تفسير قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ..} (1)

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ" مِنْ حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ، وَبَقِيَ مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ، وَهُوَ يَصْعَدُ الْجَبَلَ، فَلَقِيَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ: أَلَا أَحَدٌ لِهَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: كَمَا أَنْتَ يَا طَلْحَةُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: فَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَاتَلَ عَنْهُ، وَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَنْ بَقِيَ مَعَهُ، ثُمَّ قُتِلَ الْأَنْصَارِيُّ فَلَحِقُوهُ، فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ لِهَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ مِثْلَ قَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ قَوْلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: فَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَاتَلَ عَنْهُ وأصحابه يصعدون، ثُمَّ قُتِلَ فَلَحِقُوهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، فَيَقُولُ طَلْحَةُ: فَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَيَحْبِسُهُ، فَيَسْتَأْذِنُهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِلْقِتَالِ فَيَأْذَنُ لَهُ، فَيُقَاتِلُ مِثْلَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا طَلْحَةُ، فَغَشَوْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ لِهَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا. فَقَاتَلَ مِثْلَ قِتَالِ جَمِيعِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَأُصِيبَتْ أَنَامِلُهُ، فَقَالَ: حَسِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَوْ قُلْتَ: بِاسْمِ اللَّهِ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ لَرَفَعَتْكَ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ حَتَّى تَلِجَ بِكَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ، ثُمَّ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ.

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ، وَقَى بِهَا النَّبِيَّ ﷺ، يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ.

وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في بعض الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَّا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ وَسَعْدٌ، عَنْ حَدِيثِهِمَا.

الشيخ: والمقصود من هذا أنَّ الله جلَّ وعلا يبتلي عبادَه وأنبياءه بالسَّراء والضَّراء في الشدّة والرخاء، فيبتليهم بالنَّصر والتَّأييد ليشكروا ويستقيموا ويستمرّوا في العمل الصَّالح، والمسارعة إلى الخيرات، والجهاد في سبيل الله، ويبتليهم بالضَّراء ليصبروا ويحتسبوا ويتضرَّعوا إليه، ويرفعوا إليه حاجاتهم، ويعلموا أنَّه هو الناصر، وأنَّ النصر بيده سبحانه، وأنه الضَّار النافع، المعطي المانع، بيده كل شيءٍ.

وهذا كلّه يُوجب الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والإيمان بأنَّه سبحانه مُصرِّف الأمور، ومُقلّب الأمور كما يشاء، له الحكمة البالغة، والحجّة الدَّامغة.

فعلى المؤمن أينما كان وكيفما كان أن يشكر عند النِّعمة، ويصبر عند المصيبة، ويعلم أنَّ جميع ذلك صادرٌ عن حكيمٍ عليمٍ، له الحكمة البالغة، والحجّة الدَّامغة فيما يأتي ويذر، فيما يقضي به من نصرٍ وتأييدٍ، ومن هزيمةٍ وجراحٍ وقتالٍ وغير ذلك؛ ولهذا يقول النبيُّ ﷺ في الحديث الصَّحيح -حديث صهيب- الذي رواه مسلم في "الصحيح": عجبًا لأمر المؤمن؛ إنَّ أمرَه كلَّه له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن إصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له؛ ولهذا يقول جلَّ وعلا في كتابه في سورة آل عمران بعدما ذكر كيد الكفّار وحرصهم على إيجاد الشَّر على المسلمين، وسرورهم بمصائب المسلمين، قال سبحانه: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120]، شرطان: صبرٌ وتقوى. الصَّبر على البلايا والمحن، والتَّقوى في طاعة الله ورسوله، وفي محارمه: لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120]، ويقول : إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف:90]، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران:186].

