تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ..}

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقِ نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

الشيخ: هذا في صحّته نظر، وقد ثبت أنَّ أرواحهم تسرح في الجنّة حيث شاءت، ثم ترجع إلى قناديل مُعلّقة تحت العرش كما تقدم، فهم يسرحون في الجنة حيث شاءوا ينعمون فيها، هذا الحديث في صحّته نظر، انظر: الحارث بن فضيل في "التقريب"، الحارث بن فُضيل.

وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ: حدَّثنا عبدُالرحمن بن سليمان وعبيدة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ. وَهُوَ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ.

الشيخ: قد يكون هذا من أوهام ابن إسحاق، والسنة الصَّحيحة دالة على أنهم في الجنّة، يسرحون في الجنة، وليسوا على باب نهرٍ، في الحديث: أرواحهم في الجنّة تسرح حيث شاءت، تُنَعّم بها، ثم تأوي إلى قناديل مُعلّقة تحت العرش، وروح كل مؤمنٍ أيضًا، ثبت في الحديث الصَّحيح أنَّ روح كل مؤمنٍ طائرٌ يعلق في شجر الجنة حتى يرجع إلى الجسد الذي خلقه اللهُ فيه. رواه كعب بن مالك، عن النبي ﷺ، ورواه الإمامُ أحمد بسندٍ صحيحٍ.

فإذا كانت أرواحُ المؤمنين في الجنّة فأرواح الشُّهداء من باب أولى؛ لأنهم من خواصّ المؤمنين، فإن سلم الحديثُ من الحارث بن فضيل لم يسلم من ابن إسحاق، وإن كان صرَّح بالسَّماع.

الطالب: الحارث بن فضيل، الأنصاري، الخطمي، أبو عبدالله، المدني، ثقة، من السادسة. (مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه).

الشيخ: من السَّادسة، هذا يدل على أنَّه مُنقطع، وأنه لم يسمع من محمود بن لبيد؛ لأنَّ محمودًا صحابي، والسادسة أصحابها كبار أتباع التابعين، فيكون مُنقطعًا، يعلّق عليه: في صحّته نظر؛ في إسناده انقطاعٌ بين الحارث وبين محمود، وفي متنه نكارة؛ لأنه مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة الدالة على أنَّ الشّهداء يسرحون في الجنّة حيث شاءوا .....

مداخلة: أحمد شاكر تكلم على إسناده، قال: إسناده صحيحٌ، والحارث بن فضيل الأنصاري ثقة؛ وثَّقه ابنُ معين والنَّسائي، وترجمه البخاري في "الكبير"، والحديث نقله ابنُ كثيرٍ في "التفسير" عن "المسند" وقال: تفرد به أحمد. ثم ذكر أنَّ ابن جرير رواه أيضًا من طريق ابن إسحاق، وقال: هو إسناد جيد. وهو في "مجمع الزوائد"، ونسبه أيضًا للطَّبراني وقال: ورجال أحمد ثقات. وذكر يعقوب أنَّ الحديثَ رواه ابن حبان في "التقاسيم والأنواع" وهو ..... انتهى.

الشيخ: علّق عليه: في إسناده انقطاع بين الحارث وبين محمود؛ لأنَّه لم يُصرح بالسَّماع، وقد ذكر صاحب "التقريب" أنه من السادسة؛ ولأنَّ متنه منكرٌ مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة الدالة على أنَّ أرواحهم في الجنة.

وَكَأَنَّ الشُّهَدَاءَ أَقْسَامٌ: مِنْهُمْ مَنْ تَسْرَحُ أَرْوَاحُهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ عَلَى هَذَا النَّهْرِ بِبَابِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهَى سَيْرِهِمْ إِلَى هَذَا النَّهْرِ، فَيَجْتَمِعُونَ هُنَالِكَ، وَيُغْدَى عَلَيْهِمْ بِرِزْقِهِمْ هُنَاكَ وَيُرَاحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ: ليس بجيدٍ؛ لأنَّ هذا قال: (الشّهداء)، وهناك قال: (الشهداء)، فالجمع ما هو مناسبًا، ولكن قاعدة الأحاديث الصَّحيحة إذا خالفها غيرُها يكون المخالِفُ شاذًّا، فكيف إذا كان ضعيفًا؟

س: محمود بن لبيد من صغار الصَّحابة .....؟

ج: يقول: من السادسة، ومن السادسة من كبار أتباع التابعين، ثم ابن إسحاق ليس بذاك، جيد في الجملة، لكن له أوهام، فهو جيد لو صرَّح بالسَّماع، لا بأس به، لكن له أوهام إذا خالفه غيرُه.

