيبٌ وأولى، إذا تيسرت البنوك الإسلامية ..... التَّحويل ما فيه بطانة.

مداخلة: ما ذكر إسحاق بن راشد.

الشيخ: المقصود أن يعلّق عليه: هذا الأثر ضعيفٌ؛ لجهالة أزهر، وينظر في حال إسحاق بن إسرائيل.

س: ............؟

ج: يختلف؛ إن كان في شيءٍ ما هو بطانة مثل: عمال، خدم، بناء، نجار، خراز، لا بأس، النبي ﷺ استعمل خادمًا من اليهود، واستعمل اليهود في زرع خيبر، إذا كانوا ما هم بطانة لا بأس، لكن في الجزيرة ما ينبغي، في الجزيرة العربية ما ينبغي.

س: في أعمال حراثة؟

ج: لا بأس، لكن في غير الجزيرة العربية، في بلادٍ أخرى، أمَّا الجزيرة العربية ما يكون فيها إلا دين واحد: الإسلام، لكن في الشام، في مصر، في غيرها، في البلدان الأخرى، الله يكفينا شرَّهم ويُبعدهم.

هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى رحمه الله تعالى، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هُشَيْمٍ.

الشيخ: إذا كان عن مجاهد بن موسى استرحنا من إسحاق بن إسرائيل، لا بأس، مجاهد طيب، يعني لن يحتاج لمعرفة إسحاق بن إسرائيل؛ لأنَّ مجاهد بن موسى طيب، فتكون علّته أزهر.

وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ هُشَيْمٍ بإسناده مثله في غَيْرِ ذِكْرِ تَفْسِيرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.

وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ: لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا أَيْ: بِخَطٍّ عَرَبِيٍّ؛ لِئَلَّا يُشَابِهَ نَقْشَ خَاتَمِ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِنَّهُ كَانَ نَقْشُهُ: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ.

وَأَمَّا الِاسْتِضَاءَةُ بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ.

الشيخ: هذا ليس بجيدٍ، هذا غلطٌ أيضًا: لا تنقشوا عربيًّا ينقش: "محمد رسول الله"، هذا ما هو محمد رسول الله، لا يجوز أن يُنقش في خاتم أحدٍ: "محمد رسول الله"، خاتم الرسول هو الذي فيه: "محمد رسول الله"، خاتمه هو، أما أن يتّخذ الناسُ خواتيمَ فيها "محمد رسول الله" هذا ما يصلح، لكن هذا ما يتبين من: لا تنقشوا عربيًّا، ما يتبين من الكلمة هذه ..... أنها غير صحيحةٍ .....

الصواب أنَّ هذه الزيادة وهذا الأثر غير صحيحٍ عن أنسٍ؛ لأنَّ أنسًا عربيٌّ يُخاطب العربي، لا بدَّ من بيانٍ واضحٍ، لا بدَّ أن يتكلم بشيءٍ واضحٍ يعرفه الناس: "لا تنقشوا عربيًّا"، الكل ينقش عربيًّا، كل إنسانٍ في خاتمه ينقش عربيًّا إذا كان عربيًّا، فهذا ينقش "محمد ابن فلان"، وهذا ينقش "عبدالله ابن فلان"، وهذا ينقش "صالح ابن فلان"، كل عربيٍّ، ما يستقيم، هذا غلطٌ، نعم.

فَمَعْنَاهُ: لَا تُقَارِبُوهُمْ فِي الْمَنَازِلِ بِحَيْثُ تكون مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، بَلْ تَبَاعَدُوا مِنْهُمْ، وَهَاجِرُوا من بلادهم؛ ولهذا روى أبو داود: لا تتراءى ناراهما، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ أَوْ سَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ.

فَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا قَالَهُ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ بِالْآيَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ: نعم، مثلما قال المؤلف.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ أَيْ: قَدْ لَاحَ عَلَى صَفَحَاتِ وُجُوهِهِمْ وَفَلَتَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ، مَعَ مَا هُمْ مُشْتَمِلُونَ عَلَيْهِ فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْبَغْضَاءِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ مَا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ على لبيبٍ عاقلٍ؛ ولهذا قال تعالى: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ أي: أنتم أيّها المؤمنون تُحبّون المنافقين بما يُظهرونه لَكُمْ مِنَ الْإِيمَانِ، فَتُحِبُّونَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَهُمْ لَا يُحِبُّونَكُمْ: لَا بَاطِنًا، وَلَا ظَاهِرًا.

الشيخ: والمعنى: تُحبونهم ولا يُحبونكم، يعني: تُحبّونهم على ما ظهر منهم، يعني: لما ظهر منهم الإسلام تظنّونهم صادقين، لكن لا تعلمون نفاقَهم، والمسلم يُحبّ المسلم حتى يعلم ما يدلّ على نفاقه، الأصل هو السلامة، وهو أن تحبّ أخاك لله، ما لم تعلم نفاقَه وكفرَه.

وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ أَيْ: لَيْسَ عِنْدَكُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ شَكٌّ وَلَا رَيْبٌ، وَهُمْ عِنْدَهُمُ الشَّكُّ وَالرَّيبُ وَالْحِيرَةُ.