فهذا هو واجب المسلمين أينما كانوا: صبر وتقوى في الشّدة والرَّخاء، في جميع الأحوال، ومن التَّقوى: الشكر لله جلَّ وعلا في السَّراء وحمده، والصبر على المصائب عند الضَّراء؛ لأنَّه الحكيم العليم، فالإنسان قد يبطر ويعجب عند استمرار النَّصر والنِّعَم وتواليها؛ فيُصيبه الله جلَّ وعلا بأشياء مما يكره حتى يكسر هذا الشيء، وتبقى النَّفس مُطمئنّة، صابرة، محتسبة، لا مُعجبة، ولا أشرة، ولا بطرة.

س: الحسّ، كلمة "حسّ" نوعٌ من أنواع الجزع؟

ج: مثل قول الإنسان: آه، آه، يعني: توجع من شيءٍ ما، ولا يُسمّى: جزعًا، لكنه إخبار عمَّا أصابه، "حسّ" أو "آه" يعني إخبار، يتألم منه.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ الزّهري قال: سمعتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أبي وقَّاصٍ يَقُولُ: نَثُلَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كنانته يوم أحدٍ وقال: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.

مداخلة: هاشم بن هاشم بن عتبة ابن أبي وقاص، الذهلي، المدني، ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم، ثقة، من السادسة، مات سنة ..... الجماعة.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ بَعْضِ آلِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّهُ رَمَى يَوْمَ أُحُدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ سَعْدٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُنَاوِلُنِيَ النَّبْلَ وَيَقُولُ: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، حَتَّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُنِيَ السَّهْمَ لَيْسَ لَهُ نَصْلٌ فَأَرْمِي بِهِ.

وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.

...........

قَالَ: رَأَيْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ ﷺ وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يُقَاتِلَانِ عَنْهُ أَشَدَّ الْقِتَالِ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا بَعْدَهُ. يَعْنِي: جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.

الشيخ: تقدم أنَّ الاثنين هما الصّديق وعمر من قريش، هما أبو بكر وعمر، نعم.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُفْرِدَ يوم أحدٍ في سبعةٍ من الأنصار واثنين من قريشٍ، فلما أرهقوه قَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ -أَوْ وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ؟ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأنصار فقاتل حتى قُتِلَ، ثم أرهقوه أَيْضًا فَقَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِصَاحِبَيْهِ: مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ نحوه.

وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ -أَخُو بَنِي جُمَحٍ- قَدْ حَلَفَ وَهُوَ بِمَكَّةَ لَيَقْتُلَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا بَلَغَتْ رسولَ الله حَلْفَتُهُ قَالَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَقْبَلَ أُبَيٌّ فِي الْحَدِيدِ مُقَنَّعًا وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا مُحَمَّدٌ. فَحَمَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ- يَقِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِنَفْسِهِ، فَقُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَرْقُوَةَ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ مِنْ فرجَةٍ بَيْنَ سَابِغَةِ الدِّرْعِ وَالْبَيْضَةِ وَطَعَنَهُ فِيهَا بِحَرْبَتِهِ، فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ عن فرسه، ولم يَخْرُجْ مِنْ طَعْنَتِهِ دَمٌ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ فَاحْتَمَلُوهُ، وَهُوَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ، فَقَالُوا لَهُ: مَا أَجْزَعَكَ! إِنَّمَا هُوَ خَدْشٌ؟! فَذَكَرَ لَهُمْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُ أُبَيًّا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي بِي بِأَهْلِ ذي المجاز لماتوا أجمعين.

الشيخ: لأنَّهم يعلمون صدقَه ﷺ؛ لأنَّه الصّدوق، يعلمون صدقه، وقد قال: أنا أقتله إن شاء الله؛ فلهذا وقع في نفسه أنَّه قتيلٌ بهذه الطَّعنة.

وأخوه أمية قُتِلَ يوم بدرٍ، وهذا أُبي قُتِلَ يوم أحدٍ، قتله النبيُّ عليه الصلاة والسلام.

...........

فَمَاتَ إِلَى النَّارِ، فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ.

وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي "مَغَازِيهِ" عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بِنَحْوِهِ.