وَقَدْ رُوِّينَا فِي "مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ" حَدِيثًا فِيهِ الْبِشَارَةُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِأَنَّ رُوحَهُ تَكُونُ فِي الْجَنَّةِ تَسْرَحُ أَيْضًا فِيهَا، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَرَى مَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، وَتُشَاهِدُ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لَهَا مِنَ الْكَرَامَةِ. وَهُوَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَزِيزٍ عَظِيمٍ، اجْتَمَعَ فِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْمُتَّبَعَةِ؛ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَاهُ عن مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأصبحِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ.

الشيخ: هذا الذي أشرنا له؛ إذا كانت روح المؤمن من حيث هو في الجنّة فالشّهداء من باب أولى.

قَوْلُهُ: يَعْلَقُ أَيْ: يَأْكُلُ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تَكُونُ عَلَى شَكْلِ طَائِرٍ فِي الْجَنَّةِ.

وَأَمَّا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ، فَهِيَ كَالْكَوَاكِبِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَرْوَاحِ عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا تَطِيرُ بِأَنْفُسِهَا، فنسأل اللهَ الكريمَ المنانَ أن يُميتنا على الإيمان.

وقوله تعالى: فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ إلى آخر الآية [آل عمران:170] أَيِ: الشُّهَدَاءُ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أحياء عند ربهم، وهم فرحون بما هُمْ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالْغِبْطَةِ، وَمُسْتَبْشِرُونَ بِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ بَعْدَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُمْ يَقْدَمُونَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يَخَافُونَ مِمَّا أَمَامَهُمْ، ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم، نسأل الله الجنَّة.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَيَسْتَبْشِرُونَ [آل عمران:170] أَيْ: وَيُسَرُّونَ بِلُحُوقِ مَنْ خَلْفَهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ عَلَى مَا مَضَوْا عَلَيْهِ مِنْ جِهَادِهِمْ؛ لِيُشْرِكُوهُمْ فِيمَا هُمْ فيه من ثواب الله الذي أعطاهم.

قَالَ السُّدِّيُّ: يُؤْتَى الشَّهِيدُ بِكِتَابٍ فِيهِ: يَقْدَمُ عَلَيْكَ فُلَانٌ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا.

الشيخ: (يقدم) من باب (فرح)، (قدم) هذه لها أحوال ثلاثة:

(قَدَمَ) من باب (نَصَرَ)، (قَدَمَ، يَقْدُم) يعني: تقدَّم أمام الناس، ومن هذا قوله تعالى في فرعون: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ [هود:98] يعني: يتقدّمهم، هذا من باب (نَصَرَ).

و(قَدِمَ) بمعنى ..... من باب (فَرِحَ).

و(قَدُمَ) بضم الدال، يعني: صار قديمًا، مثل: (كَرُم) صار كريمًا، و(ظَرُفَ) صار ظريفًا.

وَيَقْدَمُ عَلَيْكَ فُلَانٌ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. فَيُسَرُّ بِذَلِكَ كَمَا يُسَرُّ أهلُ الدُّنيا بغائبهم إذا قدم.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمَّا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَرَأَوْا مَا فِيهَا مِنَ الْكَرَامَةِ لِلشُّهَدَاءِ قَالُوا: يَا لَيْتَ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ فِي الدُّنْيَا يَعْلَمُونَ ما عرفناه من الكرامة، فإذا شهدوا القتالَ بَاشَرُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ؛ حَتَّى يُسْتَشْهَدُوا فَيُصِيبُوا مَا أَصَبْنَا مِنَ الْخَيْرِ. فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأَمْرِهِمْ وَمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَأَخْبَرَهُمْ –أَيْ: رَبُّهُمْ- أَنِّي قَدْ أَنْزَلْتُ عَلَى نَبِيِّكُمْ وَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ فِيهِ، فَاسْتَبْشِرُوا بِذَلِكَ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ الْآيَةَ [آل عمران:170].

وَقَدْ ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو على الذين قتلوهم وَيَلْعَنُهُمْ، قَالَ أَنَسٌ: وَنَزَلَ فِيهِمْ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ حَتَّى رُفِعَ: أَنْ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا.

ثُمَّ قَالَ تعالى: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:171].

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: اسْتَبْشَرُوا وَسُرُّوا لِمَا عَايَنُوا مِنْ وَفَاءِ الْمَوْعُودِ، وَجَزِيلِ الثَّوَابِ.

وَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هَذِهِ الْآيَةُ جَمَعَتِ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ، سَوَاءً الشُّهَدَاءُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَلَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ فضلًا ذكر به الأنبياء وثوابًا أعطاهم اللهُ إيَّاه إلَّا ذكر اللهُ ما أعطى المؤمنين من بعدهم.

وقوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ [آل عمران:172] هَذَا كَانَ يَوْمَ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَصَابُوا مَا أَصَابُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَلَمَّا اسْتَمَرُّوا فِي سَيْرِهِمْ تَنَدَّمُوا: لِمَ لَا تَمَّمُوا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَجَعَلُوهَا الْفَيْصَلَةَ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الذَّهَابِ وَرَاءَهُمْ؛ لِيُرْعِبَهُمْ وَيُرِيَهُمْ أَنَّ بِهِمْ قُوَّةً وَجَلَدًا، وَلَمْ يَأْذَنْ لِأَحَدٍ سِوَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، سِوَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ؛ لِمَا سَنَذْكُرُهُ، فَانْتَدَبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْإِثْخَانِ؛ طَاعَةً لِلَّهِ ، وَلِرَسُولِهِ ﷺ.

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ أُحُدٍ قَالُوا: لَا مُحَمَّدًا قَتَلْتُمْ، وَلَا الكواعِبَ أردفتم، بئس ما صَنَعْتُمْ، ارْجِعُوا. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ، فندب المسلمين، فانتدبوا، حتى بلغوا حَمْرَاءَ الْأَسَدِ -أَوْ بِئْرَ أَبِي عُيَيْنَةَ، الشَّكُّ مِنْ سُفْيَانَ- فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: نَرْجِعُ مِنْ قَابِلٍ. فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَكَانَتْ تُعدّ غزوةً، فأنزل اللهُ تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَذَكَرَهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ، لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ مِنْ يَوْمِ الْأَحَدِ لِسِتَّ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَوَّالٍ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي النَّاسِ بِطَلَبِ الْعَدُوِّ، وَأَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ ألَّا يخرج معنا أحدٌ إلَّا مَن حَضَرَ يَوْمَنَا بِالْأَمْسِ. فَكَلَّمَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ خَلَّفَنِي عَلَى أَخَوَاتٍ لِي سَبْعٍ، وَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي وَلَا لَكَ أَنْ نَتْرُكَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةَ لَا رَجُلَ فِيهِنَّ، وَلَسْتُ بِالَّذِي أُوثِرُكَ بِالْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى نَفْسِي، فَتَخَلَّفْ عَلَى أَخَوَاتِكَ. فَتَخَلَّفْتُ عَلَيْهِنَّ. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخَرَجَ مَعَهُ.

وَإِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُرْهِبًا لِلْعَدُوِّ، وَلِيَبْلُغَهُمْ أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِهِمْ؛ لِيَظُنُّوا بِهِ قُوَّةً، وَأَنَّ الَّذِي أَصَابَهُمْ لَمْ يُوهِنهم عن عدوِّهم.

قال مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي السَّائِبِ -مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ- أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ من بني عبد الأشهل كان قد شَهِدَ أُحُدًا، قَالَ: شَهِدْتُ أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَا وَأَخِي، فَرَجَعْنَا جَرِيحَيْنِ، فَلَمَّا أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ قُلْتُ لِأَخِي -أَوْ قَالَ لِي- أَتَفُوتُنَا غَزْوَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ وَاللَّهِ مَا لَنَا مِنْ دَابَّةٍ نَرْكَبُهَا، وَمَا مِنَّا إِلَّا جَرِيحٌ ثَقِيلٌ، فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكُنْتُ أَيْسَرَ جِرَاحًا مِنْهُ، فَكَانَ إِذَا غُلِبَ حَمَلْتُهُ عُقْبَةً، وَمَشَى عُقْبَةً، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى مَا انْتَهَى إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.

الشيخ: أخونا الشيخ حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله أحسن اللهُ عزاءَكم توفي أمس رحمه الله ..... وجمعنا وإيَّاكم في دار الكرامة ..... خيرٌ عظيمٌ، مجاهدٌ في سبيل الله، وداعٍ إلى الله، ومُعلّم، ومُرشِد، نُصلي عليه اليوم الظّهر في جامع الراجحي في الربوة، الظهر اليوم في جامع الراجحي في الربوة، غفر اللهُ له، وجمعنا وإياكم وإياه في دار الكرامة، وإنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله أن يتغمَّده بالرحمة، وأن يخلف على المسلمين بأحسن الخلف، وأن يُحسن لنا ولهم العاقبة.

س: .............؟

ج: رفع لفظه وبقي معناه: أنَّ الله رضي عنهم وأرضاهم، القرآن رُفِعَ من التِّلاوة: قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه، بلِّغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا. وفي روايةٍ: فرضي عنا ورضينا عنه، .