الشيخ: هو مرسل من الطَّريقين: طريق .....، ومن طريق حسين، كلّها مُرسلة، لكن أحدهما يشدّ الآخر ..... في قتل أُبَيّ بن خلف، ولا سيما مراسيل سعيد من أصحّ المراسيل، بل هي أصحّ المراسيل، ومُرسلان يعضد أحدُهما الآخر فيكونان حُجَّةً.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: لَمَّا أُسْنِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الشِّعْبِ أدركه أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ. فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَعْطِفُ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: دَعُوهُ، فَلَمَّا دَنَا تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْحَرْبَةَ مِنَ الحارث بن الصّمة، فقال بعضُ القوم فيما ذَكَرَ لِي: فَلَمَّا أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْهُ انْتَفَضَ بِهَا انْتِفَاضَةً تطايرنا عنه تطاير الشّعر عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ إِذَا انْتَفَضَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَطَعَنَهُ فِي عُنُقِهِ طَعْنَةً تَدَأْدَأَ مِنْهَا عَنْ فَرَسِهِ مِرَارًا.

س: ...........؟

ج: النبي ﷺ نفضها بقوةٍ.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، نَحْوَ ذَلِكَ.

قال الواقدي: وكان ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: مَاتَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ بِبَطْنِ رَابِغٍ، فَإِنِّي لَأَسِيرُ بِبَطْنِ رَابِغٍ بَعْدَ هويٍّ من الليل، إذا أنا بنارٍ تأجَّج، فَهِبْتُهَا، فَإِذَا رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا فِي سِلْسِلَةٍ يَجْتَذِبُهَا، يَهِيجُ بِهِ الْعَطَشُ، وَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: لَا تَسْقِهِ، فَإِنَّ هَذَا قَتِيلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، هَذَا أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ.

وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ على قومٍ فعلوا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ -وَهُوَ حينئذٍ يُشير إلى رباعيته- واشتدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وأخرجه البخاريُّ أيضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ في سبيل الله، واشتدَّ غضبُ الله على قومٍ دمّوا وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

قال ابنُ إسحاق: أُصِيبَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَشُجَّ فِي وَجْنَتِهِ، وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ، وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ قَطُّ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ عتبة بن أبي وقاص، إن كان ما علمتُ لسيّئ الْخُلُقِ، مُبْغَضًا فِي قَوْمِهِ، وَلَقَدْ كَفَانِي فِيهِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

وَقَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَعَا عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ كَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ وَدَمَّى وَجْهَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تحلْ عَلَيْهِ الْحَوْلَ حَتَّى يَمُوتَ كَافِرًا، فَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَتَّى مَاتَ كَافِرًا إِلَى النَّارِ.

وذكر الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ أبي الحُويرث، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يَقُولُ: شَهِدْتُ أُحُدًا، فَنَظَرْتُ إِلَى النَّبْلِ يَأْتِي مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَسَطَهَا، كُلُّ ذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى جَنْبِهِ لَيْسَ مَعَهُ أحدٌ، ثم جاوزه، فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِكَ صَفْوَانُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ، أَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّهُ مِنَّا مَمْنُوعٌ! خَرَجْنَا أَرْبَعَةً، فَتَعَاهَدْنَا وَتَعَاقَدْنَا عَلَى قَتْلِهِ، فَلَمْ نَخْلُصْ إلى ذلك.

قال الواقدي: والذي ثبت عِنْدَنَا أَنَّ الَّذِي رَمَى فِي وَجْنَتَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ابْنُ قَمِيئَةَ، وَالَّذِي دَمَّى شَفَتَهُ وَأَصَابَ رَبَاعِيَتَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

س: ..............؟

ج: يصلح من أدمى .....

س: ..............؟

ج: هذا الواقدي ما يُعتمد عليه.

س: هل ثبت أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قتل غير أُبي؟

ج: ما أتذكر شيئًا.